يكفل الانتصار مزايا تجعل الاستمرار على درب النجاح مهمةً أيسر، سواءً كان في منافسة في الألعاب الأولمبية كل 4 سنوات أو في حياة العمل اليومية.

لكي أفهم النجاح المستدام، قارنت الفائزين الدائمين بالخاسرين على المدى الطويل في المنافسات الرياضية للمحترفين والهواة، ثم طابقت النتائج مع دراسات حالة على شركات في كتابي “الثقة” (Confidence). أما المنافسات الرياضية فكانت عبارة عن مزيج تنوع ما بين كرة القدم للسيدات، وكرة السلة الجامعية للرجال والسيدات، ودوري البيسبول الرئيسي، وكرة القدم الأميركية، ومباريات الكريكيت الدولي، وهوكي الجليد في أميركا الشمالية.

وتبين لي أن الانتصار يحقق لصاحبه 10 مزايا مهمة، وأن القائد الذكي يستطيع تنمية تلك المزايا والاعتماد عليها لتحقيق النجاح التالي.

1. المزاج الجيد

من الواضح أن الانتصار يرفع روح صاحبه المعنوية، على نقيض ما يشعر به المرء عند الفشل. العواطف تؤثر في الأداء. يبث المزاج الإيجابي طاقة بدنية ويعزز المقاومة عقب الإخفاقات. في حين يتعلل الخاسر بأي عذر لكي يتوقف، يستمر الفائز في بعض الأحيان في اللعب حتى عند إصابته، بدعم من ارتفاع معنويات المنتصر. كما أدرك الطب النفسي أن الحالة المزاجية معدية، وأن بهجة المنتصر تنتقل إلى من حوله، في حين أن حزن المهزوم معد.

2. الوضع الجذاب

ينسحب الفاشل مبكراً، ولا فارق هنا بين مباراة كرة قدم يخوضها أطفال أو مكتب في شركة، بينما يبقى الفائز في المضمار. تبين دراساتي تراجع نسبة التغيب أو التأخير في الشركات المعروفة بنجاحاتها. كما أن هناك قدر أكبر من التضامن، وهذا لأن الموظفين يقضون وقتاً أطول معاً في جو يملؤه الشعور بالرضا عما يمكنهم إنجازه. وتتيح تمضية المزيد من الوقت معاً فرصاً أكبر لتبادل المعلومات والخبرات والتوجيه والنصح.

3. التعلم

توجه الخاسر دفاعي بالأساس، ولن يود سماع أي شيء عن إخفاقاته، فيتحاشى الآراء والتعليقات. في حين يرحب الفائز غالباً بمناقشة الأخطاء ويتقبل الآراء السلبية، إذ يشعر بالارتياح لأنه قادر على الفوز. ولما كان واثقاً من إمكانية الفوز، فهو يعتبر التدريب درباً إلى تحقيق نتيجة إيجابية، وليس عقاباً. يمثل التدريب أهمية جوهرية لدى الرياضيين. وغالباً ما يكمن النصر في القدرة على إتقان التفاصيل؛ كما تبين لطالب سابق في دراسات أجراها على السباحين الذين تأهلوا للأولمبياد والذين لم يتأهلوا، فقوام التميُز هو أن تُصبح متمرساً في تنفيذ العديد من الإجراءات والحركات الروتينية البسيطة ثم العمل على تحسينها.

4. حرية التركيز

كما يعلم لاعب الغولف أو لاعب التنس، يجب أن تبقي عينيك على الكرة. يعاقب الخاسر نفسه ذهنياً في الغالب، أما الفائز فقلما يتشتت انتباهه. لقد حقق محترف الغولف تايغر وودز لقب كل بطولة شارك فيها، تقريباً، إلى أن تعرض لمشاكل شخصية أوقع نفسه بها، أعقبتها الخسارة في الملعب.

5. ثقافة الاحترام المتبادل الإيجابية

يدرك من يلعب في فريق رياضي أن الانتصار يمهد الطريق أمام الاحترام والاستماع المتبادلين بين أعضاء الفريق، لأنه انتصار جماعي في نهاية المطاف ومن المفترض أن الجميع يقدمون أداءً ممتازاً. تبقى طموحات الفائز عالية، ويتعامل مع الآخرين بسخاء، في حين يميل الخاسر إلى لوم الآخرين والتقليل من شأنهم ليصنع ثقافة توزيع الاتهامات والصراعات الداخلية.

6. منظومة دعم قوية

يقف وراء الأداء العالي للرياضي أو الفريق منظومة كاملة من المدربين والأصدقاء والجمهور، تعمل على إبقاء جذوة الدوافع متقدة. يوسع الفوز دائرة الداعمين المشجعين، في حين تقوضها الخسارة. فمثلاً، اعتادت مشجعات فريق كرة قدم جامعي متواضع للغاية مغادرة الملعب بين شوطي المباراة؛ عندما يجد الفريق أن اليأس قد دب حتى في مشجعاته، فأنى له الاستعداد للمباراة المقبلة؟

7. تغطية إعلامية أفضل

لا يتميز الفائز عن الخاسر بضجيج الانتصار فحسب، بل بالرواية الإيجابية عن ماضيه ومستقبله أيضاً؛ للنصر وهجه الجذاب الذي يضفي بريقه على كل شيء، بينما توجه الخسارة المراقبين والمحللين إلى البحث عن أسباب في نسخة من الماضي أعيدت صياغتها لتجعل الخسائر المستمرة تبدو حتمية.

8. تلقي دعوات لحضور أفضل الحفلات

أجل! توجه الدعوة للفائز للحضور إلى البيت الأبيض أو قصر بكنغهام أو أي مؤتمر أو معرض شهير؛ فيتاح له بناء شبكات علاقات ومعارف مهمة تعود عليه بالفائدة وتبقي على زخم الفوز وتعززه، مثل تلقي معلومات مهمة قبل غيره أو عقد صفقات أفضل. هل يفكر أحد في دعوة خاسر؟

9. تحديد المصير

للفائز سيطرة أكبر على مصيره، وكثيراً ما نقول، “لماذا تعبث مع النجاح؟” الفائز لا يمسه أحد، ويكتسب حصانة من نوع خاص (حتى ولو كانت التبعات مأساوية أحياناً، كما جرى في فريق بين ستيت، وواقعة غرف الملابس التي غُض الطرف عن التحقيق فيها). بينما يلفت الخاسر الانتباه بمعناه السلبي؛ فهو مثقل بمحاولات “المساعدة” من اللجان الخاصة ومن خلال عمليات التدقيق والمراجعات والزوار المتكررين، ليس هذا وحسب، بل يمضي الخاسر أوقاته في الاجتماعات بدلاً من التدرب على الارتقاء بالأداء وتحسينه.

10. الاستمرارية

الخسائر المتوالية لها ثمنها الباهظ. مدربون جدد، واستراتيجيات جديدة؛ من قبيل تردد شركة آتش بي بين التركيز على الأجهزة أو التركيز على البرمجيات أو تخلص شركة ياهو المستمر من الرؤساء التنفيذيين. يستنزف المعدل المرتفع لتعاقب الموظفين الوقت والتركيز. ومع تخصيص المزيد من الوقت لتعيين موظفين جدد، لن يكون هناك سوى قليل من الوقت لتنفيذ استراتيجية بعينها. وسوف تصعب العودة إلى درب الانتصار قبل أن تستقر الأوضاع. يمتلك الفائز ترف تنفيذ استراتيجيات طويلة الأمد والتخطيط لتعاقب منظم،

وفي النهاية، تتوقف سلسلة الانتصارات حالما يفرط الفائز في الثقة، فينزلق إلى فخ الغطرسة أو الرضا عن النفس، أو حين يرتفع مستوى المنافسة. إلا أنه بمقدور القائد الاستفادة من مزايا الفائزين لتشجيع الروح الإيجابية والتركيز المنضبط والاحترام المتبادل والتدريب الكثير على التفاصيل، وتبني أنظمة الدعم الدائمة التي تزيد من فرص النجاح والعودة إليه.