كيف تساعد موظفيك على التعلم من بعضهم البعض؟

5 دقائق

عندما يريد فريقك تعلم مهارة جديدة، إلى أين يتجهون أولاً؟ إلى جوجل، أم يوتيوب، أم إلى برامج التدريب الخاصة بالشركة؟ أم تراهم لا يتجهون إلى أي وجهة! وفقاً لدراسة أجرتها شركتنا ديغريد، يتجه المزيد من الموظفين أولاً إلى زملائهم في العمل (55%)، الذين يأتون في المرتبة الثانية مباشرة بعد سؤال رؤسائهم. يمكن أن يكون التعلم من زملاء العمل أداة تطوير قوية تخترق بعض العوائق الشائعة أمام بناء المهارات، كما أنّ لها فوائد أخرى أيضاً.

ومع ذلك، لا يزال يتعين على العديد من المؤسسات إنشاء هيكل رسمي لتعلم زملاء العمل من بعضهم البعض. وفي استبيان لشركة ماكنزي للأبحاث، أفاد المسؤولون عن التعلم والتطوير في الشركة أنه في الوقت الذي يُستخدم فيه التدريب في الفصول الدراسية والتعلم التجريبي وتطبيق المهارات أثناء العمل بشكل منتظم كآليات للتعلم، فإنّ أقل من نصف المؤسسات قد أنشأت فعلياً أي شكل رسمي من أشكال تعلم زملاء العمل من بعضهم البعض. قال واحد من كل ثلاثة مشاركين في الاستبيان إنّ مؤسساتهم ليس لديها حتى أي أنظمة لمشاركة التعلم بين الموظفين.

في عملية البحث من أجل كتابنا "اقتصاد الخبرة" (Expertise Economy)، وجدنا أنّ المدراء غالباً ما يترددون في تأسيس منهجية رسمية لتعلم زملاء العمل من بعضهم البعض في المقام الأول بسبب تصور شائع يفيد بأنّ الخبراء من خارج الشركة هم أكثر قيمة كمعلمين من الموجودين بداخلها، ونظراً لأن برامج التعلم من زملاء العمل تمتد عبر جلسات متعددة. في هذا السياق، يُفترض أن يكون هناك فائدة أكبر لإرسال الموظفين إلى تدريب مكثف على يد خبير خارجي يستغرق يوماً واحداً.

الأمر ليس كذلك. أولاً، يقوم التعلم من زملاء العمل على الخبرة الموجودة بالفعل في المؤسسة. فكّر في جميع الأشخاص الأذكياء الذين تُعينهم وتحيط نفسك بهم كل يوم، وحجم ما يمكن اكتسابه إذا ما شارك هؤلاء الزملاء خبراتهم مع بعضهم البعض للتعلم وبناء مهارات جديدة.

كما أنّ التعلم من زملاء العمل مناسب تماماً للطريقة التي نتعلم بها، حيث يكتسب الناس مهارات جديدة على أفضل وجه في أي موقف يتضمن جميع المراحل الأربع لما نسميه "حلقة التعلم" وهي: اكتساب المعرفة والممارسة من خلال تطبيق تلك المعرفة والحصول على تعليقات أو ردود فعل والتفكير فيما تم تعلمه. يشمل التعلم من زملاء العمل كل هذه الأمور.

على سبيل المثال، عندما كانت كيلي مسؤولة عن التعلم في لينكد إن، أنشأ فريقها برنامجاً للتعلم من زملاء العمل مصمماً حول القيم الرئيسية للشركة. ركّز قسم واحد من البرنامج على المحادثات الصعبة، وطُلب من كل مشارك تحديد محادثة صعبة واقعية يحتاجون للقيام بها في إطار العمل (خاصة تلك التي قد يتجنبونها). تم تعليمهم أولاً كيفية التعامل مع المحادثات الصعبة (المرحلة الأولى)، بعدها مارسوا ما تعلموه مع بعضهم البعض قبل إجراء المحادثات في الحياة (المرحلة الثانية). دخل صاحب العمل مع أحد موظفيه في مواجهة حول مواعيده النهائية التي لم يلتزم بها، وهو نمط كان له تأثير سلبي على الفريق. لم تكن المحادثة جيدة، فقد شعر حازم بالحرج، فيما أخذ عماد موقفاً دفاعياً. عندما شارك حازم هذه التجربة مع زملائه في مجموعة التعلم، قاموا بمشاركة آرائهم وأفكارهم بشكل منفتح، وكذلك تجاربهم الخاصة في مواقف مماثلة (المرحلة الثالثة). وبما أنّ كل فرد في المجموعة، وليس حازم فقط، علّق على ما تعلمه، فقد خلصوا إلى أنهم أصبحوا أكثر ثقة وتسلحاً بأفكار حول كيفية التعامل بشكل أفضل مع وضع مماثل في المستقبل (المرحلة الرابعة). وأشار أعضاء المجموعة لاحقاً إلى أنّ محادثاتهم الصعبة في الحياة الواقعية صارت أكثر إنتاجية.

يعتمد تطور المتعلم على مدى استعداده لارتكاب الأخطاء وتحدي الأفكار والتحدث عن المخاوف، كما فعل حازم وزملاؤه في مجموعتهم. على عكس بعض أساليب التعلم، مثل الاختبارات أو الامتحانات، أو طرق عرض المهارات التي يشوبها ضغوط كبيرة. فالتعلم من زملاء العمل يخلق مساحة يمكن للمتعلم خلالها أن يشعر بالأمان لتحمله هذه المخاطر دون الشعور بأنّ رئيسه يُقيّم أداءه أثناء تعلمه. من الأرجح أن تدخل في محادثات صريحة مع أحد زملاء العمل حول المجالات التي تحتاج إلى تطويرها أكثر من القيام بذلك مع شخص يمارس سلطاته عليك في مهنتك أو يتحكم بمستوى دخلك. في منهجية التعلم من زملاء العمل، تختفي ديناميكية التسلسل الهرمي. وعلى عكس الطرق الأخرى، مثل المحاضرات في الفصول الدراسية أو حضور دورة تدريبية عبر الإنترنت تدور حول الامتثال لقواعد العمل، يوفر التعلم من زملاء العمل فرصة منظمة لإجراء هذه المناقشات بشكل مبدئي.

هناك فائدة ثانوية للتعلم من زملاء العمل تتمثل في أنّ شكل التعلم نفسه يساعد الموظفين على تطوير مهارات الإدارة والقيادة. وتساعد محادثات التفكير الجماعي الموظفين على إتقان المهارات الصعبة مثل تقديم التعليقات وردود الفعل الصادقة والبنّاءة وتقبلها. ونظراً لأن ردود الفعل تسير في الاتجاهين، فإنّ المشاركين في التعلم من زملاء العمل يميلون إلى بذل مزيد من الوقت والطاقة للتأكد من فائدة ردود الفعل التي يقدمونها ويفكرون من وجهة نظر أقرانهم، آخذين بعين الاعتبار خلفية كل منهم، ويحاولون أن يعرفوا أفضل السبل المفيدة والبناءة للقيام بذلك على وجه الدقة. لا يحدث هذا في كثير من الأحيان عندما يقدم أحد المدراء تعليقاته وردود فعله في اتجاه واحد إلى الموظفين. وبالمثل، فإنّ التعلم من زملاء العمل يعطي الموظفين خبرة في القيادة والتعامل مع وجهات نظر مختلفة وتطوير مهارات مثل التعاطف.

إعداد برنامج تعلم الزملاء من بعضهم البعض

يمكن أن تأخذ برامج التعلم من زملاء العمل أشكالاً عدة. وبصفتك مديراً، يمكنك إطلاق برنامجك عبر الإنترنت أو بشكل شخصي مباشر. يمكن لبرنامجك أن يربط المشاركين في جلسات ثنائية أو ينشئ مجموعات عمل مشتركة تعمل معاً على مشاكل العمل الحقيقية على مدى بضعة أشهر، أو المشاركة في جلسات أسبوعية يشارك فيها الأفراد أحدث معارفهم التي اكتسبوها مع أقرانهم مع إتاحة الكثير من الوقت للمناقشة والتفكير.

لكي تجعل أي برنامج للتعلّم من زملاء العمل ناجحاً بالنسبة لفريقك، نوصي ببعض أفضل الممارسات:

1- قم بتعيين ميسّر لعملية التعلم

على الرغم من أنّ بنية التعلم من زملاء العمل هي بنية أفقية أكثر منها تسلسلية هرمية، من المهم وجود طرف محايد، غير مدير الفريق، لتسهيل إبقاء البرنامج في المسار الصحيح. يجب أن يُنظّم هذا الشخص، الذي يفترض أن يكون مُيسّرا ماهراً، جلسات التدريب وأن يحافظ على تركيز الجميع على الموضوع، ويحافظ على تقدم المحادثات، وعلى توفير جو إيجابي للمشاركين في التعلم والتجربة وطرح الأسئلة.

2- ابنِ بيئة آمنة

ينجح التعلم من زملاء العمل فقط عندما يشعر المشاركون بالأمان الكافي لمشاركة أفكارهم وتجاربهم وأسئلتهم. يجب أن يكونوا منفتحين ومتقبلين لتعرضهم للهجوم بما يكفي لقبول التعليقات وردود الفعل البناءة، كما يجب أن يكون لديهم أيضاً الشجاعة لتقديم ردود فعل صادقة بدلاً من إخبار الناس بما يريدون سماعه.

لبناء بيئة تعلم آمنة، ضع لها قواعد أساسية. تشمل بعض الاقتراحات في هذا الصدد ما يلي: يجب احترام السرية والنظر إلى ردود الفعل كبادرة كريمة ومقابلة ذلك دائماً بالامتنان، وينبغي على المشاركين أن يمارسوا التعاطف مع الآخرين وأن يضعوا أنفسهم في مكان الآخرين ليتفهموا وجهة نظرهم، كما لا ينبغي أبداً الاستهزاء من المشاركين أو إحراجهم عند تعبيرهم عن أنفسهم أمام أقرانهم.

3- ركّز على مواقف واقعية

كلما كان ممكناً، ينبغي أن تركز هذه الجلسات على المشاكل الحقيقية التي تحتاج إلى حل. من المرجح أن يشارك الناس ويتعلمون ويتذكرون مهارات جديدة إذا تم تعلّمها في سياق مواجهة تحد حقيقي.

4- شجّع التشبيك والتواصل

من الوسائل المساعدة كذلك إنشاء شبكات اجتماعية عبر الإنترنت حول التعلم، وتنظيم فعاليات التواصل الشبكي للأشخاص لمناقشة مجالات خبرتهم، وإنشاء مجموعات التعلم التي تجتمع بانتظام لمناقشة الأفكار. وتبني بعض المؤسسات حملات ضخمة على مستوى الشركة في محاولة لجذب كل المشاركين.

مع وجود برنامج تعلم من زملاء العمل مصمم بشكل جيد كمتمّم لبرامج التعلم التقليدية، سيقوم أعضاء فريقك ببناء مهارات وعلاقات دائمة تسمح لهم بتوظيف المهارات التي يتعلمونها في تلك البرامج في عملهم اليومي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي