في أحد الأيام، وعلى هامش أحد المؤتمرات، طلب مدير شاب ذكي نصيحتي. قال لي معترفاً أنه جرب استخدام أساليب قيادة مختلفة، ولكنه لم يتمكن من تبديد شعور فريقه بالانفصال، وأضاف: “لا أدرك الخطأ الذي أقع فيه”.

نصحته أن يسأل فريقه مباشرة حول السبب.

يبدو أن هذه النصيحة فاجأته، لكنني أعتقد أن القيادة يجب ألا تكون معقدة. قلت في مقال سابق إنه من السهل جداً تبنّي سمات القيادة المثبتة عبر الزمن. مع ذلك، تؤكد التقارير الأخيرة تزايد الفجوة بين الفِرق ومدرائها. ما السبب؟

بناءً على حدسي، قررت إجراء استقصاء سريع لمتابعي على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، فطرحت سؤالاً عليهم على فيسبوك وإكس (تويتر سابقاً) ومنصة الوسائط الاجتماعية الداخلية لشركة آتش سي إل (HCL)، ميمي (Meme) : “ما الشيء الوحيد الذي تريد أن يتوقف مديرك عن فعله؟”.

فوجئت بالحجم الكبير من الردود التي تلقيتها. يبدو أن الجميع كان لديهم رأي في هذا الشأن وكانوا حريصين على التعبير عن أفكارهم عندما أتيحت لهم الفرصة. فيما يلي أهم النصائح:

كن صادقاً وصريحاً

يحظى هذا النهج المباشر بتقدير جيل الألفية الذي يفضل القادة الذين يتحدثون بصدق وصراحة ويسمون الأشياء بمسمياتها. نصح أحد الردود القادة: “سمِّ الأشياء بمسمياتها، وتوقف عن القلق بشأن إيذاء مشاعر الآخرين”. كان الرد التالي أكثر مباشرة: “توقف عن التظاهر باللطف الشديد وكن صريحاً بشأن عدم رضاك عن جهودي”، وذهب رد ثالث أبعد من ذلك: “دع أفراد فريقك يعرفون حقيقة موقفهم؛ سيجدون طريقة للنجاح إذا عرفوا نتائجهم ومستوى أدائهم”.

لا يريد موظفو اليوم رؤية غير واقعية حول أدائهم؛ لديهم الشجاعة لمواجهة إخفاقاتهم ونجاحاتهم ولا يقدرون التعليقات غير المباشرة أو الملتوية.

توقف عن إخباري بما أعرفه

أعرب المشاركون مراراً وتكراراً عن حاجتهم إلى قادة يعملون على تدريبهم وتمكينهم ودعمهم. كتبت سيدة شابة على فيسبوك: “امنحنا الحرية والتجارب العملية والتوجيه”، وهو ما تردد على تويتر من خلال تعليقات مثل: “تعلم التخلي عن بعض السيطرة، وأنشئ منصة لفريقك لأداء أعماله ودعمه من خلال تقديم التوجيه والدعم”.

ذكّرني بعض التعليقات بوجهة نظر أطفالي. غالباً ما تؤدي محاولة تعليم جيل اليوم الذي نشأ في بيئة غنية بالمعلومات وإمكانية البحث غير المحدودة إلى طمس الحد الفاصل بين الطالب والمعلم، فقد يخبر الطالب معلمه بمعلومات لم يكن يعرفها حقاً. لقد حان الوقت لينتقل القادة من مجرد توفير المعرفة إلى تمكين موظفيهم من التعلم والنمو.

ابقَ على المسار الصحيح، جسّد أقوالك في أفعالك

ازدهر عصر المدراء الذين يكتفون بإعطاء الأوامر زمناً طويلاً، لكن الموظفين يريدون الآن من القادة أن يجسدوا التغييرات التي يدعون إليها. إنهم يبحثون عن نماذج يحتذى بها، وهو ما كان واضحاً في تعليقات مثل: “التزم بما تقول وكن مثالاً يُقتدى به في ذلك. أحتاج إلى تأكيد أننا في هذه الرحلة معاً”، و”أزِل أي تناقض بين أفعالك وأقوالك لأنني بحاجة إلى الوثوق بك”.

يُعزى نجاح مهاتما غاندي بصفته قائداً إلى سماته الشخصية مثل الرؤية والشجاعة والقناعة والمثابرة، ولكن الحقيقة التي لا تُعرف جيداً أنه اتبع دائماً ما كان يعظ به.

تجنب المحسوبية وعامل الجميع على قدم المساواة

حتى لو تبنّت المؤسسات مؤشرات الأداء الرئيسية القائمة على الأهداف والنتائج القابلة للقياس، يجب على القادة التحقق مما إذا كانت هذه المقاييس تُطبق على الجميع على قدم المساواة. من التعليقات التي تلقيتها في هذا الصدد: “من غير المنصف الحكم على حصان وقرد بناءً على قدرتهما على تسلق الأشجار”، و”كافئ الأفراد بناءً على أدائهم، لا تملقهم”.

يرتقي بعض الموظفين على السلم الوظيفي للشركة بثبات على الرغم من ضعف أدائهم، وذلك بسبب شخصيتهم المحبوبة وقدرتهم على الحفاظ على علاقات جيدة دون الإساءة إلى الآخرين. كان ذلك شائعاً حتى ظهر التقييم بناءً على أهداف قابلة للقياس، لكن ما يدعو للأسف أن مثل هذه الحالات لا تزال تحدث، ومن الضروري في هذا الصدد تأكيد أهمية القياس والموضوعية في تقييم الأداء.

لا تكن مديراً، بل كن قائداً

طالبت التعليقات بصورة جلية بقادة يقدّرون موظفيهم ويتعاطفون معهم ويستحقون الاحترام. كتب أحد الشباب على فيسبوك: “قُد بالقدوة لا بالقواعد الصارمة”. وأضاف آخر: “توقف عن محاولة السيطرة على الموظفين”. وقال مشارك ثالث مقتبساً عن قطب تجارة التجزئة الأميركي، غوردون سيلفريدج: “يبث المدير الخوف، ويبث القائد الحماس”.

هذه ليست حالات فريدة أو نادرة. وفقاً لمؤشر كيلي العالمي لقوة العمل الذي صدر في سبتمبر/أيلول من عام 2012، ودرس انفصال القيادة في 30 بلداً، فإن 38% من الموظفين فقط كانوا راضين عن أساليب القيادة التي تتبعها إدارتهم. لذلك إذا لاحظت تراجعاً في حماسة فريقك، فقد لا يكون ذلك بسبب الظروف الاقتصادية بالضرورة، ولعله من الضروري التحقق من مدى توافق أسلوب قيادتك مع توقعات فريقك.

إذا كان ذلك ممكناً، فما رأيك في أن تبدأ اجتماع فريقك صباح أول يوم بعد العطلة بسؤال بسيط: ما الشيء الوحيد الذي تريدني أن أتوقف عن فعله بصفتي مديرك؟ يمكن أن يكون اعتماد هذه الممارسة قراراً مفيداً للعام الجديد.