ملخص: يسعى معهد الإمارات المالي إلى دمج الابتكار والتوطين لبناء قطاع مالي مستدام يقوده إماراتيون مؤهلون، عبر برامج تدريبية وتقنية متقدمة تدعم التحول الرقمي وتواكب متطلبات الاقتصاد الجديد.
- برنامج "إثراء": يهدف إلى تدريب وتوظيف 9,375 مواطن إماراتي في القطاع المالي بحلول 2026.
- مركز الابتكار: يدعم التكيف مع التكنولوجيا ويعزز الاقتصاد الوطني عبر بيئة بحث وتطوير بمعايير عالمية.
- تقنيات متقدمة: مثل البلوك تشين تُستخدم لتحسين الامتثال وتحليل البيانات ومواجهة التحديات السيبرانية.
يحرص القطاع المالي في الإمارات العربية المتحدة على دمج الابتكار مع التوطين باعتبارهما جزءاً من استراتيجية تعتمد على توجهات حكومية طموحة لاستشراف مستقبل القطاع، وتعزيز مكانة الإمارات لتصبح مركزاً عالمياً للابتكار المالي. من هنا، أطلق معهد الإمارات المالي برنامج "إثراء" لتوطين القطاع المالي في عام 2022، من منطلق دوره لتقديم برامج تعليمية وتدريبية تلبي احتياجات السوق المالية والمصرفية المتغيرة، من خلال دمج التقنيات الحديثة والمناهج المبتكرة.
عمل برنامج إثراء منذ إطلاقه على تمكين الكفاءات الوطنية وتزويدها بالمهارات التكنولوجية اللازمة لتعزيز الابتكار، وتحقيق هدف البرنامج لتوظيف 9,375 مواطن ومواطنة وتدريبهم لتولي الأدوار القيادية في قطاع الخدمات المالية بحلول عام 2026.
وفي عام 2024، حرص المعهد على تمكين الموارد البشرية من التكنولوجيا ودعمهم بالمناهج المبتكرة، إذ أطلق مركز الابتكار لتعزيز التكيف مع التغيرات التكنولوجية والإسهام في دفع عجلة النمو الاقتصادي المحلي ودعم الكفاءات الوطنية داخل القطاعين العام والخاص باعتبارهم المحرك الأساسي للنمو في المستقبل. وعمل المركز وفقاً لمستهدفات رؤية "نحن الإمارات 2031" التي تسعى إلى تعزيز مكانة الإمارات باعتبارها مركزاً عالمياً للاقتصاد الجديد، من خلال تحفيز الموارد البشرية الإماراتية لتقود الإنتاجية الاقتصادية، واحتضان هذه الموارد في بيئة محفزة للابتكار بمعايير عالمية تدعم البحث والتطوير.
تطوير قطاع مالي مستدام بأيدٍ إماراتية
اتجهت الإمارات نحو اعتماد الابتكار والتكنولوجيا لإرساء أسس تعزيز الشمول المالي، وأطلقت استراتيجية العملة الرقمية للبنوك المركزية ضمن برنامج تحول البنية التحتية المالية، إذ اعتبرت هذه العملة وسيلة أكثر أماناً وسرعة لإجراء المدفوعات بتكلفة منخفضة. وأسهمت اللوائح التنظيمية في الإمارات والخدمات المصرفية الرقمية في ارتفاع نسبة الاستثمارات في التكنولوجيا المالية بنحو 92% في عام 2023.
من جهته، يوسّع معهد الإمارات المالي شراكاته الاستراتيجية لتطوير مهارات الكوادر الوطنية، ووضع بعض الأطر التنظيمية لتوظيف الابتكار بهدف تعزيز نمو القطاع المالي وتطوير أدائه من ناحية نمو الأرباح والأصول والائتمان والودائع والاستثمارات، والحفاظ على مؤشرات السلامة المالية. واتبع المعهد من خلال برنامج إثراء ومركز الابتكار بعض الخطوات التي أسهمت في ذلك، وهي:
دفع عجلة التحول الرقمي
أظهرت الدراسات أن التحول الرقمي يسهم في تعزيز إنتاجية القطاع المالي بنسبة 10%، وأوضح استطلاع أجرته شركة ون أدفانسد (OneAdvanced) لحلول الأعمال المتقدمة، أن التكنولوجيا ساعدت 54% من المشاركين على إكمال المهام في القطاع المالي بسرعة. وتقود الإمارات جهود التحول الرقمي السريع في القطاع المصرفي بالمنطقة، وبحسب تقرير شركة آرثر دي ليتل للاستشارات الإدارية العالمية، تصدّرت الإمارات قطاع الخدمات المصرفية في الشرق الأوسط، وامتلكت أكبر حصة من أصول البنوك في المنطقة البالغة نحو 3.2 تريليونات دولار.
بدوره، شكّل مركز الابتكار في معهد الإمارات المالي محركاً رئيسياً لعملية التحول الرقمي، من خلال مختبراته مثل المختبر الرقمي والمختبر الخاص بالتشريعات. ويسعى المركز إلى تسريع تبني التكنولوجيات وتوجيه الأبحاث نحو إيجاد حلول مبتكرة للتحديات التي يواجهها القطاع المالي، لذلك وفّر تدريبات لتطوير مهارات الكفاءات الوطنية في مجال الأمن السيبراني لمواجهة الهجمات الإلكترونية.
وأسهمت بعض التكنولوجيات، مثل البلوك تشين، في تلبية المتطلبات التنظيمية لمصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي من خلال توفير سجل معاملات قابل للتدقيق وتحسين تبادل البيانات وتحليلها. لذا يحرص مركز الابتكار على تطوير دورات تدريبية في التحول الرقمي لتأهيل الكوادر الإماراتية وتمكينها من تكنولوجيا البلوك تشين والتكنولوجيا المالية. وسجّل المتدربون في مسار الأمن السيبراني ضمن برنامج إثراء نجاحاً كاملاً بنسبة 100%، ما يعكس التفوق في هذا التخصص الحيوي للتكيف مع المتغيرات المستقبلية.
توفير برامج تدريبية متقدمة
أظهرت دراسة حول تقييم أثر برامج التدريب وتنمية مهارات الموارد البشرية في القطاع المصرفي والمؤسسات المالية، أن برامج التدريب وتطوير المهارات تحسّن من أداء الموظفين. وأكد تقرير لشركة برايس ووتر هاوس كوبرز (PwC)، أن برامج تحسين المهارات التكنولوجية والرقمية تسهم في تحسين المهارات البشرية في القطاع المصرفي.
وفي هذا الإطار، يقدم معهد الإمارات المالي خطة تدريبية سنوية تعتمد على الابتكار، وفي عام 2024، تجاوز عدد المتدربين 41.3 ألف متدرب، منهم أكثر من 17 ألف مواطن إماراتي، ما يعادل 41.1% من إجمالي المشاركين، وهذا ما يعكس التزام المعهد بتعزيز التوطين في القطاع المالي. وفي عام 2025، تعهد المعهد بتقديم بعض البرامج التدريبية التي تواكب التطورات التكنولوجية العالمية التي طرأت على القطاع المالي، مثل برامج الذكاء الاصطناعي، والتدقيق الرقمي والبلوك تشين، والامتثال والأمن السيبراني، وتحليل البيانات والتكنولوجيا المالية. ويوقّع المعهد اتفاقيات شراكة استراتيجية في مجال التدريب المصرفي والمالي لتسريع تنفيذ برامج التوطين، وتزويد الكوادر الوطنية بالخبرة العملية.
ويسهم برنامج "إثراء" في تعزيز كفاءة الكوادر الإماراتية في القطاع المالي، من خلال توفير 22 مساراً تدريبياً في عدد من التخصصات المالية والمصرفية الحيوية، بما يعكس احتياجات السوق المحلية والدولية، وإعداد جيل جديد من المتخصصين القادرين على تحقيق أرقام قياسية في مجالاتهم، ما يعزز قدرة القطاع المالي الإماراتي على التكيف مع التطورات العالمية والابتكار في الخدمات المالية. وفي عام 2024، درّب البرنامج نحو 3 آلاف مواطن ومواطنة في قطاعي المصارف والتأمين، وحقق معدل نجاح تجاوز 84%.
تحفيز الابتكار في القطاع المالي
شغلت الإمارات مراكز متقدمة على مدار أعوام ضمن مؤشر الابتكار العالمي الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية "ويبو"، الذي يجمع 133 دولة من كل أنحاء العالم. وفي عام 2023، احتلت الإمارات المركز الـ 32 عالمياً وحققت تقدماً ملحوظاً في نتائج المعرفة والتكنولوجيا.
وأدرك معهد الإمارات المالي ضرورة تبني الابتكار باعتباره ثقافة أساسية تدعم استراتيجية العمل من خلال تقديم حلول تكنولوجية جديدة، وتعزيز التوطين، بما يشمل تحسين العمليات الداخلية لجذب المواهب الوطنية وتطويرها. واستقطب المعهد نحو 7.6 آلاف متدرب في التخصصات الرقمية، وسرّع مركز الابتكار من تبني التكنولوجيات الحديثة داخل المؤسسات المالية، وأصبح بيئة حاضنة لتطوير التكنولوجيات المالية الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، والبلوك تشين، والتكنولوجيا المالية، ما يسهم في تحقيق مزيد من الكفاءة والابتكار في القطاع المالي.
يُظهر برنامج "إثراء" ومركز الابتكار في معهد الإمارات المالي مدى فاعلية دمج الابتكار لتحقيق التفوق الرقمي والتكنولوجي، ودعم مستهدفات التوطين في القطاع المالي والمصرفي، من خلال تعزيز حضور المواطنين في القطاع المالي، ما يسهم في تحقيق الرؤى الوطنية والمشاركة في نمو الاقتصاد الوطني.