إليكم هذه القصة حول مفهوم رائد الأعمال في الوزارة. زرت قبل أيام دولة إستونيا، لأكتشف أن هذه الدولة احتلت في السنوات الأخيرة المرتبة الأولى في العالم في ريادة الأعمال بحسب، والمرتبة الأولى في العالم في المنافسة الضريبية، والمرتبة الثانية في أوروبا في اقتصاد التكنولوجيا وإحدى المراتب الـ 12 عالمياً في تسهيل الأعمال.
تجربة دولة إستونيا في مجال ريادة الأعمال
تخوض هذه الدولة نقاشاً داخلياً، مفاده: هل علينا الانفتاح أم الانغلاق؟ يعيش هذا البلد الذي يعتز بهويته الثقافية لدرجة مبالغ فيها، نقاشاً داخل الحكومة والقطاع الخاص حول قضايا مثل: هل يجب علينا أن نستورد عمالة خارجية لتسد الحاجة بسبب قلة عدد السكان وقلة عدد الشباب؟ أم يجب علينا الاستمرار بالنموذج الحالي القائم على الانفتاح "أون لاين" فقط، فهذا البلد، يقدم إقامة إلكترونية وهوية إلكترونية، لا تسمح للحاصل عليها بالإقامة الفعلية، ولكنها تسمح له بتأسيس شركة في إستونيا وإدارتها من بعيد، والاستفادة من ميزة امتلاك شركة أوروبية في تقديم الأعمال.
كان هذا حلاً للنقاش القائم في إستونيا (نريد شركات وأموال ورسوم، ولكننا لا نريد أشخاصاً من الخارج). إضافة إلى ذلك، يسود اليوم في إستونيا نموذج توظيف العمال أونلاين والعمل معهم من مختلف دول العالم أي نموذج "العمل عن بعد"، وهذا أيضاً فرضه تخوف هذا البلد من الانفتاح الفعلي والاستفادة قدر الإمكان من التكنولوجيا.
ولست في مجال وصف هذه الحلول بالصح أو الخطأ، لأنني اعتبرها استجابات ذكية تطبيقاً لمبدأ "الحاجة أم الاختراع". ولم تكن الحكومات المتعاقبة في إستونيا تفكر في المخاطرة وفتح سفارات وممثليات تجارية في الخارج، بسبب غلبة الرأي العام السائد والقائل "تقليل الانفتاح وتقليل الإنفاق لحده الأدنى".
لقد أوصلت هذه الرؤية المتعلقة بمفهوم رائد الأعمال في الوزارة هذه الدولة الناشئة إلى ما نسميه في الأعمال "القياس المحيّر" وهو الذي يشير إلى بلد أو شركة قابلة للوصول إلى حجم أكبر بينما لا تجد القيادة والإرادة اللازمة لذلك. ولكن الجديد الذي حصل مؤخراً، هو أن حكومة إستونيا اختارت أحد رواد الأعمال الشباب وعينته في الحكومة وزيراً لريادة الأعمال وتكنولوجيا المعلومات، فماذا عمل منذ تعيينه منتصف العام 2018؟
قاد هذا الشاب نقاشاً داخل الحكومة أدى لإقناعها بفتح سفارات في أبوظبي وممثليات تجارية في الصين وفي دبي، وقاد نقاشاً مضنياً لإقناع الحكومة بالمشاركة في مؤتمر إكسبو القادم في دبي. ويضع هذا الشاب مع من أقنعهم من باقي ممثلي الحكومة أقدامهم على بداية السلم لإخراج إستونيا من عنق الزجاجة، بحيث ربما نرى النمر الأوروبي القادم من بلاد الثلج يطل برأسه قريباً.
اقرأ أيضاً: