كيف يؤدي سوء إدارة الوقت إلى تراجع أدائك القيادي؟

6 دقيقة
زيادة المهام غير الضرورية
ماليراباسو/ غيتي إميدجيز

من المؤكد أنك لا تبدأ يومك بالتخطيط لإزعاج مرؤوسيك المباشرين، ولكن وفقاً لاستطلاع أجرته الجمعية الأميركية لإدارة الموارد البشرية (SHRM)، يعتقد 84% من الموظفين أن المدراء الذين يفتقرون إلى التدريب والخبرة يتسببون في زيادة الضغوط والمهام غير الضرورية، ومن أبرز المهارات التي يجب عليهم تحسينها هي إدارة الوقت وتفويض المهام. من خلال تجربتي مع العملاء الذين دربتُهم على مهارات إدارة الوقت، تبين أن سوء إدارة الوقت يمثل عاملاً بالغ الأهمية يؤثر في سوء الإدارة. قد يؤدي فشلك في تنظيم وقتك إلى إرهاق أعضاء فريقك وتحميله أعباء زائدة، بالإضافة إلى ظهور مشكلات طارئة وغير ضرورية وإهمال تقديم الدعم اللازم لهم.

إذا كنت تواجه صعوبة في إدارة الوقت، فمن المحتمل أن تنتقل التأثيرات السلبية لهذه المشكلات إلى أعضاء فريقك. قد تكون هذه التأثيرات بسيطة، على سبيل المثال، من الممكن أن يتقبل الفريق تأخرك المستمر عن الاجتماعات مدة 10 دقائق ويتعامل معها بروح الفكاهة. وفي أسوأ الحالات، قد تتسبب في إنهاك الأشخاص الذين يعملون تحت إشرافك. من خلال تجربتي في العمل على تدريب بعض العملاء على إدارة الوقت، لاحظتُ أنهم كانوا يعانون مشاعر القلق والاكتئاب وارتفاع ضغط الدم وخلل المفصل الصدغي الفكي (TMJ) ونوبات أمراض المناعة الذاتية بسبب المدراء الذين يواجهون صعوبات كبيرة في إدارة الوقت. على الرغم من تفانيك في العمل وحُسن نواياك، فمن الممكن أن تتسبب دون قصد في زيادة مستويات التوتر والإحباط لدى مرؤوسيك المباشرين. بصفتك مديراً، تقع على عاتقك مسؤولية الالتزام بمعالجة المشكلات والأخطاء المتعلقة بإدارة الوقت حفاظاً على مصلحتك ومصلحة فريقك؛ إذ سيؤدي ذلك إلى تقليل الضغط على أعضاء فريقك، كما أنه قد يؤثر في معدلات الدوران الوظيفي بطريقة إيجابية، نظراً لدور المدير الجيد في استبقاء الموظفين. حددتُ 5 جوانب أساسية يظهر فيها تقصير المدراء وضعفهم في إدارة الوقت، بالإضافة إلى طرق التغلب على هذه المشكلات، ففي نهاية المطاف، هناك دائماً فرصة للنمو والتغيير.

الخطأ الأول: تكليف أعضاء الفريق بمهام دون فهم واضح لقدارتهم

بصفتك مديراً، تقع على عاتقك مسؤولية تكليف أعضاء فريقك بالمهام وتفويض المسؤوليات بطريقة مناسبة، ولكن مع مرور الوقت، سيصل الموظفون إلى مرحلة يكونون فيها قد استنفدوا طاقتهم بالكامل أو ربما تجاوزوا قدرتهم الفعلية على أداء العمل المطلوب منهم. إذا لم تدرك أن أعضاء فريقك قد بلغوا أقصى طاقتهم، فإنك تخاطر بتحميلهم أعباء زائدة، ما قد يؤدي إلى ساعات عمل طويلة لا يمكن الاستمرار فيها على المدى الطويل دون أن تترتب عليها آثار سلبية خطيرة، بالإضافة إلى انخفاض جودة العمل، وقد يصل الأمر في بعض الحالات إلى شعورهم بالعجز نتيجة إحساسهم بأنهم معرضون للفشل.

يمكنك تجنب هذه المشكلات عن طريق إنشاء أداة أو نظام مركزي لتسجيل الأعمال التي يؤديها الأفراد والمهام التي فوضتها إليهم وما تبقى لديهم من قدرة وطاقة لتنفيذ المهام. يمكنك تحقيق ذلك من خلال إنشاء قائمة مهام مشتركة لكل مرؤوس مباشر وإضافة المهام الجديدة إليها، باستخدام أدوات مثل مهام آوتلوك (Outlook Tasks) أو تودويست (Todoist). أما إذا كنت تدير مشاريع كبيرة ومعقدة، فيمكنك تنظيمها وتوزيع المهام باستخدام أدوات مثل مايكروسوفت بروجيكت (Microsoft Project) وأسانا (Asana) ومنداي دوت كوم (Monday.com).  بعد ذلك، احرص على مراجعة نظام إدارة المهام هذا بانتظام مع فريقك. يمكن إجراء هذه المراجعة خلال الاجتماعات الأسبوعية مع الموظفين أو في الاجتماعات الفردية مع كل عضو في الفريق. وإذا أعرب أعضاء فريقك عن مخاوفهم، فلا تتجاهل ملاحظاتهم أو تتوقع منهم التعامل معها بأنفسهم، ساعدهم من خلال إرشادهم حول كيفية تحديد الأولويات ووضع الحدود وتحسين كفاءتهم.

الخطأ الثاني: طلب المساعدة في وقت متأخر بشأن المهام التي كنت على علم مسبق بها

يؤدي التسبب في مشكلات طارئة وغير ضرورية نتيجة عدم إبلاغ أعضاء فريقك بمهمة ما في وقت مبكر إلى تسريع تعرضهم للاحتراق الوظيفي.

بالطبع، هناك حالات يستحيل فيها تجنب المهام الضرورية والمفاجئة، ولكن في الحالات الأخرى، يمكنك تطبيق هذه الاستراتيجيات. بمجرد أن تعلم بوجود مهمة جديدة، اسأل نفسك: هل يمكنني تفويض هذه المهمة؟ إذا كانت الإجابة نعم، فاحرص على تفويضها بأسرع وقت ممكن. على سبيل المثال، يمكنك على الفور إرسال رسالة إلكترونية مرفقة بملاحظة تطلب فيها من مرؤوسك المباشر تحديد موعد لمناقشة كيفية تنفيذ المهمة.

بالنسبة للمشاريع الكبيرة، من المهم وجود خطة توجيهية شاملة توضح المنجزات التي يجب تسليمها والمراحل الرئيسية أو نقاط التقدم الأساسية في المشروع. إذا لم تكن هذه الخطة موجودة، فاعمل مع فريقك على إعدادها. من المهم إعداد وثيقة واضحة وموحدة تحتوي على المواعيد النهائية للتسليم والمهام التي يجب إنجازها بحلول تلك المواعيد والأشخاص المسؤولين عن تنفيذها والأطراف المعنية بالموافقة عليها قبل إنهائها واعتمادها. ستوفر هذه الخطة رؤية شاملة حول تقدم العملية والمرحلة التي وصل إليها كل فرد والأمور التي يجب تنفيذها لضمان إنجاز المشروع في الوقت المحدد.

بالإضافة إلى ذلك، ضع تذكيراً متكرراً في التقويم في نهاية كل ربع سنوي أو في نهاية كل شهر لمراجعة الخطط والالتزامات المستقبلية الأخرى، مثل العروض التقديمية للمستثمرين أو المؤتمرات. يساعدك ذلك على تفويض الالتزامات والمهام قبل أن تصبح حالات طارئة. من الأفضل دائماً أن تبلغ أعضاء فريقك قبل أسابيع أو حتى أشهر بضرورة إنجاز مهمة ما بدلاً من مفاجأتهم في اللحظات الأخيرة بأنك ستحضر مؤتمراً في الأسبوع المقبل وتحتاج إلى مجموعة شرائح من أجل العرض التقديمي.

الخطأ الثالث: عدم تحديد الأولويات أو وضع حدود واضحة مع الإدارة العليا

سيؤدي قبولك لكل ما يطلبه منك المدير إلى إرهاق أعضاء فريقك وتحميلهم أعباء زائدة والتزامات تفوق طاقتهم. من أفضل الطرق التي يمكنك من خلالها دعم فريقك هي أن تكون لديك رؤية واضحة حول المهام ذات الأولوية القصوى بما يتماشى مع الأهداف الاستراتيجية للمجال الذي تعمل فيه. (إذا كنت تستخدم الاستراتيجيات المذكورة أعلاه، فستكون قد أعددت هذه الخطط بالفعل).

إذا ظهرت مبادرات أو مشاريع جديدة، فلا تقبلها مباشرة بوصفها مهام إضافية، بل احرص على إجراء محادثة مع الإدارة العليا لمعرفة إذا كانت هذه المهام الجديدة أهم من المهام التي يعمل أعضاء فريقك على إنجازها بالفعل أو أقل أهمية. يمكنك أن تقول: "هذه فكرة رائعة، لكن بحسب معرفتي، فإن أولوياتنا الاستراتيجية لهذا الربع السنوي تشمل كذا وكذا وكذا، فهل طرأت تعديلات على أولوياتنا، أم أنه من الأفضل تأجيل هذه المبادرة الجديدة إلى الربع السنوي المقبل؟ أو يمكنك أن تقول: "يعمل فريقي بكامل طاقته حالياً، ما هي المهام التي تعتقدون أنه يمكن تأجيلها أو تخفيض أولويتها حتى نتمكن من تنفيذ هذا المشروع الجديد؟" ربما لا تنال هذه المواقف رضا المدراء دائماً، لكن فريقك سيكون ممتناً لذلك.

الخطأ الرابع: غياب التواصل المباشر وعدم التوافر

لا يفضّل معظم الأشخاص الإدارة التفصيلية؛ أي مراقبتهم أو التدخل في تفاصيل أعمالهم. لكنهم يريدون التأكد من قدرتهم على التواصل معك عندما يحتاجون إلى الدعم والتوجيه. خصص وقتاً في جدول أعمالك لإجراء اجتماعات فردية منتظمة مع أعضاء فريقك، واحرص على الالتزام بها، بحيث يشعرون بأن لديهم وقتاً مخصصاً لطرح أسئلتهم والحصول على الملاحظات وتنسيق الأولويات. يمكنك الاجتماع مع شخص ما عدة مرات أسبوعياً أو مرة واحدة شهرياً بناءً على احتياجاته. حاول جدولة هذه الاجتماعات في تقويمك بوصفها أحداثاً متكررة واحرص على عدم إلغائها إلا عند الضرورة القصوى.

بالإضافة إلى ذلك، خصّص ساعات للاجتماع في المكتب بحيث تكون متاحاً لفريقك سواء بالحضور الشخصي أو عبر الإنترنت. خصّص هذا الوقت لإنجاز المهام البسيطة مثل الرد على الرسائل الإلكترونية حتى تتمكن من تحويل تركيزك وانتباهك بسهولة إذا طلب أحدهم مساعدتك خلال هذه الفترة. أبلغ فريقك بكيفية التواصل معك في الحالات الطارئة وحاول أن تكون سريع الاستجابة قدر الإمكان. ليس من الضروري أن تكون متاحاً طوال الوقت، ولكن قد تكون هناك مواقف تتطلب منك الرد الفوري. في مثل هذه الحالات، أخبر فريقك بالطريقة المثلى للتواصل، سواء كانت عبر الرسائل النصية أو المراسلات الفورية أو أي طريقة أخرى.

الخطأ الخامس: الامتناع عن منح التقدير وتقديم الملاحظات الإيجابية

قد تشعر بأن الرد على كل عضو في الفريق حول كل مشروع هو مضيعة للوقت، لكن إظهار القليل من التقدير يمكن أن يكون له أثر كبير. تُظهر بيانات مؤسسة غالوب (Gallup) أن 80% من الأشخاص الذين تلقوا ملاحظات هادفة ومفيدة كانوا أكثر التزاماً وتفاعلاً في عملهم في الأسبوع التالي.

 إذا كنت تجد صعوبة في التعبير عن تقديرك لأعضاء فريقك والإشادة بجهودهم بسبب انشغالك، فابدأ بخطوات صغيرة لإظهار التقدير. يمكن أن يكون الأمر بسيطاً مثل تأكيد استلام مهمة منجزة وإرسال رسالة بسيطة تقول فيها: "شكراً جزيلاً، استلمت المهمة وسأعمل على مراجعتها". يمكن أن يساعد هذا الأمر في منع أعضاء فريقك من الشعور بالإحباط عندما يرسلون لك شيئاً ولا يسمعون أي رد من طرفك، ما يؤدي إلى اعتقادهم أنك غير مهتم بما أنجزوه أو أنك غير راضٍ عن أدائهم.

عندما تسنح لك الفرصة لمراجعة عمل ما وتشعر بأن أحدهم أنجزه بطريقة جيدة، قدّم له ملاحظات إيجابية إما شخصياً وإما من خلال رسالة. في بعض الأحيان يكون تركيزك منصبّاً على التحقق من مهمة ما ضمن قائمة مهامك والانتقال إلى المهمة التالية لدرجة أنك قد تنسى أن هناك شخصاً بذل جهداً كبيراً لإنجاز هذا العمل. لا تفترض أبداً أن موظفيك يعلمون أنك تقدّر جهودهم. أخيراً، احرص على منح التقدير لمن يستحقه في الوقت المناسب. 

خصّص بعض الوقت قبل العروض التقديمية للتفكير في الأشخاص الذين قدموا مساهمة كبيرة في إنجاز المشروع. عندما يكون الإنجاز نتيجة جهد جماعي، فإن الإشارة إلى ذلك يمكن أن تقلل بدرجة كبيرة من احتمالية شعور مرؤوسيك المباشرين بالاستياء.

إذا لاحظت وجود أحد هذه الأخطاء أو أكثر في أسلوبك وسلوكك الإداري، فقد حان الوقت لاتخاذ خطوات ملموسة لمعالجتها. عندما تنظم وقتك، ستتمكن من التعامل بواقعية واحترام مع أوقات أعضاء فريقك، كما ستتمكن من تقليل مستويات التوتر، وسيشكرك فريقك على التغييرات الإيجابية التي أجريتها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي