في الأوقات التي يسودها عدم اليقين، من المهم أن يروي القائد قصصاً هادفة تشجع موظفيه والشركاء والمستثمرين ومجلس الإدارة وأصحاب المصالح الآخرين على إدارة الخوف ومواجهة عدم اليقين والتعاون وسط التغييرات، فإذا أهمل ذلك، فإنه يخاطر بالسماح لأشخاص آخرين بتشكيل مستقبله، وغالباً ما يؤدي ذلك إلى نتائج غير مواتية.

يمكن للخوف أن يشل المؤسسة أو يحفزها، لكن قدرة القائد على تقبّل الخوف وإدارته هو ما يحدد مدى نجاحه ونجاح مؤسسته. يجب على القادة رواية قصص تُظهر الخوف حليفاً وليس خصماً، وفي النهاية إبلاغ رسالة مفادها أن الخوف يعتمد عادة على التهديدات المتصورة وليس على التهديدات الفعلية.

خلال مسيرتي المهنية، تعلمت رواية القصص التي تحول الخوف إلى مصدر قوي للتحفيز. في أوائل التسعينيات، بصفتي رئيس مجلس إدارة شركة سوني بيكتشرز إنترتينمنت (Sony Pictures Entertainment) ورئيسها التنفيذي، رأيت فرصة كبيرة لإنشاء مسارح ضخمة متعددة القاعات. كان ذلك قبل وقت طويل من شيوع المسارح المتعددة في كل زاوية من زوايا الشوارع، كما هي الحال اليوم. على وجه التحديد، أردت إقناع إحدى الشركات التي نمتلكها، وهي مجموعة لوس (Loews) للمسارح، ببناء هذا النوع الجديد من المسارح المتعددة في مدينة مانهاتن على الرغم من اعتقاد الكثيرين أن المدينة تضم بالفعل عدداً كبيراً جداً من الأبنية يفوق طاقتها. تعين عليّ إقناع الإدارة بالموافقة على بناء مجمع يضم 16 أو 20 شاشة لعرض جميع الأفلام التي كانت مطروحة في السوق في مكان واحد، بدلاً من المسارح التي كانت شائعة في ذلك الوقت وتحتوي على شاشتين أو 3 شاشات فقط.

واجهتُ مقاومة هائلة لأن الفريق كان يخشى أن تؤدي هذه الفكرة إلى تقويض أعماله الحالية. أدركت أنه كان عليّ إشراك الفريق عاطفياً بسرد قصة مقنعة بدلاً من مجرد تقديم الحقائق أو البيانات لتحفيزهم على دعم هدفي.

في أثناء رواية قصتي، بدأت بإشراك فريقي بسؤال لجذب انتباههم. طلبت منهم أن يتخيلوا سيناريو يذهب فيه مجموعة من الأشخاص الجائعين إلى متجر كبير للمواد الغذائية؟ إذا كان هناك طعام معين مفقود أو بِيع بالكامل، فيوجد الكثير من الأطعمة الأخرى التي يمكنهم الاختيار من بينها. قلت لهم: “وبالمثل، يجب أن نصنع أفلاماً يستهلكها الناس بشغف بالطريقة نفسها التي تتوافر بها مجموعة متنوعة من خيارات الأطعمة في قاعة الطعام. فإذا نفدت تذاكر حضور الفيلم الذي جاء من أجله الناس إلى المسرح، فسيكون هناك 15 أو 16 فيلماً آخر يمكنهم مشاهدتها والاستمتاع بها”. وافق فريق الإدارة على الفكرة المقترحة ونفذها، وكانت النتيجة إنشاء مجمع سوني الـ 67، الذي حقق نجاحاً هائلاً.

غالباً ما يستخدم القادة الفعالون رواية قصص مثل هذه يومياً في نهجهم القيادي. يروون قصصاً تصورهم وتصور مؤسساتهم مؤيدين للتغيير لا مدافعين عن الوضع الراهن. بصفتك قائداً، لا يمكنك القضاء على الخوف أو إلغاء عدم اليقين أو التهرب من إمكانية التغيير داخل شركتك، ولكن يمكنك الاستفادة من هذه الجوانب العاطفية لتحقيق أقصى فائدة من خلال مشاركة قصة هادفة مع جميع أصحاب المصلحة.

لكن ما الذي يجعل القصة فعالة بالضبط؟ القصة وسيلة تقدم الحقائق بطريقة تثير استجابات عاطفية. على عكس قوائم أو مجموعات البيانات حيث توضع المعلومات فقط، القصة مصممة لخلق التشويق وإشراك المستمعين ودعوتهم إلى اتخاذ إجراء. يمكن لأجهزة الكمبيوتر تذكر الحقائق والأرقام بسهولة، ولكن ليس من السهل على البشر تذكرها. تُظهر الأبحاث التي أجريت على الذاكرة قطعياً أن المستمع يعالج جميع التفاصيل والبيانات والتحليلات المهمة ويستوعبها بفعالية أكبر عندما تكون مضمنة في قصة، ويصبح تنفيذها أسهل إلى حد كبير.

أسمي ذلك النقل العاطفي. تعمل قصتك التي تشاركها، إلى جانب الحقائق التي تدعمها، على إثارة المستمعين عاطفياً وإلهامهم لنشر قصتك. تتمتع القصص المروية بمهارة بالقدرة على تحويل المستمعين إلى مؤيدين ومروجين متحمسين لأي شيء تمثله، سواء كان علامة تجارية أو خدمة أو رسالة أو قضية.

يمكن أن يأتي محتوى قصتك من أي مكان، والروايات أو فرص سرد القصص موجودة دائماً حولنا. قصص المتكلم هي الأفضل، ولكن إذا لم تكن لديك خبرة في رواية قصص المتكلم، فيمكنك مشاركة قصة حول حادثة شاهدتها أو لاحظتها. هناك ثروة من القصص الموجودة في الكتب والأفلام والأحداث التاريخية، وكلها في انتظارك إلى أن تكتشفها.