قيمة المؤسسة هي في الأساس مجموع رأس مالها المالي، والبشري، والفكري، وعلاقاتها. حافظت القطاعات المختلفة ونماذج الأعمال التجارية المختلفة دائماً على نسب متفاوتة من أنواع تلك الأصول. فأصحاب المصانع، مثلاً، يستثمرون معظم رأس مالهم في الأصول المادية، وتتركز استثمارات شركات التكنولوجيا الفائقة في البحث والتطوير لخلق رأس مال فكري جديد. لكن ليست جميع الأصول متساوية القيمة، خاصة مع تغير المشهد التكنولوجي، فكيف يمكن اللحاق بركب التحول الرقمي؟
في السوق الحالية، تُمكّن منصات التقنية بروتوكول الإنترنت والعلاقات من التوسع بسرعة وبتكلفة تقترب من الصفر. هذه هي الظاهرة التي أدت إلى نشأة شركات منصات مذهلة، مثل "فيسبوك" و"لينكد إن" و"ماتش دوت كوم" و"أوبر" و"إير بي إن بي". حتى عندما تعتمد هذه الشركات على الأصول المادية، مثل سيارات "أوبر"، فإنها تمتلك التكنولوجيا، وليس الأصول المادية. وفي تلك الأثناء، يستمر ضعيفو الأداء في قضاء وقتهم وأموالهم على الأصول التي لا يمكن توسعتها بسهولة، كالسلع المادية (مثل قواعد التصنيع أو البضاعة المخزونة) ورأس المال البشري (مثل الموظفين المدربين تدريباً عالياً الذين يقدمون الخدمات). يتطلب التحول الرقمي قيام الشركات بإعادة تخصيص محفظة أصولها لدعم نماذج الأعمال الجديدة والممكنة رقمياً.
كيفية مواكبة التحول الرقمي
لذلك من البديهي أن تواكب المؤسسات التقليدية التحول الرقمي الآن. النشطاء الرقميون الأصليون يجرفون الصناعات التقليدية واحدة تلو الأخرى، مستفيدين من التكنولوجيا القابلة للتطوير والشبكات التشاركية. لكن تغيير محفظة أصول المؤسسة عملية طويلة ومليئة بالاحتمالات للقادة الذين لا يمانعون أنواع الأصول التقليدية.
وعلى الرغم من أن التحول الرقمي سيختلف قليلاً من مؤسسة إلى أخرى، فإننا نستخدم عملية من 5 خطوات تسمى "بيفوت" (PIVOT) مع عملائنا.
الخطوة الأولى، هي تحديد نقطة البداية
يتضمن ذلك تحديد المزيج الحالي من الأصول، ونموذج العمل الذي تنشئه محفظة الأصول الخاصة بك. على سبيل المثال، هل تصنّع أشياء وتبيعها، وتوظّف موظفين مهرة وتقدم خدمات، وتطور ملكيات فكرية جديدة مثل البرامج أو المستحضرات الصيدلية، أو تبني شبكات رقمية وتديرها، سواء كانت للمعاملات المالية أو الإعلامية أو الاجتماعية؟ إلقاء نظرة واضحة على نقطة البداية سيمكّنك من فهم نقاط القوة والضعف لديك، وتحديد العادات طويلة المدى التي ستحتاج إلى تغييرها لتحويل عملك في النهاية إلى ما تطمح إليه.
ثانياً، قم بعمل جرد كامل لجميع أصول مؤسستك
ابدأ بالأشياء السهلة التي تابعتها دائماً، والأصول المادية، مثل المصنع والممتلكات والمعدات. من تلك النقطة، سوف تتعمق في الأصول غير الملموسة والأقل شهرة، مثل مواهب القوى العاملة ومهاراتها لديك، والملكية الفكرية الموجودة داخل مؤسستك، وشبكات الأشخاص والمنظمات الموجودة خارج حدودك التقليدية. عادة ما تعاني تلك الأصول من التجاهل وبخس القيمة الحقيقية لها وسوء إدارتها. وانظر بعناية إلى شبكات علاقاتك خصوصاً لتحديد حجمها ومدى التقارب معها. فالشراكة مع شبكة علاقات متفاعلة وذات قيمة هي أفضل طريقة للتعمق في طريق النمو.
ثالثاً، تصوّر مستقبلاً جديداً كشبكة رقمية يتعاون فيها شركاؤك في العمل مع إحدى شبكاتك الخارجية
العملاء والموردون، على سبيل المثال، هم من الخيارات الشائعة، ولكن هناك العديد من الشبكات التي يجب مراعاتها، مثل الخريجين، والموزعين، والمُكمّلين، والمستثمرين، والمجتمعات وحتى المنافسين. الهدف هو تحديد الطريقة التي يمكنك أنت وشركاؤك بها إنشاء قيمة معاً، باستخدام كل من أصولك وأصولهم.
في نموذج الأعمال هذا، ستتشاركون أيضاً في القيمة التي تخلقها شبكتك. هذه خطوة صعبة، ولكن ضع في اعتبارك الأنواع الأربعة من الأصول في أثناء ممارستك العصف الذهني حول كيفية قيامك أنت وشبكتك بإنشاء القيمة معاً. يمكنك ترويج أصول مادية، مثل "إير بي إن بي" و"أوبر"، أو إنشاء محتوى جديد، مثل "يلب" و"تريب آدفايزر"، أو تقديم خدمات، مثل "تاسك رابيت" (TaskRabbit) و"ماستر كارد" (Mastercard)، أو إنشاء شبكات تواصل، مثل "فيسبوك" و"لينكد إن". ضع في اعتبارك أيضاً المنصة الرقمية التي من شأنها تمكين هذا التعاون، ولكن تذكّر أن تبدأ باستثمار صغير وتخطط لإعادة النهج وأنت تتعلم.
رابعاً، ابدأ بتشغيل برنامج تجريبي لأعمال الشبكة الخاصة بك عن طريق تحويل مبالغ صغيرة من رأس المال (بما في ذلك الوقت والموهبة والمال) إلى المبادرة الجديدة
سيتطلب ذلك بناء فريق وتمويله ومنحه مساحة كبيرة للتعلم والتغيير بسرعة مع القليل من الإشراف البيروقراطي. خطط للانتشار جيداً والتواصل مع شبكتك المستهدفة للتأكد من أنك تنشئ منصة يرغبون في المساهمة بها وعقد اتفاقية لمشاركة القيمة تكون مجزية لهم.
وأخيراً، ابدأ في تتبع تقدم مبادرتك مع الشركاء
سيتطلب ذلك إعداد تقارير حول المقاييس الجديدة. وستحتاج إلى إضافة مؤشرات أداء رئيسية خاصة بنموذج الشبكة الرقمية، التي ربما تكون جديدة تماماً على مؤسستك. تتضمن لوحات المتابعة عادةً مقاييس، مثل عدد التفاعلات على منصتك الرقمية (المبيعات أو غيرها)، وعدد شركاء الشبكة النشطين، والقيمة المُنشأة لكل من المؤسسة وشركائها، والرؤية العامة للشبكة فيما يتعلق بأمر التعاون. المقاييس المالية، مثل الإيرادات ومدى الربحية مهمة، ولكن كما هو الحال مع أي مبادرة جديدة، سيستغرق هذا النموذج وقتاً لإثبات نفسه والبدء في إنشاء قيمة صافية للمؤسسة.
يجب أن يبدأ التحول المؤسسي بتحول القيادة. لذا تأكد من أن مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي وبقية فريق القيادة داعم تماماً وجاهز لتحديد الأولويات بشكل مختلف وتغيير مجموعة الأصول. إذا لم يكن الأمر كذلك، فمن المؤكد أن تحولك الرقمي سيتوقف. لقد شهدنا فشل العديد من التحولات، ليس فقط من حيث التنوع الرقمي، بسبب النزاعات الداخلية أو عدم الالتزام. ومع ذلك، تواجه التحولات الرقمية المزيد من المخاطر لأنها تتطلب مجموعات مهارات وعقليات جديدة.
على الرغم من كل تلك المخاطر حول موضوع كيفية اللحاق بركب التحول الرقمي، فإن المبادرات الرقمية قائمة، ويجب أن تبقى كذلك لمعظم الشركات. لقد رأينا كيف أحدثت المنصات الرقمية ثورة في بعض الصناعات الراسخة، من الفنادق، مثل "إير بي إن بي" و"في آر بي أو" (VRBO) إلى الموسيقى، مثل "آبل" و"باندورا" والتوظيف، مثل "لينكد إن" وبيع التجزئة، مثل "واي فير" (Wayfair) و"أمازون". يجب على الشركات التقليدية أن تعد نفسها وتعمل على اللحاق بموجة التحول الرقمي أو المخاطرة بالاندثار، مثل "كوداك" و"بلوك باستر" (Blockbuster) و"الموسوعة البريطانية" (Encyclopedia Britannica).