لماذا يعلّق رونالدو مشحور قميص لاعب رياضي في مكتبه؟

3 دقيقة
رونالدو مشحور
unsplash.com/Olivier Collet

كانت وما تزال المشكلة التي تواجهني حينما تقترب مواعيد البطولات الرياضية الكبرى مثل كأس العالم، هي أن من حولي يستغربون طريقتي في تشجيع أحد الفريقين. ففي حين يبدأ الناس عادة التفرج على المباراة وهم قد قرروا مسبقاً الفريق الذي يشجعونه، فإن أصدقائي يعرفون أنني قد أبدأ متابعة اللعبة مشجعاً لفريق، لكنني قد أنتقل لتشجيع الفريق الثاني في أي لحظة، وقد تراني بالفعل أصفق للفريقين مع كل لعبة جميلة وجهد مستحق.

لا تلوموني، لأنني قد أبدو مغرداً خارج السرب المعتاد، فهكذا نشأت فعلاً. منذ كنت طالباً بذلت جهداً مستحقاً جعلني أتفوق بالدراسة، ولم أرَ "الحظ" عاملاً رئيسياً في أي نقلة من نقلات حياتي. فقد كانت كل مرحلة تمر باختبار "من جد وجد". لذا وكما يمكنكم أن تتوقعوا، كان أصدقاء الدراسة والزملاء على الرغم من احترامهم من يدرس ويجد ويجتهد للامتحانات، إلا أنهم يتعارفون فيما بينهم على أن مساعدة الزملاء الآخرين، عبر "تغشيشهم" خلسة خلال الامتحان، عمل نبيل وبطولي متعارف عليه، بل يعتبرونه واجباً وزكاة مفروضة على الطلاب المجتهدين. لكن بالنسبة لي، كان الموضوع مرفوضاً، فقد كنت أعتبره ظلماً لي ولمن درس واجتهد. فكيف لمن تعب وسهر الليالي في الدراسة، أن يقدم الإجابات هكذا بكل بساطة لزملائه الذين كانوا يتسكعون خلال السنة، ثم جاؤوا الآن ليحصدوا نتائج عالية كما يفعل المجدون المجتهدون؟.

بالنسبة لي لا يمكن أن أنظر إلى أمر مثل "تغشيش" الزملاء في الامتحان كقضية منفردة، بل أربطها فوراً بمنظومة متكاملة من العدالة في الحياة، هكذا بالفعل أفكر. وفي السياق ذاته، لا يمكنني فعلاً حتى اليوم، أن أقبل تشجيع فريق بينما أرى فريقاً آخر يلعب أحسن منه، ويجتهد أكثر منه. بالنسبة لي الألعاب الرياضية ليست حرباً، ولا يمكنني تطبيق عوامل الانتماء الثقافية أو السياسية أو التعاطف فيها. على الرغم من أنني، مثلي مثل الجميع، أتعاطف مبدئياً مع ما يسمى (Underdog) أو الفريق الذي يبدو مستضعفاً وأتمنى له الفوز، لكنه إن لم يؤدِّ جيداً فإنني سرعان ما أتخلى عن تأييدي له لصالح اللعب الأفضل.

قاعدتي في ذلك هي أن لكل "مجتهد نصيباً"، ولا يمكنني إقناع نفسي بأن أتعصب للاعب أو لفريق ما، ما لم يكن بالفعل هو الأفضل الآن في هذه اللعبة، وليس الأفضل تاريخياً أو الأفضل من حيث السمعة. ومما ينتج من قناعاتي، هو أنني أجد صعوبة في تصور أن إنساناً يتعصب لفريق أو للاعب، ويدّعي أنه عادل في الحياة أو في العمل أو تجاه الموظفين، فالشخص الذي تحكمه مشاعره في قضية تشجيع الرياضة، لن يستطيع التحكم بها خارجها. بالنسبة لي هذه صفة شخصية متكاملة، وليست ظاهرة متعلقة بالرياضة فقط، وأتحدث بالطبع عمن يصلون إلى مرحلة الغضب والتعصب.

مبدئي في الإعجاب بفريق معين أو لاعبين محددين يتضمن أولاً وقبل كل شيء الإعجاب بصفات تنطبق على "النجاح" بشكل عام كمبدأ، مثل "الاجتهاد"، و"إصابة الهدف"، و"المثابرة"، و"العزيمة"، و"التنظيم"، و"العمل الجماعي". ويحصل أحياناً أن أشهد مباراة فيها فريق أو لاعب يلعب وفقاً لهذه الصفات، فيسألني من حولي بابتسامة ماكرة: حسناً، الآن هذا الفريق لعب باجتهاد، وتعاون واجتهد لكنه خسر بسبب ذلك الهدف غير المتوقع الذي أصابه من قبل الفريق الآخر الأقل اجتهاداً، فماذا تقول؟ حسناً، هذا ما أقوله: أحترم وأشجع الفريق المجتهد والمثابر، لكن هذا الفريق ومشجعيه ومنهم أنا، يجب أن يحيّوا الفريق الذي فاز، لأن الفوز هو المقياس الوحيد لنجاح الفريق الرياضي. وبهذه المناسبة، أذكر أنني التقيت مؤخراً رونالدو مشحور نائب رئيس شركة أمازون في مكتبه بدبي، وإذ به يعلق فوق كرسيه قميصاً لأحد لاعبي كرة السلة، فقلت في نفسي: هل ستسقط نظريتي وأجد نفسي أمام رائد أعمال متعصب؟ سألت رونالدو عن قصة هذا القميص، فأخبرني أنه قميص نجم كرة السلة الأميركي كوبي براينت الذي توفي عام 2020 في حادث تحطم طائرة هليكوبتر.

وتابع رونالدو يحكي لي أسباب إعجابه بهذا اللاعب، وأولها أن هذا اللاعب لديه مبدأ ومنهج وكتب عنه كوبي نفسه كتاباً سماه عقلية مامبا (Mamba Menality) وتعرف أيضاً بعقلية كوبي براينت في اللعب، ومختصرها هو: التمرين، وتحمل الضغط حتى الألم لتحقيق التطور والفوز. وهذا ما جعله يحرز جائزة أفضل لاعب، ويحرز مع فريقه بطولة الدوري الأميركي لخمس مرات. قلت في نفسي: هذا مثال جيد للرياضيين والفرق الذين يمكن أن أشجعهم. وخلاصة هذا المبدأ، هو أنك إن استطعت أن تصف سبب إعجابك بهذا الفريق أو اللاعب بطريقة منطقية، وبناء على عوامل يمكنك تطبيقها للنجاح في الحياة العامة، فنعم التشجيع والإعجاب هذا، لا سيما إذا كنت مثل رونالدو مشحور في التشجيع، فبرغم تشجيعه لكوبي براينت والذي يلعب لفريق الليكرز في دوري كرة السلة الأميركي، فقد كان رونالدو يشجع المنافس التاريخي لفريق الليكرز وهو فريق سلتيكس. أكرر مرة أخرى، رونالدو معجب بكوبي براينت ويشجعه بشكل فردي، ومع ذلك فهو يشجع الفريق المنافس والذي كان متميزاً ويستحق التشجيع في كثير من الأحيان. وهنا يبرز التحدي بين العقل والعاطفة، ويبرز الفرق بين التشجيع بطريقة الحب العقلاني بدلاً من العاطفي فقط.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي