في الآونة الأخيرة أمضيت شهراً في مقابلة رؤساء المجموعات في إحدى كبرى شركات الخدمات المالية، في محاولة لفهم ما يتعين على مرؤوسيهم المباشرين قوله عند انتقالهم إلى مناصب قيادية. وسمعت نفس الملاحظة مراراً وتكراراً: "إذا كنت حاضراً في قاعة الاجتماع، فنحن نتوقع منك أن ترفع صوتك بالكلام. لا تنتظر من شخص ما أن يطلب منك ذلك".
في الكثير من المؤسسات، يُقاس الاستعداد للقيادة جزئياً باستعدادنا لرفع صوتنا في الاجتماعات. ويمكن أن يكون لطريقة حديثنا بشكل عفوي أثر أكبر على مسارنا المهني في مقابل عروضنا أو خطاباتنا، حيث نملك في كل يوم فرصة لترك أثر ما.
وبينما تركز الكثير من جوانب عملي على المرأة في القيادة إلا أنّ الجميع بوسعهم استخدام الاجتماعات كفرصة للارتقاء في مساراتهم المهنية وجلب الآخرين معهم.
وفيما يلي ثلاث استراتيجيات لرفع صوتك على نحو فعال، يليها ثلاثة محاذير حول الحالات التي يتعين عليك التراجع فيها.
استراتيجيات لرفع صوتك على نحو فعال
- حضّر بعض النقاط الرئيسة مسبقاً. كانت إحدى كبار المسؤولين التنفيذيين الذين عملت معهم مرعوبة من الحديث أمام الآخرين في بداية عملها. ولتتمكن من التغلب على ذلك، فقد واجهت نفسها لرفع صوتها في كل اجتماع وقامت بتحضير ملاحظاتها وأسئلتها مسبقاً. تلك المسؤولة هي الآن نموذج يُحتذى به داخل مؤسستها وتُعتبر من أكثر المتحدثين ثقة وصدقاً على مستوى القطاع الذي تعمل فيه. لا تنتظر مجيء الإلهام في الاجتماع، بل استعد مسبقاً.
- اسأل: "لماذا أنت؟". أوصي الموظفين بطرح هذا السؤال قبل إعداد عرض أو الدخول إلى قاعة اجتماع أو حتى التحضير لمناسبة تعارف. وهذا يعني: لِمَ تهتم بما تفعله أو بمؤسستك أو بدورك فيها؟ تساعدك إجابة هذا السؤال على الارتباط بعملك مع إحساس بالهدف، وبناء ثقتك بنفسك. كما أنها تذكرك أنك لا ترفع صوتك للتباهي، بل لأنك تهتم حقاً بالموضوع. وتذكرك أنّ مصداقيتك لا تنبع حصراً من لقبك أو سنوات خبرتك، إنما تأتي أيضاً من التزامك وشغفك.
- توقف لحظة والتقط أنفاسك لتبني ثقتك. يتطلب منك رفع صوتك في الاجتماعات التحلي بالشجاعة. لديك القدرة على التأثير على مسار المحادثة، ما يمكن أن يؤدي إلى قبول عملائك بصفقة ما في وقت يكون فيه زملاؤك قد أخرجوا الاجتماع عن مساره الصحيح. يساعدك التوقف للحظة والتقاط أنفاسك على تركيز صوتك وتقويته حتى يمكنك الحديث بكامل قدرتك على الإقناع عند رفع صوتك. وبينما تتوقف، اسأل نفسك "إذا كان أحد آخر في هذه الغرفة يراوده نفس هذا السؤال، هل أنا على استعداد لطرحه نيابة عن ذلك الشخص؟". لا بد أن تبني الإجابة ثقتك بنفسك. قالت واحدة من عملائي مؤخراً إنها استخدمت هذا الأسلوب الذي يتمثل في طرح سؤال أمام الجمهور في مؤتمر كبير، وغيّر سؤالها منحى حلقة النقاش بالكامل، وسلّط الضوء على مسألة بالغة الأهمية كان الفريق يتجنبها.
وفي ضوء ما تقدم، أحياناً يكون أقل المتحدثين في الاجتماع هو الأكثر قوة. ويتمثل حضورك كمسؤول تنفيذي في التمتع بنظرة استراتيجية تحدد من خلالها وقت رفع صوتك بالإضافة إلى ما ستقوله. وفيما يلي ثلاثة محاذير حول الحالات التي يتعين عليك التراجع فيها.
محاذير حول الحالات التي يتعين عليك التراجع فيها.
- إذا كنت تحاول التباهي فحسب. جمعينا مررنا بتجربة الجلوس في اجتماع ما أو المشاركة في مكالمة هاتفية جماعية تتأخر عن موعد انتهائها، ويحاول الجميع فيها اختتام حديثهم بينما يهذي أحدهم حول موضوع انتهوا منه قبل نصف ساعة. قبل رفع صوتك، اسأل نفسك عن سبب حديثك. إذا كنت تفعل ذلك للتباهي حول قدر المعلومات التي تعرفها، فمن الأفضل أن تسمح لشخص آخر بالحديث أو تسمح بأن يسير الاجتماع في مساره الطبيعي.
- إذا كنت تحاول تمكين آخرين في فريقك. مررت بمنعطف حاسم في المعهد العالي، حيث حصلت على ملاحظات تشير إلى أنني تحدثت كثيراً في الفصل. لماذا كانت تلك مشكلة؟ قال أحد الزملاء: "أنت تصبح عكازاً يستند عليه الآخرون. لا يمكننا مواجهة السؤال الذي يُطرح علينا لأنك تقوم بتقديم الإجابة فوراً. أحياناً تعني القيادة السماح للآخرين بالعثور على حلولهم الخاصة". وبعد عشر سنوات، لازمتني تلك الملاحظة وكان لها بالغ الأثر على أسلوبي في القيادة. اسمح لأعضاء فريقك في الاجتماع برفع صوتهم ليبنوا علاقات ثقة خاصة مع عملائك، حيث يعتبر إعطاء الآخرين الفرصة للحديث في الاجتماع إحدى أقوى الطرق التي تمكننا من بناء مهاراتهم القيادية وإبراز شخصيتهم، داخل المؤسسة وخارجها، وإعطاء العميل إحساساً أشمل بالدعم من فريقك بأكمله.
- إذا كان من الأفضل تقديم ملاحظتك في محادثة ثنائية. يقوم كبار المسؤولين التنفيذيين بتقديم ملاحظات حول مرؤوسيهم المباشرين في برامجي التدريبية من خلال قول: "إنّ عليهم معرفة الوقت الأنسب لتأجيل موضوع ما لمحادثة ثنائية". ويمكن تبسيط الكثير من المحادثات الصعبة داخل المؤسسة من خلال الحديث بشكل خاص مع أحدهم، في أي وقت ممكن، بدلاً من التطرق إلى المسألة وسط مجموعة سيتخذ فيها الشخص موقفاً دفاعياً. وينطبق هذا على المراسلات بالبريد الإلكتروني إضافة إلى المحادثات الصوتية. اسأل نفسك "هل سيكون من الأفضل قول هذا بصورة شخصية؟" قبل رفع صوتك أو النقر على خيار "الرد على الجميع".
يعتبر رفع الصوت في الاجتماع أحد الطرق الأكثر فعالية لإبراز شخصيتك وبناء علاقة قائمة على الثقة مع عملائك وزملائك. مارس ذلك على نحو استراتيجي كل يوم، وسيكون لديك تأثير قوي على مسارك المهني وفي عملك.