دليل موجز إلى الإصلاح الضريبي للشركات في الولايات المتحدة

5 دقائق

يعود مجلس النواب الأميركي ليعقد جلسته هذا الأسبوع، حيث ذكرت التقارير أن الإصلاح الضريبي للشركات على رأس جدول أعماله، ولكن من المستبعد تطبيقه بالطبع. فبينما يتفق الجميع تقريباً على ضرورة الإصلاح، فإن الجوانب الفردية من القانون الضريبي تعتبر مفيدة في أكثر الأحيان لشركات وصناعات محددة، وهذا ما يصعّب إصدار التشريع. ومع ذلك، يتفق العديد من الخبراء من حيث المبدأ على وجود بعض المشكلات الرئيسة في قانون الضرائب على شركات الولايات المتحدة، وإلى حد ما على كيفية تحسينه. فيما يلي نسرد القضايا الرئيسة بدءاً من كيفية عمل النظام الضريبي، وصولاً إلى ما قد يبدو عليه بعد الإصلاح. 

كيف تفرض الولايات المتحدة الضرائب على الشركات؟

تفرض حكومة الولايات المتحدة الفيدرالية الضرائب على أرباح الشركات بمعدلات تبدأ من 15% وترتفع لتصل إلى 35%، حيث إن معظم إيرادات الشركات تجعلها مرشحة للإدراج في المعدلات الضريبية الأعلى. بالإضافة إلى ذلك، تفرض 44 ولاية أميركية قوانين ضريبية خاصة بها. وبخلاف معظم الدول، تلزم الولايات المتحدة الشركات متعددة الجنسيات الموجودة في أميركا بتسديد ضرائب على الأرباح المحققة في الخارج. وهنا يوجد بعض التعقيدات: فأنواع معينة فقط من الشركات مرشحة لتسديد هذه الضرائب، ولا تخضع هذه الأرباح الخارجية للضرائب على الفور، إضافة إلى وجود الكثير من الثغرات القانونية. 

ما عيوب النظام الضريبي الحالي؟

هل لديك متسع من الوقت للاطلاع على جميع العيوب؟ فحتى في عصر الأحزاب المتصارعة، هناك إجماع أن قانون الضرائب على الشركات في الولايات المتحدة يعاني الكثير من العيوب. حيث يعدّ المعدل الأعلى للضريبة البالغ 35% على شركة ما في الولايات المتحدة أعلى بشكل ملحوظ من متوسط ضرائب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وعلى الرغم من هذا المعدل المرتفع، فإن تحصيل الولايات المتحدة من الضرائب على الشركات يعد قليلاً بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، ومقارنة مع معدلات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. 

هناك عدة أسباب تفسر هذا التناقض: أولاً، تُقدم الولايات المتحدة الكثير من الإعفاءات والاستثناءات الضريبية خافضة قيمة المبالغ التي تدين بها الشركات. ثانياً، لا يتعين تسديد الضرائب على الأرباح الخارجية من قبل الشركات التابعة الأجنبية إلى أن "تعيدها إلى الوطن"، أي عندما تعيد الأرباح إلى الولايات المتحدة لتوزيعها على المساهمين، ومن ثم، ينتهي الأمر بتكديس العديد من الشركات لاحتياطات نقدية كبيرة في الخارج تجنباً لتسديد الضرائب على الأرباح الخارجية. وأخيراً، يُطبق نظام ضرائب الشركات الفيدرالي على نوع واحد فقط من كيانات الشركات، وهو الشركات من الفئة "سي" (C) (أي الشركات التقليدية). ونتيجة لذلك، تَنشأ العديد من الشركات باستخدام هيكليات بديلة، كشركات الأشخاص أو الشركات من الفئة "إس" (S) (شركات المشاريع الصغيرة)، وتعرف هذه المنظمات بالكيان "العابر" أو "المتدفق" ذلك لأنهم لا يسددون ضرائب الشركات، وبدلاً من ذلك تتدفق أرباحهم مباشرة إلى المالكين الذين يخضعون للضريبة بموجب قانون ضرائب الأفراد. 

أين الأهمية فيما سبق؟ 

أولاً وقبل كل شيء، تعد ضرائب الشركات مهمة، لأنها تساعد في تسديد تكاليف الخدمات الحكومية. وعلى الرغم من أن هذه الضرائب لا تمثل القدر ذاته من إيرادات الضريبة الأميركية كما كانت من قبل، فإنها ما زالت واحدة من الطرق الرئيسة التي تتبعها الحكومة في جمع الأموال. ووفقاً لمركز السياسة الضريبية "تعد ضريبة دخل الشركات ثالث أكبر مصدر في الإيرادات الفيدرالية، حيث تأتي بعد الضريبة على دخل الأفراد وضرائب الرواتب".

زد على ذلك، أن إصلاح قانون ضرائب الشركات قد يحسن النمو الاقتصادي. وعلى الرغم من أن الضرائب المنخفضة عموماً لا تؤدي بالضرورة إلى زيادة النمو، فإنه وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تعتبر ضرائب الشركات "أكثر أنواع الضرائب ضرراً على النمو الاقتصادي". ووجدت الأبحاث أن الانخفاض في معدل الضرائب على الشركات يحفز الاستثمار، حيث انخفض الأخير في الولايات المتحدة فجأة في السنوات الماضية. ولذلك تمثل عدم كفاءة النظام الحالي فرصة لزيادة النمو، ولكن سيكون هناك زيادة مماثلة لمقدار الإيرادات الضريبية.

من الذي يسدد الضرائب، وما مقدارها؟

على الرغم من أن "المعدل الإلزامي" في الولايات المتحدة للضريبة على أرباح الشركات يبلغ 35% (أي المعدل المنصوص عليه في القانون)، فإن (المعدل الفعلي) أو ما تسدده الشركات فعلياً يقل عن ذلك بكثير. يقارب المعدل الفعلي البالغ 27% الذي تدفعه الشركات متوسط معدل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. لكن ذلك الرقم يغفل عن التنوع الكبير بين الشركات. حيث تدفع أقليات لا بأس بعددها من الشركات في الولايات المتحدة ما يقل عن 20%، بما في ذلك العديد من الشركات المدرجة في قائمة "ستاندرد آند بورز 500". كما استطاعت بعض الشركات متعددة الجنسيات في الولايات المتحدة مثل شركة "جنرال إلكتريك" تسديد مبالغ تافهة لضرائب دخل الشركات الفيدرالية في بعض السنوات. 

يعزى أحد أسباب تسديد الشركات مبالغ تقل عن المعدل الإلزامي إلى النفقات الضريبية، أي الإعفاءات الضريبية أو استثناءات أخرى. ويُفترض أن الهدف من هذه الإعفاءات هو أن تكون نوعاً من التحفيز، كالاستثمار في آليات جديدة أو في البحث والتطوير، أو حتى في إنشاء صناعات جديدة كطاقة الرياح. لكنه في عام 2014، بلغت التكلفة الإجمالية لنفقات ضريبة الشركات 154 مليار دولار، وهو مقدار الإيرادات التي لم يتم تحصيلها نتيجة للإعفاءات والاستثناءات على اختلافها. وبالمقارنة، جمعت ضرائب الشركات ما يبلغ 343.8 مليار دولار عام 2015، أي أن الإيرادات المفقودة بسبب النفقات الضريبية هائلة.

أكبر النفقات الضريبية للشركات تتمثل في الضرائب المؤجلة على الأرباح التي تجنيها الشركات التابعة الأجنبية، فما يعادل نصف الكلفة الإجمالية لنفقات ضريبة الشركات تأتي من تلك الضريبة وحدها. (للاطلاع على قائمة بالإنفاق الضريبي الكبير اضغط هنا أو هنا). لذلك، فالطريقة الأساسية التي تخفض بها الشركات عبء الضرائب، وخاصة متعددة الجنسيات منها، تتمثل في الإبقاء على الأرباح "خارج البلاد" لتجنب تسديد الضرائب. لا يتعلق هذا باختيار الامتناع عن إعادة الأرباح الأجنبية إلى الوطن فقط، بل يُظهر البحث أن الشركات الكبرى تختار بعناية الشركات الفرعية التي يجب أن تحظى بالملكية الفكرية استناداً إلى معدلات الضرائب المحلية. فمثلاً، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز "اكتشف محاسبو شركة "آبل" طرقاً قانونية لتخصيص حوالي 70% من أرباحها في الخارج، حيث معدلات الضريبة أقل بكثير". 

انخفض عدد الشركات التي ينطبق عليها أي من هذه القوانين. ففي عام 1985، أُدرجت أكثر من نصف الشركات تحت الفئة (C)، ما يعني أنهم كانوا ملزمين بدفع ضرائب الشركات. أما اليوم، فأقل من 20% من الشركات تندرج تحت هذه الفئة، ما يعني أن البقية، التي تمثل نصف أرباح الأعمال في الولايات المتحدة، هي كيانات متدفقة غير مؤهلة لضرائب الشركات.

لكن من أين تأتي الأموال عندما تسدد الشركات فعلياً ضرائب على أرباحها؟ بمعنى آخر، من سيحصل على هذه الأرباح إذا لم تدفع على شكل ضرائب؟ هل هم المساهمون؟ أم العمال؟ أم الزبائن؟ وهنا يصبح "الانعكاس الضريبي" محل نقاش، وفي حالة ضرائب الشركات ليس هناك من إجماع في الرأي. يمكنك قراءة نظرة عامة حول هذا النقاش هنا، وخلاصة القول إن جزءاً على الأقل من ضرائب الشركات يأتي من رواتب العمال.

ما الذي ينبغي أن يكون عليه الإصلاح الضريبي للشركات؟

هنالك كم هائل من الأفكار حول هذا الموضوع، وأكثرها متضارب. ففي عام 2012 عرض الأستاذ في "كلية هارفارد للأعمال" مهيير ديساي رؤيته هنا في مجلة "هارفرد بزنس ريفيو". كما علق في وقت مبكر من هذا العام على الهيكلية الأولية التي تتبعها إدارة ترامب للإصلاح الضريبي، وعلى اقتراح المتحدث بول ريان بشأن فرض الضرائب الجمركية. كما ناقش كل من إيريك تودر وآلان فيارد أننا بحاجة إلى فرض المزيد من الضرائب على المساهمين وتخفضيها عن الشركات. حيث وضح تودر أنه لا يمكن للإصلاح الضريبي أن يكون غطاءً لاقتطاع ضريبي آخر. وشرح كيمبرلي كلاوسينغ السبب في أن ضريبة الشركات لا غنى عنها.

ولعل أشهر العبارات في مجال الإصلاح الضريبي للشركات "خفض المعدلات، وتوسيع القاعدة". وتعني خفض المعدل الإلزامي الأعلى البالغ 35% مع التخلص من بعض النفقات. حيث يميل الاقتصاديون إلى تفضيل مثل هذا التحول، ولكن وراء كل استثناء وإعفاء هناك عضو من الجماعة الضاغطة يقاتل بشراسة للإبقاء عليها.

وهنالك فكرة شائعة أخرى تتمثل في منع الشركات من خصم الفائدة على الدفعات المستحقة عند حساب التزاماتها الضريبية. والمراد هنا خلق حافز للشركات بتمويل نفسها باستخدام الديون بدلاً من تمويل المساهمين. 

يتمثل أحد أعقد التساؤلات عند الحديث عن الإصلاح الضريبي في كيفية التعامل مع الدخل الأجنبي. حيث تتمتع الولايات المتحدة بأسلوب غير اعتيادي يتمثل في فرض ضرائب كاملة على أرباح الشركات الأميركية المحققة في الخارج، بينما يدافع بعض الإصلاحيين عن نظام إقليمي لا يفرض الضرائب على الأرباح المحققة في الخارج. لكن لن يكون لهذا التغيير وحده الأثر الكبير في معالجة أحد الأسباب الرئيسة التي تتطلب الإصلاح، ألا وهو أن العديد من الشركات الأميركية تدفع القليل من الضرائب فقط من خلال الاحتفاظ بالنقد خارج البلاد. وحيث توجد دعوات متكررة إلى العودة في "عطلة" إلى الوطن لتعود الشركات الأميركية بالأرباح التي جنتها في الخارج وتدفع معدلاً أقل من الضرائب، فقد أظهرت الأبحاث التي أجريت حول عطلة كهذه عام 2005 أن معظم الأموال ذهبت إلى المساهمين لا إلى استثمارات جديدة.

رغم كل هذا التعقيد، لا تزال هناك أرضية مشتركة واسعة بين الاقتصاديين والخبراء السياسيين بشأن الإصلاح الضريبي للشركات. وأما السياسيون فأقل تفاؤلاً، فمن الناحية النظرية، وكما كتب تودر، على الإصلاح الضريبي أن يكون على طاولة كلا الحزبين. ومن الناحية العملية، لا تحبس أنفاسك منتظراً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي