كيف تتجنب سوء فهم المتلقي لرسالتك الإلكترونية؟

4 دقيقة

تخيل أن ترسل سؤالاً مفصّلاً إلى مديرك لتتلقى إجابة من كلمة واحدة: "لا".

هل يعني ذلك أنه غاضب؟ هل انزعج من رسالتك الإلكترونية؟ أم أنه مشغول جداً فقط؟ ماذا لو وصلتك العبارة في الصورة عن هذا المقال. هل ترى في عبارته تنبيهاً أن أداءك قابل للتحسن؟ أم أنه مجرد مقال أراد أن يشاركه معك؟

في أبحاثي التي أجريها مع المؤسسات حول التواصل، كان أحد المواضيع الأكثر شيوعاً التي يثيرها الموظفون والمدراء هو التحدي المتمثل في نقل الجوانب العاطفية أو الحساسة عبر البريد الإلكتروني. بطبيعة الحال، تفتقر الرسائل الإلكترونية إلى المؤشرات المعتادة للعواطف، مثل نبرة الصوت وتعبيرات الوجه.

لكن لا يمكن تجنب التواصل عبر البريد الإلكتروني في العديد من المواقف. إذاً كيف يمكنك الموازنة بين الحاجة إلى التواصل وتجنب المزالق المحتملة المرتبطة بالتعبير عن العواطف في الرسائل الإلكترونية؟ إليك خمس توصيات عملية مدعومة بالأبحاث:

افهم العوامل التي تؤثر في تفسير البريد الإلكتروني

غالباً ما يسيئ الأشخاص تفسير العواطف في الرسائل الإلكترونية، ولكن ما العوامل التي تؤدي إلى إساءة التفسير؟ أحد العوامل هو أن الأشخاص يسقطون توقعاتهم العاطفية على الرسائل التي يقرؤونها، بغض النظر عن قصد المرسل الفعلي. تأمّل الرسالة الإلكترونية "المسودة الحالية جيدة، ولكن أعتقد أنه يمكننا تحسينها أكثر". إذا كانت الرسالة من أحد الزملاء، فستبدو تعاونية للغاية، أما إذا كانت من مدير، فقد تبدو انتقادية.

بالإضافة إلى الأثر النسبي لعامل موقع المرسل (يُنظر غالباً إلى الرسائل الإلكترونية الواردة من أشخاص أعلى مرتبة على أنها أكثر سلبية)، ثمة عوامل سياقية أخرى تجب مراعاتها: مدة العلاقة (عادةً ما يُنظر إلى الرسائل الإلكترونية الواردة من أشخاص مألوفين على أنها أقل سلبية)، والخلفية العاطفية للعلاقة، والسمات الشخصية للمتلقي (يميل الأشخاص السلبيون إلى تفسير الرسائل الإلكترونية على أنها أكثر سلبية).

أول خطوة لتجنب سوء فهم الرسالة هي محاولة وضع نفسك مكان المتلقي، وتخيل كيف سيفسر رسالتك على الأرجح. يمكن أن يساعد هذا النهج الاستباقي على تجنب سوء الفهم قبل حدوثه.

محاكاة السلوكيات

ما أفضل طريقة لنقل المشاعر عبر الرسائل الإلكترونية؟ هل هي استخدام الرموز التعبيرية؟ اختيار الكلمات المناسبة؟ علامات التعجب؟ لا توجد إجابة صحيحة واحدة، فالدلالات المناسبة تعتمد على السياق. على سبيل المثال، ربما يتعين عليك عدم استخدام رمز تعبيري مبتسم في رسالتك إلى مؤسسة عميلة معروفة بثقافتها الرسمية، وبالعكس، يجب ألا ترسل رسالة إلكترونية رسمية جداً إلى زميل مقرب جداً.

ثمة استراتيجية أثبتت فعاليتها في مختلف المواقف، وهي محاكاة سلوك المتلقي (أي استخدام الرموز التعبيرية واختيار الكلمات واستخدام اللغة الاصطلاحية/العامية بأسلوب مشابه لأسلوب الشخص الذي تتواصل معه). في مجموعة من الدراسات التي شملت مفاوضين أميركيين وهولنديين وتايلانديين، أدى استخدام المحاكاة السلوكية في المراحل المبكرة من المفاوضات النصية إلى تحسين النتائج الفردية بنسبة 30%. تعزز عملية المحاكاة هذه الثقة لأن الأشخاص يميلون إلى الشعور بالألفة مع مَن يتصرفون بطريقة مشابهة.

عبّر عن مشاعرك بصراحة

يمكن أن تكون محاكاة السلوكيات فعالة، لكنها استراتيجية غامضة إلى حد ما وتترك مجالاً للغموض العاطفي. الحل الأبسط لتجنب أي التباس هو أن تذكر صراحة المشاعر التي ترغب في نقلها في رسالتك الإلكترونية.

تقدم إحدى المؤسسات الإعلامية التي عملت معها مؤخراً مثالاً ممتازاً لهذه الطريقة. طلبت من الموظفين مشاركة رسالة إلكترونية يعتقدون أنها مكتوبة بطريقة سيئة، وشارك أحد الموظفين الرسالة الآتية من أحد المدراء:

"تجب إعادة صياغة مقدمة الإعلان التجاري. أنا متأكد من أن ذلك من فعل العميل وسوف تتولى أنت معالجة الأمر :). تحياتي الحارة، [اسم المدير]."

بالنسبة لي بصفتي طرفاً خارجياً (وبالنسبة للمدير مثلما أعتقد)، تبدو هذه الرسالة الإلكترونية مُصاغة بدقة لتجنب إزعاج الموظف. لكن الموظف فسرها بطريقة مختلفة، وأوضح قائلاً: "يعلم المدير جيداً أنني من صمم هذه المقدمة السيئة، ولكنه قال إنه متأكد من أن العميل هو من صمم هذا الجزء وأنني سأصلح الأمر، ثم وضع وجهاً مبتسماً في النهاية. لذلك شعرت بأن لغته بغيضة ومتعالية عموماً".

لو تجنب المدير التلميح وذكر ما يقصده مباشرة، لربما كان هناك مجال أقل لسوء التفسير. على سبيل المثال، لو كتب المدير:

أنا مسرور بعملك حتى الآن. مع ذلك، أعتقد أنه يمكن تحسين المقدمة، هل تمانع في إعادة النظر فيها؟".

لقلل الغموض الذي يواجهه الموظف ولم يضطره إلى تفسير الرسالة بناءً على توقعاته العاطفية.

مع ذلك، نادراً ما يعبّر الأشخاص عن عواطفهم المقصودة، حتى عندما تكون المخاطر مرتفعة. لقد أثبتت أبحاث جامعة نيويورك أن العديد من الأشخاص يبالغون بثقتهم في قدرتهم على نقل عواطفهم بدقة عبر الرسائل الإلكترونية. قد يبدو من الواضح أن زميل العمل الذي لا يأخذ إجازات مرضية أبداً سيفهم تعليقاً حول مغادرته مبكراً على أنه مزحة وليس ملاحظة جادة. مع ذلك، قد يكون هذا الزميل قلقاً جداً من ظهوره بمظهر الكسول وسيشعر بالأذى أو الإهانة.

جرّب ارتكاب بعض الأخطاء المطبعية على نحو استراتيجي

صحيح أنه يمكن تعزيز وضوح العواطف التي ترغب في إظهارها من خلال التعبير عنها بصراحة، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن الآخرين سيصدقون أنك تشعر بها بصدق. في الواقع، يتعمد الأشخاص في كثير من الأحيان التظاهر بعواطف لا يشعرون بها لأهداف استراتيجية. على سبيل المثال، قد يتظاهر المفاوضون بالغضب لكسب التنازلات، وقد يتظاهر مندوبو المبيعات بالحماس لتعزيز المبيعات (هل تصدق حقاً أن مندوب المبيعات متحمس لمقابلتك مثلما يذكر في رسالته الإلكترونية؟). لم ينجح هذا النهج مع المدير في مثال المؤسسة الإعلامية الذي ذكرناه سابقاً.

بما أن البريد الإلكتروني يسهّل تزييف العواطف وتعديلها حتى تبدو "مثالية"، فكيف يمكنك جعل مشاعرك تبدو حقيقية؟

الحل هو أن تفعل شيئاً يوحي بأنك لم تكتب رسالتك بعناية. على عكس معظم نصائح الأعمال المعتادة، قد يكون من المفيد في المواقف التي تكون فيها المصداقية جانباً بالغ الأهمية أن تتعمد ارتكاب بعض الأخطاء المطبعية البسيطة. ما يجعل الأخطاء مقنعة هو أنها تجعلك تبدو أقل كفاءة: لماذا قد يرتكب شخص ما خطأً مطبعياً إذا كان يحاول إثارة إعجابي؟

يمكن أن يساعدك ارتكاب أخطاء بسيطة عرضية، خصوصاً إذا كنت في موقع سلطة، على الظهور ودوداً ولطيفاً. ولكن ثمة مقايضة مهمة تجب مراعاتها هنا: هل الأهم في الموقف أن تبدو أكثر مصداقية من الناحية العاطفية (عن طريق ارتكاب الأخطاء) أم أكثر كفاءة (عن طريق عدم ارتكاب الأخطاء على الإطلاق)؟

شارك معلومات شخصية

تُعدّ رسائل البريد الإلكتروني أداة مثالية للتواصل العملي المباشر والبنّاء، إذ تُتيح تجنب الدردشات غير الضرورية التي قد تعوق عادة سير الحوار في المحادثات الشخصية. لكن الكشف عن معلومات شخصية في أثناء إجراء محادثات جانبية يساعد في الواقع على تسهيل التفاعلات الاجتماعية من خلال تعزيز الألفة والثقة. تظهر الدراسات التي تناولت المفاوضات عبر البريد الإلكتروني أن مجرد الانخراط في تفاعل قصير للتعرف على الطرف الآخر قبل بدء التفاوض يمكن أن يعزز نتائج التفاوض إلى حد كبير. لذلك، إذا كانت تفاعلاتك عبر البريد الإلكتروني طويلة الأمد، يمكنك تقليل سوء الفهم وتعزيز مصداقية عواطفك عند التعبير عنها بصراحة من خلال مشاركة المزيد من المعلومات الشخصية غير المرتبطة بالعمل.

نظراً لطبيعة الاتصالات التنظيمية المتطورة باستمرار، لا يزال هناك الكثير لنتعلمه حول الاستخدام الفعال للبريد الإلكتروني. مع ذلك، هناك بعض المجالات الواضحة التي يمكننا تحسينها. في الواقع، يعاني الجميع المشكلة نفسها: نميل إلى الإفراط في التركيز على أنفسنا وأهدافنا الخاصة، في حين لا نراعي وجهات نظر الآخرين بالقدر الكافي. سيساعدك استخدام هذه الأساليب للتقريب بين وجهة نظرك ووجهة نظر متلقي رسالتك الإلكترونية، من خلال تعزيز وضوح الرسالة وتعزيز الثقة، على ضمان التواصل بفعالية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي