كيف تنجح الشركات العالمية في سوق السيارات الكهربائية في الصين؟

20 دقيقة
سوق السيارات الكهربائية
مصدر الصورة: إس تي آر/ غيتي إميدجيز

في السباق العالمي نحو الهيمنة على سوق السيارات الكهربائية، تحتل الصين الصدارة إذ تحوّل نفسها إلى مركز لثورة السيارات الكهربائية. تواجه شركات صناعة السيارات المتعددة الجنسيات التي تسعى إلى خوض المنافسة في الصين تحديات صعبة في سوق تهيمن عليها شركات محلية عملاقة تستمد تعزيزاتها من الدعم الحكومي والابتكار المستمر والتحليلات المحلية المعمقة، وكما قال الرئيس التنفيذي لصندوق التحوط المتخصص بالتكنولوجيا الصديقة للبيئة والمتطورة، سنو بول كابيتال (Snow Bull Capital)، تايلور أوغان، في حوار معي: "لم تعد المسألة تتعلق بديناميات السوق أو فهم احتياجات المستهلكين الصينيين، بل أصبحت مسألة تتعلق بالبقاء"، كما أن المخاطر التي تهدد الشركات العالمية لصناعة السيارات الكهربائية باتت اليوم أعلى بكثير مقارنة بالماضي، بحسب أوغان.

بناءً على مقابلاتي مع خبراء القطاع، والأبحاث التي تتناول الاقتصاد الصيني بوصفي زميلة باحثة في معهد السياسات التابع لجمعية آسيا (Asia Society Policy Institute)، فإن النجاح في هذه السوق المزدهرة والتنافسية يتطلب استراتيجية متعددة الجوانب. سيتعين على القادة تشكيل تحالفات استراتيجية مع الجهات الفاعلة المحلية في الصين لتحسين التكامل التكنولوجي والتغلب على التعقيدات التنظيمية، وتمكين الابتكار السريع والمحلي من خلال الاستثمارات الضخمة والذكية في البحث والتطوير، وبناء هوية محلية قوية من خلال التسويق المصمم خصوصاً للتأثير في المستهلكين الصينيين.

تشكيل تحالفات استراتيجية تتجاوز نطاق المشاريع المشتركة التقليدية

يمكن لتشكيل التحالفات الاستراتيجية مع الشركات المحلية أن يفتح أبواباً يصعب فتحها بأي طريقة أخرى أمام شركات صناعة السيارات العالمية. وكما قال لي أحد المحللين المخضرمين في صناعة السيارات الكهربائية، لم يتوقع أحد سرعة تزايد استخدام السيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة في الصين، فهو "يفوق التوقعات بكثير"، ولهذا يجب على الجهات الفاعلة العالمية أن تسعى إلى بناء الشراكات المحلية التي لا تؤمّن لها الوصول إلى السوق فقط، بل تسرّع أيضاً انتقالها إلى أساس هيكلي كهربائي بالكامل (أي المنصة الهيكلية الأساسية لصنع السيارة).

لكن هذه التحالفات مع الشركات المحلية ليست حلاً شاملاً، وتمثل الشراكة المشؤومة بين شركتي رينو (Renault) ودونغفينغ (Dongfeng) عبرة لمن يعتبر. فعلى الرغم من تأسيس رينو مشروعاً مشتركاً في 2013، واجهت العديد من التحديات مثل عدم توافق المنتجات مع احتياجات المستهلكين وبطء تكييفها معها. فسيارة رينو من طراز "سيتي كيه-زد إي" (City K-ZE)، المصنعة على أساس هيكلي هندي قديم، كان مصيرها الإخفاق في سوق تواقة إلى التكنولوجيا المتطورة. أدى هذا الخطأ، إلى جانب تركيز شركة رينو على الأسواق الساحلية المزدحمة بدلاً من الاستفادة من النجاح الأولي الذي حققته في المناطق الأقل تحضراً، إلى انسحابها من السوق الصينية.

على النقيض من ذلك، نرى أن شراكة شركة فورد (Ford) مع شركة كاتل (CATL) لصناعة البطاريات لترخيص تكنولوجيا كاتل من الجيل الجديد وبناء عملياتها الإنتاجية المحلية في ولاية ميشيغان؛ تمثل خطوة استراتيجية أذكى في محاولة لخفض التكاليف البالغة الأهمية وتسريع الانتقال إلى أسس هيكلية كهربائية بالكامل، على الرغم من بعض التحديات على الصعيد التنفيذي. يتيح هذا العمل التعاوني لشركة فورد أن تتجاوز نطاق المشاريع المشتركة التقليدية، لتعمل بدلاً من ذلك على ترخيص تكنولوجيا بطارية ليثيوم فوسفات الحديد (LFP) الأكثر فاعلية من كاتل، لتخفيف الاعتماد على بطاريات أكاسيد الكوبالت والمنغنيز والنيكل المكلفة، مع زيادة القدرة على إنتاج السيارات الكهربائية وزيادة أرباحها في الوقت نفسه. يمثّل أسلوب فورد استراتيجية ذات نطاق أوسع بين شركات صناعة السيارات العالمية للاستفادة من هيمنة الصين في سلسلة توريد البطاريات، وتشكيل شراكات استراتيجية من أجل الابتكار والحفاظ على قدرتها التنافسية في مجال السيارات الكهربائية، سواء على مستوى العالم أو داخل الصين.

يوضح التعاون بين شركتي تيسلا (Tesla) وبايدو (Baidu) قدرة التحالفات الاستراتيجية على التخفيف من صعوبات الامتثال التنظيمي وتحسين التكامل التكنولوجي. من خلال الاستفادة من خبرة بايدو في الذكاء الاصطناعي ومسح الخرائط بدقة عالية، نجحت تيسلا في طرح ميزة القيادة الذاتية الكاملة (FSD) في الصين، متجاوزة بذلك المشهد التنظيمي المعقد مع تعزيز ميزتها التنافسية. هذه الشراكة مكّنت تيسلا من تلبية المعايير الصينية للإبقاء على بيانات الخرائط المهمة جداً ضمن نطاق التداول المحلي للصين، ما يبرز الدور الحاسم للخبرات المحلية في التغلب على التحديات التنظيمية. وعلى الرغم من أن هذه التحالفات ليست حلاً شاملاً، كما يشير المحلل ونائب الرئيس في شركة غارتنر (Gartner)، بيدرو باتشيكو، فإنها ضرورية جداً لمعالجة الثغرات الكامنة الخاصة بشركات صناعة السيارات الأجنبية على صعيد البرمجيات وتكنولوجيا السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية (BEV) أو المعروفة باسم "السيارات الكهربائية بالكامل".

التعامل مع متاهة اللوائح التنظيمية

يمثّل التعامل مع المشهد التنظيمي في الصين جانباً معقداً لكنه حاسم للنجاح في سوقها المزدهرة للسيارات الكهربائية. فعلى الرغم من الالتزام الراسخ للحكومة الصينية برعاية صناعة السيارات الكهربائية المحلية من خلال السياسات الصديقة للابتكار وخلق الفرص للجهات الفاعلة الأجنبية على حد سواء، فلوائحها التنظيمية ما زالت غامضة. بالنسبة إلى شركات صناعة السيارات الأجنبية، فالتعاون الاستراتيجي مع السلطات أمر بالغ الأهمية، فهو يتيح لها توقع التحولات التي قد تشهدها السياسات ومواءمة استراتيجياتها مع الأولويات الوطنية.

يشير الباحث في جامعة برينستون، كايل تشان، إلى أن شركات صناعة السيارات العالمية يجب أن تستفيد من الاستثمارات العامة والخاصة الكبيرة التي جرى ضخها بالفعل في سلسلة توريد السيارات الكهربائية المحلية في الصين. لا تضمن هذه الاستراتيجية الامتثال التنظيمي وحسب، بل تستفيد أيضاً من دعم السياسات التي تعمل على تمكين شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية.

يمثّل نهج فورد الاستباقي دراسة حالة قيّمة، فمن خلال مواءمة عروضها مع الأهداف الوطنية مثل تخفيف الانبعاثات وتعزيز سلامة السيارة، والمشاركة الفعالة في الحوارات المتعلقة بالسياسات، تمكنت الشركة بمهارة من الاستفادة من الحوافز الحكومية لتعزيز مكانتها في السوق. إن إنشاء فريق العمليات الخاصة الذي يضم أفضل المهندسين من شركتي تيسلا وآبل (Apple) للمشاريع التجريبية الابتكارية، يؤكد التزام الشركة ببناء أسس هيكلية للسيارات الكهربائية تتمتع بفعالية عالية وأسعار معقولة ومصممة خصوصاً لتلبي المتطلبات الصينية الفريدة.

وعلى النقيض تماماً من ذلك، فقد تباطأت شركة هوندا (Honda) في التكيف مع المستجدات والتخلي عن مكمن قوتها التقليدي المتمثل في محركات الاحتراق الداخلي، ما أدى إلى إضاعة فرص عديدة للاستفادة من الحوافز الحكومية الموجهة نحو الشركات السباقة في تبنّي الأساليب والتكنولوجيات الجديدة. دفعت هوندا ثمناً باهظاً لارتكابها هذا الخطأ، فقد تراجعت مكانتها السوقية وأصبحت تواجه صعوبة بالغة في منافسة الشركات المنافسة المحلية والأجنبية التي كانت أسرع تكيفاً مع التوجهات الاستراتيجية للصين.

يضيف باتشيكو من شركة غارتنر أنه في حين تمكنت شركات صناعة السيارات العالمية والشركات المصنعة للمعدات الأولية (OEM) التي توفر القطع أو المكونات اللازمة للمرحلة النهائية من تصنيع السيارة، من التغلب على التحديات التنظيمية في أسواق أخرى، فإن التطور السريع في الصين يتطلب مستوى أكبر حتى من المرونة والمهارة في تحديد الأولويات.

إذا أرادت الشركات العالمية أن تتعامل مع سوق السيارات الكهربائية في الصين بفعالية، فعليها أن تبني علاقات راسخة مع السلطات المحلية والوطنية على حد سواء، بحيث توائم استراتيجياتها مع طموحات البلاد في مجال التكنولوجيا الخضراء ومجال التنقل في المناطق الحضرية. هذا النوع من المشاركة لا يوفر معلومات قيّمة حول التحولات المحتملة التي قد تشهدها السياسات فحسب، بل سيتيح للشركات أيضاً المساهمة في بلورة الحوارات المتعلقة بهذه السياسات. إن المشاركة في المبادرات التي تقودها الحكومة، مثل البرامج التجريبية للسيارات الذاتية التحكم ومشاريع البنى التحتية الذكية، تعمل على تعزيز قدرة الجهات الفاعلة العالمية على الاندماج في المنظومة الصناعية النشطة في الصين. يجب على هذه الشركات أيضاً أن تتنبه إلى الفرص الجديدة التي يحملها "اقتصاد الارتفاعات المنخفضة" (low-altitude economy) المتنامي -أي النشاطات الاقتصادية التي تعتمد على الطيران على ارتفاعات منخفضة (بحدود 1 كيلومتر) للطائرات المدنية المأهولة وغير المأهولة- التي تدعمها استثمارات مثل استثمار كاتل في شركة أوتوفلايت (Autoflight) واستثمار مدينة ووهان في مشاريع البنى التحتية الذكية بقيمة 2.4 مليار دولار.

بالنسبة إلى شركات صناعة السيارات العالمية، يمثّل الدعم القوي الذي تخصصه الصين لتكنولوجيات السيارات الذاتية التحكم مصدراً لفرص لا مثيل لها على صعيد الابتكارات. فاندفاع الحكومة في الترويج لتطوير تكنولوجيا القيادة الذاتية في مدن مثل شينجن وجينان يوفر بيئة خصبة لإجراء التجارب. اتخذت تيسلا قراراً استراتيجياً بأن توائم نظامها للقيادة الذاتية الكاملة (FSD) مع أهداف السياسات الصينية، ما مكّنها من تسريع تطوير نظامها بصورة ملحوظة. مع نجاح نظام تيسلا للقيادة الذاتية الكاملة في تسجيل أكثر من 2.5 مليار كيلومتر من المسافات المقطوعة على مسارات التدريب، يفرض هذا النظام مقياساً معيارياً تسعى الشركات الصينية مثل بايدو إلى تحقيقه وتجاوزه أيضاً، كما يتضح من خلال توسيع بايدو لأسطولها من سيارات الأجرة الذاتية القيادة. ومن خلال بناء شراكات مع الشركات التكنولوجية المحلية والاستفادة من المبادرات الصينية فيما يتعلق بالسياسات المنفتحة والمتطلعة إلى المستقبل، لم تنجح تيسلا في تلبية المعايير التنظيمية الصارمة فقط، بل نجحت أيضاً في تأمين مكانتها في ريادة تكنولوجيا القيادة الذاتية التحكم.

تمكين الابتكار السريع

في الصين، المراوحة في المكان ليس خياراً متاحاً، فالشركات مثل بي واي دي (BYD) ونيو (NIO) ولي أوتو (Li Auto) تحقق الازدهار من خلال تجاوز حدود الأفكار التقليدية في تطوير تكنولوجيا البطاريات، وتقنيات التواصل بين السيارات وإمكانات القيادة الذاتية التحكم. فقد أدى نموذج التكامل الرأسي في شركة بي واي دي -أي إنتاج معظم المكونات ضمن الشركة مع تركيز عالٍ على البحث والتطوير- إلى تحفيز الابتكار السريع لديها، ما أسفر عن مكاسب كبيرة على صعيدي التكلفة والفاعلية. يسلط تايلور أوغان الضوء على فريق البحث والتطوير الموسع في بي واي دي بوصفه عامل تمييز حاسماً، خصوصاً في مجال البرمجيات والذكاء الاصطناعي، حيث تجد شركات صناعة السيارات الأجنبية نفسها متأخرة عن الآخرين في أغلب الأحيان.

ولمواكبة هذه التطورات، على الجهات الفاعلة العالمية أن تمنح الأولوية للبحث والتطوير على المستوى المحلي. توضح مراكز الابتكار التابعة لشركة فولكس فاغن (Volkswagen) في الصين كيفية استفادة شركات صناعة السيارات الأجنبية من المنظومة المحلية المتكاملة، إذ تراقب السوق لتحديد التوجهات الناشئة وتفضيلات المستهلكين والاستجابة لها بسرعة. ونجاح شركة بي إم دبليو (BMW) الذي حققته مع سيارات الفئة الخامسة السياحية "سيدان" (5 Series Sedan) المخصصة للصين يوضح أيضاً قوة التوجه القائم على ترسيخ التوطين والابتكار بالاعتماد على القدرات المحلية. ومن خلال استخدام قواعد العجلات الطويلة وعناصر التصميم ذات الصلة بالثقافة الصينية مثل الأحرف الصينية المضيئة والتكنولوجيا المتقدمة المصممة لتناسب ظروف حركة المرور في الصين، نجحت بي إم دبليو في جذب اهتمام المستهلكين المحليين بفعالية.

تمثّل المرونة عاملاً حاسماً في هذه السوق الدائمة التطور أيضاً. فممارسة شركة نيو المتمثلة في التكرار المستمر على صعيد التعديلات والتحسينات عبر التحديثات اللاسلكية (من خلال شبكات الاتصال الخلوية والواي فاي على سبيل المثال) إلى الاعتماد على الملاحظات الواردة من المستخدمين في الحلول المقدمة، هي مثال واضح على الاستجابة اللازمة للنجاح في الصين.

يمكن لشركات تصنيع السيارات العالمية أيضاً أن تستفيد من خبراتها لتحفيز الابتكار. فالشركات مثل تيسلا وبي إم دبليو المشهورة بتكنولوجياتها الرائدة ودورها الرائد في تحديد معايير الصناعة، يمكنها أن تميز نفسها من خلال ميزات وتصاميم متقدمة، ما يتيح لها توفير عروض قيّمة وفريدة لعملائها في الصين. تسعى هذه الشركات من خلال دمج التكنولوجيات المتطورة في عملياتها العالمية، إلى الحفاظ على ميزتها التنافسية في مواجهة منافسيها المحليين.

بناء هوية محلية إيجابية

يتطلب الحضور المحلي الفاعل في الصين أكثر من مجرد إنشاء البنية التحتية، فهو يتطلب علامة تجارية تمتلك هوية متوافقة بصورة فعلية مع المستهلكين الصينيين. وكما تشير مؤسِّسة شركة ويفليت ستراتيجي (Wavelet Strategy)، آيفي يانغ، قد يكون المستهلكون الصينيون في بعض الأحيان "متقلبين ومتطلبين"، حيث تؤثر أذواقهم في سوق السيارات الكهربائية باستمرار. أدى السعي إلى تلبية هذه التفضيلات الدائمة التطور -بدءاً من نظام الكاريوكي داخل السيارة وصولاً إلى المقاعد المزودة بأنظمة التدليك- إلى تحول مبيعات السيارات الكهربائية من مبيعات مدفوعة بالحوافز الحكومية في المقام الأول إلى مبيعات مدفوعة بطلبات المستهلكين.

إن بناء الهوية بما يدعم تمييز العلامة التجارية في الصين يتجاوز نطاق جهود التسويق التقليدية، فهو يتطلب استراتيجيات مصممة خصوصاً حتى تساعد على تعميق الروابط مع المستهلكين وجعلها أكثر تفاعلية، مثل التفاعل المباشر مع الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية. يمكن توضيح هذا النهج من خلال الأساليب المبتكرة التي اتبعتها شركتا أودي (Audi) وكاديلاك (Cadillac) للتواصل مع سائقي توصيل الأطعمة؛ إذ اعتمدت الشركتان على مقاطع فيديو قصيرة انتشرت على نطاق واسع للتفاعل مع هؤلاء العمال، فتمكنتا من دمج منتجاتهما بسلاسة في نسيج الحياة اليومية الصينية. ومن خلال مشاريع الرعاية والعمل التعاوني، تمكنت الشركتان من التواصل مع المستهلكين مباشرة، من خلال مخاطبة الثقافة المحلية مع عرض الميزات التي تجعل سياراتهما موثوقة وعملية في البيئات الحضرية الصعبة.

يمكن لشركات صناعة السيارات العالمية أيضاً أن تستخلص دروساً قيّمة من نجاح الشركات الصينية في الأسواق الدولية. ففي المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، طبقت الشركات الصينية تعديلات خاصة على سياراتها المزودة بمحركات احتراق داخلي حتى تتحمل درجات الحرارة المرتفعة جداً، كما قدمت دعماً شاملاً لمرحلة ما بعد البيع، وبهذا حصلت على تعليقات إيجابية من المستهلكين. وقد عمدت بعض العلامات التجارية مثل تشانغان (Changan) إلى مواءمة استراتيجياتها مع رؤية السعودية 2030، حيث صممت سيارات تركز فيها على السلامة والتصاميم الحديثة سعياً منها لاستهداف الإناث من السائقين الجدد. بفضل هذا النهج المتمثل في مواءمة عروض المنتجات مع احتياجات الأسواق الناشئة والتوجهات الاجتماعية الجديدة، تمكنت الشركات من التغلب على الشكوك الأولية، وبناء مكانة متميزة لعلاماتها التجارية، ما مهد الطريق أمام طرازاتها الكهربائية.

وكما يشير كايل تشان، قد يكون تبادل المعرفة هذا مفيداً للطرفين. فمن خلال تكوين شراكات استراتيجية مع الشركات الصينية، يمكن لشركات صناعة السيارات العالمية الاستفادة من خبراتها الدولية في مساعدة الشركات الصينية على التوسع على الصعيد العالمي، وقد تجلى هذا في تعاون شركة ليبموتور (Leapmotor) مع شركة ستيلانتيس (Stellantis) في أوروبا.

نظرة إلى المستقبل

لتحقيق الازدهار في سوق السيارات الكهربائية في الصين، يجب على شركات صناعة السيارات العالمية إقامة شراكات استراتيجية لمواصلة التكامل التكنولوجي والتعامل مع تعقيدات المشهد التنظيمي، والاستثمار في عمليات البحث والتطوير المحلية لتسريع الابتكار، وبناء هوية للعلامة التجارية متوافقة مع المستهلكين الصينيين.

إن سوق السيارات الكهربائية في الصين ليست مجرد ساحة أخرى للمنافسة، بل هي السوق التي يجري فيها بناء مستقبل تكنولوجيات النقل، مثل القيادة الذاتية التحكم والسيارات الكهربائية. ومع أن المخاطر كبيرة، فإن المكافآت المحتملة كبيرة أيضاً لمن يستطيعون التفكير على المستوى المحلي والابتكار بسرعة والتنفيذ دون أخطاء في سوق السيارات الكهربائية الأكثر حيوية على مستوى العالم. مع استمرار الصين في تشكيل المشهد العالمي للسيارات الكهربائية، فإن الاستراتيجيات التي يجري تطويرها وصقلها هناك؛ من المرجح أن تصبح بمثابة مخططات عمل للنجاح في صناعة السيارات الدولية الأوسع نطاقاً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي