بحث يكشف: القادة المحرومون من النوم أقل إلهاماً

3 دقائق
القيادة الكاريزمية

يضطر القادة بسبب جداول مواعيدهم الضيقة إلى الاستغناء غالباً عن النوم في سبيل الحصول على مزيد من الوقت للعمل، وبذلك فهم يتخلون فعلياً عن جودة العمل مقابل إنتاج المزيد منه. تشير بعض أبحاثي إلى أن فكرة الإخلال بالجودة تنطبق على مفهوم القيادة أيضاً، مع تداعيات مهمة على أداء الفريق.

سلطت الضوء في مقال سابق صادر عن هارفارد بزنس ريفيو، على كيف أن سوء نوم القائد يزيد من احتمالية تصرفه بخشونة في اليوم التالي، ويؤثر بدوره سلباً في اندماج الفريق. في هذا المقال، أركز أكثر على الجانب الإيجابي للقيادة: القيادة الكاريزمية، التي يلهم القادة من خلالها أتباعهم، معززين الانطباع لديهم، بأن كلّاً من القائد والمهمة التي يؤديها استثنائيان. تعد القيادة الكاريزمية من أكثر المهارات فاعلية لأي قائد يريد تحسين أداء فريقه.

وللقيادة الكاريزمية جانبان: القائد والتابع. يدرس أحدث أبحاثي (الذي أجريته بالتعاون مع كريستيانو غوارانا، وشازيا نعمانـ وديجون توني كونغ)، تقويض الحرمان من النوم لكلا الجهتين من العملة. وينصب تركيزنا على الدور الذي تؤديه المشاعر في القيادة الكاريزمية.

يشير بحث سابق إلى أنه عندما يُظهر القادة مشاعر إيجابية إلى فرقهم، تزداد احتمالية شعور أعضاء الفريق بمشاعر إيجابية أيضاً، ما يؤدي بهم إلى وصف القائد بأنه ذو كاريزما عالية. وبعبارة أخرى، تتمتع فرق القادة الذين يبتسمون باستمرار بقدر كبير من السعادة والإلهام.

هناك طريقتان يُظهر بها القادة مشاعر إيجابية، إما بالتعبير عن المزاج الإيجابي الفطري، أو بالتحكم بمشاعرهم لتحسين مزاجهم الشخصي (عادة عن طريق التفكير بأمر مفرح أو بإلهاء النفس عما يزعجها). يمكن أن تسهم كلتا الطريقتين في زيادة مستوى الكاريزما لدى القائد.

بينما يقوض الحرمان من النوم، مع الأسف، كلّاً من اختبار المشاعر الإيجابية والقدرة على تنظيم المشاعر كذلك. وبالنتيجة، فإن القادة المحرومين من النوم أقل إظهاراً للمشاعر الإيجابية لفرقهم، وبالتالي سيكون أعضاء الفريق المحرومون من النوم أقل عرضة لتجربة المشاعر الإيجابية. وضمن هذا السياق، توقعت فرضيتنا أن حرمان القادة وأعضاء الفريق من النوم قد يتسبب في نسب مستويات منخفضة من الكاريزما إلى أولئك القادة. بعبارة أخرى، فإن القادة المحرومين من النوم أقل إلهاماً، كما أنه يصعب إلهام أعضاء الفريق المحرومين من النوم.

اختبرتُ وزملائي هذه الفرضية من خلال تجربتين مخبريتين. انطلاقاً من اعتبار أسلوب تواصل القائد كأساس للقيادة الكاريزمية، أوكلنا إلى المشاركين في الدراسة الأولى (88 مشاركاً) مهمة لعب دور رئيس هيئة تدريس يقدم خطاباً في حفل تخرج. وأعطينا الطلاب فرصة لتحضير خطاباتهم، ثم سجلنا مقاطع فيديو لهم في أثناء إلقاء الخطاب داخل المخبر. نام نصف هؤلاء الطلاب بصورة طبيعية قبل الحضور للمشاركة في الدراسة (مجموعة التحكم). بالمقابل، حرمنا النصف الآخر جزئياً من النوم، حيث حصلوا على قسط من النوم أقل بساعتين من عدد ساعات نوم المشاركين في مجموعة التحكم. ومن ثم طلبنا من 3 خبراء تقييم الكاريزما الظاهرة في كل خطاب.

توصلنا إلى نتيجة تتفق مع توقعاتنا مفادها أن مستوى الكاريزما لدى المشاركين المحرومين من النوم أقل مقارنة بمجموعة التحكم، وكان الفشل في تنظيم المشاعر عاملاً سببياً في التأثير. بعبارة أخرى، تقل قدرة القادة المحرومين من النوم على تنظيم مظاهر المشاعر الإيجابية لديهم، وبالتالي يعتبرهم الناس أقل كاريزمية.

أما في الدراسة الثانية، فدرسنا الجانب الآخر من المعادلة. قسّمنا المشاركين، كما في الدراسة الأولى، إلى مجموعة تحكم وأخرى محرومة من النوم جزئياً (ليكون المجموع 109 مشاركين). ولكننا جعلنا الطلاب في الدراسة الثانية يؤدون دور مرؤوسي الرئيس الذين يقدم خطاباً. ثم طلبنا من هؤلاء المشاركين مشاهدة بعض الخطابات في الدراسة الأولى لتقييم كاريزما المتحدث. لاحظنا انخفاض المشاعر الإيجابية لدى المرؤوسين المحرومين من النوم، ما جعلهم يصفون الرئيس الذي يلقي الخطاب بأنه ذو كاريزما منخفضة. بعبارة أخرى، فقد كان المرؤوسون المحرومون من النوم أكثر غضباً، ومهمة إلهامهم أكثر صعوبة.

باختصار، وجدنا دليلاً يثبت أن القادة المحرومين من النوم غالباً ما يكونون أقل كاريزمية (ما يعني أنهم سيواجهون صعوبة أكبر في إلهام فرقهم)، وأن أعضاء الفريق المحرومين من النوم، من جهة أخرى، ينسبون مستويات أقل من الكاريزما إلى قادتهم (ما يعني صعوبة إلهامهم).

من المهم أخذ هذه النتيجة بالاعتبار، إذ إن العديد من القادة يعانون من حرمان النوم في معظم الوقت. بالإضافة إلى ذلك، عادة ما يتسبب القادة في أمور تحرم مرؤوسيهم من النوم، كأن يطلبوا منهم تفقد هواتفهم الذكية في وقت متأخر من الليل. وبالتالي، فهم يهدمون قدرتهم على قيادة فرقهم بفعالية. وخلاصة القول: إن كنت تريد أن تكون مصدر إلهام، فيجب عليك وعلى جميع مرؤوسيك بذل أقصى جهودكم للنوم جيداً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي