3 طرق تساعدك على شرح المغزى من بياناتك

تربع جيف بيزوس العام الماضي على عرش أغنى رجل في العالم، بصافي ثروة بلغت مئة وثلاثين مليار دولار أميركي. ولهذا إليكم شرح المغزى من البيانات المتعلقة بهذا الأمر.

وضجّ العالم بأسره في محاولة لاستيعاب مقدار هذه الثروة الهائلة التي يملكها الرئيس التنفيذي لشركة "أمازون"، وقد احتلت التغريدة التي أطلقها عالم الفيزياء الفلكية "نيل ديغراس تايسون" العناوين الرئيسة.

صحيح أن أحداً لم يسأل عن ذلك، لكن إن صففت أموال جيف بيزوس المقدرة بمئة وثلاثين مليار دولار ورقة تلو الأخرى، فيمكن لها أن تدور محيط الكرة الأرضية مئتي مرة، ثم تصل إلى القمر وتعود ذهاباً وإياباً خمس عشرة مرة، ليتبقى مبلغ يمكنه أن يدور حول الأرض ثماني مرات أخرى.

يا إلهي، يبدو ذلك هائلاً.

لكن في الحقيقة، لم يسبق لي الدوران حول الأرض، أو الصعود إلى القمر. تمكن أربعة وعشرون شخصاً فقط من القيام بذلك في الخمسين سنة الماضية.

إذاً، كم يمكن لتلك الأرقام أن تكون واقعية؟

إن كنتَ مسؤولاً عن تقديم أي نوع من التحليلات المحوسبة ضمن مؤسستك، فلا بد أنك تقضي معظم وقتك في البحث عبر البيانات، سواء ما يتعلق منها بقيمة الزبون، أو مشكلة تخلي الزبون عن عربة التسوق قبل إتمام الشراء، أو بيانات تتعلق بالحصة السوقية.

لا بد أنك تدرك أنه عندما تكشف اللثام عن بيانات إحصائية مفاجئة، فعليك إيصال الرؤية التي توصلت إليها إلى أصحاب القرار بالحال.

لربما أردت من ذلك إشعارهم بأهمية اكتشافك العظيم أو أن يثير ذلك تعجبهم. والأهم من ذلك، هو رغبتك أن يشعروا بالإلهام الذي يدفعهم لاتخاذ قرار ما.

ولكن غالباً ما تضيع الحكاية بين زغللة الأرقام التي لا يمكنهم فهمها حقاً. وكلما زادت البيانات بين أيدينا، أصبحت هذه الأرقام محيرة أكثر. وعلى الرغم من أن الجمهور قد يستوعب هذه البيانات فكرياً كمدلول على قياس أمر ما، فإنهم قد يخفقون بالارتباط بها عاطفياً. ولكي تلهم الأرقام من يتلقاها، لا يكفيها أن تكون منطقية فحسب، بل يجب أن تكون ذات مغزى.

لفعل ذلك، عليك ربط بياناتك بمقياس مألوف بالنسبة للجمهور المتلقي للمعلومة بحيث يستطيع من خلاله قياس حجم الأرقام التي تعرض عليه. قد يصعب على الجمهور استيعاب مدى ضخامة الرقم أو ضآلته. يمكن جعل الأرقام المعقدة أكثر وضوحاً عند وضعها في كفة المقارنة. ويمكن لجمهورك إدراك مقياس الأرقام من خلال ربطها بحجم شيء ما، أو مقارنتها بمسافة معروفة، أو مقدار مألوف للوقت، أو بمعدل سرعة ما.

كيفية شرح المغزى من البيانات

عندما يستوعب جمهورك مقياس الأرقام التي تعرضها، سيتفهمون على نحو أفضل التوصية التي تود طرحها. إليك بعض الاستراتيجيات التي يمكنك استخدامها لتوصيف بياناتك الإحصائية بحجم معين بحيث يمكن للجمهور إدارتها وتكون ذات مغزى في الوقت ذاته.

اربط البيانات بمدلول الحجم

اربط البيانات بمدلول الحجم عبر مقارنتها بمقياس الطول أو العرض أو الارتفاع أو الثخانة أو البعد.

أظهرت التغريدة التي أطلقها تايسون، كيف يمكننا وضع مقياس باستخدام مفهوم البعد، لكن لكي يكون هذا المقياس فعالاً في إيصال المعنى، فيجب أن يكون مرتبطاً بما يعرفه الجمهور المتلقي ويدركه.

للأسف، لن يتمكن معظمنا من الوصول إلى القمر. وأطول الرحلات الجوية التي يمكن أن نرتادها تقع في نطاق 10 آلاف ميل.

فلو قال تايسون مثلاً: "لو كدسنا مبلغ 130 مليار دولار من فئة الدولار الواحد فوق بعضها ستصل سماكتها إلى 8,822 ميلاً، وهو ما يعادل القيادة عبر الولايات المتحدة جيئة وذهاباً 3.4 مرات". كان ذلك أقرب للفهم بالنسبة إلى الأشخاص غير المختصين بالفلك.

اربط البيانات بمدلول الوقت من أجل شرح المغزى من البيانات

الوقت أيضاً مصدر جيد للمقارنة.

نقيس الوقت بالثواني والساعات والدقائق والأيام والشهور والعقود، لكن يمكننا أيضاً أن نضع أطراً وقتية أوثق صلة من خلال الحديث عن ساعات العمل مثلاً، أو مدة رحلة طيران بين المدن، أو ما تستغرقه حلقة من مسلسل كوميدي، أو حديث تيد (TED talk)، أو الوقت الذي يستغرقه كيس الذرة في فرن الميكروويف.

الوقت كالمال - وهذا ما يجعل منه أداة فعالة لتطوير مقياس للمقارنة ذي مغزى، عند الحديث عن الـ 130 مليار دولار التي ذكرناها.

أما مجلة فوربس فقد عبرت عن الأرباح السنوية التي يحصدها بيزوس عن طريق تحويلها لأجرة ساعية، وكانت النتيجة الصاعقة أن الأجرة التي يقدر أنه يتقاضاها بلغت 4,474,885 دولاراً في الساعة الواحدة.

وفقاً لإدارة الضمان الاجتماعي، فإن ذلك يعادل ضعف متوسط الأجر الذي يتقاضاه مواطن أميركي حاصل على إجازة جامعية طيلة حياته.

اربط البيانات بأشياء مألوفة

بالإضافة إلى استخدام مقاييس الحجم والوقت والسرعة لتساعدك في توضيح قيمة الأرقام التي بين يديك للجمهور المعني، يمكنك أيضاً استخدام الأسماء والأشخاص والأماكن والأشياء المعروفة لديهم.

لنفترض أن لديك مليون مستخدم. سيكون من الأسهل على الجمهور فهم المقدار الكمي عند مقارنة العدد السابق بعدد الأشخاص الذين يمكنهم شغل المقاعد في أحد الملاعب.

على سبيل المثال، يحتوي ملعب سان فرانسيسكو الكبير لكرة البيسبول 41,915 مقعداً. إذا كنت تتوجه ببياناتك لجمهور منطقة خليج سان فرانسيسكو، فالأجدى أن تقول: "يمكن لعدد المستخدمين لدينا أن يملأ ملعب سان فرانسيسكو الكبير 24 مرة".

إن معرفة ما يمكن شراؤه على هذا الكوكب بثروة بيزوس هو نهج آخر يمكن اتباعه. سيطرت تغريدة أخرى هذه الفترة على معظم العناوين أيضاً، إذ حسبت أن باستطاعة بيزوس شراء مسكن جديد لكل متشرد في الولايات المتحدة، ليتبقى معه بعدها 19.2 مليار دولار.

تشير البيانات إما إلى مشكلة أو إلى فرصة. ويقصد من الإضاءة على هذه البيانات دفعنا إلى اتخاذ قرار ما. ولكي يشعر أي جمهور بالإلهام لاتخاذ خطوة عملية، فهو بحاجة إلى أن فهم خطورة الوقوف في حالة ثبات.

يمكننا مساعدة الجمهور على الانتقال من حالة تلقي معلومة منطقية إلى تلقي معلومة ذات مغزى من خلال تطوير مقياس للمقارنة. عندما يستوعب جمهورك مقياس الأرقام التي تعرضها، سيتفهمون على نحو أفضل التوصية التي تود تقديمها.

ربما عنت هذه المقارنة الأخيرة شيئاً لبيزوس نفسه. فبعد بضعة أشهر فقط من انتهاء الدورة الإخبارية هذه، أطلق بيزوس صندوقا تمويلياً بقيمة ملياري دولار لمساعدة الأطفال والأسر المشردة.

لكن يا ترى، كيف نقيس مقدار ملياري دولار فعلياً؟ يجب الانتباه إلى شرح المغزى من البيانات لمعرفة ذلك.