في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019، شاركت الولايات المتحدة الأميركية في أول مناورة عسكرية مشتركة لها مع الهند، لتصبح واحدة من العلاقات الدفاعية الأكثر أهمية في القرن الحادي والعشرين، حسب وصف القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي بالإنابة حينذاك، مارك إسبر، إذ تؤدي الشراكات الدفاعية التعاونية دوراً حاسماً في تعزيز القدرات الأمنية لدى الدول، وتعزز الدعم المتبادل وبناء القدرات والمواءمة الاستراتيجية، ما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار.
وتتعدد الأمثلة الخاصة بالتعاون الدولي في مجال الدفاع والأمن، فهناك منظمة حلف شمال الأطلسي - الناتو، التي تعتبر مثالاً رئيسياً للتحالف الأمني التعاوني، ويضم الحلف 28 عضواً من الدول التي تركز على التعاون الدفاعي والأمن الجماعي فيما بينها، وكذلك رابطة جنوب شرق آسيا - الآسيان، التي تضم 10 دول تعمل على تعزيز الاستقرار الأمني الإقليمي والتعاون العسكري والسياسي، فضلاً عن تحسين التكامل الاقتصادي والتعليمي.
وهناك بعض السبل الأخرى من التعاون الدولي في مجال الدفاع والأمن، عن طريق الشراكات بين الشركات الكبرى من ناحية، مثل الشركة السعودية للصناعات العسكرية - سامي التي وقعت اتفاقية في عام 2022 مع شركة بوينغ الأميركية العاملة في صناعات الطيران لتأسيس شركة خدمات الصيانة والإصلاح والعمرة والاستدامة للطائرات المروحية في السعودية. ومن ناحية أخرى، يبرز التعاون مع الجهات المختصة في القطاعين العام والخاص لدى بعض الدول، مثل اتفاقيات الشراكة الإحدى عشرة التي وقعتها وزارة الاستثمار السعودية والهيئة العامة للصناعات العسكرية في فبراير/شباط 2024، مع شركات عالمية خاصة مثل مجموعة ليوناردو الإيطالية وبي إم سي الأميركية وروكيتسان التركية، بهدف توطين الصناعات الدفاعية وتعزيز الاستثمارات ونقل التقنية والتطوير في قطاع الدفاع والصناعات العسكرية. وهناك أيضاً شراكة شركة بي أيه إي سيستمز) البريطانية، وهي إحدى أكبر الشركات العالمية العاملة في مجال تطوير أنظمة الدفاع والفضاء والأمن وتكنولوجيا المعلومات المتقدمة في القطاعات الجوية والبرية والبحرية والفضائية، مع حكومة المملكة المتحدة والحكومة السعودية وقطاع الصناعة السعودي؛ بهدف الاستفادة من نجاحها وتحديد تقنيات الجيل التالي التي يمكن نقلها إلى المملكة العربية السعودية وتطويرها فيها، ما يسهم في تعزيز قدراتها الدفاعية السيادية.
وبرزت المملكة العربية السعودية لاعباً رئيسياً في صناعة الدفاع، خاصة بعد ارتفاع حجم إنفاقها على الدفاع من 64.5 مليار دولار في 2020، عندما امتلكت السعودية سادس أكبر ميزانية دفاعية في العالم، مثّلت 2.9% من إجمالي الإنفاق العسكري عالمياً إلى نحو 75.8 مليار دولار بحلول عام 2023، بما يمثل 7.1% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد حينذاك، واحتلت المركز الخامس عالمياً بين أكثر الدول إنفاقاً على قوتها العسكرية، وفقاً لتقرير معهد استوكهولم لأبحاث السلام الدولي.
6 ركائز تبرز أهمية التعاون الدولي في قطاع الدفاع
يعتمد التعاون الدفاعي الناجح على مبادئ أساسية عدة، بدءاً من إتفاق الأطراف المعنية كافة على التعاون المشترك، وصولاً إلى الحياد وعدم الانحياز لأحد الأطراف على حساب الآخر، مع تعزيز ثقافة التحالفات القوية والإسهام في دعم الأمن العالمي. لذلك، يؤدي التعاون الدولي دوراً حاسماً في تعزيز القدرات الدفاعية والأمنية. وهناك 6 ركائز تسلط الضوء على أهمية التعاون الدولي في قطاع الدفاع وهي:
- تعزيز المصالح الأمنية: تمتاز الشراكات الدفاعية التعاونية بدعم بناء علاقات أمنية بإمكانها تعزيز مصالح أمنية محددة، فضلاً عن مواجهة التحديات الصعبة بفاعلية أكبر.
- تطوير القدرات العسكرية: تساعد هذه الشراكات في تطوير القدرات العسكرية والأمنية بين الأطراف المعنية، من خلال تبادل الخبرات والتجارب والمعدات، إضافة إلى التدريب المستمر، ما يسهم في بناء شبكة أمنية أكثر مرونة يمكنها الاستجابة للأزمات بوتيرة أسرع.
- الاستقرار والنمو الاقتصادي: تسهم الاستثمارات في قطاع الدفاع والصناعة العسكرية في التنمية الاقتصادية، لذلك فإن الاستقرار الناتج عن التحالفات والتعاون الدولي والشراكات يقود إلى النمو الاقتصادي. فعلى سبيل المثال، أسهمت شركة بي أيه إي سيستمز في 1 مليار ريال سعودي (ما يعادل نحو 2.9 مليار دولار) من الناتج المحلي الإجمالي للسعودية في عام 2019.
- تطوير التحالفات الاستراتيجية: يعزز التعاون الأمني التحالفات ويجذب شركاء جدداً للتصدي للتحديات المشتركة، وتبادل الخبرات بناءً على ذلك، سواء في تبني قدرات مؤسسية بعينها، أم تطوير التدريب والتعليم، أم تعزيز مبيعات الأسلحة.
- تقييم المخاطر: يسهم التعاون الدولي في قطاع الدفاع في تعزيز القدرة على الصمود للأطراف كافة، فهو ليس استراتيجية يمكن تطبيقها، لكنه وسيلة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية التي تعتمد على عوامل عدة، سواء اقتصادية أم إنسانية، كما يوفر هذا التعاون تقييماً واضحاً للمخاطر التي قد تواجه الأطراف، وتعزيز وعيهم بالتطورات الأمنية، وبناء الثقة فيما بينهم.
- تطوير التقنية العسكرية: يؤثر التعاون الدولي في تطوير التكنولوجيا العسكرية؛ فعلى سبيل المثال، تهتم الولايات المتحدة الأميركية بالتعاون مع القطاع الخاص في هذا الشأن، وتعتبره أمراً بالغ الأهمية للاستفادة من التقنيات الناشئة وحماية التقنيات الحيوية في وقت مبكر. وتعزز الشراكات الدولية أيضاً من مشاركة المعلومات حول تهديدات الأمن السيبراني لقطاع الدفاع، ومكافحة القرصنة.
شراكات بي أيه إي سيستمز لتعزيز القدرات الأمنية
تعمل شركة بي أيه إي سيستمز البريطانية منذ أكثر من 55 عاماً في المملكة العربية السعودية، في إطار العلاقة الاستراتيجية بين حكومتي البلدين، وتسعى إلى تلبية احتياجات السعودية الأمنية، والمساهمة في قدرات صناعة دفاع سعودية بالتماشي مع رؤية 2030. ويبلغ عدد موظفي الشركة 99,800 موظف حول العالم، لتتمكن من تقديم خدماتها لمئات العملاء في أكثر من 40 دولة، لكنها تحرص أيضاً على زيادة توطين الوظائف في السعودية، إذ يبلغ عدد موظفيها في السعودية أكثر من 7,000 موظف وموظفة يمثل السعوديون أكثر من 78% منهم. وتركز الشركة على إنشاء شركات سعودية تابعة لها ضمن سلاسل الإمداد المعتمدة، ودعمها وتوسيع رقعة أعمالها إلى المجالات غير الدفاعية والأمنية كالطيران المدني والقطاعات البحرية وأمن الشبكات.
وتقدم تقنيات بي أيه إي سيستمز البنى التحتية والخدمات الوطنية الحيوية للسعودية، علماً أن التعاون بين البلدين برز في عام 2018، عندما وقّعا عدداً من الاتفاقيات الهادفة إلى تعزيز القدرات الدفاعية الصناعية للسعودية، ونقل التقنية باستمرار من الشركة إلى المملكة، فضلاً عن بناء القدرات والمهارات، والتدريب، وتأسيس شراكة في مجال الأبحاث.
وعززت الشركة استثماراتها في الشركات الصناعية المحلية، كما نفذت أكثر من 50% من الدعم الذي تقدمه في إطار البرامج الموجهة من حكومة المملكة المتحدة إلى حكومة السعودية؛ وذلك بالتعاقد مع شركاء الشركة السعوديين المحليين العاملين في القطاع، فما هي هذه الشراكات؟
شكلت بي أيه إي سيستمز شراكات مع شركات سعودية محلية لتطوير الابتكارات ودعم القوى العاملة التي تحافظ على النمو الاقتصادي وتزيد من سيادة الدفاع وتحمي المصالح التجارية.
وبالتعاون مع شركاء محليين في المملكة العربية السعودية، استعرضت بي أيه إي سيستمز في معرض الدفاع العالمي الثاني، الذي أقيم في الرياض عام 2024، قدراتها التشغيلية في المجالات المختلفة التي رسخت دورها شريكاً استراتيجياً في مجالات الدفاع والأمن. ومع الالتزام بالأسس التي وضعتها الشركة منذ سنوات، فإنها تحافظ على سعيها لتطوير القدرات التصنيعية للشركة في السعودية مع استدامة النمو في بيئة اقتصادية قوية، والوفاء بمتطلبات عملائها الدفاعية والأمنية في المجالات الجوية والبرية والبحرية.