إعادة النظر في سلسلة التوريد الخاصة بك في عصر الحمائية

4 دقائق
إدارة سلاسل التوريد

إليك هذا المقال الذي يتحدث عن إدارة سلاسل التوريد تحديداً. قضت معظم الشركات الأميركية والأوروبية الأعوام الـ 20 الماضية وهي تُركز على عدد متزايد من مصنوعاتها في شرق آسيا لخفض التكاليف من خلال استغلال فرص التمايز العمّالي والوفاء بالتزامات تلك السوق سريعة النمو. لقد حان الوقت لتعيد هذه الشركات النظر في إدارة سلاسل التوريد والاستراتيجيات الخاصة بها، حيث يتوجب التأقلم مع الوقائع الاقتصادية الجديدة فضلاً عن الشكوك الاقتصادية والسياسية لجعل سلاسل التوريد الخاصة بها أكثر مرونة.

إدارة سلاسل التوريد

تُعزى الحاجة لإعادة النظر في إدارة سلاسل التوريد إلى ثلاثة أسباب:

تَقلص مزايا التكلفة في شرق آسيا. ارتفعت نسبة الصناعات العالمية الجارية في آسيا (مقاسة بالقيمة المضافة) من 29% في العام 2000 إلى 45% في العام 2015، وما فتئنا نُحذر لسنوات من بلوغ هذا التحول درجة مفرطة ومن حثه الشركات العالمية على إعادة النظر في حضورها التصنيعي والتوريدي (راجع عودة الصناعات إلى أميركا Made in America, Again والاقتصادات المتغيرة للصناعات العالمية  Shifting Economics of Global Manufacturing).

إدارة سلاسل التوريد

تمثلت وجهة نظرنا في مساهمة مجموعة من التوجهات في توفير فرص متكافئة في أنحاء العالم، وتشمل زيادات سنوية في تكاليف العمالة بنسب تتراوح ما بين 15% و20% من دون تعويض النمو في الإنتاجية ضمن الدول المصنعة العملاقة مثل الصين، والطاقة الرخيصة في أميركا الشمالية المتاحة بواسطة التصديع الهيدروليكي، وتصاعد تعقيدات وتكاليف إدارة سلاسل التوريد العالمية. في العام 2004، كانت تكاليف التصنيع على الساحل الشرقي للصين أقل وسطياً بحوالي 15 نقطة مئوية منها في الولايات المتحدة الأميركية، وانخفضت تلك الفجوة في العام 2016 لتصبح نقطة مئوية واحدة تقريباً. أثارت هذه التوجهات اهتماماً كبيراً في إعادة دعم عودة الإنتاج إلى أميركا الشمالية والاستعانة بمصادرها، ومن الأمثلة البارزة على ذلك التزام شركة وول مارت بتوفير 250 مليار دولار أميركي من المنتجات المصنوعة أو المجمعة أو المزروعة في الولايات المتحدة الأميركية.

أوجه التقدم في تقنيات التصنيع. يقف التصنيع على أعتاب ثورة الروبوتات، وتشير تقديراتنا إلى أن الروبوتات قد تحل محل 50% من المهام المنجزة في المصانع حالياً أو تعززها على نحو فاعل من حيث التكلفة، ومع انتشار الروبوتات وتقنيات التصنيع المتطورة الأخرى خلال السنوات العشر المقبلة، ستستمر الفروق في تكاليف التصنيع العالمية بالانخفاض، مسرعة "إعادة توطين" سلاسل التوريد – ما يعني أن العديد من الشركات ستزود الأسواق الإقليمية ببضائع حصلت على معظمها من داخل تلك المنطقة.

الانتقال إلى الحمائية. الدليلان الأساسيان اللذان استندنا إليهما هما تصويت المملكة المتحدة على الخروج من الاتحاد الأوروبي وفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، ولكن قد تكون هذه البداية فحسب، حيث يتضافر هذا كله مع مستوى غير مسبوق من الشكوك حيال السياسات التجارية وتأثيرها. لنبحث فكرة الضريبة على الحدود الأميركية التي طرحها الرئيس ترامب. من شأن سياسة من هذا القبيل أن تؤثر بشكل كبير على الشركات العاملة داخل الولايات المتحدة الأميركية، وقد تشهد بعض شركات البيع بالتجزئة (التي تعد من كبار المستوردين) انخفاضاً في صافي أرباحها بنسبة تقارب 80%، في حين قد تشهد الجهات المصدرة للبضائع المصنعة ارتفاعاً كبيراً في صافي أرباحها بنسبة 50% أو أكثر (راجع هذه الأدلة). على الرغم من ذلك، لا تزال إمكانية وكيفية تطبيق سياسة مماثلة غير مؤكدة؛ وكذلك تأثيرها على أسعار الصرف وعدد كبير من السياسات الأخرى التي من شأنها التأثير على الاقتصادات التجارية.

بوجود جميع الشكوك والتغييرات، تتحول الشركات بشكل سريع في مجموعة كبيرة من القطاعات – بدءاً من السيارات والمواد الكيماوية وصولاً إلى الأجهزة الإلكترونية والكهربائية – إلى إعادة النظر في سلاسل توريدها وجعلها أكثر مرونة، إلا أنها تواجه بعض التحديات الصعبة، حيث يعد انهيار قاعدة التوريد الأميركية أبرزها بالنسبة للشركات التي تتطلع للإنتاج في الولايات المتحدة، فقد تكبدت الأخيرة خسارة صافية تبلغ حوالي 19,000 شركة صناعية بين عامي 2001 و2015، وفقاً لتحليلاتنا لبيانات مكتب إحصاءات العمل الأميركي (U.S. Bureau of Labor Statistics) وبيانات مكتب التعداد العام الأميركي (U.S. Census Bureau data). لقد شهدت العديد من القطاعات توقف 30% إلى 50% من الشركات عن العمل، ما أضاف المزيد من التعقيدات على التصنيع في الولايات المتحدة، ومن بين قطاعات الصناعات الرئيسة، شهدت قطاعات المنتجات الكيماوية والغذائية والمشروبات فقط زيادة ملحوظة في عدد الشركات.

إدارة سلاسل التوريد

تعد سي واي توب (CY TOP) إحدى الشركات التي يبدو أنها تتصدى لهذه التحديات بطريقة مبتكرة، وهي شركة متوسطة الحجم تُصنّع حاويات القمامة المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ والمخصصة للأماكن المغلقة، ومع أن القسم الأعظم من إنتاجها لا يزال يتم في آسيا، إلا أنها بدأت بتعزيز الإنتاج في الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين ويعود ذلك جزئياً إلى دعمها لمبادرة وول مارت الرامية إلى شراء المزيد من المنتجات أميركية الصنع. تمكنت سي واي توب من القيام بذلك مع الحفاظ على تكاليف تصنيعها المنخفضة من خلال إعادة تنظيم خطوط إنتاجها الأميركية وأتمتتها بفاعلية، حيث تشغّل فقط سبعة إلى عشرة أشخاص على خط الإنتاج الذي يعمل فيه 80 شخصاً في آسيا (كما توفر المال أيضاً نتيجة لانخفاض تكاليف نقل تلك البضائع أميركية الصنع)، ويتمثل هدفها متوسط الأجل – في حال نجاح أول منشأة لها في الولايات المتحدة – في إضافة ما يصل إلى ثلاثة مواقع تصنيع أميركية إضافية. على المدى الطويل، قد تلبي الشركة الطلب العالمي من هذه المنتجات من داخل الولايات المتحدة.

لم تستطع سي واي توب إيجاد موردين أميركيين لبعض المستلزمات الرئيسة (من قبيل الطلاء المخصص الذي يمنع ظهور البصمات على الفولاذ المقاوم للصدأ، الذي تواصل التزود به من آسيا)، ويعني ذلك نفقات إضافية على الشحن والخدمات اللوجستية في الوقت الراهن. لكن مع مرور الوقت، يتمثل هدفها في تطوير نظام توريدها في الولايات المتحدة، إما من خلال إقناع مورديها الآسيويين القائمين بالإنتاج في الولايات المتحدة أو من خلال مشاركة خطط زيادة الإنتاج الخاص بها في الولايات المتحدة مع شركات محلية محتملة يمكنها البدء بمزاولة الأعمال التجارية. تستخدم الشركات الأخرى التي تواجه الحالة ذاتها مختلف الأساليب المبتكرة لإقناع المزودين المحتملين بإنتاج حوائج لا يتم صنعها حالياً في الولايات المتحدة، حيث تساعدها في تمويل منشآت جديدة، وتتقاسم معها الوفورات في الشحن والخدمات اللوجستية، وتتعاون مع الشركات المنافسة على أمل أن تجذب قيمتهما المشتركة اهتمام الموردين.

في ضوء هذا العالم الجديد الآخذ في الظهور، يتعين على الجهات المصنعة اتخاذ الإجراءات التالية:

  • تقييم الحضور الحالي والمستقبلي لعملائها وتنظيمه ليتناسب مع إمكانات التصنيع وسلاسل التوريد القائمة الخاصة بها.
  • تحليل التكاليف الإجمالية للإمداد لكل موقع بديل.
  • استكشاف تقنيات التصنيع المتطورة وإمكاناتها، خاصة الروبوتات المرنة والأتمتة وفهم كيفية تغييرها للموازين.
  • محاولة تجديد نظم سلاسل توريدها الضامرة بصورة استباقية، وذلك بالاشتراك مع جهات مصنّعة مماثلة وعملاء مهمين إن أمكن.
  • تصميم سلاسل التوريد الخاصة بها بحيث تصبح قادرة على مواجهة المزيد من التغيرات والاضطرابات في السياسات التجارية وأسعار الصرف.

إن اتخاذ هذه الإجراءات قد يتعارض مع النصائح التقليدية التي تتبعها شركتك والمتعلقة بكيفية إدارة سلاسل التوريد بك والاستفادة منها على النحو الأمثل، ولكن يجب إعادة النظر في أهم المسلّمات حتى في هذه الأوقات العصيبة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي