4 سلوكيات تساعد القادة على الإدارة خلال الأزمات

6 دقائق
سلوكيات للإدارة خلال الأزمات

لقد تغيّرت أدوار قادة الشركات ومسؤولياتهم بشكل كبير في الأسابيع القليلة الماضية، فقد كان الرؤساء التنفيذيون وغيرهم من المسؤولين التنفيذيين في الشركات عالية النمو يركّزون على تعزيز الابتكار وزيادة الإيرادات وكسب حصة سوقية قبل أزمة "كوفيد -19"، في حين يجب على العديد من هؤلاء القادة اليوم اتخاذ قرارات سريعة بشأن التحكم في التكاليف والحفاظ على السيولة. وقد يواجهون عقبات غير متوقعة تُغيّر نطاق أدوارهم وأولوياتهم بشكل كبير، مثل ظهور مشكلات في سلاسل التوريد ونقص في الفرق والتحديات التشغيلية. وفي الوقت نفسه، يحاول هؤلاء القادة وفرقهم تجاوز مخاوف تتعلق بالصحة والسلامة، ويعملون عن بُعد، ويقدّمون الدعم لأُسرهم في ظل انتشار الجائحة، ولهذا إليكم سلوكيات للإدارة خلال الأزمات الراهنة.

لا يُعتبر هذا التحوّل سهلاً، حيث سيجري اختبار هؤلاء القادة في مجالات لم يطوروا فيها مهاراتهم القيادية بشكل كامل، وهو ما يزيد من صعوبة منحنى التعلم، وقد يكونون بحاجة إلى الحصول على تدريب من مدرائهم ومن الآخرين.

سلوكيات للإدارة خلال الأزمات

وبعد إجراء أكثر من 21,000 تقييم للقيادة على المسؤولين في المناصب التنفيذية العليا، أدرك فريق البحث لدينا في شركة "جي آتش سمارت" (ghSMART) أن تجاوز الأزمة يتطلب من القادة تطوير أربعة سلوكيات في أنفسهم وفي فرقهم، حيث يجب عليهم تفضيل السرعة على الدقة عند اتخاذ القرارات، وأن يتكيفوا مع الوضع بشجاعة، وأن يتحملوا المسؤولية، وأن يُشركوا الآخرين لضمان فاعلية التأثير. وقد ترشدك الأساليب أدناه في أثناء تدريب قادتك على هذه السلوكيات الرئيسة.

اقرأ أيضا: فن إدارة الأزمات

السلوك 1: تفضيل السرعة على الدقة عند اتخاذ القرارات

تتغيّر الظروف يوماً بعد يوم، وساعة بعد ساعة، وهو ما يدفع أفضل القادة إلى معالجة المعلومات المتاحة وتحديد القضايا الأكثر أهمية بسرعة واتخاذ القرارات عن قناعة. لكن غالباً ما يلوح عبء العمل المعرفي خلال الأزمات، ذلك أن المعلومات تكون غير مكتملة، وقد تتعارض المصالح والأولويات، وتتصاعد مستويات العواطف والقلق. ومن المحتمل أن يتفاقم الشلل التحليلي بسهولة بسبب الميل الطبيعي للمؤسسات المصفوفة لإيجاد توافق في الآراء. ويجب على القادة تخطي حالة القصور الذاتي من خلال التركيز على القضايا القليلة الأكثر أهمية بهدف الحفاظ على استمرارية الأعمال التجارية اليوم وزيادة احتمالات النجاح على المدى المتوسط إلى الطويل. ويُعتبر وجود إطار عمل بسيط وقابل للتطوير لصناعة القرار أمراً بالغ الأهمية.

يجب عليك أنت وقادتك:

  • تحديد الأولويات. حدّد الأولويات الثلاثة إلى الخمسة الأكثر أهمية وشاركها، وقد تشمل هذه الأولويات بداية الأزمة الحفاظ على سلامة الموظفين ورعايتهم، ومعالجة أزمة السيولة المالية، والاهتمام بالزبائن، والحفاظ على الاستمرارية التشغيلية. وثّق القضايا التي قمت بتحديدها، وتأكد من أن أسلوب القيادة متوائم معها تماماً، وقم بإجراء تعديلات على المسار مع تطور الأحداث.
  • قم بإجراء مقايضات ذكية. ما هي النزاعات التي قد تبرز بين الأولويات التي حددتها؟ وبين القضايا العاجلة والقضايا المهمة؟ وبين استمرارية العمل اليوم والنجاح في المستقبل؟ يستخدم أفضل القادة أولوياتهم باعتبارها آليات تقييم لفرض المقايضات بدلاً من التفكير في جميع الاحتمالات.
  • تحديد هوية صنّاع القرار. حدّد هوية الموظف المسؤول عن كل مهمة من مكتب القيادة المركزية الخاص بك، ومكّن موظفي الخطوط الأمامية من اتخاذ القرارات حيثما أمكن، وحدد القضايا التي يجب تصعيدها ووقت تصعيدها وهوية الأفراد التي يجب تصعيد هذه القضايا إليهم، ومن الضروري أن تحثّ على اتخاذ القرارات من القاعدة وليس من القمة.
  • اتخذ الإجراءات، ولا تعاقب على الأخطاء. من الطبيعي أن تحدث الأخطاء، لكن بحوثنا تشير إلى أن الفشل في اتخاذ الإجراءات هو أمر أسوأ بكثير.

السلوك 2: تكيّف مع الوضع بشجاعة

عادة ما يحاول القادة الأقوياء الاستعداد مسبقاً للظروف المتغيرة، فيبحثون عن مدخلات ومعلومات من مصادر متنوعة، ولا يخشون الاعتراف بما يجهلونه، ويلتمسون مشورة خبراء خارجيين عند الحاجة.

يجب عليك أنت وقادتك:

  • اتخاذ قرارات بشأن القضايا التي لا تودون مناقشتها، وتأجيل المبادرات والنفقات الكبيرة وتحديد الأولويات بجدية، ومشاركة الخيارات "التي لا تنوون تنفيذها".
  • التخلص من الدليل الإرشادي القديم. قد لا تكون الإجراءات التي حققت نجاحاً في الماضي مناسبة اليوم، بل يتمتّع أفضل القادة بالقدرة على التكيّف بسرعة وتطوير خطط جديدة للهجوم.
  • تكوين علاقات مباشرة بموظفي الخطوط الأمامية أو تعزيزها. من الضروري عند تحديد الأولويات الحصول على صورة دقيقة وحديثة لما يحدث على أرض الواقع. ويجب على القادة الحصول على تقييمات لوضع شركاتهم في وقت مبكر وبشكل متكرر، سواء كانوا يُديرون سلسلة توريد أو شركة لإدارة النفايات أو يُشرفون على شركة أدوية. وتتمثّل إحدى طرق الحصول على تقييم لوضع الشركة في إنشاء شبكة من القادة المحليين والمؤثرين الذين يمتلكون معرفة عميقة حول تأثير الأزمة ومشاعر الزبائن والموردين والموظفين وأصحاب المصلحة الآخرين. ويمكن للتكنولوجيا أن تجمع جميع الأطراف معاً، مثل "شبكات الويكي" الداخلية التي تتناول المشكلات والحلول والابتكارات وأفضل الممارسات. كما من الضروري أن يُحكم القادة سيطرتهم على جميع بيئات العمل التي يشرفون عليها.

السلوك 3: تحمّل المسؤولية

يتمتّع أفضل القادة بقدرة على تحمل مسؤولية قراراتهم في ظل الأزمات، على الرغم من أن العديد من التحديات والعوامل تقع خارج نطاق سيطرتهم، فتجدهم يعملون على تنسيق تركيز الفرق، ووضع مقاييس جديدة لمراقبة الأداء، وخلق ثقافة قائمة على تحمّل المسؤولية.

يجب عليك أنت وقادتك:

  • البقاء في حالة تأهب بهدف متابعة قائمة الأولويات اليومية. يجب على القادة توثيق أهم الأولويات الخمسة بشكل موجز في حوالي نصف صفحة أو أقل، والتأكد من عدم تعارضها. كما يجب عليهم مراجعة الأداء مقابل هذه الأولويات بشكل متكرر، إن لم يكن يومياً أو أسبوعياً، والتأكد من مشاركة هذه المعلومات مع المرؤوسين المباشرين. ومن المهم مراجعة "قائمة

    الأولويات" وتحديثها نهاية كل يوم أو أسبوع.

  • تحديد مؤشرات الأداء الرئيسة والمقاييس الأخرى لقياس الأداء. اختر ثلاثة إلى خمسة مقاييس من مقاييس الأداء الأكثر أهمية لكل أسبوع واطلب من القادة إعداد تقارير منتظمة حول كل منها.
  • الحفاظ على سلامة العقل والجسد. يجب على القادة الحفاظ على اتزانهم حتى عندما يفقد الآخرون أعصابهم، وذلك بهدف تحمّل كامل المسؤولية. ومن الضروري وضع روتين ثابت للرعاية الذاتية، بمعنى اتباع نظام غذائي صحي أو ممارسة الرياضة أو التأمل أو أي شيء مناسب، فضلاً عن ضرورة الحفاظ على طاقاتهم وتلبية احتياجاتهم العاطفية واللجوء إلى آليات التكيّف.

السلوك 4: إشراك الآخرين لضمان فاعلية التأثير 

لا توجد وظيفة أكثر أهمية من رعاية فريقك في أوقات الأزمات. عادة ما يتفهّم القادة الفاعلون ظروف فرقهم والأمور التي تشتت انتباههم، إلا أنهم يجدون طرقاً للتواصل معهم وتحفيزهم ومشاركة الأهداف والمعلومات الجديدة المهمة معهم بشكل واضح وشامل. لكن من الضروري إيلاء هذه النقطة مزيداً من الاهتمام اليوم، ذلك أن جائحة "كوفيد -19" هي أزمة صحية ومالية على حد سواء. ويجب على قادتك تكرار الأولويات الجديدة بشكل منتظم لضمان التواؤم المستمر في ظل هذا الوقت الذي يشهد تغييراً مستمراً ومثيراً للقلق.

يجب عليك أنت وقادتك:

  • التواصل مع أعضاء الفرق الفردية. تواصل يومياً للتحقق من وضع خمسة أفراد على الأقل، وخصص وقتاً لإجراء هذا التقييم في جدول مواعيدك. استفسر عن أمورهم الشخصية أولاً ثم ركز على العمل. على سبيل المثال، اعتاد أحد القادة الذين نعرفهم عقد جلسات "استراحة" مدة 30 دقيقة مع مرؤوسيه المباشرين بعد ظهر أيام الجمعة عبر منصة "زووم"، حيث يشارك الموظفون في هذه الجلسات مشاعرهم جنباً إلى جنب مع النقاط الإيجابية والسلبية البارزة التي حصلت معهم خلال الأسبوع.
  • فكّر في كيفية إشراك الفرق. عندما ينهار التواصل ويتّخذ القادة قراراتهم دون تدخل الفرق، يحصلون على نتائج دون المستوى، وهو وضع قد يحدث بسهولة عندما تنتقل الشركة إلى العمل عن بُعد.
  • اطلب المساعدة عند الحاجة. يُدرك أفضل القادة أنهم لا يستطيعون القيام بكل شيء بأنفسهم، وهو ما يدفعهم إلى تحديد هياكل الفرق ويخصصون موظفين تنطوي مهامهم على دعم الجهود الرئيسة.
  • ضمان التركيز على كل من الزبائن والموظفين. لدعم الزبائن: تواصل معهم دون أن تسبّب لهم أيّ إزعاج، وتقصى معلومات عنهم ووثّقها ضمن قاعدة زبائنك. ومن المهم أن تتوقف عن التركيز على نفسك وأن تفكّر في كيفية مساعدة زبائنك بغية تعزيز العلاقات وبناء الثقة معهم، على سبيل المثال، يمكنك إعداد جداول زمنية لموعد دفع المستحقات بهدف تخفيف أزمة السيولة التي تواجههم أو تقديم خدمات مجانية أو عينية لهم. لدعم الموظفين: مارس القيادة بتعاطف وركّز على السلامة والصحة، فالتعاطف يؤتي ثماره في ظل الأوقات العصيبة. وابحث عن طرق لتقديم المساعدة المادية لموظفي الخطوط الأمامية الذين لا يمكنهم العمل عن بُعد، مثل المستجيبين الأوائل، والموظفين في خدمات البريد، وجامعي القمامة.
  • اجمع أمثلة عن الرسائل الإيجابية وقصص النجاح وأعمال الخير والعقبات التي جرى التغلب عليها وشاركها. عادة ما ترتبط مهام العديد من الشركات بهدف نبيل، مثل إنقاذ الأرواح أو تصنيع المعدات الطبية أو مساعدة الأسواق في العمل بكفاءة أكبر أو توفير المتعة. احتفِ بأبطالك اليوميين، الذين قد تجهلهم غالب الظن، مهما كان هدفك. وتذكّر أن الحفاظ على الإنتاجية في ظل هذه الأوقات هو أمر بطولي.

درّب فريقك على قيادة الأزمات

بصفتك قائداً للقادة، قد تختلف أولوياتك وتتغير باستمرار دون وجود وقت كاف لاتخاذ إجراءات، لكن يمكن لبعض الاستثمارات الصغيرة في الدعم والتوجيه أن تؤدي دوراً هاماً في تعزيز فاعلية قادتك.

وفي نهاية الحديث عن سلوكيات للإدارة خلال الأزمات الراهنة، تكشف الأزمات عادة عن قدر كبير من المعلومات عن القادة الذين يعملون في مناصب أدنى منك. لذلك، بمجرد أن تُحكم السيطرة على المشكلات الفورية، فكّر في هوية القادة الذين سطع نجمهم في تلك الأحداث وفي هوية القادة الذين اضمحلت قواهم وسبب ذلك، وفكر في كيفية تغيّر الأدوار في عالم ما بعد الأزمة، وما إذا كان المسؤولون التنفيذيون الرئيسيّون في وضع يمكّنهم من تحقيق النجاح. أخيراً والأهم من ذلك كله، فكّر في هوية من ترغب في وجوده إلى جانبك في أثناء الأزمة الحالية وفي الغد الذي طال انتظاره عندما ننتقل إلى الوضع الجديد.

اقرأ أيضاً: 10 أسئلة ستساعدك على إنقاذ نفسك وشركتك من أضرار أزمة كورونا

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي