ملخص: عندما يتعلق الأمر بموضوع سياسات العمل واحتياجات الموظفين وترتيبات العمل المرنة، من الصعب إرضاء الجميع. وأياً يكن ما تطبقه المؤسسات، مطالبة الجميع بالعودة إلى المكتب أو السماح بمواصلة العمل من المنزل أو مزيج من الاثنين، من المؤكد أن هناك على الأقل مجموعة من الموظفين يريدون ترتيبات أخرى أو يحتاجون إليها. إذاً، كيف يمكنك تلبية احتياجات موظفيك دون إحداث فوضى بسبب الاستثناءات العشوائية المربكة؟ تقدم المؤلفة في هذه المقالة 6 استراتيجيات يمكن للمدراء تطبيقها خلال هذه الفترة الانتقالية.
نظراً إلى أن الفِرق التي كانت قادرة على العمل عن بُعد في أثناء الجائحة تحاول العودة إلى مكان العمل، هناك شيء واحد واضح وثابت: أياً يكن ما تطبقه المؤسسات، من المؤكد أن هناك على الأقل مجموعة من الموظفين يريدون ترتيبات عمل أخرى أو يحتاجون إليها.
يطالب بعض القادة جميع الموظفين بالعودة إلى المكتب، ويجد آخرون أن خفض التكاليف العقارية يحقق وفورات في التكاليف وأن إبقاء الموظفين خارج المكتب أمر فعال. وبعض الموظفين يتوقون إلى العودة إلى المكاتب، في المقابل يريد آخرون الاستمرار في التمتع بالمرونة التي يتسم بها العمل من المنزل.
الموازنة بين سياسات العمل واحتياجات الموظفين
من الصعب إرضاء الجميع، ولكن ستساعدك هذه النُهج العملية الواقعية الستة في تلبية احتياجات موظفيك دون إحداث فوضى بسبب الاستثناءات العشوائية المربكة.
ابدأ في إجراء محادثات مع كل موظف لفهم احتياجاته الحقيقية
قد نفترض، بعد 18 شهراً من الجائحة، أننا على دراية بما يريده أعضاء فريقنا والكيفية التي يؤدون بها مهماتهم على أفضل وجه. لكن الأشخاص يغيرون رأيهم، أو يريدون أشياء مختلفة مع تغير ظروفهم. لذلك قبل هيكلة جداول المواعيد أو أشكال العمل، اتخذ خطوات للتعرف على الأوضاع الحالية للموظفين من حيث مواقع العمل المادية والمواعيد المناسبة للعمل، وقِس مدى رضاهم عن مهمات العمل والمسار الوظيفي. تشمل بعض الأسئلة التي يمكن طرحها ما يلي:
- ما مدى جودة عمل أعضاء فريقك معاً؟
- هل يمكنك الوصول إلى صناع القرار الذين تحتاج إليهم؟
- إلى أي مدى تتمكن من تنسيق التعاون بين وظائف متعددة؟
- هل هناك أدوات أو معلومات أو أنواع أخرى من الدعم يمكن أن تساعدك على تحسين أدائك؟
- ما مدى شعورك بالراحة حيال وضع عملك الحالي؟
لن تتمكن من تلبية جميع التفضيلات، ولكن عندما يثق الموظفون بأنك تضع مصالحهم في الاعتبار، ستزداد احتمالية تحسُّن معدلات استبقاء الموظفين والإنتاجية والابتكار.
تجنب المبالغة في التركيز على الرعاية الذاتية في رسائلك
من الرائع تشجيع الموظفين على الاعتناء بأنفسهم وممارسة التمارين الرياضية والنوم بشكل جيداً وممارسة التأمل والحصول على جلسات تدليك، أو حتى تقوية الحدود بين وقت العمل والوقت الشخصي. ولكن إذا ركزت بشكل مبالغ فيه على مسؤوليتهم الشخصية عن الشعور بحال أفضل ولم تركز بما يكفي على الإصلاحات الهيكلية التي تهدف إلى تكليفهم بمهمات أكثر واقعية وتقديم الدعم لهم وتطوير مهاراتهم، فستبدو كما لو كنت تنقل التأثير السلبي لمشكلات العمل إلى حياة موظفيك. فهذا لا يُنظر إليه على أنه غير منصف فحسب، إنما يأتي أيضاً بنتائج عكسية. أولاً، احرص على مساعدة الموظفين في أي تحديات يواجهونها، ثم ركز فقط على ما يمكنهم فعله لأنفسهم بعد أن تكون قد أظهرت بالفعل بعض الاستثمار في رفاههم.
احرص على التوافق مع ما تنادي به علامتك التجارية
إذا كان لديك تاريخ في التعامل مع الموظفين بوصفهم أصحاب مصلحة مهمين، وثقافة تنادي بذلك، فسيتوقعون منك أن تولي اهتماماً كبيراً لتفضيلاتهم واحتياجاتهم. إذا كنت تقول دائماً "نحن عائلة واحدة"، فقد حان الوقت لجعل هذا الوعد حقيقية والعناية بجميع "أفراد عائلتك" من خلال مراعاة الاحتياجات الفردية بإجراء تعديلات على مواعيد العمل وحتى على المسؤوليات عندما يواجه الموظفون ضغوطاً معينة. إذا كنت قد أكدت أن موظفيك هم أهم أصولك، فتأكد من أنك وفرت لهم الموارد اللازمة وتواصلت معهم حول كيفية استخدامها لضمان رفاههم هم وعائلاتهم. قد يشمل ذلك توفير إمكانية الوصول إلى الموارد أو المراجع أو الدعم المالي لرعاية الأطفال أو رعاية المسنين أو خدمات الصحة النفسية خلال هذه الفترة التي لا تزال عصيبة.
اعرف ما الذي يفتقده موظفوك حول العمل معاً في مكان واحد
تقترح بريا باركر، الميسرة والخبيرة الاستراتيجية في حل النزاعات، أن تسأل عن أكثر ما يفتقده الموظفون بشأن زملائهم وعن الأسباب التي جعلتهم يتوقون إلى العودة إلى العمل معاً في مكان واحد خلال الجائحة. ركز على هذه الأمور باعتبارها جوهر استراتيجية إعادة تنظيم صفوفك للمساعدة في ضمان الالتزام بالحضور المادي إلى العمل وتقديم قيمة كبيرة، ما سيساعد على طمأنة الموظفين بأن العمل من المكتب يستحق كل هذا العناء. وبالمثل، اعرف أي من اللقاءات المادية السابقة شعر الموظفون بالارتياح لعدم اضطرارهم إلى حضورها، كالاجتماعات المتكررة غير المثمرة أو غير المحببة، ولا تعقد مثل هذه الاجتماعات مرة أخرى. وبدلاً من ذلك، اعتمد على الحلول الجديدة التي توصلت إليها عندما كانت هناك حاجة إلى عمل الموظفين من المنزل.
كن مستعداً لتعليق القواعد والعادات التي كانت متبعة قبل الجائحة
حرصت مؤسسات كثيرة قبل الجائحة على أن تكون الترتيبات التيسيرية الفردية التي تهدف إلى تلبية الاحتياجات الشخصية قليلة، وكانت لا تلجأ إليها عادة إلا عند وقوع أنواع محددة من الأزمات القصيرة الأجل أو الشديدة التي كانت مفهومة بوضوح وعامة إلى حد ما: حالة وفاة في الأسرة أو حادث سيارة، وما إلى ذلك. مراعاة احتياجات الموظفين اليوم، بما في ذلك منح إجازات للحفاظ على الصحة النفسية ورعاية أفراد الأسرة المرضى أو الأطفال الذين لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة وحتى الرعاية الذاتية، تتطلب أن تكون منفتحاً على معرفة مواقف أكثر تنوعاً ومعالجتها، وغالباً ما تكون هذه المواقف من الأنواع التي لم يتعامل معها قسم الموارد البشرية ولا قادة الشركة من قبل.
جرب طرح هذا السؤال عندما يطلب أحد الموظفين ترتيباً مرناً: هل كنت ستسمح بهذا الترتيب قبل الجائحة إذا كان لفترة انتقالية يواجه الموظف خلالها أزمة صحية أو عائلية؟ إذا كنت ستلبي "كل ما يحتاجون إليه" لمدة 6 أسابيع أو أكثر، فاختبر الطريقة التي يريدون العمل بها خلال تلك الأسابيع الستة. وضح أنه في حالة حدوث مشكلات في أثناء فترة الاختبار، فسيكون من الضروري إجراء بعض التعديلات، وشجع الموظفين أيضاً على إبلاغك فوراً إذا كانت التجربة لا تتم بالطريقة التي توقعوها، قبل حدوث أي عواقب.
لا تنظر إلى الحضور المادي كدليل على الولاء
اعتقد العديد من القادة يوماً ما أن حديث الموظفين صراحة عن رغبتهم في حماية أو دعم أنفسهم أو عائلاتهم يدل على أنهم قد لا يكونون ملتزمين تماماً تجاه قادتهم أو فِرقهم أو مؤسساتهم أو رسالتهم. ولكن تفاني الموظفين الاستثنائي خلال الجائحة كان يجب أن يبدد هذا المعتقد. واليوم سيجد القادة الذين لا يرغبون في تقبل التزامات الموظفين نهائياً صعوبة كبيرة في الاحتفاظ بالموظفين. وسواء كان الموظفون يعملون من المكتب أو عن بُعد، فإن الموظفين الذين يشعرون أنهم يحظون بالدعم في القيام بما هو مناسب لحياتهم من المرجح أن يكونوا أكثر التزاماً تجاه مؤسساتهم، بدلاً من المعاناة من الازدواجية أو الخوف أو الاستياء باستمرار، فجميعها مشاعر من المحتمل أن يكون لها تأثير سلبي على علاقاتهم في العمل وإنتاجيتهم.
سينطوي هذا النهج المصمم حسب الطلب على تحديات وسيستغرق وقتاً طويلاً في البداية، لكنه سيكون أقل تكلفة بكثير من ذهاب استثمارك في الموظفين المهمين هباءً أو عدم استطاعتك جذب المواهب المحددة التي تحتاج إليها. وعلى المدى الطويل، سيلاحظ معظم الموظفين مدى نجاح المؤسسة في معرفة سياسات العمل واحتياجات الموظفين والتكيف مع احتياجات زملائهم، وسينتهي بهم الأمر بالانجذاب إلى البرامج والحلول الأكثر شعبية وفعالية. وفي النهاية، لن تكون هناك استثناءات حقيقية إلا نادراً.