الفوائد الخفية لرحلات العمل قصيرة المدى

3 دقائق
رحلة العمل قصيرة المدى

كُتب الكثير عن المهمات طويلة الأجل التي توكل إلى الأشخاص الوافدين، ولكن بالنسبة للكثيرين منا، فإن "المهمة" الأكثر شيوعاً تتمثل في رحلة العمل قصيرة المدى، وهي الرحلة التي تستغرق، مثلاً، أربعة أيام إلى دبي أو رحلة ذهاب وعودة إلى بيونس آيرس. تصيبنا هذه الرحلات السريعة، في معظم الأحيان، بالخدَر. وعندما ننتقل من فندق إلى آخر ونطلب في لندن مشروب ستاربكس نفسه الذي نطلبه في شنغهاي أو طوكيو، قد نشعر كأنها مجرد رحلة عمل أخرى وليست مغامرة هادفة إلى استكشاف الثقافات الأخرى.

مزايا رحلة العمل قصيرة المدى

وعلى الرغم من الإعياء الكامن والمظهر الخارجي للرتابة، يمكن أن تكون رحلة العمل أكثر من مجرد إنجاز للعمل في موقع جديد. نعم، يمكن أن تكون الرحلة مرهقة جسدياً ونفسياً. ولكن يمكن أن تكون محفزة أيضاً، لدرجة أن بعض الأشخاص يعودون من رحلات العمل مفعمين بمجموعة جديدة من المعرفة ومنظور مختلف عن عملهم. وقد حددنا، من خلال تجاربنا الخاصة وتجارب الأشخاص الذين أجرينا معهم مقابلات أو دربناهم أو عملنا معهم، بعضاً من أهم مزايا رحلة العمل قصيرة المدى.

السفر للخارج يمكن أن يبني ثقتك بنفسك

إذ يعد السفر إلى أي مكان - لا سيما إلى أماكن ذات ثقافات مختلفة - فرصة للخروج من منطقة راحتك. ويعني هذا، أحياناً، أن تتصرف بطريقة غير طبيعية أو محرجة بالنسبة لك، لكنك تعلم أن الأمر مطلوب في البيئة الجديدة، مثل أن تكون أكثر احتراماً لمشاعر الآخرين أو تستخدم الدردشة العابرة. وقد يعني توسيع نطاق منطقة راحتك أيضاً فعل شيء يخيفك قليلاً، مثل الذهاب إلى بلد لم تتخيل زيارته أبداً - أو لا تعرف لغة سكانه أصلاً - والنجاح في خوض التجربة. وثمة العديد من التحديات التي تواجه السفر على الصعيد الدولي لمدة قصيرة، ويمكن أن يؤدي التغلب عليها بنجاح إلى تعزيز الثقة بشكل كبير.

توسيع نطاق الإبداع

ومن شأن قضاء الوقت في بلد أجنبي أن يوسع نطاق إبداعك. وفي الواقع، فقد أظهرت الدراسات البحثية أن الأشخاص غالباً ما يكونون في أكثر حالاتهم إبداعاً و"مرونة معرفية" عند قضاء الوقت في مكان مختلف. ويمكن للتعامل مع الاختلاف في مكان جديد - حتى في أبسط الأشياء، مثل إشارات المرور - أن يوسع مدارك عقلك ويفتح المزيد من الإمكانات. ليس هذا فحسب، بل إنه عندما تضطر إلى حل المشكلات (مثل كيفية طلب شيء إذا كانت جميع العناصر في القائمة تبدو متماثلة، أو كيفية الوصول إلى اجتماع مهم في الوقت الذي يكون فيه عمال النقل في حالة إضراب)، لا يمكن لعقلك الاعتماد على ما يعرفه مسبقاً. بل يجب أن يجرب ويبتكر. وقد تكون أولى الفوائد بالنسبة لشركتك هي، ببساطة، أنك سترى ابتكارات وطرق تشغيل لم تفكر بها من قبل، ويمكنك بعد ذلك جلب هذه المعرفة إلى شركتك.

التعامل مع المواقف غير المتوقعة

علاوة على ذلك، يمكن أن يعزز السفر على الصعيد الدولي أيضاً قدرتك على التعامل مع المواقف غير المتوقعة، التي قد تكون غير مريحة، وهي مهارة حياتية ستكون مفيدة حتى بعد العودة إلى بلدك. إذ إنه من المرجح، في رحلة قصيرة المدى، أن تجد نفسك في موقف صعب أو غير متوقع أو الاثنين معاً. ربما تكون في اجتماع عشاء وتواجه بروتوكولات غير مألوفة في تناول الطعام أو تقديم الهدايا أو اختيار المكان المناسب للجلوس.  أو ربما يتعين عليك تقديم عرض تقديمي ويجب أن تدرك بسرعة ما يجب فعله - وما يجب تجنبه - للتوافق مع الأسلوب المحلي في التواصل.  حيث إن القراءة عن هذه الاختلافات في كتاب أو مقال شيء، ولكن اختبارها وخوض غمارها شخصياً وفي حينها شيء آخر تماماً.

الاختبار الحقيقي للمهارات

وفي الواقع، يمكن للسفر لمدة قصيرة في الغالب اختبار الأشخاص أكثر من المهمات طويلة الأجل. ضع في اعتبارك أن الشركات لا تقدم عادةً الدعم المصاحب للموظفين المستقلين الوافدين، مثل التوجيه الثقافي والتدريب اللغوي، ولكن لا يزال بإمكان الموظفين تحقيق أهداف محددة للغاية يجب عليهم تحقيقها في مدة زمنية قصيرة. وفي ضوء وجود مجال صغير للغاية لمنحنى التعلم، يمكن للموظفين الشعور وكأنهم في غمار مهمة صعبة ويجب عليهم فوراً النجاح أو مواجهة الفشل. وعلى الرغم من أن رحلات العمل يمكن أن تكون أقصر، فإنها يمكن أن تُظهر لك بسرعة حقيقة معدنك.

ونتيجة لذلك، يمكن أن يغرس السفر على صعيد دولي أيضاً لديك شعوراً بالتعاطف مع زملائك وموظفيك المولودين في الخارج. إذ ربما لم تلاحظ أوجه المعاناة التي مروا بها في التكيف مع ثقافتك، ولكن عندما تنقلب الأدوار وتصبح أنت في موقف التكيف - حتى لفترة قصيرة - ستبدأ في التعاطف مع تجربتهم وبالتالي تتفهم بشكل أفضل وتشعر برأفة أكبر حيال ما يمرون به. لأن التعاطف عنصر مهم في بناء العلاقات بين الثقافات المختلفة، ويمكن حتى لرحلة عمل قصيرة أن تساعد في إرساء أسس النجاح المستقبلي للفرق العالمية الرائدة.

أخيراً، يمكن أن يحفز السفر إلى الخارج شهيتك للحصول على تجربة مستقبلية على الصعيد الدولي، خاصة إذا لم تحظ بهذه الفرصة من قبل. فكّر في الأمر على أنه تجربة تنطوي على مخاطر قليلة: يمكنك التعرف على أشخاص جدد، والتعرف على أطعمة وعادات جديدة وتجريبها، بل ربما حتى تعلم لغة جديدة، دون الالتزام على المدى الطويل بالاضطرابات الحياتية الهائلة المصاحبة للمهمات التي توكل إلى الأشخاص الوافدين.

وغالباً ما يمكن وصف السفر في رحلة عمل بأي وصف غير أن يوصف بأنه مبهر، ولكن من خلال التركيز على الفوائد المحتملة، يمكنك الحصول على المزيد من وقتك الذي تقضيه في الخارج. إذ لن تحظى فحسب بتجربة شخصية ذات مغزى أكبر بكثير مما يبدو على الفور، بل يمكنك أيضاً الاستفادة من رحلة العمل قصيرة المدى في تعزيز القدرة على التحمل، والاستفادة من إبداعك الداخلي، وتعميق إدراكك وفهمك لبقية العالم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي