بمقدور شركات التكنولوجيا الطبية أن تلعب دوراً محورياً في التحول الرقمي الذي يشهده قطاع الرعاية الصحية، ولكن يلزمها المسارعة بإحداث تغييرات كبيرة في أسلوبها التشغيلي لتحقيق القيمة من الخدمات الصحية الرقمية.
أمام التكنولوجيا الرقمية فرصة تحقيق قيمة كبيرة في أنظمة الرعاية الصحية والخدمات الصحية الرقمية حول العالم، مع الاستفادة من تحسين الرعاية مع خفض تكلفتها أيضاً. ويقدر "مركز ماكنزي العالمي للأبحاث" أن التوفير في التكاليف يمكن أن يتراوح ما بين 1.5 تريليون دولار و3 تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2030، وذلك بفضل مجموعة من التدخلات مثل الرصد والمراقبة عن بعد والذكاء الاصطناعي والأتمتة (شكل 1).
وقد أسهمت جائحة "كوفيد-19" في المسارعة بتبني بعضاً من تلك التدخلات. وحدث التغيير الذي كان متوقعاً تحققه على مدار سنوات في غضون شهور. وفي المملكة المتحدة، على سبيل المثال، زادت نسبة استشارات الرعاية الأولية عن بُعد بمقدار ثلاثة أضعاف النسبة المعتادة وذلك خلال الفترة بين فبراير/شباط ويونيو/حزيران 2020. بالإضافة إلى ذلك، وجد استقصاء أجرته شركة "ماكنزي" للمستهلكين الأميركيين في يناير/كانون الثاني 2021 أن 56% من المشاركين، مقارنة بنسبة 65% في سبتمبر/أيلول 2020، كانوا أكثر رضا عن تجربة التطبيب عن بعد مقابل الزيارات الشخصية للطبيب. ومع ذلك، ومع استمرار التعافي من الجائحة، يستمر التحول بنسبة معتدلة من مواعيد التطبيب عن بعد إلى الزيارات الشخصية بدوره أيضاً.
على الرغم من زيادة الاعتماد على الابتكارات الرقمية في أثناء الجائحة، فإن العديد من شركات التكنولوجيا الطبية كانت بطيئة في استعدادها لدخول عالم الرعاية الصحية الرقمي الجديد. ووفقاً لبحوث "ماكنزي"، بلغ النضج الرقمي لقطاع الأدوية والتكنولوجيا الطبية، الذي تم تحديده من خلال قياس مجموعة من القدرات في نطاق درجات بين صفر و100، 28 درجة، مقارنة بمتوسط 34 درجة في جميع القطاعات، في حين أن القطاعات الرائدة مثل البيع بالتجزئة حققت 40 درجة. 3
وبالتالي، ومع أن هناك فرصة حقيقية لشركات التقنية الطبية للدخول في مصادر جديدة للنمو وتحسين رعاية المرضى من خلال الابتكارات الرقمية، إلا أن لديها بصدد ذلك عمل كثير. وترى جميع الشركات الفاعلة الكبرى في مجال التكنولوجيا والشركات الناشئة الأصغر حجماً فرصاً في السوق، ومن المرجح أن تكون الشركات التي تنال نصيب السبق من بين الأفضل والأكثر قدرة على صياغة الصناعة والاستفادة من القيمة.
مع أن هناك فرصة حقيقية لشركات التقنية الطبية للدخول في مصادر جديدة للنمو وتحسين رعاية المرضى من خلال الابتكارات الرقمية، إلا أن لديها بصدد ذلك عمل كثير.
تحويل الطموح إلى واقع
أشارت دراسة استقصائية أجرتها شركة "ماكنزي" وشملت 35 مسؤولاً تنفيذياً في شركات عالمية متخصصة في التكنولوجيا الرقمية، أجريت قبل الجائحة، إلى أنهم كانوا يطمحون إلى تحقيق أهداف عالية: مثلت ابتكارات الصحة الرقمية، في المتوسط، 10% من إيرادات شركاتهم في وقت إجراء الاستقصاء، ولكنهم توقعوا أن تصل هذه النسبة إلى 50% في غضون 5 سنوات. ويعتمد تحويل هذه الطموحات إلى واقع على 4 إجراءات أساسية.
1- تبني برنامج طموح وجريء
سوف يتطلب تغييراً بالحجم الذي يتصوره قادة التكنولوجيا الطبية اتخاذ خطوات جريئة. ولن يؤدي مجرد إجراء تعديلات طفيفة على الطريقة التي تعمل بها الشركة إلى تحقيق قيمة كبيرة. لذلك، يتعين على الشركة أن تكون واضحة بشأن المدى الذي ستحول فيه التكنولوجيا الرقمية أعمالها والطريقة التي تخدم بها عملائها؛ ويمكنها بعد ذلك وضع أهداف عمل طموحة ومؤشرات أداء رئيسية وفقاً لذلك. كما يجب عليها أن تكون واضحة فيما يتعلق بكيفية تحقيق هذه الأهداف.
ويجب على الرئيس التنفيذي قيادة التغيير في رؤية شركة التكنولوجيا الطبية بدعم من الفريق التنفيذي بأكمله وقيادة الشركة لتحقيق أهدافها؛ فلا يمكن تفويضها إلى مدير المعلومات أو مدير التكنولوجيا أو مدير الأبحاث والتطوير. وسيتعين على قيادة الشركة استثمار وقتها واستغلال سمعتها في مساندة التغيير.
2- التركيز على تطوير تجربة المرضى أكثر من الترويج للمنتجات
تتيح الصحة الرقمية فرصاً جديدة لشركات التكنولوجيا الطبية خلال تجربة المريض بالكامل، بدءاً من الوقاية الأولية والفحص مروراً بالتشخيص والبدء في العلاج ثم الإدارة اللاحقة للحالة. ويعتمد اقتناص مثل هذه الفرص على فهم مشاكل المرضى والأطباء ومزودي الخدمات والدافعين وكيف يمكن أن تعالجها ابتكارات الصحة الرقمية.
ويبين (الشكل 2) كيف يمكن استخدام الأدوات والمنتجات المتنوعة لمعالجة المشاكل المختلفة خلال تجربة المريض. وأحد الأمثلة على ذلك جيل جديد من أجهزة تنظيم ضربات القلب.
لعدد من السنوات، كان الأطباء قادرين على مراقبة المرضى المزودين بجهاز تنظيم ضربات القلب عن بُعد باستخدام تقنية المجال القريب أو اللاسلكية. ومع ذلك، تركز الأجهزة اليوم أيضاً على احتياجات المرضى، ما يسمح لهم بالتحقق من عمر بطارية أجهزتهم، وتسجيل وتتبع الأعراض، ومراقبة نشاطهم البدني، والوصول إلى المواد التثقيفية ذات الصلة، من خلال هواتفهم الذكية. وأظهرت الدراسات أن مستويات أعلى من الالتزام بجداول المراقبة عن بعد مقارنة بأجهزة المراقبة التقليدية المجاورة للفراش، يمكن أن تواكبها تحديات أخرى، مثل تلك المتعلقة بالأمن السيبراني.
وهناك أيضاً فرص لاستغلال دلائل من التجربة الواقعية في حل المشاكل. وفي علم الأورام، على سبيل المثال، حيث يكون الوقت بين التشخيص والعلاج جوهرياً في تحقيق النتائج المرجوة للمرضى، تتعاون "جنرال إلكتريك للرعاية الصحية" (GE Healthcare) وروش (Roche) لمساعدة فرق علاج الأورام في مراجعة الحالات. وتجمع منصة "NAVIFY" (التي تقدمها كل من الشركتين) بين تقديم صور الأشعة الطبية وبيانات المرضى الأخرى بحيث يكون لدى الفرق الطبية رؤية واحدة وشاملة لكل مريض، وبما يساعد الفرق الطبية على اتخاذ قرارات علاج سريعة وعن دراية. وتقول الشركات إن هذا النظام قلص الوقت الذي يستغرقه أطباء الأورام في التحضير لاجتماعات فرق علاج الأورام بنسبة 53%.
إن شركات التكنولوجيا الطبية على علم تام بفرص النمو التي تكمن فيما سوف يمثل بالنسبة للبعض مجالات جديدة تثري تجربة المريض. وفي حين شعر العديد من المشاركين في الاستقصاء أن منبع أغلب النمو خلال الأعوام الخمسة المقبلة سيكون من الأجهزة المتصلة أو المتكاملة؛ وهي مجالات قريبة من عملياتهم الأساسية الحالية، إلا أن الوقاية من الأمراض وتوفير الرعاية الصحية كانت حاضرة بوصفها فرص نمو سانحة، على الرغم من أنها لا تزال غير مستغلة إلى حد كبير (شكل 3).
تفشت جائحة "كوفيد-19"، فكانت بمثابة عامل تحفيزي لبعض الشركات لإحراز تقدم على كلا الجبهتين. فتعمل شركتا "ميدترونيك" (Medtronic) و"ريدميد" (ResMed) على تطوير حلول رقمية جديدة للإدارة عن بعد للمنتجات الحالية لمساعدة الأطباء في علاج مرضى الفيروس، وتجاوباً مع ارتفاع الطلب على الخدمات السريرية الافتراضية خلال الجائحة، أعلنت شركة "ليفونغو" (Livongo)، وهي شركة رعاية صحية رقمية تركز على مساندة المرضى وتحقيق تقدم في علاج أمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، عن الاندماج مع شركة "تيلادوك للصحة" الأميركية المتخصصة في تزويد الخدمات الصحية عن بعد، في صفقة بقيمة 18.5 مليار دولار.
3- تبني كفاءات جديدة وثقافة جديدة؛ وربما نموذج تشغيلي جديد
قامت شركات التكنولوجيا الطبية ببناء الكفاءات التي تحتاجها لتطوير المنتجات وإطلاقها وبيعها. ولكن القليل منها هو الذي لديه قدرات تحقق النمو انطلاقاً من ابتكارات الصحة الرقمية؛ مثل تكامل البيانات والتحليلات. ويجب أن يكون لديها كذلك ثقافة أسلوب العمل المرن؛ وهو شرط أساسي للنجاح في بيئة رقمية سريعة التغير. وعندئذ، قد يتطلب تحقيق كليهما نموذجاً تشغيلياً جديداً.
الكفاءات
يقدم (شكل 4) وصفاً للكفاءات المطلوبة لشركة متخصصة في التكنولوجيا الطبية حتى تحقق النجاح في مجال الصحة الرقمية. ويجب على شركات التكنولوجيا الطبية التركيز على بعض هذه المجالات بشكل أكبر، ومنها:
تجارب العملاء. يساعد فهم تجربة المريض في تقديم أفضل رعاية له مع تحديد مجموعات القيمة الجديدة. وستكون كفاءات التصميم لسهولة الاستخدام مطلوبة بالإضافة إلى القدرة على تهيئة كل منتج بحيث بلي الاحتياجات الخاصة لكل مريض.
البيانات. اعتادت شركات التكنولوجيا الطبية جمع البيانات وإدارتها من خلال منتجاتها، لكن يجب عليها تغيير الطريقة التي تفعل بها ذلك لجذب مصادر جديدة للقيمة. وبدلاً من جمع البيانات من الفرق المختلفة والمنتجات المتنوعة بمعزل عن بعضها البعض ودون استفادة منها، يجب على الشركات ربط جميع البيانات الداخلية والخارجية؛ وهي كفاءة أصبحت ممكنة من خلال بنية تكنولوجيا المعلومات الحديثة والمرنة.
النماذج والأدوات. يعد بناء أدوات تحليل أصول البيانات أمرًا أساسياً لتحقيق القيمة. ومع ذلك، فإن تطوير أدوات تحليل مخصصة لحالات الاستخدام الفردية يمكن أن يكون مستنزفاً للموارد. ويمكن أن يؤدي تطوير نماذج التعليمات البرمجية والتحليلات النمطية الجاهزة للتشغيل إلى تقليل عبء العمل ودورات التحول، بالإضافة إلى توليد رؤى جديدة بسرعة وبتكلفة زهيدة نسبياً.
ضمان القيمة. يجب إنشاء روابط واضحة لقيمة الأعمال طويلة الأجل. ويتطلب ذلك دراسة حالة محددة جيداً مرتبطة بنتائج الأعمال ومراجعات منتظمة للمقاييس الرئيسية لضمان إقامة الارتباط بسرعة. كما سيتعين تطبيق الأدوات الرقمية الجديدة في جميع إدارات الشركة وأتمتة بعض العمليات والأنشطة. أما الهدف فهو خلق قيمة عبر إدارات الشركة، وليس في إدارات منفصلة بعينها وحسب.
كثيراً ما تؤخر الشركات بناء مثل هذه الكفاءات، لتوجه مواردها المحدودة إلى تنفيذ بعض المشاريع التجريبية. وفي حين تحقق المشاريع التجريبية بداية سريعة، إلا أنها لا تبني القوة اللازمة لاعتماد التقنيات الرقمية على نطاق واسع. فيجب أن تبدأ الشركات في بناء الكفاءات عبر إدارات الشركة في البداية حتى لا تتخلف عن ركب التقدم أكثر من ذلك.
النموذج التشغيلي
غالباً ما يتطلب تحقيق القيمة الرقمية أساليب عمل جديدة وثقافة مغايرة. وستحتاج الشركات إلى الابتعاد عن دورات البحث والتطوير الطويلة التي تركز عادة على إطلاق منتج نهائي وبدلاً من ذلك عليها تطوير منتجات قابلة للتطبيق وتتيح لفرق العمل اختبارها والتعلم من تجربة التنفيذ المبكر. ولتسهيل هذا التحول، قد تكون هناك حاجة إلى نموذج تشغيل جديد.
وتفضل بعض الشركات السماح لأعمالها الرقمية بالعمل ضمن إطار حوكمة مختلف، ما يمنحها سلطة أكبر في اتخاذ القرار. كما أنها تفضل نموذج تمويل يقوم على رأس المال المغامر (الجريء)، حيث يتم التمويل الفعلي عند تحقيق مراحل إنجاز معينة، بدلاً من تقييده بدورات الميزانية السنوية. وأسست شركة "جنرال إلكتريك للرعاية الصحية"، على سبيل المثال، "جنرال إلكتريك فينتشرز" (GE Ventures) شركة فرعية تستثمر في الشركات الناشئة قبل أن تقوم في النهاية بالانفصال عنها لتتحول إلى كيانات مستقلة.
وتتجه شركات أخرى إلى عقد شراكات لجلب القدرات والكفاءات المناسبة لاستكشاف الحلول الرقمية. وعلى سبيل المثال، وفي إطار تجربة سريرية لنظام تحفيز العصب المبهم (VNS) لدى الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب الذي يصعب علاجه، دخلت شركة "ليفانوفا" (LivaNova) المتخصصة في التكنولوجيا الطبية في شراكة مع "فيرلي" (Verily)، وهي إحدى شركات "ألفابيت"، التي طورت جهازاً يمكن ارتداؤه وتطبيقاً للهاتف الذكي لتسجيل البيانات السلوكية من المشاركين في الدراسة.
وتشير الشراكات الأكثر جرأة، مثل اندماج "ليفونغو" و"تيلادوك للرعاية الصحية"، أيضاً إلى الكيفية التي قد تتطور بها نماذج التشغيل الجديدة التي تجمع بين الأجهزة الرقمية وخدمات الرعاية الصحية في منصة واحدة.
4- تصميم منظومة أوسع نطاقاً
بغض النظر عن القطاع الذي تنشط فيه، تحتاج الشركة عند تصميم الابتكارات الرقمية إلى مراعاة البيئة الأوسع نطاقاً التي تعمل فيها. ولا تعد شركات التكنولوجيا الطبية استثناء من هذا، حيث تحتاج إلى دمج أنظمتها مع أنظمة أخرى وإدارة الأمن السيبراني وحماية البيانات. ولكن هناك بعض الاعتبارات التي تقتصر على شركات التكنولوجيا الطبية والرعاية الصحية. فعلى سبيل المثال، تحتاج شركات التكنولوجيا الطبية إلى إظهار تأثير منتجاتها وخدماتها على نتائج تجارب المرضى، وتأمين السداد، وإدارة خصوصية المريض وموافقته.
وتعتمد شركات التكنولوجيا الطبية على أربع مجموعات كبيرة من العوامل المساعدة للنجاح في منظومتها:
- عوامل التمكين المالية، ومنها نماذج السداد والتعويض.
- عوامل التمكين التكنولوجية، ومنها المعايير المشتركة حول تكامل الأنظمة (التوافق التشغيلي) واستخدام البيانات وتكاملها.
- عوامل تمكين تتعلق بالسياسات والمبادئ التوجيهية، من قبيل معايير النتائج السريرية والمتطلبات التنظيمية المشتركة المتعلقة بخصوصية المريض والحصول على موافقته.
- عوامل التمكين الاجتماعية والأخلاقية والقانونية، مثل القدرة على بناء الثقة مع المرضى والمتخصصين في الرعاية الصحية والمهارات المطلوبة لاعتماد الابتكارات الرقمية.
يبرز الاستقصاء الذي أجريناه أهمية عوامل التمكين المالية والتكنولوجية بالنسبة لشركات التكنولوجيا الطبية. فهي مهمة للإطلاق الناجح لمنتج أو خدمة، وكذلك للتعرف على الطريقة التي حكم بها المشاركون في الاستقصاء على أهمية التعاون عبر القطاعات في تحديد عوامل التمكين (شكل 5).
ومن المرجح أن يسدي المشاركون، على تنوعهم في المنظومة، الأولوية لعوامل تمكين مختلفة. ولذلك، من الحكمة أن تتعامل شركات التكنولوجيا الطبية مع شكوك الجميع، مع الأخذ في الاعتبار مدى سرعة تغير المشهد. ولقد حفزت جائحة "كوفيد-19" التطور السريع لعوامل التمكين المالية، ومن ذلك على سبيل المثال إنشاء نماذج سداد جديدة للابتكارات الرقمية. وأدخلت كل من إيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة تغييرات تنظيمية مؤخراً لتسهيل السداد مقابل بعض الابتكارات الرقمية. كما ارتفع مستوى ثقة الأطباء في الابتكارات الرقمية. وفي الولايات المتحدة واقتصادات الاتحاد الأوروبي الرئيسية، ارتفع مقدار الوقت الذي يقضيه الأطباء في التفاعل عن بُعد مع المرضى خلال الأشهر الأولى للجائحة من حوالي 3 في المائة من مجمل وقتهم اليومي إلى أكثر من 20%.
ولأن المتغيرات كثيرة وسريعة، تواجه شركات التكنولوجيا الطبية خطر ألا تكون طرفاً في القرارات التي تشكل هذه المنظومة الناشئة. ويتعامل من يقومون بالسداد ومزودو الخدمات مع العديد من الشركات المختلفة، والتي تعمل جميعها على تطوير ابتكارات صحية رقمية جديدة ومختلفة. فإذا تمكنت شركات التكنولوجيا الطبية من التعاون لتحديد المعايير والنهج المشتركة، بمساعدة الجهات المنظمة، عبر عوامل التمكين المختلفة هذه، فإنها تضمن أن يكون لها دور في صنع القرار، مع تسهيل الأمر على من يقومون بالسداد ومزودي الخدمات للتعاون مع القطاع في تقديم الابتكارات الرقمية الجديدة.
تتمثل إحدى التبعات اللافتة لتفشي جائحة "كوفيد-19" في ذلك التوسع الكبير في تبني الأنظمة الصحية للحلول الرقمية. وربما يكون التغيير ناتجاً عن الضرورة، لكن هذا لا ينتقص من أهميته أو من فرص استمراريته، في الواقع. إنه أساس الوضع الطبيعي الجديد. ولذلك، يجب على شركات التكنولوجيا الطبية أن تفكر في المبادرة في تنفيذ برنامج تحول يجعل الرعاية الصحية الرقمية محركاً للنمو الكبير، فضلاً عن أنها مصدر لتقديم رعاية أفضل للمرضى ولكي ننعم بأنظمة رعاية صحية أكثر استدامة.