سر نجاح الشركات الفاخرة: كيف يمكن أن تكسب ولاء عملائك؟

5 دقيقة
الاستماع إلى آراء العملاء

يكثر الحديث في قطاع الخدمات الفاخرة عن أهمية الاستماع إلى آراء العملاء وفهم احتياجاتهم واهتماماتهم. لكنّ مجرد الاستماع يختلف عن الفهم الحقيقي لمتطلبات العميل. من المهم معرفة طريقة الإصغاء وتحديد الأشخاص الذين يجب الاستماع إليهم لتلبية احتياجاتهم. حتى الشركات الذكية والمتطورة يمكن أن تتعثر وتنحرف عن مسارها بسبب سوء فهم نقاط القوة والضعف في القنوات المختلفة التي تتلقى آراء العملاء من خلالها.

في هذا المقال، سأعرض بعض نقاط القوة والضعف في بعض قنوات تلقي آراء العملاء الأكثر انتشاراً، بناءً على تجربتي بوصفي مديرة عالمية لتجربة الضيوف والابتكار في مجموعة إدارة الفنادق الفاخرة، دورتشستر كولكشن (Dorchester Collection).

تقييمات المتسوق السرّي

تُعد استراتيجية المتسوق السرّي إحدى الأدوات المنتشرة على نطاق واسع لتقييم جودة تجربة العملاء في قطاع الخدمات. يؤدي المتسوق السرّي دور العميل؛ إذ يعمل على تقييم الخدمة بناءً على قائمة مراجعة تشمل معايير محددة. من خلال قوائم المراجعة هذه، يقيس المتسوّقون السرّيون مدى الالتزام بمجموعة من المعايير المتعلقة بالخصائص المادية وتقديم الخدمات. يحق لشركتك وضع هذه المعايير بنفسها أو الاستعانة بجهة تقييم خارجية لوضعها، مثل الجمعية الأميركية للسيارات أيه أيه أيه (AAA) أو تصنيف فوربس من فئة 5 نجوم (Forbes Five Star). يُعد المتسوقون السرّيون أفضل وسيلة لقياس الكفاءة التشغيلية، لكنهم لا يعكسون بالضرورة جودة تجربة العميل.

على سبيل المثال، يشمل أحد معايير قوائم المراجعة المتبعة في قطاع الضيافة مدى سرعة استقبال النزيل عند وصوله إلى بهو الفندق، بالإضافة إلى مخاطبته باسمه. هل لا يزال هذا الإجراء مناسباً في ظل الاهتمام المتزايد بالخصوصية في عصرنا الحالي؟ لنفترض أننا نتحدث عن نزيل من المشاهير الذين يفضّلون تجنّب المصوّرين ووسائل الإعلام والصحافة. لا يلفت تقرير المتسوق السرّي انتباهي أبداً إلى موظف الاستقبال الذي تصرف بذكاء وامتنع عن ذكر اسم هذا النزيل بصوت عالٍ.

يُعد تقرير المتسوق السرّي أداة مهمة تساعدنا على تقديم خدمة ذات جودة عالية. لكن من المهم أن يتذكر فريق العمل أن قوائم المراجعة، التي تكافئ عادة السلوكيات المتكررة، لا يمكن أن تشمل كل ما يطمح الفريق إلى تحقيقه.

استطلاعات الرأي

تُعد استطلاعات الرأي أسهل قناة لجمع الملاحظات، لكن تمكن إساءة تفسيرها، وذلك بالنسبة للشركات الفاخرة وغيرها. تتحقق أفضل النتائج عند استخدام استطلاعات علمية مبنية على منهجية مثبتة ومجرّبة لإشراك العملاء. ساعدنا استطلاع أجريناه مؤخراً على فهم الاختلافات في تطلعات كل من المسافرين بغرض العمل والمسافرين بغرض الترفيه فيما يتعلق بالفنادق. كشف لنا الاستطلاع عن ضرورة بذل مزيد من الجهود لجذب عدد أكبر من المسافرين بغرض الأعمال وتحويلهم إلى نزلاء بغرض الترفيه أيضاً، وبالتالي، استطعنا تحقيق زيادة بنسبة 6% خلال الأشهر الستة التالية.

على الرغم من ذلك، يجب أن نكون حذرين من حدوث العكس. يمكن أن يؤدي إجراء استطلاع رأي سريع عبر الإنترنت، على غرار استطلاعات موقع سيرفي مونكي (Survey Monkey) إلى دفع مؤسسة فاخرة إلى اتخاذ إجراءات مكثفة لمعالجة مشكلة مؤقتة لا تُعد جزءاً من مشكلة حقيقية أكبر تستحق اهتمام المؤسسة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يفسر المدراء هذه البيانات ويتلاعبون بها بسهولة بما يتناسب مع أهدافهم وتوجهاتهم.

الملاحظات والآراء في وسائل التواصل الاجتماعي

تلجأ شركات عديدة إلى متابعة منصتَي إكس (تويتر سابقاً) وفيسبوك لقياس مدى جودة أدائها في خدمة العملاء. تكمن وظيفة المنشورات في وسائل التواصل الاجتماعي بالنسبة للعلامات التجارية الفاخرة في هدف رئيسي واحد، وهو أنها تُستخدم لتقديم ما يشبه البطاقات البريدية الإلكترونية لنشر صورة مثالية أو رسالة إيجابية عن العلامة التجارية.

عند إجراء فحص دقيق، وجدنا أن النزلاء يستخدمون قنوات وسائل التواصل الاجتماعي هذه غالباً للتفاخر بإقامتهم في منشآتنا. كيف تمكننا الاستفادة من هذا النوع من الملاحظات؟ نستطيع أن نحقق فوائد كثيرة بالفعل. لا تقدم لنا هذه البيانات مؤشرات على أداء خدمة العملاء، لكن تمكن الاستفادة منها لتطوير استراتيجيات التسويق وتجربة العملاء. على سبيل المثال، نلاحظ تكرار ظهور صور وجبات الطعام في منصة إنستغرام. لذلك، فإن السؤال الذي يمكننا طرحه حول وجبة خدمة الغرف الفاخرة هو: هل تُعد طريقة تقديم الطعام جذابة لدرجة تستحق نشرها في منصة إنستغرام؟

يمكن أن تساعدنا أيضاً مراجعة سلسلة من منشورات العملاء على تذكّر ما يميزنا عن منافسينا، على سبيل المثال، تقديم الشاي بعد الظهيرة في فندق دورتشستر (Dorchester) والكعكة المنتفخة الشهية التي يشتهر بتقديمها فندق بيفرلي هيلز (The Beverly Hills). على سبيل المثال، يجد النزلاء في فندق بلازا أتينيه (Plaza Athénée) في باريس رداءً ناعماً ونعالاً فاخرة مع لمسة مميزة. تتميز هذه النعال بطبقة سفلية حمراء اللون، على غرار أحذية العلامة التجارية الفاخرة، كريستيان لوبوتان (Christian Louboutin). لقد علمنا من خلال المنشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن النزلاء يحبون هذه اللمسة المميزة (ولا سيما بعد ظهور الفندق في أحد المسلسلات الشهيرة).

يمكن أن تكشف لنا منشورات وسائل التواصل الاجتماعي ومراجعات العملاء أيضاً عن معلومات مفاجئة وأفكار مفيدة حول العروض التي يقدمها المنافسون. على سبيل المثال، هل تقدم الفنادق الفاخرة الخدمات أو المنتجات نفسها للنزلاء الذين يحتفلون بمناسبات خاصة؟ إذا كان الأمر كذلك، فيجب عليك أن تسعى جاهداً لتقديم خدمات متميزة.

تُعد وسائل التواصل الاجتماعي أفضل طريقة لاكتشاف الجوانب التي يقدّرها عملاؤنا حقاً في تجربة إقامتهم الفندقية الفاخرة. تشكّل هذه المعلومات أساساً لصياغة استراتيجية تجربة العملاء، وبالطبع، يمكن أن توفر لنا إشارات تحذير مبكرة حول تراجع جودة الخدمة. إذا تحولت منشوراتك في وسائل التواصل الاجتماعي إلى مكان يترك فيه النزلاء أو العملاء ملاحظاتهم أو تعليقاتهم السلبية حول تجربتهم في الفندق، فهذه علامة تحذيرية مهمة.

مواقع المراجعة

في مجال عملنا، ثمة اعتقاد شائع خاطئ أن مواقع المراجعة تُستخدم فقط للعثور على العروض والخصومات. دفع هذا الأمر بعض مقدّمي الخدمات الفاخرة إلى إهمال هذه المواقع. بالطبع، ليس كل من يزور مواقع المراجعات سيكون بالضرورة العميل المثالي الذي نستهدفه. على الرغم من ذلك، فقد علمنا أن العديد من المتسوقين في مجال الخدمات الفاخرة يستخدمون مواقع مثل تريب أدفايزر (TripAdvisor) للتحقق من صحة اختياراتهم قبل اتخاذ القرار النهائي، ويتصفحون مراجعات العملاء وآراءهم حول منتجاتنا وخدماتنا، وكذلك منتجات المنافسين المباشرين وخدماتهم. بالتأكيد، هذا هو العميل الذي نريد جذبه، لذلك، يحرص مدراء منشآتنا على الاهتمام بالمراجعات التي تُنشر في موقع تريب أدفايزر (TripAdvisor) والتفاعل معها. في بعض الأحيان، يؤدي هذا الأمر أيضاً إلى تعزيز فرصة تحويل النزلاء الذين يزورون منشآتنا مرة واحدة إلى عملاء دائمين يكررون تجربة الإقامة في منشآتنا باستمرار.

يمكن أن تساعد مواقع مثل تريب أدفايزر (TripAdvisor) أيضاً في اكتشاف الاختلافات بين ما نعتقد أنه مهم للعملاء وما يرى العملاء أنه مهم بالفعل بالنسبة لهم. على الرغم من أن الاستطلاعات تخبرنا فقط بما نعتقد أننا نريد معرفته، وغالباً تعرض المنشورات في وسائل التواصل الاجتماعي أفضل جوانب تجربة النزلاء، فإن مواقع المراجعة تسلط الضوء على نقاط ضعفنا التي قد نغفل عنها، وعندما تتضمن مراجعات العملاء صوراً، فإن هذه الصور تعرض منتجاتنا وخدماتنا من وجهة نظر عملائنا الحقيقية، بعيداً عن الأساليب التي يستخدمها المصورون المحترفون لتجميل الصور التي تُنشر في موقعنا الإلكتروني وتحسينها. يمكن أن توفر هذه المراجعات نظرة حقيقية وواقعية عن تجربة العملاء.

يمكن أن تساعد مواقع المراجعة أيضاً في الاطلاع على تجربة عملاء المنافسين. يجب عليك طرح هذا السؤال المهم: ما هي الخصائص التي تميّز منتجاتنا وخدماتنا ويفضّلها العملاء ولا يوفرها المنافسون؟

الملاحظات المباشرة

من المهم أيضاً أن تتعلم متى يكون الاعتماد على ملاحظاتك الشخصية هو الأمر الأهم والأكثر قيمة. تُعد الملاحظة المباشرة إحدى الأدوات المهمة والفعالة لتحسين الخدمة والأداء، على الرغم من إهمالها غالباً. اجلس في بهو الفندق وراقب كيفية ترحيب الموظفين بالنزلاء، وحركة النزلاء والزوار عبر مكتب الاستقبال والتسجيل، ومدى كفاءة العمل الجماعي بين الموظفين. يمكن لأي شخص يعمل في مجال تجارة السيارات الفاخرة تطبيق المبدأ نفسه ليرى ما يحدث حقاً في صالة العرض أو في مكتب مدير المبيعات.

تنشأ الابتكارات في مجال السلع والخدمات الفاخرة عادة من خلال فهم الاحتياجات الجديدة وتلبيتها. على سبيل المثال، عندما كان أفراد فريق الابتكار التابع لي يجلسون في بهو فندق دورتشستر، لاحظوا أن النزلاء يتوجهون إلى مكتب حجز تذاكر المسرح لحجز تذاكر لحضور عرض مسرحية في منطقة ويست إند (West End)، ثم يتوجهون إلى مكتب الاستقبال لترتيب حجوزات العشاء والمواصلات. تساءل أفراد الفريق عن سبب اضطرار النزلاء إلى التوجه إلى مكتبين منفصلين لترتيب الإجراءات اللازمة من أجل قضاء أمسية واحدة؟ الآن، يتولى موظفو مكتب حجز تذاكر المسرح مسؤولية إجراء الترتيبات التي يحتاج إليها النزلاء. لست متأكداً من أننا كنا سنكتشف مشكلة ضعف سلاسة الخدمة وعدم تكاملها بأي طريقة أخرى سوى الجلوس في البهو والمراقبة.

في أثناء عملية تدقيق تجربة العملاء وقياسها، تذكّر أن الهدف النهائي هو جمع المعلومات التي تساعد في تقديم مستوى مميز من خدمة العملاء مقارنة بما يقدمه المنافسون. لا تتوقع أن تجد تلك المعلومات من خلال التقييمات التي تعتمد على التكنولوجيا وقوائم المراجعة المتكررة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي