شركات الأسهم الخاصة وضرورة تبوؤ مركز الصدارة في مجال الاستدامة

18 دقيقة
شركات الأسهم الخاصة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

على الرغم من اشتهار شركات الأسهم الخاصة في الثمانينيات من القرن العشرين بالشركات المُغيرة (Raiders فمعظمها يحاول تحسين أداء شركات المحافظ الاستثمارية لديها من خلال اتباع ممارسات أفضل في حوكمة الشركات.

فلطالما تمثّل نموذج أعمال هذه الشركات في خلق القيمة من خلال زيادة التركيز والإشراف على وحدات الأعمال المُهملة داخل تكتلات الشركات أو الشركات الخاصة السيئة الإدارة، مثل الشركات المفككة التي تديرها العائلات. وعلى الرغم من اعتبار عنصر حوكمة الشركات ضمن ممارسات “الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات” (ESG) عنصراً مهماً في قطاع شركات الأسهم الخاصة، فلم يكن لعنصري الحوكمة البيئية والاجتماعية أي وجود تقريباً. حيث اكتفى ذلك القطاع بكسب العائدات ولم يُبد إلا قدراً بسيطاً من الاهتمام باستدامة شركات المحافظ الاستثمارية على المدى الطويل أو بتأثيرها الأوسع على المجتمع.

لكن تبرز فرصة هائلة لشركات الأسهم الخاصة وللمجتمع اليوم. إذ لم يعد وجود شركات الأسهم الخاصة منحصراً في بورصة وول ستريت، بل أصبحت جهة رئيسية فاعلة في الاقتصاد العالمي. كان لدى القطاع في عام 2021 ما يقرب من 6.3 تريليون دولار من الأصول الخاضعة للإدارة (مقارنة بحوالي 90 تريليون دولار للأسهم العامة) وما يقرب من 2 تريليون دولار في شكل “أوراق مالية قابلة للتسييل” (الأموال التي تم جمعها ولكن لم تُستثمر بعد). ومن المتوقع أن تتجاوز هذه الأصول 11 تريليون دولار بحلول عام 2026. وتشرف حوالي 10,000 شركة من شركات الأسهم الخاصة في جميع أنحاء العالم على أكثر من 20 مليون موظف يعملون في حوالي 40,000 شركة من شركات المحافظ الاستثمارية. وأصبحت بعض أكبر شركات الأسهم الخاصة اليوم شركات عامة مُدرجة في البورصة، مثل أبوللو (Apollo) وبلاك ستون (Blackstone) وكارلايل (Carlyle) وإي كيو تي بارتنرز (EQT Partners) وكيه كيه آر (KKR) وتي بي جي (TPG)، وأصبحت تخضع لنفس الضغوط التي تواجهها جميع الشركات العامة.

فكرة المقالة باختصار

المشكلة

لطالما أغفلت شركات الأسهم الخاصة قضايا الاستدامة، لكن نظراً لتنامي هذا القطاع فلن يكون المجتمع قادراً على معالجة مشكلة التغيّر المناخي والتحديات الرئيسية الأخرى دون مشاركة نشطة منه.

الفرصة

يعطي نموذج أعمال شركات الأسهم الخاصة مزايا واضحة للمساهمين تساعدها في التفوق على المستثمرين في شركات الأسهم العامة عندما يتعلق الأمر بالترويج لجدول أعمال الاستدامة.

الحل

يجب على شركات الأسهم الخاصة دمج اعتبارات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في عقود صفقاتها، وأن تتبنّى الشفافية مع المستثمرين بشأن جهود الاستدامة، وأن تلتزم بتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية، وأن تتخذ خطوات لتقليل مشكلات عدم المساواة في شركاتها وفي المجتمع.

لكن نظراً لتنامي القطاع، لن يكون المجتمع قادراً على معالجة مشكلة التغيّر المناخي والتحديات الرئيسية الأخرى دون مشاركة نشطة من قبل شركات الأسهم الخاصة وشركات محافظها الاستثمارية. وقد يفشل قطاع شركات الأسهم الخاصة، إلى جانب جميع الأنشطة الاقتصادية الأخرى، في الازدهار ما لم تُعالج هذه التحديات.

وللتوصل إلى فهم أفضل لتأثير ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات على شركات الأسهم الخاصة والفرص والتحديات التي تواجه القطاع، أجرينا مقابلات شخصية مع 100 شخص في جميع أنحاء العالم. وكان من بينهم خبراء في القطاع وأفراداً من 22 شركة من شركات التوصية البسيطة، كصناديق التقاعد وشركات التأمين وصناديق الثروة السيادية والأوقاف والأسر الثرية والأفراد الذين تستخدم الشركات أموالهم في الاستثمار، إضافة إلى 39 فرداً من شركات التضامن التي تستثمر الأموال وتتولى إدارتها لصالح شركات التوصية البسيطة. (إفصاحات: يشغل أحدنا، وهو روبرت، منصب رئيس المجلس الاستشاري لخبراء الاستدامة التابع لشركة كيه كيه آر. ويعمل كل من فيناي وديفيد وبينديكت بصفتهم استشاريين للقطاع، لاسيّما للعديد من الشركات التي أجرينا فيها مقابلات شخصية من أجل هذه المقالة).

وجدنا أن شركات القطاع كانت غير مدركة تماماً لأهمية ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لمكانتها المستقبلية وربحيتها وحتى لتراخيص التشغيل. فالتحديات الفورية التي تواجهها شركات الأسهم الخاصة عديدة ومهمة: كخسارة الوظائف في شركات محافظها الاستثمارية، وموقع الأموال في الملاذات الضريبية، والاستثمارات في السجون الخاصة وغيرها من القطاعات المثيرة للجدل، وشراء أصول النفط والغاز من الشركات العامة المُدرجة في البورصة (دون خطة موثوقة لتحسين أداء الاستدامة)، والتبرعات لمنظمات اليمين المتطرف، والتعويضات الكبيرة بمئات الملايين من الدولارات أحياناً، للشركاء الرئيسيين والموظفين الآخرين في وقت تمثّل فيه مشكلة عدم المساواة في الدخل تحدياً اجتماعياً كبيراً. لكننا اكتشفنا أيضاً ضرورة أن يتولى القطاع زمام المبادرة في الاستثمار المستدام، وأدركنا دوره في تسريع تبنّي ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.

تعمل شركات الأسهم الخاصة وفق نطاق زمني أطول مقارنة بشركات الأسهم العامة المدرجة بالبورصة، ما يمنحها متسعاً من الوقت لإجراء استثمارات بعيداً عن أضواء حملات مكالمات الأرباح الربع سنوية.

ما الأهمية التي تحملها شركات الأسهم الخاصة اليوم؟

يحمل نموذج أعمال شركات الأسهم الخاصة ميزة مهمة يساعدها في التفوق على المستثمرين في شركات الأسهم العامة عندما يتعلق الأمر بتنفيذ جدول أعمال الاستدامة. إذ تمارس شركة الأسهم الخاصة رقابة افتراضية على شركات محفظتها الاستثمارية من منظور الملكية والحوكمة، حتى عندما لا تمتلك نسبة 100% من الشركة: فلديها ممثّل واحد أو أكثر في مجلس الإدارة وتمارس نفوذاً قوياً على مختلف الأعضاء. ولديها إمكانية الوصول إلى أي معلومات تريدها عن الأداء المالي وأداء الاستدامة، بينما لا يحصل المستثمرون في الشركات العامة إلا على ما تقدمه لهم تلك الشركات من تقارير. أخيراً، تحدد الشركة تعويضات المسؤولين التنفيذيين ويمكنها تسريح الرئيس التنفيذي الذي لا يؤدي مهامه على أكمل وجه. وتقول نائبة رئيس ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في شركة بلاك ستون، إليزابيث لويس: “توفر خبرتنا ونموذجنا الاستثماري الذي يتيح لنا تولي الملكية وممارسة الرقابة ويمنحنا منظوراً طويل الأجل فرصة لمساعدة شركات محفظتنا الاستثمارية في تطوير أعمالها فيما يتعلق بممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات”.

كما تعمل شركات الأسهم الخاصة وفق نطاق زمني أطول مقارنة بالشركات المساهمة العامة، ما يسهّل عليها التركيز على ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. وقد زاد متوسط فترة الاحتفاظ بشركات المحافظ الاستثمارية من حوالي عامين في الأيام الأولى للقطاع إلى حوالي 5 أعوام اليوم، ما يمنح شركة التضامن ورؤساءها التنفيذيين المختارين وقتاً كافياً لإجراء استثمارات بعيداً عن أضواء حملات مكالمات الأرباح ربع السنوية.

وبطبيعة الحال، ليس من المرجح أن تدمج شركات الأسهم الخاصة ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في إداراتها ما لم تضمن أنها ستحقق لها أرباحاً على المدى الطويل، وذلك هو سبب تجاهلها لها سابقاً. لكن الدلائل تشير إلى أن هذه العقلية تتغير بسرعة. إذ ذكرت شبكة مبادئ الاستثمار المسؤول (PRI) أن عدد مدراء شركات الأسهم الخاصة وشركات رأس المال المغامر (الجريء) بين الموقّعين على الشبكة قد تضاعف بمقدار 4 مرات خلال السنوات الخمس الماضية، ليصبح المجموع 1,090 مديراً اليوم. كما أن 9 من أفضل 10 شركات تضامن على مستوى العالم تشغل مكانها اليوم بين أعضاء شبكة مبادئ الاستثمار المسؤول. ومن بين أكبر 100 شركة من شركات الأسهم الخاصة في العالم، توجد 70 شركة منها في الولايات المتحدة. كما أن 28 شركة من تلك الشركات هي من الموقّعين على مبادئ الاستثمار المسؤول، في حين وقعّت 13 شركة في العامين الماضيين، وهو ما يدل على مدى سرعة تطور القطاع.

ويوجد 3 قوى تحفز تبنّي ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في القطاع. أولاً، ازدادت أهمية ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لدى شركات التوصية البسيطة والمستفيدين منها. ويتزايد قلق أكبر مالكي الأصول بشأن تأثيرات التغيّر المناخي وعدم المساواة على مستوى النظام، ومن بينها صناديق التقاعد والثروة السيادية. وخلُص استقصاء حديث أجرته مبادرة شركات الأسهم الخاصة العالمية التابعة للمعهد الأوروبي لإدارة الأعمال (إنسياد) على شركات التوصية البسيطة أن 90% من الشركات تأخذ قضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في الاعتبار عند اتخاذها قرارات استثمارية، في حين تستخدمها نسبة 77% منها كمعيار في اختيار شركات التضامن. ويطوّر العديد من شركات التوصية البسيطة أساليب أكثر تطوراً لتقييم قدرات شركائهم المتضامنين فيما يتعلق بممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، في حين يمدّ البعض الأخر منها يد العون لهم لتحسين قدراتهم فيما يتعلق بتلك الممارسات.

على سبيل المثال، استثمرت شركة الاستثمار التقاعدي الهولندية أيه بي جي (APG) حوالي 36 مليار دولار في 75 شركة من شركات التضامن في جميع أنحاء العالم. وقد نفّذت شركة أيه بي جي بالفعل سلسلة من العمليات لجذب انتباه شركائها المتضامنين إلى قضية الاستدامة بدأتها عام 2016. وهي تقيّم كل شريك متضامن كل عام وفق مقياس من 0 إلى 100 درجة باستخدام إطار عمل مكوّن من 30 سؤالاً. لا تفرض الشركة على الشركاء المتضامنين الجدد تحقيق درجة دنيا للنجاح، لكن يجب على الجميع الإبلاغ عن ممارساتهم وإظهار مدى تقدمهم بشكل سنوي، لئلّا تتعرض المخصصات المالية المستقبلية للشريك المتضامن للخطر، بغض النظر عن جاذبية عائداته المالية. كما تحصل شركة أيه بي جي على تقارير سنوية أيضاً حول مؤشرات الأداء الرئيسية فيما يتعلق بممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات التي تعتبر مهمة لكل شركة من شركات محفظة الشركاء المتضامنين الاستثمارية.

وينشر صندوق تقاعد هولندي آخر، بي جي جي إم (PGGM)، تقريراً سنوياً عن دور شركات الأسهم الخاصة في الاستثمار المسؤول. ويستخدم مقياساً من 1 إلى 5 درجات لتقييم الشركاء المتضامنين. لن يخصص الصندوق رأسمال للشركاء الذين يحصلون على درجة 1، لكنه سيخصصه لمن يحصلون على درجة 2 إن آمن بقدرتهم على التحسّن. ويراقب صندوق التقاعد بي جي جي إم على مدار العام منهجيات الشركاء المتضامنين ويشترك معهم في ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. ويبيّن توزيع الدرجات بوضوح مدى تحسّن شركاء صندوق التقاعد بي جي جي إم المتضامنين فيما يتعلق بممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات: ففي عام 2016، حصلت نسبة 13% من الشركاء المتضامنين على تقييم منخفض جداً أو منخفض، وحصلت نسبة 16% منهم على تقييم عالٍ. لكن في عام 2020، حصلت نسبة 3% من الشركاء المتضامنين على تقييم منخفض جداً أو منخفض، وحصلت نسبة 37% منهم على تقييم عالٍ.

وأدى صعود الاستثمار المشترك (coinvesting)، حيث تجري شركة توصية بسيطة استثماراً مباشراً في إحدى شركات محفظة استثمارية جنباً إلى جنب مع شركة تضامن، إلى زيادة الضغط على شركات التضامن للتركيز على ممارسات قضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. يتيح الاستثمار المشترك لشركة التوصية البسيطة الوصول المباشر إلى بيانات أداء شركات المحافظ الاستثمارية فيما يتعلق بممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. ونشرت رابطة شركات التوصية البسيطة المؤسساتية إطار عمل لتقييم ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لمساعدة شركات التوصية البسيطة على بناء قدرات شركات التضامن وتقييمها.

وتنبع القوة الثانية التي تعزز ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في القطاع من إيمان العديد من شركات التوصية البسيطة وشركات التضامن بأهميتها في حال رغبت شركات الأسهم الخاصة في مواصلة تقديم عوائد مرتفعة. وأظهر عمل جورج سيرافيم وآخرين من كلية هارفارد للأعمال أن الاهتمام بممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات قد يقود إلى أداء متميّز في الأسواق العامة. وتعتقد شركات التوصية البسيطة مثل كالبيرز (CalPERS)، أكبر صندوق تقاعد في الولايات المتحدة، ونيوفين (Nuveen)، وهي أحد فروع شركة تي آي أيه أيه (TIAA)، أن ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بشركات الأسهم الخاصة تماماً كارتباطها بشركات الأسهم العامة. وتقول رئيسة إدارة الاستثمار المسؤول على مستوى العالم في شركة نيوفين، إيمي أوبراين: “تُعتبر ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات مهمة لجميع فئات الأصول. لكنها لا تزال ممارسات حيادية بالنسبة لهيكل الملكية”.

وتتمثّل القوة الثالثة في تزايد اعتراف شركات المحافظ الاستثمارية بأهمية ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. والأسباب غير مفاجئة في الواقع: روح العصر المتغيرة والمنعكسة في تفضيلات الموظفين والزبائن؛ وزيادة الوعي بأهمية التغيّر المناخي؛ والتوقعات الاجتماعية فيما يتعلق بالتنوع والإنصاف والشمول؛ والضغوط من الشركات العامة الكبيرة التي تعمل شركات المحافظ الاستثمارية موردة لها؛ والوعي بأهمية التركيز على الاستدامة في الشركات العامة المدرجة في البورصة؛ وظهور فرص لتعزيز قيمتها من خلال الاستدامة؛ وزيادة القوانين.

وكان لاجتماع تلك القوى الثلاث تأثير قوي، وإن كان غير بديهي إلى حد ما. فقد أفاد العديد من ممثلي شركات التضامن الذين تحدثنا إليهم، وخاصة أولئك الضليعين في ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، بأن الالتزام بالاستدامة كان نقطة قوة وعامل تمييز في مفاوضاتهم مع شركات المحافظ الاستثمارية المحتملة التي يستهدفها العديد من شركات التضامن.

ما الذي يميّز القادة الذين يتبنّون ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات؟

لطالما اقتصرت ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لدى شركات الأسهم الخاصة على وضع علامة إلى جانب قائمة المعايير المطلوبة. حيث كانت شركات التوصية البسيطة تقدم استمارة لشركات التضامن تُدعى المراجعة الواجبة لممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لملئها عند جمع أموال جديدة. وكانت الاستمارة فريدة ومخصصة لكل شركة تضامن وغالباً ما كانت طويلة، ونادراً ما كان لها أي تأثير على قرار شركة التوصية البسيطة في الاستثمار في الصندوق. ثم يجري أرشفة تلك الاستمارة ويبدأ الجميع الاستثمار وكسب الأموال.

ولا يزال هذا النهج قائماً بين شركات التضامن وشركات التوصية البسيطة الأقل تمرساً. لكن وفقاً للمدير الإداري العام للعلاقات والشراكات وشركات الأسهم الخاصة في صندوق التقاعد الكندي بي إس بي إنفيستمنتس (PSP Investments)، جيوفاني أورسي، “كان هناك قادة رائدون، وقادة متخلفون عن الركب قبل 5 سنوات؛ لكن الفجوة تضاءلت اليوم”.

ما هي الاختلافات في ممارسات القادة بشأن قضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات؟ يصبّ القادة جل تركيزهم اليوم على 3 أمور: (1) دمج عوامل الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في عمليات المراجعة الواجبة وإعداد الموظفين الجدد وفترات الاحتفاظ واستراتيجيات الخروج؛ (2) زيادة الشفافية في الإبلاغ عن أداء الاستدامة؛ و(3) تقييم قدرات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لدى شركات المحافظ الاستثمارية وتحسينها.

دمج قضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. يقيّم أداء كل شركة مستهدفة أو شركة استثمار على أساس ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات المهمة التي ستؤثر على خلق القيمة. وذلك يعني الانتقال من قائمة مراجعة مختصرة “للمخاطر والامتثال” في مرحلة المراجعة الواجبة (للتقصي عن أي مشكلات واضحة يمكن أن تسفر عن عواقب مالية) إلى إجراء تحليل متطور لتحديد مدى إدراك شركة المحفظة الاستثمارية أهمية ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لأعمالها وكيفية إدارتها لها. ويتبع هذا التحليل عقد تعاون مع مجلس إدارة الشركة (الذي يضم دائماً شركة تضامن) ومع الإدارة لتحسين أدائها (غالباً بمساعدة كبيرة من شركة التضامن).

على الرغم من نوايا تلك الشركات الحسنة، من السهل جداً أن تتوه بين دهاليز جداول أعمال ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وأن تنسى أن ترخيصها الاجتماعي لممارسة الأعمال التجارية غير مضمون.

تعمل شركات التضامن الرائدة على تحسين دمج اعتبارات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في إدارة شركة المحفظة الاستثمارية. على سبيل المثال، تجري شركة أبوللو غلوبال منجمنت (Apollo Global Management) تجربة تحليل ما بعد الخروج على الاستثمارات لتحديد مدى تأثير قضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات على الأداء وكيفية تطبيق الشركة المعارف المكتسبة على الاستثمارات المستقبلية، وذلك إلى جانب مراقبة مخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وإدارتها في أثناء فترة الاحتفاظ،. وتقول رئيسة ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات على مستوى العالم في شركة أبوللو، لوري ميدلي: “نعمل على تطوير نموذج لمساعدتنا في تقييم أداء الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات طوال فترة الاستثمار، وسنواصل تطوير هذا النهج”.

وحتى وقت قريب كان الفصل واضحاً بين أولئك الذين يتخذون قرارات الاستثمار والذين يشرفون على أحد الأصول بمجرد إتمام الصفقة والمسؤولين عن الاستدامة. أصبح الفصل أقل وضوحاً بالنسبة لبعض الشركات التي تتدرب فيها فرق عقد الصفقات على ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. على سبيل المثال، ترسل شركة إنفيست إنداستريال (Investindustrial)، التي تمتلك أصولاً خاضعة للإدارة بقيمة 12 مليار دولار، فرق عقد الصفقات ومدراء شركات محافظها الاستثمارية إلى دورة شهادة الاستدامة في جامعة نيويورك. كما تساعدهم في الحصول على دعم من قبل خبراء داخليين بشأن القضايا البيئية والاجتماعية. وأخبرتنا كل من شركات أبوللو وأريس كابيتال (Ares Capital) وباين كابيتال (Bain Capital) وكارلايل وإي كيو تي وجينيريشن إنفستمنت منجمنت (Generation Investment Management) وآي جي 4 كابيتال (IG4 Capital) وإنفيست إنداستريال وكيه كيه آر وبي أيه آي بارتنرز (PAI Partners) وتاوربروك (TowerBrook) وفيردين (Verdane) أنها بصدد إنشاء عملية لجعل فرق عقد الصفقات أكثر وعياً بممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.

زيادة الشفافية. مع تزايد الاعتراف بأن أداء الشركات فيما يتعلق بممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات يسهم في تعزيز الأداء المالي، أصبحت شركات التضامن أكثر التزاماً بشأن جمع بيانات عنها. حيث تجمع غالباً مجموعة قياسية من مؤشرات الأداء الرئيسية من شركات محافظها الاستثمارية على أساس سنوي أو حتى ربع سنوي. ويتراوح عدد مؤشرات الأداء الرئيسية في بعض الحالات من 50 إلى 100 مؤشر. وتتضمن تقارير مؤشرات الأداء الرئيسية دائماً مشكلات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات التي تُعتبر مهمة للأداء المالي للشركة. (على سبيل المثال، يُعد استخدام المياه أكثر ارتباطاً بشركة تُنتج الأغذية والمشروبات عنه بأحد البنوك أو شركة متخصصة بالتكنولوجيا). وتمتلك شركة تريتون (Triton)، التي تمتلك أصولاً خاضعة للإدارة بقيمة 15.6 مليار دولار، منذ عام 2014 نظام إعداد تقارير يعتمد على “ثلاثة عناصر”: السياسة (ممارساتها بشأن قضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات)، والبرنامج (خطتها لتنفيذ السياسة)، والأداء (مدى جودة تنفيذ البرنامج على مستوى شركة المحفظة الاستثمارية). كما أنها تستخدم موارد مختلفة لتحديد المشكلات المهمة المتعلقة بممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات عند البحث عن الاستثمارات وعند إدارتها، مثل مجلس المعايير المحاسبية للاستدامة.

وتزداد الشفافية بين شركات التضامن وشركات التوصية البسيطة اليوم أيضاً. على سبيل المثال، لا تزال شركة أبوللو تُبلغ عن ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لشركات التوصية البسيطة منذ 12 عاماً، وأصبح تقريرها السنوي فيما يتعلق بتلك الممارسات متاحاً في موقعها على الويب في السنوات الأخيرة، وهي ممارسة تبنتها بعض شركات التضامن الأخرى هذه الأيام. في حين تطلب بعض شركات التوصية البسيطة بيانات عن ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، مثل انبعاثات الكربون، على مستوى شركة المحفظة الاستثمارية.

تحسين أداء الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. يتيح نموذج أعمال شركات الأسهم الخاصة لشركات التضامن مساعدة شركات المحافظ الاستثمارية على تحسين عملية دمج ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وإعداد تقاريرها بعدة طرق. وتشمل تحديد المشكلات ذات الصلة وأفضل الممارسات لحلها، وتوفير أدوات القياس وإعداد التقارير، والمقارنة مع شركات المحافظ الاستثمارية الأخرى، وتسهيل الوصول إلى الخبراء الداخليين والخارجيين، ومراقبة التطورات التنظيمية.

وطورت بعض شركات التضامن بالفعل منهجيات لتقييم درجة تطور ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في شركات المحافظ الاستثمارية المحتملة ومساعدتها على تحسين الممارسة. على سبيل المثال، تبدأ عملية شركة كارلايل لتقييم الأهداف بالمخاطر (الامتثال الأساسي بالقضايا البيئية والسلامة والصحة)، ثم تنتقل إلى القيمة (المتولدة من نموذج الأعمال الحالي والقدرات الحالية)، وتنتهي بالنمو (كيفية الدخول إلى مجالات جديدة). ويمكن لمواردها تمكين شركات المحافظ الاستثمارية من تحسين الاستدامة بشكل أسرع.

أخبرنا رئيس ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في شركة تريتون، غرام آردس، أن “فرق عقد الصفقات وشركات المحافظ الاستثمارية تراقب أداء كل شركة وفق “مقياس تريتون المعياري” (Triton benchmark). وتعقد الشركة مكالمات شهرية لتشارك أفضل الممارسات مع شركات محفظتها الاستثمارية وتستضيف الفعاليات التي يعرض فيها الرؤساء التنفيذيون والمسؤولون التنفيذيون الآخرون ممارساتهم بشأن قضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. وتعقد شركة تريتون أيضاً اجتماعاً سنوياً رسمياً بشأن الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات يتيح للشركات التواصل مع بعضها البعض والتعلم من بعضها البعض.

وأجرينا مقابلة أخرى مع شركة نيوفين، التي تمثّل شريكاً متضامناً وشريكاً موصياً على حد سواء. وتمتلك بصفتها شريكاً موصياً إطار عمل لإجراء تقييم على كل شريك متضامن وكل صندوق تستثمر فيه بشأن ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. تجمع شركة نيوفين أيضاً بيانات بشأن الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات على مستوى الصندوق ومستوى شركة المحفظة الاستثمارية، بما في ذلك بيانات البصمة الكربونية ومواءمة كل استثمار مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، إضافة إلى إنهاء الفقر وتعزيز الاستهلاك والإنتاج المسؤولين. ثم تستخدم هذه القدرات في ارتباطاتها مع الشركات الخاصة. وتقول أوبراين: “التحدي الذي يواجه العديد من الشركات الخاصة هو الافتقار إلى القدرات والموارد اللازمة لدمج ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وإعداد تقارير عنها. وواجبنا هو العمل كاستشاريين للشركة”.

على سبيل المثال، عقدت شركة إنفيست إنداستريال اجتماعاً سنوياً بشأن الاستدامة مع شركات محافظها الاستثمارية طيلة 5 سنوات لتعزيز خبراتهم. ومثّل حضور الشركات مؤشراً جيداً على مدى تزايد الاهتمام بالاستدامة في قطاع شركات الأسهم الخاصة. ويقول رئيس قسم الاستدامة في شركة إنفيست إندستريال، سيرج يونس: “اعتادت الشركة في السنة الأولى إرسال شخص واحد فقط، شخص ضليع بقضايا بالاستدامة، لكن في اجتماعنا الافتراضي الأخير، كان لدينا أكثر من 200 شخص من 25 شركة من شركات محفظتنا الاستثمارية، بما فيهم العديد من أعضاء الإدارة العليا مثل الرئيس التنفيذي والرئيس التنفيذي للشؤون المالية”.

ما هي الخطوة اللاحقة؟

على الرغم من أن المقابلات التي أجريناها كشفت أن قطاع الشركات الخاصة يتخذ خطوات (متأخرة) لاعتماد جدول أعمال الاستدامة، فلا يزال بحاجة إلى إجراء تحسينات كبيرة. وفيما يلي 4 مبادرات قد تكون مفيدة.

وضع معايير للإبلاغ عن ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. يمكن للشركات تبنّي آلية لتبسيط بيانات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات التي ترفعها شركات محافظها الاستثمارية إلى شركات التضامن والتي ترفعها شركات التضامن بدورها إلى شركات التوصية البسيطة وتنسيق تلك البيانات. كان لدى كل شركة تضامن أجرينا بحثاً فيها مجموعة مخصصة من مؤشرات الأداء الرئيسية ومنهجية لجمع البيانات وتحليلها والإبلاغ عنها، واتفقت جميع شركات التضامن على أهمية التوحيد القياسي. تواجه شركات المحافظ الاستثمارية التي تحتوي على عدة شركات تضامن طلبات بيانات متعددة. وبالمثل، تتلقى شركات التضامن طلبات بيانات واسعة النطاق وكثيرة الاختلاف من شركات التوصية البسيطة الخاصة بها.

ويجري إحراز تقدم كبير بالفعل في هذا الصدد، كمشروع تقارب بيانات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، بقيادة شركتي كارلايل وكالبيرز (التي تولت شركة بوسطن كونسلتينغ غروب تقديم الاستشارات لها). فقد جمعتا مجموعة رائدة من الشركاء المتضامنين والشركاء الموصين للاتفاق على 6 مشكلات متعلقة بقضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، كالنطاقين 1 و2 من انبعاثات الغازات الدفيئة، والطاقة المتجددة، والتنوع في مجلس الإدارة، وإصابات العمل، وصافي التعيينات الجديدة، واندماج الموظفين، وحددتا مؤشرات الأداء الرئيسية لكل منها، والتي تعتمد جميعها على المعايير وأطر العمل القائمة. يوافق الشركاء المتضامنون المشاركون في المشروع على جمع البيانات من شركات محافظهم الاستثمارية وإتاحتها للشركاء الموصين. ثم يتم بعد ذلك إخفاء هوية الشركات المقدمة للبيانات وحفظها في قاعدة بيانات لأغراض القياس المعياري. وتضمن المشروع اعتباراً من وقت كتابة هذا المقال مجموعة من 100 شريك من الشركاء المتضامنين والشركاء الموصين الذين يمثّلون 8.7 تريليون دولار من الأصول الخاضعة للإدارة و1,400 شركة من شركات المحافظ الاستثمارية.

توقع قادة المشروع أن الوصول إلى اتفاق بين الشركاء المتضامنين والشركاء الموصين سيكون صعباً للغاية، وذلك لأن الموظفين لديهم احتياجات فريدة تتعلق بالبيانات دون وجود قوانين لفرض تطبيق المعايير. لكن الإقبال الهائل على مشروع تقارب بيانات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات يشير إلى أن القطاع مستعد لمواجهة هذا التحدي بطريقة أكثر اتساقاً. (ومع ذلك، لا شيء يمنع الشريك المتضامن أو الشريك الموصي من طلب بيانات إضافية). وتعمل مجموعات أخرى على فكرة مماثلة، بما فيها شبكة مبادئ الاستثمار المسؤول (PRI)، وشبكة سيريز إنفيستورز (Ceres Investor)، ومجموعة المؤسسات الاستثمارية المعنية بتغير المناخ، ومبادرة المناخ العالمية (iCI). وتعمل رابطة شركات التوصية البسيطة المؤسساتية على ضمان التوافق بدلاً من المنافسة بين هذه المبادرات.

عقد التزامات بتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية. يجب على قطاع الشركات الخاصة، بالنظر إلى حجم فئة الأصول فيه، الالتزام بتحقيق “صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050″، وهو الالتزام الذي تتقيّد به جميع المؤسسات المالية تحت غطاء تحالف غلاسكو المالي للوصول إلى صافي انبعاثات كربونية صفرية. وتؤدي مبادرة المناخ العالمية دوراً مهماً في مجال شركات الأسهم الخاصة، فقد تم إطلاقها في عام 2015 من قِبل 5 شركات أسهم خاصة فرنسية للمساعدة في تحقيق الأهداف النهائية لاتفاقية باريس بشأن التغير المناخي. وبفضل جزء كبير من الدعم المقدم من شبكة مبادئ الاستثمار المسؤول، تضم مبادرة المناخ العالمية اليوم أكثر من 164 شريكاً متضامناً يمثلون أكثر من 2 تريليون دولار من الأصول الخاضعة للإدارة. وفي مارس/آذار عام 2022، تم تعيين المديرة الإدارية للاستثمار المستدام في شركة كيه كيه آر، إليزابيث سيغر، رئيسة لفرع أميركا الشمالية. يلتزم أعضاء مبادرة المناخ العالمية بخفض انبعاثات الكربون في شركات محافظهم الاستثمارية ويسعون لضمان الأداء المالي المستدام على المدى الطويل من خلال إدارة المخاطر والفرص التي يوفرها التغير المناخي. ومع ذلك، هناك فرق كبير بين تقليل الانبعاثات في المحفظة الاستثمارية (حيث قد يتخلى الشريك المتضامن ببساطة عن الشركات التي تولّد كثيراً من الانبعاثات) وتقليل الانبعاثات في إحدى شركات المحافظ الاستثمارية (التي قد يساعدها شريك متضامن في التحول إلى شركة خضراء).

تحسين التنوع. يجب على القطاع تحسين سجل إنجازاته بشأن قضايا التنوع والمساواة والشمول. على سبيل المثال، لا تزال ثقافة الموظفين الذكور وأصحاب البشرة البيضاء سائدة في شركات الأسهم الخاصة الأميركية، لاسيما بين أعضاء فرق عقد الصفقات. لكن الأدلة التي تشير إلى أن التنوع في قوة العمل يسفر عن أداء أفضل في تزايد. والتنوع مهم أيضاً في هذا العصر الذي يشهد تنافساً حاداً لاستقطاب المواهب. كما أنه أصبح قضية رئيسية بالنسبة لشركات التوصية البسيطة في إدارة استثماراتها (وشركاتها نفسها)، وهو ما يدفعها إلى الضغط على شركات التضامن. وما يدعو للتفاؤل هو أن بعض شركات التضامن يدرك بالفعل أهمية قضايا التنوع والمساواة والشمول. على سبيل المثال، تلتزم شركة إي كيو تي، بتكوين فرق استثمار مهنية متنوعة تحقق التوازن بين الجنسين (بتوظيف 40% على الأقل من الإناث). وأصدرت الشركة أداة ائتمانية لإثبات جدية التزامها، حيث سيرتفع سعر الفائدة إذا فشلت الشركة في تحقيق الهدف القصير الأجل المتمثّل في تعيين نسبة 28% من النساء بحلول عام 2026. ويجب على الشركات الأخرى أن تحذو حذوها.

كما يجب أن تنطبق معايير التنوع والمساواة والشمول على شركات المحافظ الاستثمارية أيضاً. وتقول مسؤولة الاستدامة في مجلس الاستثمار بولاية واشنطن، شيري تريكر: “لدى شركات التضامن القدرة على تغيير هياكل مجالس الإدارة بسرعة، ولذلك تأثير كبير، وأعتقد أننا سنشهد تغييرات سريعة هنا، لاسيّما بالمقارنة مع شركات الأسهم العامة”. وتقول الرئيسة التنفيذية لقضايا التنوع والمساواة والشمول في شركة كارلايل، كارا هيلاندر: “كان التركيز على قضايا التنوع والمساواة والشمول أقل قبل عشر سنوات، لكنه أصبح أولوية تجارية لشركات محفظتنا الاستثمارية”. وتهدف شركة كارلايل إلى تحقيق تنوع بين أعضاء مجالس إدارة شركات محفظتها الاستثمارية الخاضعة للرقابة بنسبة 30% على الأقل. وبما أن العديد من أعضاء مجالس الإدارة تلك هم من موظفي شركة كارلايل بالفعل، تتقيّد الشركة بالتزامها بتحسين التنوع. ويقود الرئيس التنفيذي لشركة كارلايل، كيسونغ لي، مبادرة التنوع والمساواة والشمول إلى جانب مسؤولين تنفيذيين آخرين في الشركة، حيث يحدد التوجه من خلال مطالبة جميع الزملاء في شركة كارلايل بتحمل مسؤولية وضع أهداف التنوع والمساواة والشمول النهائية ومن خلال استضافة مناقشات حول التخفيف من الانحياز اللا إرادي.

مشاركة الثروات. يجب على قطاع شركات الأسهم الخاصة مواجهة حقيقة أن الثروة الهائلة التي اكتسبها لم تُوزع بالتساوي. فقد حققت شركات التوصية البسيطة وشركات التضامن وكبار المسؤولين التنفيذيين في شركات المحافظ الاستثمارية فوائد أكبر بكثير من الموظفين الآخرين في تلك الشركات. لكن الملكية المشتركة مهمة وتتيح لجميع موظفي الشركة المساهمة في القيمة المتولدة خلال فترة الاحتفاظ. لنتأمّل الاستثمار الذي أجرته شركة تاور بروك (TowerBrook) عام 2020 في شركة كار ترولر (CarTrawler) التي تقدم حلولاً تقنية لقطاع السفر العالمي. تلقى جميع الموظفين البالغ عددهم 400 موظف أو نحو ذلك حصصاً تتيح لهم جني العائدات عند تركهم العمل. وبالمثل، تخصص شركة كيه كيه آر في عدد من استثماراتها ملكية كبيرة للموظفين خارج المناصب التنفيذية العليا وتعلّمهم مبادئ التعاملات المالية.

وقامت 19 شركة من شركات الأسهم الخاصة أيضاً بحشد مجموعة من مدراء الأصول وشركات الخدمات المالية والمؤسسات والمنظمات غير الربحية لإطلاق منظمة أونرشيب ووركس (Ownership Works) غير الربحية لإظهار مدى التزام القطاع بتوزيع الثروة. وتتمثل مهمة هذه المنظمة في “زيادة الرخاء من خلال الملكية المشتركة في العمل”. كما أنها حددت هدفاً طموحاً يتمثّل في توليد ما لا يقل عن 20 مليار دولار بحلول عام 2030 لمئات الآلاف من الموظفين الجدد، من بينهم العمال ذوو الدخل المنخفض والأشخاص أصحاب البشرة الملونة الذين استُبعدوا من فرصة بناء الثروة منذ قرون. ووفقاً للمديرة التنفيذية، آنا ليزا ميلر: “يتمثّل الهدف في العمل بشكل جماعي لخلق مستقبل يمكن لأصحاب العمل والموظفين النجاح فيه معاً”.

من المؤكد أن مبادئ الملكية المشتركة لا تصلح في جميع الشركات. على سبيل المثال، ستكون الملكية المشتركة في قطاع التجزئة الذي يشهد معدل دوران موظفين مرتفع وسيلة غير فعالة لتحفيز أداء الموظفين ومكافأته.

باختصار، تحفز عوامل مهمة شركات الأسهم الخاصة على تولي زمام المبادرة في دمج ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، بما فيها الضغط الاجتماعي، وضغط شركات التوصية البسيطة، وضغط المساهمين على شركات الأسهم الخاصة المدرجة في البورصة. لكن هل سيكون ذلك كافياً؟ يجب أن تلتزم شركات الأسهم الخاصة بتغيير مشاركتها في قضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات من مجرد وضع علامة إلى جانب قائمة المعايير المطلوبة إلى التفكير في سبب تأسيسها. وعلى الرغم من نوايا تلك الشركات الحسنة، من السهل جداً أن تتوه بين دهاليز جداول أعمال ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وأن تنسى أن ترخيصها الاجتماعي لممارسة الأعمال التجارية غير مضمون.

ويجب على قادة شركات الأسهم الخاصة التحدث بشكل صريح ومتواصل عن أهمية خلق القيمة المستدامة لتحقيق النجاح في المستقبل. كما يجب عليهم تعيين الموظفين الذين يهتمون بالاستدامة بأوسع معانيها ولا ينضمون إلى القطاع لمجرد أنه قطاع مربح للغاية. ونتوقع 3 عواقب في حال فشل القطاع في تبني ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات بالكامل، حيث ستتلقى شرعيته الاجتماعية معارضة متزايدة؛ ولن يكون قادراً على تحقيق عوائد مرتفعة كما في الماضي؛ وسيفشل في استخدام إمكاناته للمساعدة في حل المشكلات البيئية والاجتماعية والمشكلات المتعلقة بالحوكمة قبل تفاقمها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .