كيف عثرت “ديزني” على طريق العودة إلى دروب الابتكار؟

4 دقائق
عودة ديزني للابتكار

مفتاح نجاح الشركات هو التكييف مع المتغيرات، واستراتيجية الابتكار، وفي هذا الصدد، تعتبر كل من شركتي "والت ديزني" و"وارنر براذرز" دراسة مفيدة في التناقضات. فكيف كانت عودة "ديزني" للابتكار؟

تجربة شركة "ديزني" في الابتكار

عندما اشترى روبرت آيغر، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "ديزني" شركة "بيكسار" (Pixar) بمبلغ 7.4 مليارات دولار قبل 10 سنوات، اعتقد البعض أنه مجنون. كانت إمبراطورية "ديزني" مترسخة في مجال الرسوم المتحركة، وكانت شخصياتها الكلاسيكية مثل ميكي وميني ماوس ودونالد دك وغوفي وأميرات ديزني، بعض من الشخصيات الأكثر شهرة وتفضيلاً في العالم، لكن كانت "ديزني للرسوم المتحركة" بحاجة ماسة إلى بعض الأفكار الإبداعية.

كانت أفلام "جميلة والوحش" (Beauty and the Beast)، و"علاء الدين" (Aladdin)، و"الملك الأسد" (The Lion King)، كلها توجهات جيدة في التسعينيات، ولكن كان هناك تراجع منذ بداية الألفية الجديدة، في حين كانت أفلام "بيكسار"، مثل "شركة المرعبين المحدودة" (Monsters, Inc) و"الأبطال الخارقون" (The Incredibles) و"البحث عن نيمو" (Finding Nemo) هي الصرعة الجديدة. لاحظ إيجر في عدة مناسبات أن شخصيات "بيكسار" الأكثر شعبية ظهرت في المسيرة الافتتاحية لديزني لاند هونغ كونغ في 2005، بينما أحدث شخصيات "ديزني"، مثل "ليلو وستيتش" (Lilo & Stitch)، التي أطلقت في عام 2002 - كانت مفقودة (بالرغم من وجود ميكي ماوس ورفاقه بالطبع). كان بإمكان إيجر الاستمرار في محاولة دفع شركة "ديزني" من الداخل لكنه أدرك أن أفضل الفرص قد تنشأ أحياناً من خلال التحالفات مع الشركات الأخرى، وأبرم صفقة مع الرئيس التنفيذي لـ "بيكسار" في حينها؛ ستيف جوبز لشراء الشركة. (كان من المقرر أن ينتهي عقد "ديزني" الحالي لتوزيع أفلام "بيكسار" في 2006، حيث أعلنت "بيكسار" قبل ذلك بعامين عن عدم نيتها تجديد هذه الاتفاقية).

وقد كان هذا المسعى دفعة قوية نحو المستقبل، حيث عقد إيجر، بعد عدة سنوات، صفقة رابحة أخرى لشراء شركة "مارفل إنترتينيمنت" (Marvel Entertainment) بمبلغ 4 مليارات دولار في عام 2009. في ذلك الوقت، كان هناك شعور من الشك بأن 4 مليارات دولار قيمة مبالغ فيها لشركة "مارفل" خصوصاً مع انتهاء ترخيص 3 من شخصياتها الرئيسية ("فنتاستك فور" (Fantastic Four) لـ "توينتياث سينتشري فوكس" (20th Century Fox) و"الرجل العنكبوت" (Spider man) لـ "سوني" (Sony) و"إكس مين" (X-Men) لـ "توينتث سينشري فوكس"). ومع ذلك، أطلقت "ديزني" عدداً من أفلام الأبطال الخارقين، مثل "ثور" (Thor) و"كابتن أميركا" (Captain America) و"المنتقمون" (Avengers) و"الرجل الحديدي" (Iron Man)، واستخدم إيجر استحواذه على كل من "بيكسار" و"مارفل" لإقناع جورج لوكاس لبيع "لوكاس فيلم" (Lucas film)، بحوالي 4 مليارات دولار في 2012، وجلبت هذه الصفقة امتيازات "حرب النجوم" (Star Wars) و"إنديانا جونز" (Indiana Jones) إلى حظيرة "ديزني".

أعادت الاستحواذات الثلاثة هذه تنشيط العناصر الإبداعية في "ديزني"، مما سمح لها بالاستفادة المادية من هذه الشخصيات من خلال العديد من الوسائط مثل - مدن الملاهي والأفلام والألعاب - والتي أثبتت أن "ديزني" وحدها التي يمكنها فعل ذلك. على سبيل المثال، يعتبر "المنتقمون" من الأفلام الناجحة لكن شخصياته تُعرض فقط في مدن الملاهي التابعة لـ "ديزني"، وكانت هذه الاستراتيجية، في حد ذاتها، ابتكاراً عظيماً لشركة "ديزني"، وقد بدأ هذا النهج النشط يؤتي ثماره، وخلال مدة الستة أشهر من ديسمبر/كانون الأول 2015 إلى مايو/أيار 2016، حققت "ديزني" حصة سوقية تقدر بـ 25% مع أفلام حازت على المراكز الأولى في شباك التذاكر، مثل "حرب النجوم"، و"كتاب الأدغال" (the Jungle Book)، و(كابتن أميركا).

أعلن إيجر أنه في الربع الأول من هذا العام، حققت "ديزني" أعلى أرباح فصلية في تاريخ الشركة، حيث كانت ربحية السهم مكونة من عددين لعشرة أرباع على التوالي، والقادم أفضل. وبسبب النسبة العالية من صغار السن في آسيا، من المرجح أن تشهد نمواً في مدن الملاهي "ديزني لاند" المشيدة حول شخصيات وقصص "ديزني" الساحرة، وقامت شركة "ديزني" ببناء ستوديو جديد مع 5 علامات تجارية للأفلام بالإضافة إلى تلك الموجودة لديها أصلاً "والت ديزني للرسوم المتحركة" (Walt Disney Animation) و"أفلام والت ديزني" (Walt Disney Pictures)، ولدى كل علامة تجارية لفيلم العديد من الشخصيات مع القصص الخيالية التي تعمل كأصول لحقوق الامتياز.

شركة "وارنر براذرز"

على النقيض من ذلك، تتهاوى الجهود السينمائية لشركة "وارنر براذرز" (WB). حيث انخفضت إيراداتها بنسبة 13% في الربع الرايع من 2015. أما الفيلم المنتظر "باتمان ضد سوبرمان" (Batman v Superman)، الذي عُرض في أبريل/نيسان 2016، وحصد 166 مليون دولار في أسبوعه الافتتاحي، انخفضت عائداته بنسبة 69% في الأسبوع الثاني من عرضه، أما النقاد فأشبعوه نقداً، حيث حصل على 28% في مقياس نجاح الأفلام في موقع "روتن توميتوز" (Rotten Tomatoes).

اتبعت شركة "وارنر براذرز" منهج "المجرب والحقيقي" (tried-and-true) مع أفلامها، خصوصاً فيما يتعلق بـ "الأبطال الخارقين" (DC Comics) التابعين لها. أي أن ما نجح في السابق، ينبغي أن ينجح مرة أخرى. لذلك أعقب "باتمان" (1989) "عودة باتمان" (1992)، ثم "باتمان إلى الأبد" (1995)، ثم "باتمان آند روبن" (1997)، ثم "بداية باتمان" (2005)، ثم "فارس الظلام" (2008) و"فارس الظلام يرتقي" (2012). وبالمثل، "سوبرمان" (1978)، ثم "سوبرمان الثاني" (1980)، ثم "سوبرمان الثالث" (1983)، بعدها "سوبرمان الرابع" (1987)، و"عودة سوبرمان" (2006)، و"الرجل الحديدي" (2013)، وبلغت ذروتها هذا العام في "سوبرمان ضد باتمان". يبدو لحد الآن أن منهج "ورنر برادرز" مبني على التقليد.

وفي رد الفعل على سلسلة أفلام المغامرات المترابطة من "مارفل" (على سبيل المثال، "الخارقون")، صنعت "وارنر براذرز" بمجموعتها من الحكايات المبنية على جيشها الخاص من الأبطال الخارقين (على سبيل المثال "المرأة الخارقة" (Wonder Woman)، و"الفرقة الانتحارية" (Suicide Squad)، والفيلم المكون من جزأين "فرقة العدالة" (Justice League). من الطبيعي أن يتحول اتجاه "وارنر برادرز" إلى الاستفادة من أبطالها الخارقين وتحويلهم إلى سلسلة، لكن "ديزني" أعادت اختراع نفسها، بينما تسير "ورنر برادرز" على خُطى التقليد.

لا يعتبر تكرار ما فعلته في الماضي أو نسخ تجربة الآخرين ابتكاراً، فالابتكار هو ما يحدد النجاح في المستقبل، وفي الحقيقة، لا تمتلك "وارنر برادرز" أي تاريخ من الابتكار، على سبيل المثال، أطلقت الشركة أول إصدار من مسلسل "تلكي" (talkie)، مغني الجاز الشهير، في عام 1972، ووضعت المعيار للتميز في مسلسلات التلفزيون القصيرة من نظير "الجذور" (Roots) و"طيور الشوك" (The Thorn Birds) في السبعينيات، ويبدو أنها لا تزال واقعة ما بين مطرقة نجاحاتها السابقة وسندان "ديزني".

تُشير الحظوظ المتباينة لكل من "ورنر برادرز" و"ديزني" إلى أهمية الاستمرار في الابتكار، الأمر الذي تعتمد عليه التنافسية على المدى الطويل. وهذا ما حصل عند عودة "ديزني" للابتكار.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي