لدى المسؤولين التنفيذيين عن المبيعات عادة محفزان لمحاولة الارتقاء بالمبيعات: بوسعهم زيادة حجم الجهود المبذولة في المبيعات بزيادة عدد مندوبي المبيعات، أو تحسين جودة تلك الجهود بالاستثمار في التوجيه والتدريب.
وهناك نهج ثالث غالباً ما يغض الجميع الطرف عنه، ألا وهو الارتقاء بتخصيص جهود المبيعات. يستطيع مندوبو المبيعات أن يعملوا بشكل أذكى لا بكد أكثر، وهذا بتقسيم وقتهم بشكل أنسب على الزبائن والمنتجات وأنشطة المبيعات. ولتخصيص جهود المبيعات أثر عظيم على المبيعات والأرباح، حتى أنه يتجاوز، في بعض الأحيان، أثر زيادة حجم الجهود أو جودتها.
وكثيراً ما يتحدث تنفيذيو المبيعات عن مدى إساءة فرق المبيعات لتخصيص جهودها. فينفق مندوبو المبيعات وقتاً أطول من اللازم مع "الأصدقاء والعائلة" (أي الزبائن الحاليين الذين تربطهم بهم علاقة قوية) بدلاً التركيز على العملاء المرتقبين أصحاب الإمكانات العالية. ولا تحصل المنتجات المهمة استراتيجياً على دعم المبيعات الكافي. وتزحف الأنشطة الخدمية والأنشطة الواقعة خارج نطاق المبيعات إلى وظيفة المبيعات، ويحوُل تشوه دور مندوبي المبيعات بينهم وبين استقطاب أعمال جديدة. ومن الصعب تشخيص أخطاء التخصيص المكلفة من هذا النوع وإصلاحها.
ومن خلال طرح ستة أسئلة (على الترتيب من الأبسط إلى الأكثر تعقيداً)، يمكنك اقتفاء أثر السبب الوجيه لأي سوء تخصيص لجهود المبيعات وصولاً إلى قرارات فريق المبيعات وبرامجه التي يمكن أن تحقق تحسناً.
1- هل يعرف مندوبو المبيعات الجوانب ذات الأهمية؟ لو لم يستبين مندوبو المبيعات أي الأسواق والمنتجات التي تمثل أولوية بالنسبة لهم، فسوف يضعوا قواعدهم الخاصة بشأن كيفية تمضية وقتهم. والحل واضح؛ ألا وهو التواصل المستمر "إليك الطريقة التي نريدك أن تمضي بها وقتك، وإليك النتائج التي نتوقعها". ويعزز التدريب وإدارة الأداء وأهداف المبيعات التواصل، بينما ترصد المقاييس الأداء "ما يمكن قياسه يمكن تنفيذه". عندما أرادت إحدى شركات الخدمات اللوجستية للأعمال أن ينفق مندوبو مبيعاتها وقتاً أطول على بيع ثلاثة خطوط منتجات استراتيجية، تركَّز اهتمام فريق المبيعات لتلك الخطوط بأن رصدت لمندوبي المبيعات هدف مبيعات لكل خط منفصلاً عن هدفهم لمحفظة الاستثمارات بأكملها. ويستطيع مندوبو المبيعات متابعة تحقيق الأهداف جميعها دقيقة بدقيقة.
2- هل يملك مندوبو المبيعات المعلومات التي يحتاجون إليها؟ من الأرجح أن يمضي مندوبو المبيعات وقتهم بكفاءة عندما تُتاح لهم إمكانية الوصول إلى معلومات وأدوات جيدة. استخدمتْ إحدى شركات الاتصالات نماذج تنبؤية - على غرار شركتي "نتفليكس" (Netflix)، و"أمازون" (Amazon)- لتوجيه مندوبي مبيعاتها فيما يتعلق بكيفية الارتقاء بالمبيعات التي تستهدف الفئة العليا للعملاء المرتقبين ذات الأداء المتدني. وإذ عثرت الشركة على "بيانات نظيرة" لهؤلاء الزبائن - أي زبائن مماثلين يشترون بكميات أكبر بكثير - فقد تمكنت من إمداد مندوبي المبيعات برؤى ثاقبة فيما يتعلق بنوعية الزبائن أصحاب الأداء المتدني الذين لديهم فرصة ثمينة غير مستغلة، وأي استراتيجيات المبيعات أفلحت في مواقف مثيلة في الماضي. وساعدت المعلومات مندوبي المبيعات على التركيز على عروض المنتجات التي لبّت احتياجات الزبائن، وبذلك زادت المبيعات.
3- هل يتمتع مندوبو المبيعات بالكفاءات المطلوبة؟ عندما يغض مندوبو المبيعات الطرف عن الأولويات بسبب المهارات أو المعارف القاصرة، يكمن الحل في التوجيه والتدريب. اكتشفت إحدى شركات تصنيع الحاسوب التي تبيع منتجاتها من خلال الموزعين أن كثيراً من مندوبي مبيعات موزعيها لم يقدموا الدعم الكافي للمنتج الجديد للشركة، ما أدى إلى مبيعات متدنية وفرصة مهدرة. وشدد تدريب مندوبي مبيعات التوزيع على منتج الشركة المصنعة على المواصفات التقنية. حقق ذلك التشديد النتائج الأفضل لأكثر مندوبي المبيعات خبرة، لكنه أربك مَن سواهم ولم يؤهلهم للتعامل مع الزبائن. وعندما أعادت الشركة المُصنعة تركيز التدريب على كيفية بيع المنتج (على سبيل المثال، كيفية العثور على مشترين وتأهيليهم، وكيفية توصيف المزايا التنافسية للمنتج، وكيفية إقناع الزبائن بالسبب الذي يدعوهم للشراء)، أمسى مندوبو مبيعات الموزعين أكثر ثقة بأنفسهم، وزادت المبيعات.
4- هل لدى مندوبي المبيعات الحافز الذي يشجعهم على النجاح؟ يشعر مندوبو المبيعات بالحافز عندما يلمسون قيمة تعود عليهم من وراء جهودهم: مثل النجاح الوظيفي أو التقدير أو الرضا الشخصي أو المال أو ما سبق. وتتضمن حلول مشكلات الحافز لدى فريق المبيعات تغيير خطة الحوافز أو تعديل معايير برامج التقدير، مع الإقرار بجهود الناجحين في الوقت ذاته. عندما أرادت إحدى شركات تصنيع الأجهزة الطبية الاستحواذ على حصة من السوق بالإطاحة بمنافس محدد، عرضتْ على مندوبي المبيعات علاوة نظير كل جهاز منافس يُطاح به، وأنشأتْ تطبيقاً للهواتف المحمولة يشتمل على لوحة لمندوبي المبيعات المتصدرين بأكبر عدد من عمليات الإطاحة بالأجهزة المنافسة. وساعد المدراء المباشرون أيضاً على تعزيز الحافز بتشجيع مندوبي المبيعات والإقرار بنجاحاتهم وإنجازاتهم.
5- هل لدى مندوبي المبيعات موارد كافية؟ عندما يمضي مندوبو المبيعات وقتهم على نحو غير مناسب لأن لديهم عدداً مبالغ فيه من المسؤوليات المتنوعة، يمكن أن يضمن الهيكل الجديد لفريق المبيعات التركيز على أولويات الشركة. عندما تباطأت وتيرة تطوير العملاء في واحدة من شركات التقنية، أعادت الشركة هيكلة فريق المبيعات، فقسمته إلى "صائدين" و"مزارعين". الصائدون هم المتخصصون في استقطاب عملاء جدد. وفور إبرام الصفقة، يضطلع "المزارعون" بالمهمة لتعزيز وتوطيد العلاقة وتشجيع الزبون على تكرار الشراء. وأمد "المزارعون" الزبائن الحاليين بالدعم المستمر الذي يحتاجون إليه، بينما ازدهرت أنشطة تطوير الأعمال الجديدة لأنّ الأنشطة الخدمية المستنفدة للوقت لم تصرف انتباه "الصائدين".
6- هل يتحلى مندوبو المبيعات بالسمات الشخصية الفطرية السليمة؟ يمكن أن يطور التدريب كفاءات مندوبي المبيعات، غير أن النجاح يمكن أن يتطلب أيضاً خصالاً فطرية. عندما يحدث سوء تخصيص لجهود المبيعات بسبب افتقار مندوبي المبيعات لسمات مثل المرونة الفكرية أو الإصرار، يكمن الحل في تعيينات أفضل والحفاظ على الموظفين المناسبين. عينتْ إحدى شركات توريد معدات الإنشاءات في السابق عاملين سابقين في مجال الإنشاءات ضمن فريق مبيعاتها. وكان لدى كثير من مندوبي المبيعات هؤلاء خبرة فنية، لكنهم افتقروا إلى الشخصية القوية والقدرات المطلوبة والحافز الذي يدفعهم لإبرام الصفقات في الظروف الصعبة. وعندما عانى الاقتصاد كساداً، أصبح البيع أصعب من ذي قبل، وبدأ مندوبو المبيعات يركزون اهتمامهم كله تقريباً على العملاء الودودين المخلصين حصراً. وغيّر الموزع استراتيجية تعييناته؛ فبدلاً من تعيين خبراء في صناعته، بدأ يعين "بائعين طبيعيين" على استعداد لتعلم أسرار الصناعة. وأفضى هذا التغيير، الذي عززته تغييرات أخرى في ثقافة المبيعات، إلى تحسن كبير في الإيرادات.
رُتبت هذه الأسئلة لكي يكون بالإمكان التعامل مع ما طُرح منها أولاً بتغييرات يسهل تنفيذها في فريق المبيعات؛ فالتغييرات الطارئة على مقاييس الأداء والمعلومات (السؤالين الأول والثاني) تتطلب عادةً جهوداً بسيطة وأقل قدر ممكن من الزعزعة. أما التغييرات الطارئة على هيكل فريق المبيعات واستراتيجية التوظيف (السؤالين الخامس والسادس) فهي مزعزعة وأصعب في تنفيذها، وتستغرق وقتاً أطول ليكون لها وقع حقيقي. وتقع التغييرات الطارئة على التدريب على المبيعات وحوافزها (السؤالين الثالث والرابع) في مكان وسط. ويمكن إصلاح بعض مشكلات تخصيص الجهود بتغييرات سهلة، غير أن كثيراً منها يتطلب مجموعة كبيرة من التغييرات لتحقيق تحسن دائم.