لعلّك كنت ستعتبر صديقك أو زميلك مجنوناً سابقاً لو أنه طلب منك نصيحة حول كيفية رفض عرض عمل، إذ كانت الوظائف عزيزة آنذاك. لكن مع تحسن الوضع الاقتصادي تدريجياً، بدأ الناس يستعيدون حرية الاختيار بعد أن حُرموا منها فترة طويلة.
وإذا كنت محظوظاً بما يكفي لتختار بين عرضين، أو ببساطة لترفض عرضاً غير ملائم لك تماماً، فستترتب عليك حينها مسؤولية رفض العرض بلطف وبراعة دون خلق أي عداء أو سوء فهم مع الشركة التي قدمته لك.
وكما هي الحال مع أي رسالة تصوغها بعناية، يجب أن تفكر مسبّقاً في كيفية مشاركة قرارك بطريقة تحافظ فيها على سمعتك الإيجابية، ودون أن تُهين الشركة التي رفضت عرضها، وأفضل طريقة لرفض أي عرض وظيفي هي تضمين 3 نقاط رئيسية في المحادثة:
- الشكر السخي
- التفسير المنطقي المدروس
- الزخم المستقبلي
الشكر
أول عبارة يجب أن تذكرها عند رفض عرض العمل هي عبارة الشكر الصادق لمن قدمه لك، احرص على التعبير عن امتنانك لتلقّي العرض واحترامك لكل من المؤسسة ومسؤول التوظيف، ولا تجعل الرفض يبدو وكأن المنصب أدنى من مستواك أو أنك لم تفكر فيه بجدية.
التفسير المنطقي
قدّم تفسيراً منطقياً لرفضك العرض الوظيفي. هذا هو الجانب الأصعب من المحادثة، لكنه الأهم أيضاً. في الواقع، ثمة أسباب عديدة لعدم ملاءمة الوظيفة وكثير منها مقبول ومنطقي، وقد يصعب عليك تسويغ بعض الأسباب أو التعبير عنها (مثل رفض العرض بسبب سوء معاملة مدير التعيينات أو الرغبة في البقاء في منطقة معينة).
وحتى إذا اختلفت تفسيراتك المنطقية عن المعايير السياسية أو الاجتماعية المقبولة، يمكنك في 99% من الحالات التعبير عن هذه الأسباب الحساسة بأسلوب مهني ولبق. إليك بعض العبارات المفيدة حول الأسباب الخمسة الشائعة التي قد تؤدي إلى رفض عرض وظيفي.
- العوامل الخارجية: الموقع الجغرافي والأسرة والتوقيت. من السهل دائماً إلقاء اللوم على شخص آخر أو ظرف معين عندما تواجه مشكلات خارجة عن سيطرتك تمنعك من قبول منصب معين، لذا تحلَّ بالصدق. "للأسف، لا يمكنني قبول العرض الوظيفي والانتقال بسبب التزاماتي العائلية"، أو "على الرغم من اهتمامي بالمنصب، قررت عدم قبوله لأن الوقت ليس مناسباً لنقل عائلتي إلى مدينة جديدة".
- التعويضات: من المقبول تماماً رفض عرض وظيفي إذا لم يكن الأجر المقدّم جيداً (بما يكفي). يمكنك أن تقول: "أتمنى لو كان بإمكاني قبول العرض بالفعل، لكني بحاجة إلى مستوى تعويضات أعلى. وأرجو منك تفهّم ذلك".
- الافتقار إلى المهارات/المؤهلات: إذا لم تمتلك المهارات اللازمة لتفاجئ الجميع بأدائك الرائع، أو إن كنت تتوقع أن تفشل في المنصب، فأفضل طريقة لتجنب المشكلات هي التصريح عن ذلك: "بعد التفكير ملياً، قررت عدم قبول عرضكم لعدم قدرتي على تلبية متطلبات الأداء بدرجة معقولة؛ لا أستطيع الانضمام إلى مؤسسة أعجز فيها عن تقديم أداء يفوق التوقعات".
- المشكلات مع الموظفين: لا يمكنك أن تخبر شخصاً ما بأنك لا تحبه أو لا تحب زملاءه، لكن يمكنك استخدام مصطلح "الملاءمة الثقافية" عندما لا تتناسب شخصيتك مع الفريق أو المؤسسة. على سبيل المثال: "أحترم العمل الذي تؤدونه جميعاً، لكني لا أعتقد أنه الاختيار الملائم بالنسبة لي شخصياً. سأواصل البحث عن وظيفة أخرى في بيئة عمل ديناميكية وريادية تتمتع بهيكل تنظيمي أفقي".
- طريق مسدودة: إذا كانت الوظيفة جذابة بالفعل لكنها لا تُسهم في تقدمك نحو أهدافك المهنية المستقبلية، فلك الحق في الإفصاح عن ذلك، وعموماً، سيحترم الآخرون أهدافك المهنية الطويلة المدى. "أتمنى حقاً الانضمام إلى الفريق، إلا أنني في حاجة ماسة إلى اكتساب خبرة في جمع التبرعات لكي أتمكن من الانتقال إلى منصب في مجال التنمية في السنوات القادمة. وبصراحة، لن يحقق منصب مدير البرنامج هدفي".
الزخم المستقبلي
بمجرد أن تقدم سبباً مدروساً لرفض العرض الوظيفي، قدّم شكرك مرة أخرى للطرف الآخر واعرض عليه أن تبقيا على تواصل أو تمنى له التوفيق في متابعة عملية التوظيف. ويمكنك أيضاً الأعراب عن رغبتك في البقاء على اطلاع بالفرص الجديدة أو إعادة التفكير في العرض الوظيفي إذا تغيرت الظروف الخارجية. من الطبيعي الافتراض بأن الشركة التي رفضت عرضها الوظيفي اليوم قد تصبح جذابة في المستقبل، لذا حافظ على علاقة إيجابية معها وأبق فرص التواصل قائمة.