المغرور والعدواني والمتشائم: كيف تعمل مع زملاء العمل صعبي المراس؟

7 دقائق
زملاء العمل الصعبي المراس
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: قد تظن أنه من الصعب بناء علاقة جيدة مع زميل عمل صعب المراس، لكن ذلك يحتاج إلى مهارة يمكنك تعلمها. تتحدث المؤلفة في هذه المقالة عن 3 نماذج رئيسية شائعة لزملاء العمل الصعبي المراس، وهي الزميل المتشائم، والزميل العدواني السلبي، والزميل الذي يدّعي معرفة كل شيء، كما تقدِّم لنا طرقاً عملية للتعامل مع كل من تلك النماذج. ففي بعض الأحيان، قد تؤدي تجربة طريقة جديدة، ولو كانت بسيطة، إلى تغيير طبيعة العلاقة بينك وبين زميل العمل المزعج.

 

نجد في أماكن العمل أشخاصاً يتصرفون بطرق طائشة، أو غامضة، أو غير منطقية، حتى خبيثة في بعض الأحيان، ويكسب الكثير منهم الاحترام ومناصب عالية.

قد يكون من الصعب معرفة الطريقة المُثلى للعمل إلى جانب الذين يتصرفون بتلك الطرق. فغالباً لم تحظَ بمن يجلس معك ويقول: “سأدلك كيف تتعامل مع الزملاء الذين يدّعون معرفة كل شيء ويتسمون بالعدوانية والغرور”، أو “جرِّب هذا الأسلوب للتعامل مع المتشائمين باستمرار”. وعلى الأرجح لم تشارك في دورة تدريبية حول التعامل مع زميل العمل الذي يمارس الحيل القذرة في العمل، ولم تحظَ بمستشار ليرشدك إلى ما يجب عليك فعله إذا وجدت نفسك تعمل مع مدير غير كفء.

ولكن، إن لم نعرف كيف نتعامل مع هذه الخلافات الصغيرة مع زملائنا في العمل، سيؤثر الضغط الناتج منها في إنتاجيتنا، ويجعل العمل مرهقاً، ويمتد ذلك الإرهاق إلى جوانب أخرى من حياتنا. لذا من الضروري معرفة أسباب تصرف الزملاء الصعبي المراس على ذلك النحو، وإتقان أساليب التعامل مع أصعب صفاتهم، وفي النهاية تحديد إن كان يجب الاستمرار في جهودنا أو التوقف عن المحاولة.

قد تظن أنه من الصعب بناء علاقة جيدة مع زميل عمل صعب المراس، لكن ذلك يحتاج إلى مهارة يمكنك تعلمها. إليك 3 نماذج رئيسية شائعة لزملاء العمل الصعبي المراس، والسلوكيات التي يتبعونها غالباً، وكيف يمكنك التعامل معهم.

الزميل المتشائم

وصف الحالة:

كلما أتاحت نوران الفرصة لزميلتها مروة بالتعبير عن مخاوفها حول شؤون الشركة أو شؤونها الشخصية، تمادت في الشكوى أكثر. وكانت مروة عاجزة عن العثور عن جانب إيجابي لتتحدث عنه، بل بدت أنها تستمتع بالعثور على جميع الطرق الممكنة لفشل المشاريع والمبادرات. باتت شكاوى مروة تستنزف نوران نفسياً وجسدياً.

الأسباب:

ثمة الكثير من الأسباب التي تجعل المتشائمين يفكرون ويتصرفون بتشاؤم. ومنها القلق أو الرغبة في امتلاك السلطة أو الاستياء من الطريقة التي عُوملوا بها في الماضي. ومع ذلك، قد تكون لدى بعض المتشائمين أسباب منطقية لسلبيتهم. مثل إيضاح المخاطر المتعلقة بإقناع العملاء بفكرة جديدة عند إطلاق منتج جديد، أو التحدث عن مشكلات الشركة التي يرفض معظم الموظفين الإقرار بها أو الإشارة لها.

وبغض النظر عن أسباب تصرفات المتشائم، من المهم العثور على طرق للتعاون معه على نحو بنّاء. فالسلوكيات السلبية مُعدية، ولا تؤثر فيك فحسب، بل في الفريق بأكمله.

الأساليب المقترحة:

  • تقبَّل شكاواهم؛ ثم أعِد صياغتها. على سبيل المثال، إذا تذمّر المتشائم من كسل عضو آخر في الفريق، فقل: “الجميع مشغول حالياً. وأنا متأكد أنه يعمل باجتهاد أكبر مما يبدو عليه”. لا تدافع ولا تحتد، قدِّم وجهة نظر أخرى فحسب. كما يمكنك أن تطلب من زميلك التفكير بطريقة بنّاءة. بوسعك أن تقول مثلاً: “أفهم سبب إحباطك. هل تعتقد أن بوسعنا فعل شيء؟” أو “ماذا علينا أن نفعل في المرة القادمة؟” الهدف هو زيادة إحساس المنتقِد بالمسؤولية من خلال الإشارة إلى الإجراءات التي يمكنه اتخاذها، أو رواية قصة حدثت معك واجهت فيها ظروفاً مماثلة واستجبت على نحو بنّاء.
  • استفِد من وجهة نظره بطريقة إيجابية. إذا كان من طبيعة زميلك التحدث عن المخاطر، فمن الممكن أن تجعلها جزءاً رسمياً من مهامه الوظيفية. لا شك في أنك سمعت النصيحة التي توصي بتكليف أحد أفراد الفريق “ليدافع عن وجهة النظر المخالفة”، بحيث يطرح الأسئلة الصعبة ويتحدى طريقة تفكير باقي المجموعة. تظهر الأبحاث أن إعطاء شخص واحد على الأقل الحق في الانتقاد بهذه الطريقة يؤدي إلى اتخاذ قرارات أفضل للفريق ككل. وفي حال كنت قائد الفريق، فاطلب منه تأدية ذلك الدور. وفي حال لم تكن كذلك، التمس وجهة نظر زميلك عندما تحتاج إلى نظرة نقدية للمشروع الذي تعمل عليه أو للقرار الذي ستتخذه.
  • التوافق على قواعد للفريق. على الرغم من أن المعاملة الخاصة لأحد أفراد الفريق تؤدي في بعض الأحيان إلى نتائج عكسية، يمكنك وضع قواعد للفريق بأكمله من شأنها أن توجّه المتشائم إلى الاتجاه الصحيح. على سبيل المثال، يمكن أن يتفق أفراد الفريق على أن يسأل الجميع أنفسهم قبل أن يتحدثوا: “هل سأقول شيئاً مفيداً؟” كما يمكن أن يتوافق الفريق على وجوب أن يترافق النقد مع اقتراح حل.

بعض العبارات التي أنصح باستخدامها مع الزميل المتشائم:

  • “ماذا علينا أن نصحح حتى ننجح؟”.
  • “إذا لم تكن راضياً عن (موظف أو قائد أو مشروع)، فلنناقش الخطوات التي يمكنك اتخاذها لتغيير الموقف. لدي بعض الأفكار ولكني أرغب في سماع أفكارك أولاً”.
  • “أتفق معك جزئياً في أننا قد نواجه الإخفاق، لكن ثمة فرصة للنجاح، لنناقش كلا الاحتمالين”.
  • “أنت بارع في تحديد الجوانب السلبية. ما الذي غفلنا عنه في هذا الموضوع؟”.

الزميل العدواني السلبي

وصف الحالة:

كان مالك في حيرة من أمره إزاء طريقة التعامل مع سوزان زميلته في العمل، فقد كانت تتصرف كأنها موافقة على القرارات في الاجتماع، ثم تتنصل من المسؤولية وتضع اللوم عليه. كانت سوزان تقول شيئاً وتفعل شيئاً آخر، ففي حين تنمُّ تصرفاتها عن موقف سلبي، كانت تؤكد أن كل شيء على ما يرام، وتوجه إهانات على شكل ثناءات.

الأسباب:

الأستاذة في جامعة فيرجينيا، غابرييل آدامز، التي تبحث في النزاعات بين زملاء العمل، عرّفت العدوان السلبي على أنه عدم التعبير صراحةً عن الأفكار والمشاعر الحقيقية واستخدام الأساليب غير المباشرة للتعبير عنها. وغالباً ما يكون مدفوعاً بالخوف من الفشل أو الرفض، أو الرغبة في تجنب النزاعات، أو الشعور بالعجز.

الأساليب المقترحة:

  • تجنّب وصفه بالعدواني السلبي. من المغري أن ننتقد السلوك مباشرة. لكن قول: “توقف عن العدوانية السلبية”، سيزيد الأمور سوءاً. فهي عبارة ثقيلة، ومن النادر أن تجد أحداً على استعداد للاعتراف بذلك السلوك أو نسبه لنفسه. ولن يؤدي وصفه به إلا إلى زيادة شعوره بالغضب والحاجة إلى الدفاع عن النفس. لذا حاول استخدام الاستراتيجيات التي تساعدك على فهم وجهة نظره على نحو أفضل.
  • ركِّز على قصده الحقيقي وليس على سلوكه. حاول أن تفهم ما الرسالة الحقيقية التي يحاول زميلك إيصالها لك. ما الفكرة الأساسية التي يحاول إيصالها (حتى لو كانت مغلفة في تعليق ساخر). هل يعتقد أن الطريقة التي تدير بها المشروع غير ناجحة؟ أم أنه يختلف معك حول أهداف الفريق؟ لا تنسَ أنه لا يمتلك الجميع الشجاعة الكافية لمناقشة أفكارهم وآرائهم بصراحة. وإن استطعت التركيز على الأفكار أو المخاوف الأساسية لزملائك في العمل وليس الطريقة التي يعبّرون عنها، فقد تتمكن من معالجة المشكلة الفعلية.
  • أنشِئ بيئة آمنة لإجراء محادثات صادقة. أوضحت لي عالمة النفس الاجتماعي هايدي غرانت في مقابلة أجريتها معها عندما كنت أعدُّ كتابي “التوافق” (Getting Along) أن أفضل أسلوب هو توضيح اهتمامك بسماع وجهة نظر الطرف الآخر، بغض النظر عن مدى صعوبة ذلك بالنسبة إليك. بوسعك أن تقول: “سمعت آراءك في الاجتماع وفهمت أنها (كذا وكذا) هل فهمي لها صحيح؟” تتمثل الميزة المفيدة لبدء المحادثة في أنها تسمح لزميلك بتوضيح سلوكه وعواطفه. وفي حال اعترف بما يشعر به بالفعل (وذلك لا يحدث دائماً)، فسيكون على بعد خطوة واحدة من كسر عادة الاستجابة بعدوانية سلبية.

بعض العبارات التي أنصح باستخدامها مع الزميل العدواني السلبي:

  • “سمعتك تقول [ملخص ما قاله] لكني لا أعلم إن كنت تقصد شيئاً آخر. هل هناك شيء لم أفهمه؟”
  • “لقد لاحظت أنك قمت عن الطاولة (أو أدرت عينيك). ما رأيك بذلك النقاش؟”.
  • “لاحظت أنك لم ترد على رسائلي الإلكترونية، هل ثمة مشكلة؟ لا أقصد الإلحاح ولكن أريد التأكد أن كل شيء على ما يرام”.

الزميل الذي يدّعي معرفة كل شيء

وصف الحالة:

سمر لديها زميل اسمه باسم، وهو يحب التحدث. وإذا حاول الناس مقاطعته، يرفع صوته فوق صوتهم. تفسِّر سمر كلام باسم اللاذع على النحو الآتي: “أعرف حاجات الفريق والشركة وعلى الآخرين الإصغاء فحسب”. يبدو باسم مقتنعاً بأنه أذكى شخص في المجموعة، وكان يحب إخبار الناس بما هو “صحيح”، حتى عندما يكون مخطئاً بشكل واضح.

الأسباب:

الثقة بالنفس صفة حميدة، لكن الثقة دون كفاءة تجعل أصحابها يتجاهلون ملاحظات الآخرين وآراءهم، ويتصرفون بتعالٍ معهم، وينسبون نجاحات المجموعة إلى أنفسهم. يتبنّى بعض مدّعي المعرفة هذا السلوك للتعويض عن الشعور بالنقص. ويتبناها آخرون لأن معايير بعض الشركات تشجعهم على ذلك. وفي كلتا الحالتين، يمكن أن يتسبب مدّعو معرفة كل شيء بتقويض تماسك الفريق وإهانة زملائهم لدرجة الإضرار بمسيرتهم المهنية.

الأساليب المقترحة:

  • معالجة مقاطعة الكلام. تتمثل إحدى طرق تجنب مقاطعة الكلام في الطلب مسبّقاً من الزملاء الامتناع عنها. قبل أن تبدأ الحديث، وضِّح المدة التي تحتاج إليها (تقريباً) وقل على سبيل المثال: “يرجى تأجيل أي ملاحظة أو سؤال حتى أُنهي حديثي”. وفي حال لم تكن تقدِّم عرضاً تقديمياً رسمياً بل تجري مناقشة تتيح المجال للتفاعل والأخذ والرد، يمكنك أن تقول: “الرجاء عدم مقاطعتي حتى أتمكن من إتمام فكرتي، لأن المقاطعة تعطل التركيز”. وفي حال أخفقت في منع مقاطعة الكلام، فتعامل معها مباشرة. لكن لا ترفع صوتك. سيؤدي ذلك إلى نشوب صراع على السيطرة ومن المرجح أن يتحدث زميلك بصوت أعلى في محاولة لإسكاتك. وبدلاً من ذلك قل بثقة: “سأُتمّ وجهة نظري، وأودّ بعد ذلك سماع ما تريد قوله”.
  • اطلب معلومات محددة. من عادات الذين يدّعون معرفة كل شيء، ادعاء معرفة أشياء لا يمكن معرفتها يقيناً، مثل: “سينسى الناس هذا الركود بعد عام من الآن”. عليك أن تعرف في تلك الحالة أنه من المقبول مطالبة المتحدث بالمصادر أو البيانات التي تدعم ادعاءاته. لكن باحترام ودون صِدام. قد تقول مثلاً: “لا أظن أننا نستند إلى الافتراضات والحقائق نفسها، لنتوقف ونتأكد من البيانات قبل المضي قُدماً”. وفي حال عدم توافر البيانات، اقترح على الجميع الحصول عليها. على سبيل المثال، إذا أصرَّ زميلك على أن العملاء سيكرهون ميزة منتج جديدة، فمن الممكن إجراء استقصاء موجز لرأي للعملاء.
  • كن قدوة في التواضع. يتصرف العديد من المتباهين بتلك الطريقة لأنهم تلقوا إشارات، بشكل ضمني أو صريح، تفيد بأن إظهار الثقة مطلوبة في الفريق، أو المؤسسة، أو الثقافة التي ينتمون إليها. يمكنك تقديم نموذج مختلف من خلال إظهار التواضع والانفتاح. قل مثلاً: “لا أعرف” أو “ليس لدي هذه المعلومات الآن، اسمح لي أن أقدمها لك لاحقاً”. في حال رأى الشخص الذي يدعي معرفة كل شيء أن لا مشكلة لديك فِي التعبير عن عدم اليقين، فقد يكون على استعداد لفعل الشيء نفسه.

بعض العبارات التي أنصح باستخدامها مع الزميل الذي يدّعي معرفة كل شيء:

  • “سأكون شاكراً لك إن احترمت معرفتي لعملي. أقدّر رأيك وسأطلبه حتماً عندما أحتاج إليه”.
  • “الرجاء عدم مقاطعتي حتى أتمكن من إتمام فكرتي، لأن المقاطعة تعطل التركيز”.
  • “سأتابع الآن، وسأتناول ذلك عندما أنتهي”.
  • “أخبرني إلى ماذا تستند أفكارك”.

تتطلب الكثير من النصائح هنا أن تؤدي “دور الشخص العاقل”. وقد تتساءل لماذا يجب عليك فعل كل ذلك إذا كان زميلك هو من يسبب المشكلات. ولنكن صادقين، تغيير سلوك الآخرين ليس مسؤوليتك، وفي كثير من الأحيان لن تنجح في ذلك. لكن ما يمكنك تغييره هو أسلوبك في إدارة العلاقات التي تعتبر بالغة الأهمية في حياتك المهنية. ستلاحظ في بعض الأحيان، أن تجربة طريقة جديدة، ولو كانت بسيطة، ستؤدي إلى تغيير طبيعة العلاقة بينك وبين زميل العمل المزعج. آمل أن تستفيد من هذه النصائح في حل نزاعات العمل بسهولة أكبر، ما يوفر عليك الوقت الثمين والجهد الذهني لتوجههما للأشياء المهمة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .