كيف تُحيط نفسك بزملاء يساعدونك على تعزيز أدائك؟

9 دقيقة
شبكة علاقات
shutterstock.com/nepool
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يمثل إنشاء شبكة علاقات داخلية فعالة جانباً حيوياً للنجاح في المؤسسات المرنة وذات الهيكل الإداري المسطح. أثبت بحث موسع أن لشبكات العلاقات غير الرسمية التي يبنيها المدراء في مكان العمل تأثيراً في جوانب رئيسية من أدائهم، مثل سرعة تعلمهم وإبداعهم ومدى مشاركتهم في مشاريع بارزة وحجم تأثيرهم داخل المؤسسة. كما أن لها تأثيراً كبيراً في الجوانب الملموسة من وظائفهم، مثل تعويضاتهم ومكافآتهم السنوية وتقدمهم المهني.

وفقاً لبحثنا، لا توجد استراتيجية واحدة لبناء شبكات العلاقات تناسب الجميع؛ فكما يختلف الأفراد، تختلف الشبكة التي يمكن أن تحقق الفائدة من واحد لآخر، ومن ثم يكمن التحدي الرئيسي في تحديد الشبكة المناسبة لك.

في محاولة لمساعدة المدراء والمؤسسات على مواجهة هذا التحدي، أجرينا تجربة ميدانية استغرقت عامين ونصف في الفرع الإيطالي لشركة عالمية لأشباه الموصلات، وركزنا على وجه الخصوص على فهم إذا كان النمط المعرفي للمدير، أي نهجه الطبيعي أو المفضل في معالجة المعلومات وحل المشكلات، يؤثر في تحديد نوع شبكة العلاقات التي يبنيها في مكان العمل، وفهم تأثير هذه الشبكات بدورها في أدائه.

رؤيتان رئيسيتان من البحث

كشف بحثنا عن رؤيتين مهمتين

  • أولاً، لتعزز شبكة العلاقات أداءك فإنها يجب أن تدعمك في المجالات التي لا تتوافق بصورة طبيعية مع نمطك المعرفي.
  • ثانياً، يميل معظم الأشخاص، باستثناء عدد قليل من أصحاب الأداء المتميز، إلى فعل عكس ما ينبغي لهم فعله تماماً: يبنون شبكات تعمل على تعزيز مواطن قوتهم الحالية بدلاً من معالجة أوجه القصور لديهم.

استناداً إلى هذه الرؤى، صممنا دليلاً مبسطاً من 3 خطوات لمساعدة الأفراد على بناء شبكات تعزز أداءهم.

دليل من 3 خطوات لتعزيز شبكة علاقاتك

الخطوة الأولى: تحديد نمطك المعرفي.

الخطوة الأولى لبناء شبكة علاقات تعزز الأداء هي تحديد نمطك المعرفي. يتفوق بعض الأفراد، المعروفين بـ “المبتكرين”، في توليد أفكار وأساليب جديدة ولكنهم قد يواجهون صعوبة في تنفيذ هذه الأفكار. على الطرف الآخر، يتمتع “المتكيفون” بمهارة تنفيذ الأفكار، لكنهم قد يفتقرون إلى القدرة على الإبداع. من المهم أن نلاحظ أن الفرق بين المبتكرين والمتكيفين ليس تصنيفياً، بل يرجع إلى مستوى كل من السمتين لديهم، إذ يُظهر معظم الأفراد خصائص المبتكرين والمتكيفين ولكن بدرجات متفاوتة. وبالتالي، لبلورة استراتيجية فعالة لبناء شبكة العلاقات المناسبة، من الضروري معرفة موقعك في سلسلة الابتكار والتكيف.

هناك عدة طرق لقياس نمطك المعرفي. إحداها إجراء تقييم للنمط المعرفي، الذي يوفر طريقة معتمدة لتحديد موقع نمطك المعرفي في سلسلة التكيف والابتكار. هناك نهج آخر هو التفكر الذاتي في عاداتك وتفضيلاتك في العمل، هل تستمتع أكثر بتوليد أفكار جديدة ومعالجة المشكلات بطريقة إبداعية؟ أم تفضل التركيز على تنفيذ الأفكار؟ هل تشعر بالراحة عند التعامل مع الغموض وعدم اليقين؟ أم تفضل التعليمات الواضحة والأدوار المحددة؟ هل تشعر براحة أكبر في أثناء توليد الفكرة أم في أثناء تنفيذها؟ يمكن أن تساعدك الإجابة عن هذه الأسئلة على فهم نمطك المعرفي.

لنأخذ على سبيل المثال أليكس، وهي مديرة الإدارة الوسطى في شركة أشباه الموصلات التي كانت موضوع دراستنا. تتميز أليكس بنمط معرفي مبتكِر واضح، حيث غالباً ما تبتكر مفاهيم منتجات جديدة وخلاقة ويسعدها التعاون مع الزملاء الذين يسهمون بأفكار متنوعة وجديدة ومتطورة. في حين أن موطن قوة أليكس يكمن في إبداع الأفكار، لكنها، مثل معظم المبتكرين، تواجه صعوبة في تنفيذها على أرض الواقع. بعبارة أخرى، لا يتوافق نمط أليكس المعرفي بصورة طبيعية مع تنفيذ الأفكار.

لنأخذ مثالاً آخر: تايلور مدير إدارة وسطى آخر يعمل في الشركة نفسها، وهو متكيف نموذجي، إذ يتفوق في تنفيذ الأفكار مقارنة بابتكارها. يكمن موطن قوة تايلور في تنفيذ الأفكار بفعالية من خلال خطط عمل مفصلة ومدروسة بعناية تؤدي إلى تأثير قابل للقياس. مع ذلك، فإنه يواجه صعوبة تتمثل في أن نمطه المعرفي لا يتوافق بصورة طبيعية مع التفكير بطريقة غير تقليدية وابتكار مفاهيم وأفكار جديدة فعلياً. لذلك يفضل تايلور بفطرته العمل في مجموعات متماسكة حيث يتبع الجميع أساليب متماثلة في حل المشكلة، ويسهُل تنفيذ المهام.

الخطوة الثانية: تحديد نوع شبكة علاقاتك

بعد تحديد أسلوبك المعرفي، فإن الخطوة التالية هي تحديد نوع شبكة علاقاتك في مكان العمل، أي معرفة إذا كانت متماسكة أو مفتوحة.

الشبكة المتماسكة هي التي تتفاعل فيها غالبية جهات اتصالك فيما بينها بصورة منتظمة. تستند الشبكات المتماسكة إلى العلاقة القوية بين أفرادها الذين يعرف بعضهم بعضاً حق المعرفة، وبالتالي تتميز بمستوى عالٍ من الإجماع والتفاهم المتبادل. الشبكات المتماسكة مثالية لإنجاز المهام بكفاءة وفعالية لأنها تساعدك في التركيز على المهام الحالية التي بين يديك، لكنها يمكن أن تعزلك عن كم المعلومات الهائل ووجهات النظر والموارد الموجودة خارج مجموعتك. علاوة على ذلك، يمكن أن تحد من قدرتك على التفكير بطريقة غير تقليدية وتقيد حدود خيالك الإبداعي.

على النقيض من الشبكات المتماسكة، تضعك الشبكات المفتوحة عند تقاطع الأفراد والمجموعات غير المرتبطة في جميع أنحاء المؤسسة. ينطوي بناء شبكة مفتوحة على الانفتاح على وجهات نظر ومعلومات وفرص متنوعة أكثر، حيث يمكن لهذا الاتساع أن يحفز قدرتك على الإبداع ويسمح لك بابتكار أفكار شاملة ومستقبلية. مع ذلك، ونظراً لأنها تضعك وسط مجموعات ووجهات نظر متنوعة، فإن الشبكات المفتوحة ببساطة ليست مصممة بطبيعتها لتنفيذ الأفكار الإبداعية وتحقيقها.

هناك العديد من الأدوات التي يمكنك استخدامها شبكة علاقاتك وتقييم مدى تماسكها مقابل انفتاحها. مع ذلك، يمكنك في البداية تجربة تنفيذ هذه العملية بنفسك. ابدأ بإنشاء قائمة بجهات اتصالك، التي يمكن أن تشمل الزملاء والمتعاونين والموجهين وغيرهم من الأفراد الذين تتفاعل معهم بانتظام والذين يؤدون دوراً مهماً في عملك. بعد ذلك، صنّف جهات الاتصال هذه بناءً على علاقتك بها؛ على سبيل المثال، الزملاء المقربون والزملاء البعيدون والموجهون وما إلى ذلك. إذا كانت غالبية جهات اتصالك تتمتع بعلاقات قوية فيما بينها، فمن المحتمل أن تكون شبكتك متماسكة. على النقيض من ذلك، إذا كانت لديك عدة روابط ضعيفة، وكانت الروابط بين العديد من معارفك معدومة عموماً، فمن المحتمل أن شبكتك من مفتوحة.

الخطوة الثالثة: تعزيز ميزة التكامل.

وفقاً لبحثنا، فإن الطريقة الأكثر فعالية لإطلاق الإمكانات الكاملة لشبكتك هي تعزيز ما نسميه “ميزة التكامل” من خلال بناء شبكة تدعمك في المجالات التي لا تتوافق بصورة طبيعية مع نمطك المعرفي. لكن معظم الأشخاص يفعلون العكس تماماً: يبنون شبكات تعزز مواطن قوتهم الطبيعية، ما قد يعوق عن غير قصد قدرتهم على تحقيق الأداء الأمثل.

على سبيل المثال، عندما فحصنا شبكة علاقات أليكس غير الرسمية، لاحظنا أن الصلات التي تجمعها بالعديد من جهات اتصالها كانت ضعيفة، كما أن جهات الاتصال هذه غير مترابطة فيما بينها، بالإضافة إلى أنها تتقاطع مع مجموعات متعددة عبر الشركة. لماذا اختارت أليكس بناء مثل هذه الشبكة المفتوحة؟ لأنها، مثل معظم المبتكرين، تفضل التفاعل مع وجهات نظر متنوعة باعتبارها وسيلة لتحفيز تفكيرها الإبداعي. على الرغم من أن أليكس تفضل بطبيعتها الشبكة المفتوحة، لكن مثل هذه الشبكة لا تؤدي إلى مضاعفة أدائها. لهذا السبب، يتعين على أليكس أن تعزز ميزة التكامل من خلال بناء شبكة متماسكة ومتسقة من الزملاء، الذين يمكنهم مساعدتها على تنفيذ أفكارها الإبداعية وتحقيقها.

يقدم تايلور مثالاً مناقضاً مثيراً للاهتمام لقصة أليكس، إذ بنى شبكة متماسكة من العلاقات القوية بين جهات اتصال مترابطة على نحو وثيق لأنه، مثل معظم المتكيفين، يفضل الشعور بالانتماء إلى مجموعة متماسكة حيث يكون الجميع على دراية بالمعايير والممارسات الراسخة. لكن الشبكة المتماسكة تعزز مواطن قوة تايلور ولا تعوض نقاط ضعفه الرئيسية، ففي حالته، وكما هي الحال مع معظم المتكيفين، يتطلب تعزيز ميزة التكامل شبكة علاقات مفتوحة. يمكن أن تعوض الشبكة المفتوحة افتقار تايلور إلى القدرة على الإبداع والتفكير بأسلوب غير تقليدي من خلال الاستفادة من تقاطع وجهات النظر المتنوعة للأفراد والمجموعات غير المترابطة.

باختصار، لم يستفد أليكس وتايلور من شبكاتهما لمعالجة نقاط ضعفهما.

في حين أن معظم المدراء اتبع سلوكاً مشابهاً لسلوك أليكس وتايلور، وجدنا أيضاً أن المدراء المتميزين فعلوا العكس تماماً، فبغض النظر عما إذا كانوا متكيفين أو مبتكرين، عملوا على بناء شبكات في مكان العمل أدت إلى تعزيز ميزة التكامل. أولاً، هناك أشخاص ندعوهم “المبتكرين الراسخين” يدمجون أنفسهم ضمن مجموعة متماسكة من الزملاء الذين يعرف كل منهم الآخر حق المعرفة، وتجمعهم روابط وثيقة. تؤدي هذه المجموعة غير الرسمية والمتماسكة دوراً حاسماً في مساعدة المبتكرين الراسخين على الاستمرار في التركيز ليس فقط على توليد أفكار رائعة، بل وأيضاً على تحويلها إلى منتجات وخدمات فعلية وغيرها من النتائج الملموسة والقابلة للقياس. قد يبدو العمل ضمن مثل هذه المجموعة المتماسكة في بعض الأحيان مقيِّداً بشدة للمبتكرين، لكنه يمنحهم تكاملاً هائلاً، ففي سياق الشركة العالية الابتكار والقائمة على المعرفة التي درسناها، برز هؤلاء المبتكرون الراسخون باستمرار باعتبارهم من أصحاب الأداء المتميز.

ثانياً، هناك “متكيفون وسطاء”؛ أفرادٌ يتمتعون بنمط معرفي متكيف ينشئون أيضاً شبكات مفتوحة تربط بين الأقسام المؤسسية المنعزلة والمجموعات المنفصلة، غالباً من خلال روابط ضعيفة نسبياً. تتيح مثل هذه الشبكات المفتوحة للمتكيفين الوسطاء التفاعل مع مجموعة متنوعة من الأفكار ووجهات النظر والفرص والتحديات الإبداعية، ما يحررهم من الميل المميز للمتكيفين إلى التركيز على الحاضر فقط. أدرك المتكيفون الوسطاء في دراستنا القيمة الكامنة في شبكاتهم المفتوحة من خلال الاستفادة من مهاراتهم الفطرية في تنفيذ الأفكار، إذ أظهروا أداء أعلى بنسبة 60% مقارنة مع أداء المتكيفين الذين يندمجون في مجموعات متماسكة.

توصيات عملية للمؤسسات

بحثنا مفيد للأفراد الذين يتطلعون إلى بناء شبكاتهم الداخلية، لكنه يمكن أن يساعد المؤسسات أيضاً على توجيه مدرائها لبناء شبكة متماسكة أو مفتوحة بناءً على أنماطهم المعرفية. مقارنة بالنهج الشائع المتمثل في تقديم تدريب مماثل للجميع بغض النظر عن أنماطهم المعرفية، يمكن أن يحقق النهج الذي يركز على تعزيز ميزة التكامل عائداً كبيراً على الاستثمار للمؤسسة من حيث تحسين الأداء والإنتاجية والابتكار.

لتعزيز ميزة التكامل للمدراء، يجب على المؤسسات أن تتبنى نهجاً يركز أكثر على شبكات العلاقات ويأخذ في الاعتبار أنماطهم المعرفية. فيما يلي بعض التوصيات المحددة:

تحديد الشبكات والأنماط المعرفية للمدراء.

تتضمن الخطوة الأولى تحديد الأنماط المعرفية للمدراء وشبكاتهم من خلال إجراء تقييمات الأنماط المعرفية واستبيانات الشبكة. ستساعد نتائج هذه التقييمات المؤسسة على تحديد المدراء الذين يحتاجون إلى الدعم وتحديد كيفية تقديمه لهم لتعزيز ميزة التكامل في شبكاتهم.

زيادة التوعية.

يمكن للمؤسسات تقديم تدريب يبرز أهمية فهم الأنماط المعرفية والشبكات وميزة التكامل. سيعزز ذلك وعي المدراء بأنماطهم المعرفية ويساعدهم على فهم كيفية تأثيره في تفضيلاتهم بشأن شبكات العلاقات وفي أدائهم.

يشير العديد من الدراسات إلى أن النمط المعرفي للفرد، الذي يعكس نمطه المعتاد أو طريقته المفضلة في معالجة المعلومات، متأصل بعمق، وبالتالي من الصعب تغييره. لذلك، وبدلاً من محاولة تغيير أنماطهم المعرفية، يجب تشجيع المدراء على الاعتراف بها والاستفادة من مواطن قوتها والتعامل مع قيودها من خلال بناء شبكة تعمل على تعزيز ميزة التكامل.

اتخاذ إجراءات تدخل مخصصة.

على المؤسسات تجنب استخدام نهج موحد للمدراء جميعهم عند مساعدتهم على بناء شبكات لتعزيز الأداء، وأن تصمم بدلاً من ذلك أساليب مختلفة تأخذ في الاعتبار الأنماط المعرفية الفردية للمدراء. على سبيل المثال، يجب أن يركز تدريب المتكيفين على بناء شبكات مفتوحة تتيح لهم التفاعل مع مجموعة متنوعة من الأفكار، وبالمقابل، يجب أن يركز تدريب المبتكرين على بناء شبكات متماسكة تحد من كمية المعلومات الجديدة التي يتفاعلون معها.

الاستثمار في التدريب.

يظهر جزء من بحثنا أجريناه عبر تجربة ميدانية أن مجرد يوم واحد من التدريب على المهارات التنفيذية في الشبكات مكّن المدراء من تعديل بنية شبكاتهم الداخلية، وقد أدى ذلك إلى تحسن في الأداء قابل للقياس بعد عدة أشهر.

ينطوي التدريب الذي نفذناه على يوم كامل من تعلم المهارات التنفيذية مقسم إلى جزأين. تعرف المدراء خلال الجزء الأول على فوائد إقامة العلاقات بين الإدارات المختلفة في المؤسسة، وتضمن التدريب أساليب عملية تساعدهم على تكوين مثل هذه العلاقات. شارك المدراء خلال الجزء الثاني في تمرينين تفاعليين، الأول عبارة عن محاكاة للتفاوض جرت بين أزواج من المتدربين، والثاني تمرين جماعي (3 إلى 4 أشخاص في كل مجموعة) كُلف المشاركون فيه بتحديد مشكلة ملحة تواجهها الشركة واقتراح الحلول المحتملة. أنشأنا الأزواج والمجموعات في التمارين بطريقة تزيد تفاعل المدراء مع أشخاص لم يكونوا في السابق جزءاً من شبكاتهم.

على هذا النحو، قدم التدريب للمدراء المعرفة اللازمة والفرصة لتكوين علاقات جديدة. قيّم الرؤساء المباشرون للمدراء التحسن الذي حققه هؤلاء في الأداء الابتكاري بعد شهر وبعد 7 أشهر من التدريب.

استخدام مجموعة واسعة من الآليات التنظيمية.

يجب على المؤسسات استخدام مجموعة واسعة من الآليات لمساعدة المدراء على بناء شبكاتهم لتعزيز ميزة التكامل.

على سبيل المثال، يمكن تشجيع المتكيفين على العمل في فرق متعددة الوظائف والمشاركة في برامج الإرشاد وفعاليات بناء العلاقات لمساعدتهم على إنشاء روابط مع أشخاص من مختلف الصوامع المنعزلة والمجموعات المنفصلة.

على النقيض من ذلك، يجب على المؤسسات تشجيع المبتكرين على المشاركة في أنشطة الفريق خارج المواقع وأنشطة بناء الفرق لمساعدتهم على تطوير علاقات عمل وثيقة وطويلة الأمد مع زملائهم الذين يشكلون جزءاً من بيئتهم التشغيلية اليومية.

الاستفادة من التكنولوجيا لتسهيل التواصل بين المدراء.

على الرغم من أن الفعاليات يمكن أن تكون وسائل فعالة لتعزيز تطوير شبكات المدراء، يمكن للمؤسسات أيضاً الاستفادة من التكنولوجيا لهذه الغاية.

على سبيل المثال، نعمل حالياً مع إحدى الشركات البحثية الشريكة لنا لتطوير خوارزمية تقترح توصيات الشبكات للمدراء ومصممة خصيصاً لتعزيز ميزة التكامل. تدير هذه المؤسسة بالفعل برنامجاً لمساعدة المدراء على تعزيز شبكاتهم، ويتضمن هذا البرنامج اجتماعات فردية تنظمها الشركة، يقضي فيها أزواج عشوائيون من المشاركين وقتاً معاً لتنفيذ أنشطة مشتركة هادفة.

نتعاون حالياً مع هذه الشركة لتحسين إجراء المطابقة هذا من خلال تعزيز ملاءمة التكامل، فبدلاً من إقران المدراء عشوائياً، ستعمل الخوارزمية على مطابقة المدراء المتكيفين مع زملاء لا يعرفونهم موجودين في أقسام مؤسسية منعزلة بعيدة، بينما ستشجع المبتكرين على تقوية علاقاتهم القائمة وبناء شبكة مغلقة داخل بيئتهم المباشرة. بالنسبة للمدراء الذين لا يظهرون نمطاً معرفياً متميزاً (أي يتوسطون المتكيفين والمبتكرين)، ستساعدهم الخوارزمية على بناء شبكة متوازنة من خلال التناوب بين الاجتماعات المصممة لتعزيز التماسك بين جهات الاتصال الوثيقة للمدير، والاجتماعات التي تهدف إلى تطوير روابط وصل لتعزيز الوصول إلى الأفكار والمعلومات والموارد المتنوعة.

سيُنفذ البرنامج في أجزاء المؤسسة التي تكمن فيها الحاجة إلى تعزيز الابتكار، ونتطلع إلى رؤية تحسن كبير في أداء المدراء الذين يشاركون في النسخة المحسنة من البرنامج مقارنة بأولئك الذين يشاركون في النسخة الحالية.

نطاق الدراسة وقيودها

أهم ما توصلت إليه دراستنا هو أن نوع الشبكة المطلوب يختلف من شخص لآخر اعتماداً على نمطه المعرفي، وأن مفهوم التوافق التكاملي بسيط وقابل للتطبيق عموماً.

مع ذلك، يجب علينا الاعتراف ببعض القيود التي واجهتها الدراسة. بالإضافة إلى النمط المعرفي، تجب الإشارة إلى أن هناك عدة عوامل أخرى، مثل الثقافة المؤسسية والقومية، يمكن أن تؤدي دوراً في تحديد نمط شبكة العلاقات الأكثر فعالية.

على الرغم من هذه القيود وغيرها، تمثل نتائج دراستنا تطوراً واضحاً في فهمنا للشبكات وتقدم إرشادات عملية لتحسين شبكات المدراء الأفراد بما يتيح لهم تقديم أفضل أداء ممكن.

يمكن للموظفين الذين يطبقون الرؤى حول الأنماط المعرفية والشبكات تحسين أدائهم، ما يؤدي بدوره إلى تعزيز نموهم المهني وتقدمهم الوظيفي. من خلال تبني هذا النهج، تستطيع المؤسسات تحسين أدائها العام وقدرتها على الابتكار، وعلاوة على ذلك، يمكنها أيضاً إنشاء الأساس المطلوب لتنمية القادة. قد يصبح هؤلاء القادة، الذين يتمتعون بالمهارة في تحقيق ميزة التكامل في أنفسهم وفي الآخرين، رصيداً ومورداً حاسماً يسهم في تعزيز النجاح الفردي والمؤسسي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .