هل استعد رواد الأعمال للنمو المتوقع في تطبيقات الهواتف لخدمات المرافق السكنية في السعودية

5 دقائق
freepik.com

كانت الجهات التقليدية المزودة للخدمات تتولى لعقود من الزمن إدارة المرافق السكنية في المملكة العربية السعودية. إلا أن هذا القطاع راح يستعد للنمو المتسارع بفعل بروز الرقمنة، وإطلاق التطبيقات على الهواتف المحمولة لتلبية احتياجات الصيانة لمالكي المرافق السكنية، حيث بات سوق تطبيقات الهواتف المحمولة لخدمات إدارة المرافق السكنية في الآونة الأخيرة ضمن أكثر عشرة قطاعات ذات قابلية عالية للنمو على صعيد التطبيقات الإلكترونية. فمع نمو احتياجات السكن لشعب يزداد نمواً وتغلب عليه الفئات العمرية الشابة، وفي ظل ارتفاع معدل اختراق شبكة الإنترنت، يتبدل مشهد المستخدمين. هذا، وباستمرار نمو حلول التجارة الإلكترونية عموماً، حيث تدفع بقطاع تطبيقات الهواتف المحمولة والمنصات الإلكترونية هذا قدماً، ما يجعله على نحو متزايد قطاعاً قابلاً للنمو وجذاباً لرواد الأعمال والمستثمرين على حد سواء.

تُقدر قيمة السوق المتاحة الإجمالية  في السعودية بـ 7.8 مليار ريال سعودي (2.07 مليار دولار أميركي). في سوق حجمها 5.4 مليون أسرة من إجمالي 33 مليون نسمة تسكن المملكة، حيث تنفق كل أسرة 1,444 ريال سعودي (390 دولار أميركي) على الصيانة في المعدل سنوياً. وبالتالي، من المتوقع أن تنمو السوق المتاحة للخدمة  لتبلغ 30% من السوق المتاحة الإجمالية في الأعوام الخمسة القادمة. تُقدر نسبة انتشار المستخدم الفريد للهاتف المحمول بـ 71%، وتتألف كل أسرة من 6 أعضاء في المعدل. من هنا، نفترض أن لكل أسرة عضواً على الأقل يستعمل هاتفاً ذكياً وتطبيقات الهواتف المحمولة. وتُقدر إذن قيمة السوق المتاحة للخدمة بـ 2.3 مليار ريال سعودي (613 مليون دولار) في المملكة العربية السعودية. أما حصة السوق التي يمكن اكتسابها تعادل 433.2 مليون ريال سعودي (11.5 مليون دولار)، وذلك بحسب كروم المشورة "تحليل اقتصادي: تطبيقات الصيانة المنزلية" لعام 2020.

تحول سوق تطبيقات الهواتف المحمولة لخدمات إدارة المرافق السكنية

تُعرّف خدمات إدارة المرافق السكنية بأنها الخدمات المقدمة للوحدات والمجمعات السكنية بغية ضمان تسيير شؤونها على نحو سلس. وتشمل هذه الخدمات النموذجية صيانة المرفق، وتنظيفه، وأمنه، وإدارة شؤونه البيئية. لقد راح مزودو الخدمات يغيرون عروضهم لتلبية حاجة العملاء عبر المنصات الإلكترونية أو تطبيقات الهواتف المحمولة، بحيث يقوم العميل باختيار وحجز خدمة إدارة المرفق المحددة التي يحتاجها، عند الحاجة إليها.

اعتبرت سوق الصيانة المنزلية في المملكة العربية السعودية تاريخياً مجزأة، وغير خاضعة لرقابة تنظيمية، وغير منظمة، لناحية التسعير وجودة الخدمة. وكان العرض يتوقف في الدرجة الأولى على العمال الفنيين الذين يعملون بعد انتهاء ساعات دوامهم، علماً أن العديد منهم كان يعمل بشكل غير قانوني في المملكة. وكانت هناك شريحة محدودة من الأسر المقتدرة متعاقدة مع شركات الصيانة الكبيرة بشكل استثنائي. بيد أن دراسة لسوق دول مجلس التعاون الخليجي أظهرت أن ملاك المنازل يتجنبون الارتباط بعقود سنوية مكلفة.

إلا أن هذا التحول اتضح بصورة أوضح في الآونة الأخيرة. فاعتباراً من نوفمبر/تشرين الثاني 2017، بلغ عدد مؤسسات الصيانة المنزلية المسجلة لدى وزارة التجارة والاستثمار السعودية 801 سجل تجاري. وقد أدى وجود مؤسسات منظمة للصيانة إلى تمكين الأسر من الحصول على خدمة جيدة وموثوقة بسعر معقول وقابل للمقارنة مع خدمات شبيهة، نظراً لزيادة المنافسة، وتخصص العمال الفنيين، فضلاً عن حزم الدولة في التعامل مع العمالة غير القانونية.

فما هي إذن إمكانيات السوق في المملكة العربية السعودية؟ 

انطلاقاً من هذا الفهم، يُقدر إجمالي سوق إدارة المرافق في المملكة العربية السعودية بـ 111 مليار ريال سعودي (29.6 مليار دولار)، منها 26.6 مليار ريال سعودي (7.1 مليار دولار) للمرافق السكنية، فيما تندرج الحصة المتبقية من السوق ضمن فئة إدارة المرافق الصناعية والتجارية. ومن المتوقع أن يبلغ معدل النمو السنوي المركب لقطاع المرافق السكنية 7.6% خلال السنوات الخمس القادمة وذلك بحسب سوق إدارة المرافق السكنية في المملكة السعودية. تنطوي سوق إدارة المرافق السكنية على عدة فئات من الخدمات منها إدارة العقار، وخدمات النظافة، والأمن، والخدمات الداعمة، والإدارة البيئية، علماً بأن إدارة العقار تعادل 35% من هذه الخدمات، وهي تتضمن على سبيل المثال أعمال صيانة أنظمة التدفئة والتهوية والتكييف، وأعمال الصيانة الميكانيكية/الكهربائية. ويمكن كذلك تقسيم سوق إدارة المرافق السكنية بمفهومها الشامل إلى خدمات أساسية (47%) والتي تتضمن (تضمن هذه الخدمات صيانة أنظمة التدفئة والتهوية والتكييف، وصيانة الأنظمة الميكانيكية والكهربائية، وصيانة نسيج البناء، والسباكة والتصريف، والتنظيف العميق، والتجديد والترميم، وصيانة المصنع، وصيانة المصاعد والسلالم الكهربائية)، وخدمات ثانوية (39%) وتتضمن (التنظيف، والأمن، والتخلص من النفايات، ومكافحة الحشرات، وصيانة الأراضي، وإعادة التدوير)، وخدمات أخرى (14%). وفي ما يتعلق بنمط الخدمة، فإما أن تُقدّم بواسطة متعهد خارجي أو من خلال الموارد الداخلية لشركة إدارة خدمات المرفق.

سوق تطبيقات الهواتف المحمولة لخدمات إدارة المرافق السكنية

ثمة 5.46 مليون أسرة في المملكة العربية السعودية، 64.1% منها أسر سعودية و35.9% أسر أجنبية. من المتوقع أن يتحول 30% من سوق صيانة المساكن السعودية إلى قطاع تطبيقات الهواتف المحمولة خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وذلك على شكل تطبيقات الهواتف المحمولة، تليها المنصات الإلكترونية على الإنترنت. بلغت نسبة انتشار الإنترنت في المملكة 93%، وهي نسبة أعلى بكثير من المعدل العالمي (43%) وذلك بحسب تقرير التجارة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية الصادر عن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات 2018، الأمر الذي سيساهم في هذا التحول نحو الجهات المزودة للخدمات على شبكة الإنترنت.

يبدو الطلب على سوق الإسكان السعودي إيجابياً في المدى البعيد، وذلك بفضل نمو الشعب السعودي الشاب، وارتفاع الدخل المتاح للإنفاق، والتوطن الحضري، وتزايد عدد الأسر النواة المستقلة، بالإضافة إلى إطلاق عدد من مشاريع إسكان كبرى تدعمها الحكومة.

وعلى الرغم من أن المستخدم يفضل بشكل متزايد الاستعانة بمتعهد خارجي للحصول على خدمات، الأمر الذي يشكل فرصة نمو رئيسية للاعبين في سوق إدارة المرافق السكنية السعودية، إلا أن تحدي يكمن في تأمين موارد بشرية محترفة وجيدة والاحتفاظ بها لا يزال عائقاً أمام نمو هذه السوق.

أما الدافع الآخر الذي سيساهم في نمو هذه السوق فهو التحول الحثيث نحو التسوق الإلكتروني عبر الإنترنت، ذلك أن حداثة سن شعب المملكة، وزيادة انتشار الهواتف الذكية، واهتمام الحكومة بالتجارة الإلكترونية، جميعها عوامل توجّه نزعة التسوق إلى شبكة الإنترنت.

التحديات والمخاطر في سوق تطبيقات الهواتف المحمولة لخدمات إدارة المرافق السكنية

ثمة حالياً تحديات متعددة لا بد من أن يتوخى رواد الأعمال الحذر بشأنها وأن يتخذوا الاحتياطات اللازمة لاكتساب حصة في السوق. ينشأ التحدي الأولي عن عدم توفر الملكية الفكرية المسجلة وتكنولوجيا البرمجيات الحصرية، ما يساهم في تدني حواجز الدخول إلى هذه السوق من المنظور الفني على الأقل. ولكن، كما الحال بالنسبة لعملاق سيارات الأجرة "أوبر"، فإن ميزة الأسبقية في هذا القطاع، وخدمة العميل خدمة متميزة، والتسعير المعقول، هي عوامل تمكن اللاعبين الرئيسيين من الاحتفاظ بحصتهم من السوق.

ومن جهة أخرى، يشكل ولاء العملاء والاحتفاظ بهم التحدي الأكبر. فعلى سبيل المثال كان أول اللاعبين تطبيق "بيتك" عام 2015، ومن ثم في نفس العام "مهارة"، تلتهما بعد فترة وجيزة ثلاث شركات أخرى عام 2016، ومن بعدها شركة واحدة عام 2017، وأخرى عام 2018، واثنتان عام 2019. وكلما ازداد هذا القطاع ربحية مع اعتماد المزيد من ملاك البيوت لتطبيقات إدارة المرافق السكنية، ازداد أيضاً عدد المنافسين الذين يتوقّع دخولهم إلى السوق.

علاوة على ذلك، ينبغي على لاعبي السوق التحلي بقدرة عالية على التكيف مع تغيرات سلوك المستهلك. فعلى سبيل المثال، بدأ المستهلكون يفضلون الخدمة المتوفرة فور طلبها بدلاً من انتظار الحصول على موعد مسبق. وعلى صعيد آخر، مع تأقلم السوق بشكل سريع مع تكنولوجيات الدفع الإلكتروني، بات يتعين على لاعبي السوق تبني خيارات الدفع هذه إلى جانب وسائل الدفع النقدي. تجدر الإشارة إلى أن سوق تطبيقات الصيانة لا تخضع لرقابة تنظيمية حالياً. فبعبارة أخرى، إن فرض ضرائب وسن قوانين جديدة قد يؤديان إلى ممارسة المزيد من الضغوط على هوامش الربح في المستقبل.

وتشمل قائمة التحديات والمخاطر الأخرى القضايا التنظيميّة، باعتبار أن المملكة العربية السعودية تمثل سوقاً غير منظمة. على الرغم من ذلك، فإن فرض ضرائب وسن قوانين جديدة قد يؤديان إلى ممارسة المزيد من الضغوط على هوامش الربح في المستقبل. وقد تؤثر أيضاً المخاطر المتعلقة بالائتمان على التدفقات النقدية للشركة وستدعو الحاجة إلى إدارة عملية جمع الأموال بحذر.

التوقعات المستقبلية بشأن سوق تطبيقات الهواتف المحمولة لخدمات إدارة المرافق السكنية

تندرج سوق تطبيقات الهواتف المحمولة لإدارة المرافق السكنية ضمن أكثر 10 أسواق تطبيقات نمواً في المنطقة. وقد تمكن اللاعبون الحاليون في هذه السوق من اكتساب حصة كبيرة منها، حسب بيانات تنزيل التطبيقات. إلا أن القيمة الفعلية لحصة السوق تتوقف على مدى الاحتفاظ بهؤلاء المستخدمين وعلى نشاطهم. وفي حين تنمو هذه السوق في المملكة العربية السعودية نظراً لتوفر ظروف ديموغرافية مواتية، فقد كان بتاريخ إعداد هذا التقرير، لا يزال العدد الإجمالي للاعبين في هذه السوق عشرة تقريباً. بيد أنه من المتوقع أن يزداد هذا العدد نظراً لتدني المعوقات أمام إمكانية دخول هذه السوق في المستقبل القريب، الأمر الذي يجعل من هذا القطاع فرصة واعدة لرواد الأعمال والمستثمرين على حد سواء. ونتوقع أن يواصل بعض اللاعبين الراهنين مسار نموهم بفضل ميزة الأسبقية التي يتمتعون بها، واستقطابهم بذلك لاستثمارات قيّمة مع توسيع الخدمات التي يقدّمونها وحجم قاعدتهم من العملاء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي