سر التعاون الناجح بين الزملاء: تحدث عن أساليب العمل قبل البدء

6 دقيقة
العمل مع شخص جديد
مؤسسة كومباشينيت آي (Compassionate Eye Foundation)/غيتي إميدجيز

ملخص: عندما تبدأ بالعمل مع شخص جديد، فإن تخصيص بعض الوقت مقدماً لإجراء محادثة صريحة ومفتوحة حول أساليب عملكما وتفضيلاتكما هو في الواقع من أفضل الاستثمارات للوقت. يمكن أن تضع هذه المحادثة التي ندعوها محادثة "مواءمة الأسلوب" أساساً للثقة والتفاهم وتساعدكما على وضع اتفاقيات حول كيفية العمل معاً بفعالية. مع ذلك، يتجنب الكثيرون إجراء مثل هذه المحادثات لسببين: أولاً، يخشون أن تستغرق وقتاً طويلاً. ثانياً، يخشون أن تبرز هذه المحادثات الاختلافات في الأسلوب وعدم معرفة كيفية التغلب عليها. ولكن إجراء محادثات مفتوحة وعميقة حول الأسلوب والتفضيلات يمكن أن يؤدي إلى نتائج رائعة. إذا اكتسبت فهماً أعمق لوجهة نظر شخص ما، فيمكنك تجاوز التفاعل فقط مع سلوكه والإحباط الناجم عن وضع افتراضات قد تكون خاطئة حول سبب تصرفه بطريقة معينة. وبدلاً من ذلك، يمكنك التعامل مع علاقاتك في العمل بتعاطف أكبر واندفاع أقل وربما حتى تجنب النزاعات المتعلقة بالعمل.

بعد عمليتي إعادة هيكلة متتاليتين للشركة، أصبحت المديرة المتمرسة لمجموعة المنتجات التي أتولى تدريبها، كارا، تتبع لإدارة رئيس تنفيذي جديد للمنتجات. عملت كارا طوال مسيرتها المهنية تحت إشراف مدراء ذوي أساليب قيادية مختلفة، وبمرور الوقت واكتسابها الخبرة، كوّنت فهماً أفضل لأسلوب قيادتها على مر السنين. وبينما كانت تتطلع إلى العمل مع مديرها الجديد، كانت حريصة على الحفاظ على الأساليب المميزة التي سمحت لها بالتعبير عن أفكارها وحشد الدعم لفرقها. كانت كارا تفكر في كيفية إنشاء أساس متين لعلاقة مهنية مثمرة مع مديرها، وكيفية التعاون بفعالية مع الأشخاص الذين قد يكون لديهم أساليب عمل مختلفة، وتقليل احتمال سوء التفاهم منذ البداية.

مثل كارا، قد تواجه أنت أيضاً مثل هذا الموقف. بغض النظر عما إذا كنت قائداً أو مسهماً فردياً، عندما تبدأ علاقة عمل تعاوني مع شخص ما، فمن المنطقي أن تتوافقا على الأهداف والغايات والمواعيد النهائية والأدوار والمسؤوليات والتوقعات والموارد والدعم. ولكن هناك محادثة رئيسية أخرى ننسى الحديث عنها في كثير من الأحيان.

محادثة "مواءمة الأسلوب"

عند العمل مع شخص جديد، من المفيد أن تخصص وقتاً في البداية لمناقشة ما يهمك وما يحفزك وما يمكّنك من الأداء بأفضل ما لديك، ثم إنشاء حوار مفتوح حول أفضل طريقة للعمل معاً. عندما تتحدثان صراحة عن أسلوب عمل كل منكما وتفضيلاته قبل الدخول الكامل في العمل، يقل احتمال حدوث سوء تفاهم أو سوء توافق لاحقاً. أحب أن أدعو هذا النوع من المحادثات المسبّقة "مواءمة الأسلوب" أو محادثة "العمل معاً بفعالية".

دعونا نوضح أولاً ما يعنيه "الأسلوب". لم أعد أرى "الأسلوب" مجرد أسلوب تواصل وتفضيلات فحسب، بل مفهوماً أوسع يشمل شخصيتك وأسلوب قيادتك وقيمك وتفضيلات العمل، وجميعها جوانب تؤثر على طريقة عملك وتفاعلك مع الآخرين. من الناحية المثالية، يجب أن يؤدي الحديث المسبّق حول "الأسلوب" إلى نقاش مفتوح وصريح لتبادل المعلومات: "ما هو المهم بالنسبة لكل منا في كيفية الشراكة فيما بيننا والعمل معاً من أجل تحقيق أفضل أداء؟".

على سبيل المثال، إذا قالت مديرتك إنها تقدّر الشفافية وتطابق القول مع الفعل وإنها تؤدي عملها على النحو الأمثل عندما تشعر بالاطمئنان وأنها على اطلاع وتتلقى معلومات كافية وتحديثات في الوقت المناسب، فهذه معلومات مفيدة لك. فأنت بصفتك عضواً في فريقها تقدّر الاستقلالية والابتكار والتغيير وتعمل بأفضل أداء عندما تعمل بوتيرة سريعة، سيجعلك ذلك تشعر بالحماس والنشاط.

لنتحدث الآن عن "المواءمة". تتطلب المواءمة إجراء محادثة صريحة حول أفضل طريقة للتفاعل والعمل معاً، والخروج من تلك المحادثة بعدة اتفاقيات عمل ملموسة. لنعد إلى المثال السابق حيث تقدّر المديرة الشفافية والاطلاع على التفاصيل كلها، لكنك تقدر الاستقلالية والعفوية. قد تدور الاتفاقية المفيدة حول طريقة التواصل معها وتوقيته ومشاركتها التحديثات والتغييرات. الهدف الذي يعود بالفائدة على الجميع هو أن تشعر هي بالاطلاع والاطمئنان، وألا تشعر أنت بأنها تديرك بأسلوب تفصيلي أو تخنق قدرتك على الإبداع. سيساعد الوضوح والتوافق حول الأسلوب على تشكيل التفاعلات المبكرة وتهيئة الطرفين للنجاح.

كيفية إجراء محادثة "مواءمة الأسلوب"

بعد أن فهمت الآن فوائد إجراء محادثة "مواءمة الأسلوب"، دعنا نتعلّم كيفية إجرائها.

مثل أي محادثة مهمة، استعد لها جيداً

نقطة الانطلاق الممتازة هي التأمل في نفسك وتفضيلاتك في العمل حتى تتمكن من التعبير بإيجاز عن بعض الجوانب الرئيسية لأسلوبك للآخرين. إليك بعض الأسئلة للتأمل:

  • ما الذي يهمني أكثر في العمل مع الآخرين وكيفية إنجاز المهام؟
  • ما هي النقطة الحساسة التي يجب أن يعلمها الآخرون عني؟
  • ما الذي يساعدني على أن أكون منتجاً؟

اقترح تحديد موعد لهذه المحادثة

من الأفضل إخبار الطرف الآخر مقدماً حتى يتمكن هو الآخر من التفكير والاستعداد، ولتكن المحادثة بنداً في جدول أعمال اجتماعكما الشخصي التالي وخصص لها وقتاً كافياً، وعبّر عن نيتك أو هدفك من هذا الاجتماع في طلبك.

لاحظت خلال محادثاتي مع كارا أنها شعرت بالحرج قليلاً وكانت في حيرة حول كيفية اقتراح إجراء محادثة المواءمة مع مديرها الجديد، لكنها وجدت الصيغة المناسبة بعد التفكير ملياً في الأمر. فيما يلي ما خططت إلى قوله: "بما أن كلينا يتأقلم في علاقة العمل الجديدة، أعتقد أنه من المفيد لنا مناقشة أساليب عملنا وتفضيلاتنا. لقد وجدت أن تخصيص الوقت لمواءمة هذه الجوانب مقدماً يمكن أن يساعدنا حقاً على دعم أحدنا للآخر بصورة أفضل. ما هو رأيك بتخصيص بعض الوقت في اجتماعنا الشخصي المقبل لإجراء هذه المناقشة؟".

شارك واستمع

فليبدأ كل منكما بتقديم تأملاته الشخصية حول قيمه وتفضيلاته في العمل و"نقاط ضعفه" وما إلى ذلك، وأهميتها بالنسبة لعملكما التعاوني.

على سبيل المثال، قالت كارا ما يلي: "أقدّر البيئة الإيجابية والتشجيع وأفضّل أن تُقابل أفكاري بمستوى معين من الاهتمام، قبل رفضها بصراحة، وأنا أقدر ذلك كثيراً لدرجة أنني قد أشعر أحياناً بالإحباط بسهولة إذا لم أفهم السياق والصورة الكبرى للقرارات".

لكن المشاركة ليست سوى جزء واحد من المعادلة، أما الجزء الآخر فهو الاستماع الجيد. ادخل هذا النقاش باهتمام صادق واستعداد لفهم الشخص الآخر.

اعقد اتفاقيات

هذا الحوار المفتوح في حد ذاته مفيد بالفعل ويعزز التفاهم المتبادل، لكن يجب أن تنتقلا إلى مرحلة أكثر تقدماً. يمكنكما الخروج بنتائج عملية من المناقشة من خلال صياغة بعض الاتفاقيات حول التواصل أو مشاركة المعلومات أو اتخاذ القرارات. ستوجه هذه الاتفاقيات سلوككما المستقبلي وتضع ممارسات ومعايير للتعاون بالطريقة التي تفضلانها.

إليك بعض الأسئلة التي يمكن أن تساعدكما على وضع اتفاقيات مشتركة:

  • ما هي القيم أو المبادئ المهمة بالنسبة لنا في شراكتنا؟ ما هو المهم في الطريقة التي نريد بها العمل معاً؟
  • كيف يمكن أن يدعم أحدنا الآخر على نحو أفضل وخلق شعور بالتعاون الحقيقي مع تحقيق أهدافنا أيضاً؟
  • ما هي الإجراءات أو الممارسات المحددة التي نرغب في الالتزام بها وتحميل أحدنا الآخر المسؤولية عنها؟

في مثال كارا، مكّنتها المحادثة هي ومديرها على فهم اختلافات أساليب عملهما بصورة أوضح: كان أسلوب مديرها، الذي يعطي الأولوية للكفاءة وفعل الشيء الصحيح، أكثر عملية ومباشرة، حيث ركّز على تحديد المشكلات والإجراءات اللازمة لحلها على الفور. بالمقابل، كانت كارا، التي تقدّر المودة والشراكة، تتبع أسلوباً أكثر وداً وتفاعلاً وتحتاج إلى الشعور بالارتباط بالدرجة الأولى لتقديم أفضل ما لديها. كانت مبدعة، ولديها شعور قوي بالحاجة إلى تقدير أفكارها وإسهاماتها، وتكره الشعور بالإحباط أو الرفض على الفور.

عملت مع مديرها على وضع بعض الاتفاقيات التي من شأنها أن تساعد في تجنب الإحباط لدى الطرفين كليهما. وتعهدا بأن يلتزما دائماً بما يلي:

  • ضمان وجود تواصل شخصي وهادف قبل الخوض في البنود المدرجة في جدول الأعمال.
  • تخصيص وقت منتظم -أطلقا عليه "المراجعة الشاملة"- لمناقشة الأفكار والتحسينات، واختتام تلك الجلسات بالسؤال: "هل يتعين عليّ اتخاذ أي إجراء بخصوص هذا الأمر؟".

شعرت كارا بالارتياح والطمأنينة لأنها ستتمكن من الاستمرار في مشاركة أفكارها والحصول على الدعم في علاقتها مع المدير الجديد.

الاتفاقيات مثل خطط المشاريع؛ لا تكون مفيدة إلا عند وضعها موضع التنفيذ، لذلك احرص على تطبيق اتفاقياتكما من خلال أفعالك، وسلط الضوء عليها عندما تساعدك وعدّلها عند الحاجة وعد إلى مناقشتها خلال محادثات المراجعة واستخلاص المعلومات.

العقبات المحتملة

في حين نأمل أن تكون قد اكتسبت فهماً أوضح حول كيفية إجراء محادثة مواءمة الأسلوب، ثمة العديد من العوامل الأخرى التي قد تجعلك تتردد في إجرائها. من واقع خبرتي، لاحظت وجود عقبتين رئيسيتين تعوقان الأفراد عن إجرائها. أولاً، يتخوفون من أن هذه المناقشات تتطلب استثماراً كبيراً في الوقت مقدماً. ثانياً، يخشون أن تبرز هذه المحادثات الاختلافات في الأسلوب وعدم معرفة كيفية التغلب عليها.

يجب ألا تستغرق محادثات مواءمة الأسلوب وقتاً طويلاً -15 أو ربما 30 دقيقة تكفي- بطبيعة الحال، إذا كان لديك بالفعل عدد كبير من المهام على جدول عملك فستميل إلى تخطي هذه المحادثات، ولكن يجب عليك أن تعطي الأولوية لأهمية إقامة علاقات قوية والتوافق حول بعض اتفاقيات العمل التعاوني الهادفة لإرساء الأساس لشراكة مثمرة.

كما يجب أن تدرك أن اختلافات الأسلوب لن تزداد نتيجة لمحادثتكما، بل ستساعدك على الأرجح على فهمها بصورة أفضل، وهذه نتيجة إيجابية في الواقع، فإجراء محادثات مفتوحة ومعمقة حول الأسلوب والتفضيلات يمكن أن يؤدي إلى نتائج رائعة وقوية. إذا اكتسبت فهماً أعمق لوجهة نظر شخص ما، فيمكنك تجاوز التفاعل فقط مع سلوكه والإحباط الناجم عن وضع افتراضات قد تكون خاطئة حول سبب تصرفه بطريقة معينة. وبدلاً من ذلك، يمكنك التعامل مع علاقاتك في العمل بتعاطف أكبر واندفاع أقل وربما حتى تجنب النزاعات المتعلقة بالعمل.

إذا كنت لا تزال متردداً في إجراء هذه المحادثة، فتأمل سؤالاً واحداً وكن صادقاً: "هل السبب هو القلق بشأن ضياع الوقت حقاً، أم أنه عدم ارتياح بشأن الانخراط في مثل هذه المحادثة؟" إذا أدركت أن الأمر في الواقع يتعلق بالسبب الأخير، فاعترف بذلك، وامضِ بإجراء المحادثة على أي حال. يجب ألا يكون عدم الارتياح مبرراً لتجنب إجراء محادثة أكثر خصوصية وضعفاً حول مواءمة أساليب عملكما، كما أن إظهار ضعفك سيعزز الأمان النفسي والثقة والشفافية في علاقاتك وسيؤدي إلى نتائج أكثر فعالية.

في المرة المقبلة التي تبدأ فيها عملاً تعاونياً أو شراكة جديدة، تذكّر أن تخصيص الوقت مسبّقاً لإجراء محادثة صريحة ومفتوحة حول أساليب عملكما وتفضيلاتكما هو في الواقع من أفضل الاستثمارات لوقتك. يمكن أن تضع محادثة مواءمة الأسلوب أساساً للثقة والتفاهم وتساعدكما على وضع اتفاقيات حول كيفية العمل معاً بفعالية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي