ملخص: اعتمد نهج وزارة البيئة والمياه والزراعة على التقييم من ناحية قياس الأثر المتوقع للتقنيات التي تتبعها في قطاع الزراعة، ومدى إسهامها في تحقيق مستهدفات استراتيجية قطاع الزراعة ودعم السوق السعودية، وسهولة تبني هذه التقنيات وتطبيقها. واختارت الوزارة البدء بـ 5 مجموعات رئيسية من التقنيات لدعم قطاع الزراعة ابتداءً من عام 2024، وهي:
- الري وإدارة المياه
- الإدارة المتكاملة لزراعة الأحياء المائية
- الزراعة المحمية والتحكم البيئي
- حفظ الأغذية واستخراج قيمة مضافة من الفاقد
- الطائرات دون طيار والأقمار الصناعية
أولت المملكة العربية السعودية اهتماماً ملحوظاً بقطاع الزراعة باعتباره أحد السبل الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الرخاء ومواجهة تحديات ملحة لعل أبرزها التغير المناخي. لذا سخرت المملكة جهودها لتمكين القطاع من التقنيات المبتكرة وتحسين إدارة الموارد وتطوير طرق الزراعة المستدامة، بهدف زيادة الكفاءة والإنتاجية بما يسهم في تحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للزراعة لضمان استدامة الموارد الطبيعية، وتحقيق الأمن الغذائي، والحفاظ على رفاهية المجتمع، وتعزيز إسهامات القطاع في الاقتصاد الوطني.
وفي عام 2023، أسهم قطاع الزراعة في السعودية بنحو 109 مليارات ريال سعودي في الناتج المحلي الإجمالي، وحققت المملكة نسب اكتفاء ذاتي للعديد من المنتجات الزراعية في ظل التوقعات بارتفاع حجم السوق الزراعية السعودية.
بدورها اتبعت وزارة البيئة والمياه والزراعة نهجاً متطوراً لتعزيز تبنّي التقنيات في قطاع الزراعة، وزيادة الوعي بجهود المنظومة الزراعية، وبناء قدرات البحث والتطوير وتحفيز الطلب على المنتجات التقنية والحلول الابتكارية، وتحسين سبل التعاون بين الجهات المعنية بالابتكار.
تمكين قطاع الزراعة في السعودية من التكنولوجيات الحديثة
اعتمد نهج وزارة البيئة والمياه والزراعة على التقييم من ناحية قياس الأثر المتوقع للتقنيات التي تتبعها في قطاع الزراعة، ومدى إسهامها في تحقيق مستهدفات استراتيجية قطاع الزراعة ودعم السوق السعودية، وسهولة تبني هذه التقنيات وتطبيقها.
واختارت الوزارة البدء بـ 5 مجموعات رئيسية من التقنيات لدعم قطاع الزراعة ابتداءً من عام 2024، وهي:
1. الري وإدارة المياه
تهدف تقنيات الري وإدارة المياه إلى تحسين استخدام المياه ورفع كفاءة الري، وتشمل هذه التقنيات ما يلي:
- استخدام المياه المعالجة: يمكن لمعالجة مياه الصرف الصحي الفعّالة تحسين إنتاج المحاصيل وضمان الزراعة المستدامة من خلال إزالة الملوثات وتوفير العناصر الغذائية الأساسية للتربة. وتحافظ هذه التقنية على موارد المياه العذبة، وتسهم في تحسين جودة التربة وتعزيز خصوبتها لإنتاج محاصيل متنوعة، وتقلل الطلب على الأسمدة الكيماوية.
- الاستفادة من مياه الأمطار: تسهم هذه التقنية في زيادة إنتاجية المحاصيل، واعتمدت الوزارة على تأهيل المدرجات الزراعية، وهي حواجز مائية لجمع مياه الأمطار وتتسرب إلى الآبار القريبة منها بطريقة فعّالة لتوفيرها للزراعة، فضلاً عن إنشاء الخزانات الخرسانية والسدود لتهدئة سريان المياه وتجميع المياه العابرة للأودية بعد هطول الأمطار لري المدرجات.
- الري الذكي: يتضمن هذا النظام أجهزة استشعار لمعرفة البيانات الخاصة بالطقس والاتصال بالإنترنت؛ بهدف مراقبة جداول الري وضبطها وفقاً للظروف الآنية.
2. الإدارة المتكاملة لزراعة الأحياء المائية
يسهم الاستزراع السمكي في تعزيز الأمن الغذائي وتوفير مصادر بروتين عالية الجودة، وتسجّل السعودية أرقاماً قياسية غير مسبوقة في إنتاج مشاريع الاستزراع السمكي في المياه المالحة والمياه الداخلية، إذ تجاوز إنتاجها 140 ألف طن في عام 2023.
وتسعى وزارة البيئة والمياه والزراعة من خلال برامجها إلى وضع خطط مدروسة لضمان عمل الإدارة المتكاملة لزراعة الأحياء المائية، التي تتضمن مجموعة من التقنيات لاختيار الموقع، وتكامل الأنواع، وإدارة المياه والأمن الحيوي، ما يعزز الإنتاج المستدام لتربية الأحياء المائية مع تقليل الآثار السلبية على البيئة.
3. الزراعة المحمية والتحكم البيئي
تتضمن تقنيات الزراعة المحمية والتحكم البيئي جميع أنواع الحماية الاصطناعية مثل:
- البيوت المحمية: هي التقنية التي يمكنها التحكم بالمناخ والرطوبة بطريقة مباشرة مثل أنظمة التكييف، أو بالطرق غير المباشرة مثل الأغطية القماشية والبلاستيكية.
- الزراعة الهوائية: هي تقنية معنية بزراعة النباتات في الهواء أو في بيئة ضبابية دون استخدام التربة أو الوسط الكلي.
- الزراعة العمودية أو الرأسية: خصصت السعودية 100 مليون ريال لتشجيع هذه التقنية التي تدعم زراعة المحاصيل في بيئات مغلقة تماماً في أرفف عمودية وتستخدم الإضاءة الصناعية مع التحكم الكامل في الظروف البيئية، وتسمح هذه التقنية بالزراعة في المناطق الحضرية.
- الزراعة المائية (Hydroponics): هي أنظمة الزراعة دون تربة إذ تعتمد هذه التقنية على الزراعة في المياه باعتبارها وسيطاً أساسياً لنمو النباتات بطريقة طبيعية. وتسهم الزراعة المائية في توفير مياه الري ومضاعفة إنتاج المحاصيل الزراعية، والتقليل من استخدام المبيدات.
4. حفظ الأغذية واستخراج قيمة مضافة من الفاقد
تهدف السعودية رفع نسبة الاكتفاء الذاتي ومعالجة هدر الأغذية، لذا حرصت وزارة البيئة والمياه والزراعة بالتعاون مع الهيئة العامة للأمن الغذائي (GFSA)،على تبني حلول تحويل الغذاء إلى تطبيقات مفيدة، أو تأخير تلف المنتجات الغذائية أو تدهورها أو تلوثها، واستخدام التقنيات التي تمكّن القطاع من تقليل خسائر الغذاء والحد من انبعاث الغازات الدفيئة خاصة غاز الميثان، بما يسهم في إطالة فترة صلاحية المنتجات الغذائية.
وتصنف هذه التقنيات بين حفظ الأغذية المبتكر وتحويل فقد الأغذية وهدرها، وتشمل طرق حفظ الأغذية المبتكرة، كلاً من مصادر المعالجة بالضغط العالي، والأغلفة الصالحة للأكل، والتعبئة الذكية، والمجال الإلكتروني النبضي؛ وهو استخدام نبضات كهربائية عالية الجهد لقتل البكتيريا، إضافة إلى تقنية البلازما الباردة لمعالجة الأغذية، وهي تقنية تعتمد على غازات تحتوي على جزيئات مشحونة أو أيونات يتم الحفاظ عليها عند درجات حرارة منخفضة.
وتتضمن التقنيات المبتكرة أيضاً، التسميد لتحويل مخلفات الطعام إلى سماد غني بالمغذيات، والهضم اللاهوائي لتحليل النفايات العضوية في غياب الأوكسجين، والتحويل باستخدام الحشرات مثل ذباب الجندي الأسود لاستهلاك النفايات الغذائية وتحويلها إلى كتلة حيوية حشرية ذات قيمة.
5. الطائرات دون طيار والأقمار الصناعية
تمثل الطائرات دون طيار ميزة مهمة لصالح قطاع الزراعة خاصة أن تقنيات هذه الطائرات تسهم في تحسين استخدام المياه وزيادة كفاءة ري المحاصيل، وإدارة الموارد المائية، ومراقبة المحاصيل وتحديد المشكلات المحتملة التي قد تواجه الزراعة، وتحليل ظروف التربة.
وتتيح الأقمار الصناعية إمكانية الاستشعار عن بُعد، وجمع البيانات الخاصة بسطح الأرض دون اتصال مباشر، ويتم استخدام تكنولوجيات التصوير المتقدمة لتعزيز المراقبة والاتصال ما يسهّل من نقل البيانات الخاصة بالنظام الزراعي.
استراتيجية الوزارة لتبنّي هذه التقنيات
تطلق وزارة البيئة والمياه والزراعة عدداً من المبادرات لدعم اتباع التقنيات السابق ذكرها في قطاع الزراعة. في حين تخطط لإضافة 19 تقنية جديدة خلال الأعوام المقبلة. لذا استعانت الوزارة بأفضل الممارسات الموصى بها من المنظمات الدولية مثل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، لتحديد نطاق التدابير المؤسسية التي يمكن اتخاذها لتبني التكنولوجيا والابتكار في قطاع الزراعة، بهدف الوصول إلى 4 مستهدفات رئيسية تتمثل فيما يلي:
- توجيه الخطط والمساعي والموارد المخصصة وتنسيقها، لتبني التقنية والابتكار في قطاع الزراعة في نطاق استراتيجي يركز على مجابهة التحديات القطاعية المُلحة، بما يتماشى مع أولويات البحث والتطوير والابتكار الوطنية والاستراتيجيات الوطنية ذات العلاقة.
- تحسين الترابط والتعاون بين الجهات الناشطة في تبني التقنية والابتكار في قطاع الزراعة، لتعزيز الشراكات والتآزر داخل القطاع وتبادل الخبرات ونشر المعرفة، وتعزيز الوعي بجهود المنظومة الزراعية ونجاحاتها في تبني التقنية والابتكار في خططها وعملياتها، لخلق زخم إيجابي في القطاع.
- تحفيز الطلب على تبني منتجات التقنية والحلول الابتكارية في قطاع الزراعة، وتحسين استجابة الطلب للعرض المتاح من التقنيات من خلال التدابير المدروسة والحوافز المستهدفة.
- بناء قدرات البحث والتطوير والابتكار في قطاع الزراعة، لضمان إمداد محلي كافٍ من منتجات التقنية والحلول الابتكارية.
وقررت الوزارة تنفيذ 4 مبادرات مؤسسية تتضمن عدداً من البرامج الفرعية لتحقيق الغايات، وهي:
- مبادرة توجيه مساعي تبني التقنية والابتكار بقطاع الزراعة وتنسيقها، التي تهدف إلى إنشاء إطار حوكمة لتحديد الحلول الابتكارية ذات الأولوية، وتطوير آلية لتوجيه التمويل الصادر من جهات مختلفة نحو أنشطة تبني التقنية والابتكار في قطاعات البيئة والمياه والزراعة التي تنفذها الجهات العامة والخاصة، وتطوير أدوات قياس أداء منظومة الزراعة وتفعيلها ومتابعتها وتقديم تصورات وتوصيات تستند إلى بيانات ومؤشرات دقيقة عن الوضع الراهن لأنشطة تبنّت التقنية والابتكار في قطاع الزراعة، إضافة إلى تطوير برنامج رصد التقنيات واستشرافها بهدف تقديم رؤية منتظمة حول التقنية والحلول الابتكارية، وضمان تعاون هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار لإعداد الخطط التفصيلية والتنفيذية ذات العلاقة بالقطاع.
- مبادرة تحسين التعاون وتعزيز الوعي بمجالات التقنية والابتكار وريادة الأعمال في قطاع الزراعة، بما يهدف إلى تطوير إطار لإعداد شراكات لتبني التقنية والابتكار وإدارتهما في القطاع الزراعي، وتطوير منصة رقمية تتضمن معلومات عن برامج الدعم المتاحة لتبني هذه التقنيات، إضافة إلى التخطيط لبرامج خاصة بالجوائز والمسابقات التحفيزية وتنظيم الأحداث والمعارض بالتعاون مع الجهات ذات الصلة، وتعزيز الوعي بجهود منظمة البيئة والمياه والزراعة في تبني التقنية والابتكار في قطاع الزراعة.
- مبادرة تحفيز الطلب على تبني المنتجات والحلول الابتكارية في قطاع الزراعة، بهدف مراجعة التشريعات وتطويرها وتعديلها، وإثبات أهمية التقنيات والابتكارات ذات الأولوية في قطاع الزراعة، واقتراح آليات وسياسات لتحفيز الطلب على البحث والتطوير والابتكار، وزيادة القدرة الاستيعابية لمستخدمي هذه التقنيات بما يحفز الطلب على السوق.
- مبادرة بناء قدرات البحث والتطوير والابتكار في قطاع الزراعة، بما يعزز منظومة ريادة الأعمال في قطاع الزراعة، ويشمل ذلك تطوير آليات تجذب التمويل والاستثمارات للشركات الناشئة، وإنشاء مجتمعات لرواد الأعمال، وحل العقبات المتعلقة بالمعلومات والأطر التنظيمية التي قد يواجهونها، وتسهيل مساحات ريادة الأعمال الخاصة بقطاع الزراعة، وتأسيس مؤسسات للابتكار تعمل وسيطاً بين قطاع البحث والتطوير والقطاع الزراعي، فضلاً عن تطوير السياسات لإدارة التقنية والتعاون مع أصحاب المصلحة في منظومة التعليم وتطوير الكفاءات، بهدف إطلاق برامج لتنمية كفاءات تسهم في تبني التقنية والابتكار.
تؤدي التقنيات دوراً مهماً في الاستجابة للتحديات التي يواجهها قطاع الزراعة، خاصة مع ارتفاع الإنتاج النباتي من القمح والخضروات والفواكه والتمور، أو إنتاج الأغذية أو الثروة الحيوانية والسمكية، بما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي والمضي قدماً نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030 واستراتيجية الزراعة بالمملكة.