في صباح اليوم التالي لسباق فينكس استيقظت إيريكا جاكسون، كبير المسؤولين التسويقيين في شركة مندوزا ماراثون، مبكراً لتشاهد العملاء وهم يسجلون بياناتهم للمشاركة في سباقات العام القادم، حيث كانت تتوقع أن ترى حشداً متحمساً من العملاء. لكنها عندما وصلتْ إلى موقع التسجيل، لم ترَ سوى وجوهاً عابسة تعلوها الكآبة.
لمَحَتْ آلان كورتس، مدير العمليات بالشركة، وتوجهت للانضمام إليه، غير أن متسابقاً قاطعها سائلاً بصوت ينم عن الضيق: "هل تعملين لدى مندوزا؟"
نظرت إيريكا للأسفل إلى شعار مندوزا ماراثون الموجود على زجاجة المياه خاصتها، وتذكرت قبعتها التي يعلوها الشعار نفسه، فأدركت عندها أن تتعرض للتهكُّم. لقد انضمت إيريكا للشركة منذ ستة أسابيع، وذلك بعد فترة طويلة شغلت خلالها منصب كبير مدراء التسويق في شركة أتاوير المتخصصة في الملابس الرياضية. ولأنها تعشق ممارسة رياضة العدو، فقد تحمست للعمل مع الرئيس التنفيذي داني مندوزا وهو بطل أولمبي سابق ومؤسس شركة مندوزا ماراثون التي تنظم سباقات تجمع بين سباقات الماراثون الطويلة ومضامير الحواجز على الطريقة العسكرية. بدأت المسابقات كتحدٍ شخصي بين داني وأصدقائه، لكنها في الوقت الحالي وصلت إلى أكثر من 50 سباقاً تنتشر في كندا وأوروبا والولايات المتحدة. ولم يعد في مقدور داني المشاركة في جميع السباقات بنفسه أو حتى مشاهدتها، إلا أنه يُشجع موظفيه على المشاركة فيها قدر استطاعتهم. وكان تواصله المستمر مع رياضيِّي مندوزا ماراثون - وبخاصة "مجانين مندوزا"، كما يسمي المتعصبون أنفسهم - أمرأ حيوياً بالنسبة له.
قال المتسابق: "الأمر كالكابوس. لم أشارك حتى في مسابقة الأمس، واليوم كان على أن أقود سيارتي طوال الليل قادماً من لوس أنجلوس كي أصل إلى هنا للتسجيل. لقد حصلت على إجازة من العمل اليوم، والآن فإن الطابور لا يكاد يتحرك".
قالت إيريكا: "تستطيع التسجيل من خلال الإنترنت"، فاعتلت وجه المتسابق علامات التذمر. وتنهدت إيريكا في يأس. ففي الأسابيع الأولى لتوليها مهام وظيفتها، حفزها داني على القيام "بجولة استماع"، حيث تلتقي بموظفي مندوزا ماراثون ورياضيِّيها، وسرعان ما تبادر إلى علمها أن عملية التسجيل تُعد نقطة مزعجة، تُحبط المتسابقين القدامى والجدد على حد سواء. كان أمام المتسابقين خياران: منافسة الآلاف من غيرهم من المتسابقين للتسجيل عن طريق الإنترنت عندما تُعرض فرص المشاركة للبيع (وهو في العادة أمر لا طائل منه؛ فقد أشار مقال نُشر مؤخراً في مجلة جي كيو [GQ] إلى أن الأرقام المميزة للمتسابقين لمندوزا ماراثون تنفذ أسرع من تذاكر حفلات المغني بروس سبرينجستين)، أو الوقوف في طابور في موقع السباق، عادةً مع عدة مئات من المتسابقين الآخرين، طمعاً في الحصول على تذكرة من عدد محدود من التذاكر. ويُحسِّن حضور المتسابق شخصياً من فرص الحصول على التذاكر، وهو الخيار الذي يتبعه في العادة المتسابقون المتحمسون، حيث يقولون أن جنون الحجز عن طريق الإنترنت للهواة فقط.
سألتْ إيريكا المتسابق قائلة: "ما اسمك؟"، وهي تنظر إلى عضلات ذراعه البارزة التي يعلوها وشم مندوزا ماراثون. من الواضح أنه كان يأخذ التدريب على محمل الجد. فأجابها: "توبي، 11"، تلك كانت الطريقة التي يقدِّم بها المشجعون المتعصبون أنفسهم: الاسم يتبعه عدد السباقات التي تبارى فيها. "هذا جنون. أنا رياضي ملتزم، غير أن زوجتي قد طفح بها الكيل بسبب ما أنفقُه من مال ووقت على التدريب. كما أن الوقت المهدور لمجرد التسجيل يزيد الطين بلة".
"أنا إيريكا، صفر (حتى الآن). ويمكنني أن أقول لك أننا نعمل جاهدين على حل المشكلة. لم نحدد بعد التفاصيل، لكننا أوشكنا على ذلك". بدأ الطابور يتحرك، فرمقها توبي بنظرة شك ثم تقدم إلى الأمام وراء الآخرين. استدارت إيريكا لتجد آلان يقف خلفها.
مازحها قائلاً: "أراك تقدِّمين وعوداً صعبة التحقيق؟"
فردت عليه: "توبي على حق. علينا أن نحسِّن الأوضاع له ولأقرانه".
عضوية حصرية
في الأسبوع التالي، اجتمعت إيريكا وآلان مع داني لمناقشة خطة التسجيل الجديدة التي كان آلان يعمل عليها طوال العام الماضي. كانت فكرته تتمثل في استحداث برنامج للعضوية الحصرية، يسمى مبدئياً "مندوزا أكسس"، وهو يتيح دخولاً مسبقاً لأي سباق مقابل رسوم سنوية قدرها ألف وخمسمائة دولار. أظهرت أبحاث السوق أن المشجعين المتعصبين الملتزمين من أمثال توبي يدفعون بالفعل هذا المبلغ من المال – بل وأكثر من ذلك في بعض الأحيان - لمجرد السفر إلى مواقع التسجيل. كما أن العديد منهم قد اشترك في أكثر من سباق تحسباً لعدم تمكنهم لاحقاً من المشاركة في اختيارهم الأول. يؤدي ذلك إلى اشتراكات في سباقات دون الاستفادة منها، وهو ما يفاقم من مشكلة ندرة الأماكن بالنسبة للمتسابقين الراغبين في المشاركة. توفر الخطة الجديدة عملية مشاركة خالية من المشاكل وتزيد في الوقت ذاته من الإيرادات. كانت إيريكا ترى أن اقتراح آلان منطقي إلى حدٍ كبير. فقد عاينت في عملها السابق كيف أن برامج الأعضاء المميزين تسير بشكلٍ جيد، كما أنها كانت حريصة على وضع منهج يصلح للجميع.
سأل داني: "هل يشمل مبلغ الألف وخمسمائة دولار تكلفة التسجيل؟".
فأجاب آلان: "كلا، ما زال عليهم بعد ذلك سداد 350 دولاراً كمصاريف اشتراك. ولكن لو أخذنا في الاعتبار أنهم يدفعون بالفعل مصاريف التسجيل مراراً، ما بين مرتين إلى ست مرات، وتذاكر طيران، وفنادق، وطعام - ناهيك عن الوقت الذي يُضيعونه في الوصول إلى مواقع التسجيل - فإن ما نقدمه أوفر بكثير. كما أن ذلك سيتيح المزيد من الأماكن للمتسابقين الآخرين - وهم أشخاص لم يشاركوا معنا من قبل".
قالت إيريكا: "هذا هو بيت القصيد. فمع برنامج "أكسس" سيسجل الأعضاء في السباقات التي يعتزمون المشاركة فيها فقط، وبحسب تقديراتنا، سوف يتيح ذلك بضعة آلاف من الأماكن التي كانت تُحجز دون استخدامها. أي أن برنامجنا يزيد من عدد المشاركين أيضاً دون زيادة مصاريف التسجيل. إن ذلك يعد أمراً إيجابياً بالنسبة للجميع".
كان داني واضحاً في مسألة أنه لا يريد مقترحاً يزيد الأسعار - فقد كان من المهم بالنسبة له الحفاظ على أن تكون الرسوم في متناول المتسابقين بشكل نسبي. ولقد عرض آلان وإيريكا هذا الحل لأنه يسوقهم بصورة أفضل إلى الهدف المنشود، وذلك من خلال التركيز على زيادة السعر بالنسبة لمن هم مستعدون للدفع مقابل تجنب التعب والتوفير في مصاريف التسجيل.
أضاف آلان قائلاً: "وسنفعل كل ذلك من دون أن تزيد تكاليفنا بصورة كبيرة، وهو ما تسعى إليه كارلتون"، مشيراً بذلك إلى شركة الاستثمار الخاصة التي استثمرت مؤخراً في مندوزا ماراثون. كان داني يعلم أن علامته التجارية غير مُستغلة بالشكل الأمثل، ولقد تعهدتْ كارلتون بأن تساعده في توسيع قاعدة عملاء مندوزا ماراثون (وبالتالي تزيد إيرادات كارلتون ذاتها)، مع الحفاظ على روح مبادئ الشركة المتمثلة في تحفيز المتسابقين على بلوغ أقصى قدراتهم الجسمانية والعقلية.
قال داني: "لن يعزز حجتكم إخباري بأن الاقتراح سيحوز على قبول المستثمرين. فأنا لا أهتم بما يعتقدون، ما يهمني هو متسابقينا". تبادلت إيريكا وآلان نظرات سريعة. فقد كانا يعلمان أنه يتعرض لضغوط من كارلتون من أجل زيادة صافي الأرباح، إلا أنه يكره التركيز على الأرباح. وعندما كان يتحدث عن التوسع، كان يقصد بذلك إقناع مزيد من الأشخاص باتباع منهج مندوزا ماراثون في الحياة. أوضح آلان قائلاً: "سوف يحصل المشاركون في "أكسس" كذلك على فوائد أخرى، مثل تذاكر دخول الشخصيات المهمة للمشجعين، واشتراك في مجلتنا، وتخفيضات على المشتريات من متاجرنا".
كان من الواضح لإيريكا أن داني لم يقتنع بالفكرة بعد، فقالت: "لمَ لا نأخذ آراء بعض معجبينا بالفكرة؟"
امتعض داني قائلاً: "على غرار مجموعات التركيز؟ هل عُدنا إلى عام 1989؟"
"كلا"، أجابت إيريكا، "من خلال الإنترنت، فيسبوك، وتويتر. دعونا نرى نموذجاً لرد فعل المتسابقين. وليس علينا أن نطلعهم على جميع التفاصيل، سنخبرهم فقط بالفكرة العامة".
قال آلان: "سوف تعجبهم الفكرة، وإن لا، فسيعتادون عليها."
آراء رواد مواقع التواصل الاجتماعي
سأل داني بنبرة من الشك بعد مرور أسبوع، وهو يقرأ تقريراً قدمته له إيريكا، "هل هذه آراء حقيقية؟" كان يقرأ التعليقات: "1,500 دولار؟ لا بد أن بطاقة العضوية مصنوعة من الذهب!"، "هل أشتري برنامج أكسس كي أتبارى مع محاربين هواة فاحشي الثراء دفعوا المال مقابل عدم الوقوف في الطابور بدلاً من العدو مع رياضيين حقيقيين؟ كلا، شكراً". شعرت إيريكا بالحرج لكنها أخفت ذلك. فقد تفاجأت هي الأخرى ببعض الردود اللاذعة وبدأت تشعر بتراجع ثقتها في المقترح. كانت تعلم بأن عليها ألا تستمع لبعض الأشخاص المتهكمين على شبكة الإنترنت، ولكن رغم قصر فترة عملها في منصبها، كانت تعرف كيف يُقدِّر داني كل متسابق من المتسابقين.
أقرّ آلان بأن "ردود الفعل كانت مختلطة". ردّ داني وهو يقرأ رأياً آخر: "مختلطة؟ تلك آراء قاسية. مندوزا ماراثون أصبحت الآن مجرد شركة من مصاصي دماء لا يكترثون لالأشخاص الذين وصلوا بالسباقات إلى ما هي عليه. لا يبدو أن الآراء 'مختلطة' بالنسبة لي".
قالت إيريكا: "نحن في حاجة للنظر إلى الصورة في مجملها. الردود الإيجابية أكثر بثلاثة أضعاف من مثيلاتها السلبية. كما أن عدداً كبيراً من المتسابقين طلبوا التسجيل في البرنامج!".
كان داني لا يزال منغمساً في التعليقات، فقرأ تعليقاً آخر: "أعلم أنكم تديرون عملاً تجارياً يهدف إلى الربح، لكن هذا الاقتراح مهين".
ثم سأل داني: "هل آن أوان إغلاق هذا الموضوع؟".
رد آلان بحزم: "كلا، هناك مخاطرة بلا شك، لكن من ينشرون التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي هم أشد الناس انتقاداً بطبيعتهم، وحتى لو قمنا بإحصاء التعليقات السلبية، فإنها تمثل نسبة قليلة من متابعينا على فيسبوك. ولو حدث وخسرنا هؤلاء فلن تكون تلك نهاية العالم، وبخاصة إذا كانت النتيجة هي الحصول على 3,000 عضو جديد في برنامج أكسس. إن هذا الأمر يتعلق بنمو علامتنا التجارية - وبإيراداتنا أيضاً. أعلم أنك لا تريد إغضاب مشجعينا الأساسيين، ولكن علينا أن نجذب مجموعة أكبر من العملاء.
واصل آلان حديثه قائلاً: "خذ شركة بورشه على سبيل المثال، أصيب محبوها بهلع شديد من إطلاقها طراز كايين ودخول عالم السيارات الرباعية، لكن كايين أصبحت أكثر الطرازات مبيعاً ولم يتخل المعجبون عن الشركة. وأصبحت علامة بورشه التجارية أكثر قوة من أي وقت مضى".
ثم تساءل داني، "هل تتفقين معي يا إيريكا؟"
ترددت إيريكا في الرد. كان لدى آلان وجهة نظر جيدة فيما يتعلق ببورشه، غير أن حدسها كان يخبرها بأن حالة شركتهم قد تكون مختلفة.
"أنا على الحياد هنا، أفهم رأي آلان. كما أعلم أنك، أعني نحن - لا نرغب في أن نظهر بمظهر الخونة، ولا يسعني إلا أن أفكر في شركة دوك مارتينز. فعندما بدؤوا بشكل نشط في تسويق أتفهم السبب وراء شعور إيريكا وداني بالتوتر تجاه خطة الأسعار الجديدة، ولكن ليس هناك حاجة للتخلص من الأمر برمته الجيد منه والسيء في آن واحد. يحل برنامج أكسس بعض المشكلات الحقيقية للشركة، مثل اصطفاف المتسابقين في الطوابير، والاشتراكات الزائدة. هناك حاجة فقط لأن يقوم فريق العمل في مندوزا ماراثون بتحسين طريقة تقديم البرنامج، وذلك بجعله جزءاً من عدة عروض بغرض إسعاد العملاء والحفاظ على مشاركتهم.
رأي الخبراء:
هل ينبغي على مندوزا ماراثون المضي قدماً في برنامج مندوزا أكسس؟
إن التسجيل في أحد سباقات مندوزا، أو شراء تذكرة لحضور مباراة كرة قدم، ليس مثل شراء علبة حليب.
حيث يشعر الناس بانخراط عاطفي أكبر بكثير تجاه إنفاق "ميزانية الترفيه"، وهي المبلغ البسيط المتبقي بعد دفع نفقات الطعام، والسكن، والمواصلات، والضرائب، وهلم جرا. ومن ثم، فإن هناك ضغطاً شرساً على مثل تلك المنتجات كي تلبي احتياجات العملاء: من الأفضل أن تكون تجربة العميل معهم مرضية جداً. وعندما يكون لديك مشجعون أساسيون، تكون التوقعات أعلى حتى من ذلك بكثير. أعلم من خبرتي في إدارة نوادي كرة القدم أن بعض المشجعين يشعرون كما لو كانت العلامة التجارية جزءاً من حمضهم النووي. وثمة حالة شبيهة بالملكية تنعكس في وشم مندوزا ماراثون على ذراع توبي، وفي رد فعل مشجعي كرة القدم عندما يحاول المُلاك تحديث الملعب أو قميص الفريق. فهم يعتقدون أننا نعبث في شيء يمتلكونه - وهو أمر لا نملك الحق فيه.
لكن صياح الأقلية الصاخبة لا يعني بالضرورة أن تغير مندوزا ماراثون من منهجها. يمكن لإيريكا أن تجعل البرنامج أفضل إن كرّست الوقت لتقسيم قاعدة العملاء إلى شرائح وفهم تركيبة فئات العملاء المختلفة، حيث أنهم جميعاً يمتلكون دوافع مختلفة لولائهم للعلامة التجارية. هناك بالتأكيد متسابقون أثرياء سيدفعون بسعادة المصاريف الإضافية لعضوية برنامج أكسس، وليس هناك سبب لعدم طرح هذا المنتج واستخدامه في زيادة الأرباح. بينما قد يستمتع آخرون بتجربة الوقوف في الطابور ولن يجدوا البرنامج جذاباً.
كان لدينا الكثير من الأفكار في مانشستر يونايتد، والتي كنا نتوقع أن يحبها مشجعونا، لكنها لاقت نتائج متنوعة. على سبيل المثال، اعتقدنا أنه سيكون من الرائع أن نعرض على ملاك المقصورات الفاخرة في الملعب توصيل مشترياتهم إلى مقصوراتهم. ابتهج بعض عملائنا لأنهم سيتجنبون المشقة وازدحام المتسوقين، لكن البعض الآخر شعر بنفور شديد من تلك الفكرة. حيث أن ذهابهم إلى المتجر بأنفسهم والتفاعل مع غيرهم من المشجعين، ولمس المنتجات بأيديهم، يعد جزءاً من متعة التجربة. لذا خصصنا لمثل هؤلاء المشجعين طابور الدفع السريع لنوفر عليهم الوقت.
ومن بين الأفكار الأخرى التي جربناها أن نرسل أحد أساطير كرة القدم (لاعب سابق) ليزور المشجعين في المقصورة. اعتقدنا أن ذلك سيكون ميزة هائلة، وكان الأمر كذلك بالفعل بالنسبة للعديد من مشجعينا الأساسين. لكن غيرهم شعروا بالاستياء من الفكرة. فهم لم يكونوا من مشجعي كرة القدم؛ لكنهم اشتروا المقصورة فقط من أجل الترفيه عن عملائهم أو ضيوفهم. فقد شعروا بالقلق من أن زيارة أسطورة كرة القدم بشكل غير متوقع سوف تقاطع محادثات عمل هامة، بل وربما مثلت لهم مصدر إحراج إذا لم يتعرفوا على اللاعب السابق.
عندما يكون لديك مشجعون يؤمنون بأنهم ملّاك منتجك، يجب عليك أن تدخل التعديلات على هذا المنتج بالتعاون معهم. ينبغي على إيريكا وآلان أن يفكرا في تأسيس منتدى - مجموعة تمثل جميع أطياف المتسابقين لا المشجعين القدامى وحسب - ثم تُعقد بعد ذلك جلسات عصف ذهني لمناقشة برنامج أكسس. يمكن لمندوزا ماراثون أن تقول لتلك المجموعة: "نعلم جميعاً أن هناك بطاقات مشاركة في السباقات تضيع هباءً، وهو أمر غير جيد بالنسبة لأحد. فكيف نحل هذه المشكلة؟" وبطبيعة الحال، في حين أنه من الضروري الحفاظ على مشاركة العملاء الأساسين، إن كنت ستنمي علامتك التجارية مثلما ترغب مندوزا ماراثون في فعل ذلك، فعليك أن تزيد من جاذبيتك. فبدلاً من إيقاف برنامج مندوزا أكسس، ينبغي على داني وفريقه أن يقدموا البرنامج كجزء من العديد من الخيارات التي تقدمها الشركة لعملائها.
إذا مضى داني وفريقه قدماً في برنامج مندوزا أكسس، فإنهم في الأساس سيبعثون برسالة مفادها أن المال أهم عند الشركة من إخلاص مشجعيها الأساسيين. وهم بذلك يخاطرون بتشويه علامتهم التجارية بصورة لا يمكن إصلاحها فيما بعد، من خلال استبعاد هؤلاء العملاء الأساسين.
وسواء أكان في مقدور المشجعين المتعصبين - أو أي من متسابقي مندوزا ماراثون الآخرين في هذا الصدد - تحمُّل دفع 1,500 دولار أم لا، فإن هذ الأمر لا علاقة له بالموضوع. إن طلب الشركة من أكبر مشجعيها، وبخاصة هؤلاء الذين يوشمون شعارها على أجسامهم، أن يدفعوا المزيد من المال للاستمرار في المشاركة في السباقات التي يحبونها لا يعد طريقة ذكية لتنمية الشركة. وبمقدور إيريكا وآلان بكل تأكيد أن يجدا طرقاً آخرى لبناء علامة الشركة التجارية مع علاج مشاكل العملاء في آن واحد.
بادئ ذي بدئ، من الخطأ النظر إلى الطوابير الطويلة وتحديات التسجيل على أنها أمر سلبي. إن امتلاك منتج الحصول عليه أصعب من الحصول على تذاكر حفلات سبرينجستين هو مشكلة تتمنى معظم الشركات لو أنها تحدُث عندها. عندما كنت أعمل في كل من إم تي في (MTV) وريد بول، نظَّمنا فعاليات كان الكثير من الناس لا يتمكنون من شراء تذاكر دخولها التي كان الحصول عليها أمراً صعباً، وكان ذلك لا يؤدي سوى إلى تعزيز قوة علامتنا التجارية. فعندما يندر شيء ما، تزيد رغبة الناس فيه. وينبغي على مندوزا ماراثون استغلال تلك النقطة لصالحها. تخيّل قيمة الشعار التالي من وجهة نظر العلاقات العامة: "المشاركة في سباق مندوزا أصعب من الالتحاق بهارفارد". فبدلاً من مساعدة العملاء على تجنب الطوابير الطويلة، ينبغي على إيريكا وآلان إيجاد طرق يجعلون بها الانتظار أكثر متعة من خلال تشجيعهم على المشاركة، وتبادل القصص، وتكوين العلاقات.
ثانياً، إذا كانت مشكلتكم الأساسية تتمثل في عدم تمكن العملاء من المشاركة في السباقات، فإن الطريقة البديهية لتنمية شركتكم هي تنظيم المزيد من الفعاليات. ولكن قوموا بذلك بحذر: لا تخلقوا سعة زائدة. أثناء عملي في إم تي في، كانت تذاكر إحدى الحفلات السنوية لتوزيع الجوائز في هولندا تباع عن آخرها. وفي إحدى السنوات، انتقلنا إلى موقع أكبر، فكانت هناك مقاعد شاغرة - وهو ما قلل من متعة الحدث ومن كونه حصرياً. ينبغي على القادة في مندوزا ماراثون تحسس الموقف بصورة دائمة لِيعرفوا متى يصلون إلى نقطة التحول، وذلك عندما تصبح المشاركة في السباقات سهلة للغاية، وعندئذ يكونون عرضة لوجود فعاليات يقل عدد المشاركين فيها.
إنني أوصي كذلك بمعالجة مشكلة تعدد التسجيل بشكل مباشر وحاسم. بمقدور مندوزا ماراثون زيادة رسوم التسجيل (بعد إقناع داني بذلك بالطبع) وذلك بغرض إثناء العملاء عن التسجيل في فعاليات أكثر مما يستطيعون المشاركة فيه, أو منع ذلك ووضع غرامات لعدم الحضور. ربما يجعلكم ذلك تخسرون بعض العملاء، لكنه قد تسبب في سخط المشجعين المتعصبين بدرجة أقل من برنامج أكسس، وذلك لأنه سيتيح أماكن أكثر للمشاركة دون مطالبتهم بدفع رسوم أكبر.
وأخيراً، فبدلاً من استغلال استعداد المشجعين المتعصبين لدفع رسوم أكبر، ينبغي على مندوزا ماراثون التركيز على مكافأتهم على ولائهم. فبإمكانها إنشاء نادٍ لمشجعي مندوزا المتعصبين، حيث يحصل المشجع الذي يشارك في عشر سباقات على حق الحصول على مزايا إضافية، مثل عدم الاضطرار إلى الوقوف في الطابور بعد ذلك مطلقاً. هذا الأسلوب يعني التخلي عن فرصة للحصول على إيرادات إضافية، لكنه سينتج عنها ميزة عدم مضايقة المشجعين المتعصبين لدرجة تجعلهم يهجرون مندوزا ماراثون.
كانت إيريكا محقة فيما يتعلق بشعورها بالقلق من المنافسة عندما قالت إنهم لم يعودوا الشركة الوحيدة من نوعها. حيث يمكن للعملاء أن يهجروا الشركة للمشاركة في سباقات أخرى، إذا لم تعزز مندوزا ماراثون من التزام العملاء تجاه علامتها التجارية. لكن المشاركين الذين أكملوا المشاركة في 10 سباقات من سباقات مندوزا ماراثون قد غرقوا بالفعل في تكاليف باهظة، ولذا، فإن وضع برنامج للولاء سوف يجعل التحول إلى منافس آخر بالنسبة لهم أمراً غير جذاب بدرجة أكبر. ومن الناحية النظرية، يمكن لأي شخص أن يدفع على مضض 1,500 دولار، غير أن نادي المشجعين المتعصبين سوف يُبقي على ولائهم كما سيمنح المبتدئين شيئاً يطمحون إليه.
في المرة القادمة التي تتحدث فيها إيريكا إلي عميل مستاء يقف في الطابور - لنفترض أنه "سارة، 9" - عليها أن تبتسم وتقول، "أمامك سباق إضافي واحد لا غير يا سارة. سباق واحد آخر وحسب".