لقد حدث ما تمنيته أخيراً، حصلت على الموافقة اللازمة لإطلاق شبكة للأمهات والآباء العاملين في مؤسستك (تحتاج لهذه الشبكة كثيراً!). وقد فجّرتَ المفاجأة في إعلان أرسلته وجمعت ميزانية صغيرة لذلك. وجذب حفل الإطلاق حشداً من الأمهات والآباء المتلهفين للحصول على المشورة، ممن يملأهم الفضول بشأن هذه المجموعة والإمكانات الجديدة. فعلت كل ما بوسعك لإطلاق هذه الشبكة وتشغيلها، لكن مع تلاشي الطاقة والإثارة اللتين أشعلتهما الفعالية الأولى، تُحدّث نفسك متسائلاً: ماذا بعد؟
إنك لستَ وحدك، فإذا قُدت جهوداً لإنشاء مجموعة للأمهات والآباء العاملين، فمعنى ذلك أن أمرين حتميين قد تحققا بالفعل:
1) العمل الذي تقوم به مهم وضروري ومُرحب به.
2) لا يوجد قالب مُعد سلفاً لما تقوم به. فلا توجد قواعد ولا ممارسات أفضل ولا منهج واضح للنجاح.
بصفتي مستشاراً متفرغاً لمشكلات الأمهات والآباء العاملين، رأيت هذه الأحداث الديناميكية مراراً وتكراراً. ذلك أن الجميع يتحمسون لمجموعات الأمهات والآباء العاملين في الشركات في بداية تشكّلها، لكن من الصعب أن تراها مستمرة في العمل على المدى الأطول، كما أنه من الصعب أن تحظى أنشطتها بموافقة الجميع فيما يتعلق بالقيمة التي ينبغي أن تقدمها لأعضائها، وكيف ينبغي لقادتها توجيهها والمساهمة في جهودها، وأنواع الفعاليات والخدمات التي يجب عليها تقديمها. نتيجة لذلك، فإن زخم الشبكة ومصداقيتها يمكن أن يتلاشيا بسرعة. كما أخبرني مؤخراً أحد عملائي؛ وهو نائب رئيس لإحدى شركات التكنولوجيا: "كان إطلاق مجموعة الأمهات والآباء أمراً سهلاً، ولكن الآن تجد اجتماعاتنا مكونة من الأمهات والآباء العاملين الذين يجلسون في غرفة الاجتماعات بشكل يثير الحرج، ويتحدثون عن مدى صعوبة كل شيء في الحياة. يحمل الكثيرون منهم نوايا حسنة، لكن لا أحد يعرف حقاً كيف يمكن إدارة هذه المجموعة بشكل فعال". وعندما تفشل شبكة الأمهات والآباء العاملين نفسها، فإنها ترسل رسالة سلبية غير مقصودة وهي: إنه لا يمكن الجمع بين الأمومة والأبوة وبين العمل في هذه المؤسسة.
لحسن الحظ، هناك حل يمكن اتباعه لأي قائد شبكة في أي شركة، أياً كان حجمها، وفي أي قطاع صناعي، وهو يتألف من مجموعة من الأساليب والمناهج العملية البسيطة التي يمكنها المساعدة في تحويل شبكة الأمهات والآباء العاملين إلى أصل من أصول الشركة، قادر على تحسين الروح المعنوية للجميع والإبقاء عليها، بما يوفر فائدة عملية وملموسة أيضاً لكل موظف على حدة. وفيما يلي بعض الخطوات التي ينبغي لك اتخاذها قبل إطلاق شبكتك وبعده لتعينك على بناء شبكة يتابعها الكثيرون يكون لها تأثير إيجابي وقوي:
1- ابنِ على ما وجدته صالحاً.
لا تقض وقتاً في التفكير وبناء افتراضات حول ما يجب أن تقوم به الشبكة من أنشطة، بل توسّع فيما شهدت نجاحه بالفعل. لدى كل مؤسسة شبكة للأمهات والآباء العاملين موجودة بالفعل، قد تكون قد تشكلت بصورة طبيعية غير رسمية، أو تكون غير ملموسة لكنها فعالة. ربما تجد هناك سلسلة بريدية إلكترونية يستطيع من خلالها الأمهات والآباء الجدد في قسم التسويق تبادل مستلزمات الأطفال قليلة الاستعمال، وربما تُعرف عزة في قسم التمويل بأنها أم "قادرة على إدارة حياتها وإبقاء كل شيء تحت سيطرتها"، لينتهي بها الأمر إلى توجيه وتدريب عدد كبير من الزملاء بشكل غير رسمي. عند التعرف على هذه الأنواع من العلاقات بين الأقران ووضعها تحت المراقبة، ستكتشف الكثير عما يريده الموظفون ويحتاجون إليه، وكيف يمكن تلبية هذه الاحتياجات، ومن يستطيع المساعدة في ذلك. من شأن هذا أن يساعدك في إنشاء جدول أعمال، أو خطة عمل تعتمد على نهج مجرّب بالفعل. حوّل سلسلة البريد الإلكتروني هذه إلى صفحة شبكة إنترنت داخلية (إنترانت) أو قناة "سلاك" (الخاصة بتواصل العاملين عبر غرف للدردشة) تكون متاحة لجميع الأمهات العاملات والآباء العاملين في جميع أنحاء الشركة. اختر عزة أو الشخصية المميزة كمتحدثة بارزة في فعالية مبكرة للشبكة في بدايات انطلاقها، واطلب منها أفكاراً حول المجالات التي ينبغي التركيز عليها في البرمجة المستقبلية.
2- استوعِب الجميع.
ليس للأمهات والآباء العاملين شكل واحد؛ فهم يأتون بأشكال مختلفة بين ذكور وإناث لهم خلفيات متباينة ويعملون بجميع مستويات وأقسام المؤسسة. وبصفتك قائداً للشبكة، فإن مهمتك هي التأكد من وصول الرسالة المطلوبة لكل فرد منهم بشكل واضح وبصوت عال. هذه الرسالة هي: "مرحباً بك هنا. إننا نعمل من أجلك". ابدأ بالتأكيد على أن قيادة المجموعة هي قيادة متنوعة، إذ ستجد أعضاء محتملين راغبين في "رؤية أنفسهم" في مواقع بارزة في تكوين الشبكة. تأكد من إبقاء الاتصالات محايدة ديموغرافياً، وحدد في رسائل البريد الإلكتروني، على سبيل المثال، أن "هذا التجمع مفتوح لكل الأمهات والآباء العاملين المهتمين في [اسم مؤسستك]". لا تخف من الأحاديث الشخصية: سِر أسفل الممر وادعُ هذا الأب الذي يعيش وحيداً مع ابنه البالغ من العمر 16 عاماً بعد وفاة زوجته، للانضمام إليك في الاجتماع التالي للمجموعة. تذكر أنه كلما كانت الشبكة أوسع وأعمق، كانت أقوى.
3- اجعل المجموعة متوافقة مع مهمة المؤسسة.
في شركة كرايمر ليفين، وهي شركة رائدة في مجال المحاماة، تنظم مجموعة الأمهات والآباء العاملين ندوات حول كيفية اجتياز القضايا القانونية المهمة للأمهات والآباء الجدد، مثل صياغة الوصية. وكذلك في معهد دانا فاربر للسرطان، نجد أن "مهمة مجموعة عمل الأمهات والآباء العاملين هي تحسين ظروف كل أب أو أم عاملة"، مثلها مثل مهمة دانا فاربر نفسها؛ وهي تحسين الظروف لكل شخص يعاني من مرض السرطان. في هذه المؤسسات، تبدو مجموعات الأمهات والآباء العاملين وكأنها نمو طبيعي وأساسي لجوهر العمليات. من السهل على الأمهات والآباء العاملين أن يتحدوا مع القادة الكبار ومن أجلهم ليشاركوهم تلك المجموعات.
4- احتفظ بالعلاقة التي تربط الرموز الخاصة بك.
يمكنك اختيار أم عاملة أو أب عامل يتقلد منصباً كبيراً في المؤسسة ليكون بمثابة واجهة عامة للشبكة، أو للتحدث في فعالية مبكرة لها؛ وذلك من أجل محاولة جعل الشبكة الجديدة أمام أعين جميع موظفي الشركة وزيادة "رصيدها لدى الجمهور"، ولكن إذا كان هذا الشخص يجني الكثير من المال، ولديه فريق عمل كبير يعمل من المكتب، ويتواصل مع ثلاث مربيات في المنزل لإدارة شؤون أطفاله، فسيكون من الصعب على معظم الموظفين أن يروه معبراً عنهم إن لم يكن لديهم نفس الإمكانات أو المزايا التي يتمتع بها. حاوِل الاستفادة من مجموعة أوسع من الجهات الراعية والمتحدثين، ممن يمكنهم الحديث عن مواجهة التحديات اليومية التي يعيشها معظم زملائك من الأمهات والآباء. إذا كنت محظوظاً بما يكفي للحصول على ميزة تأييد أحد المسؤولين في الإدارة التنفيذية العليا، فساعده على أن يشعر ويعي ما يدور في ذهن الأمهات والآباء العاملين الآخرين مثل: العثور على رعاية نهارية جيدة، والقدرة على العمل من المنزل عندما يصاب الطفل بالمرض، واكتشاف طريقة للادخار من أجل الجامعة.
5- ضع منهجاً يضع الأمهات والآباء في موضع السيطرة.
في بداية انطلاق الشبكة، وفي بداية كل سنة تالية، ضع رؤية واضحة لما تريد أن يتعلمه الأعضاء ويكونون قادرين على القيام به لأنفسهم. سواء كان الهدف هو "تحسين إدارة الوقت" أو "إيجاد مزيد من المرونة" أو أي مهارة رئيسية أخرى للأمهات والآباء العاملين. نظّم فعالياتك وجدولها على أساس تعليم تلك المهارات لهم. بدون هذا التركيز وربط الخيوط بعضها ببعض، ستواجه أنشطة الشبكة خطر التفكك، وينتهي بك الأمر إلى الخروج بمجموعة متنوعة من الفعاليات والأنشطة، يبدو كل منها فكرة جيدة في ذلك الوقت وحدها، ولكنها معاً لا تقدم لك جهداً أكثر تجميعاً وتخطيطاً.
6- استخدم الخبراء الداخليين واختر "أصدقاء الشركة" ليكونوا بيئتك الداعمة.
ما أفضل طريقة لإنشاء منهج ثري وذي صلة بميزانية محدودة؟ باستخدام الموارد المتاحة لديك. اطلب من وليد، الموظف بقسم التمويل، إدارة ندوة حول تغييرات قانون الضرائب التي تؤثر على الأمهات والآباء العاملين، أو حول كيفية إعداد حساب ادخار للجامعة. اطلب من أحد أعضاء فريق دعم تكنولوجيا المعلومات تنظيم جلسة حول "أفضل التطبيقات والتطورات التكنولوجية للأمهات والآباء ومقدمي الرعاية". اطلب من مكتب المحاماة الخارجي الذي تتعامل معه مؤسستك كثيراً إرسال مندوب من مجلة تراستس آند إيستايتس (Trusts & Estates) المعنية بإدارة الثروات، للتحدث عن كيفية إعداد الوصايا وبوليصات التأمين على الحياة. حدِّد نطاق وعمق الخبرة المتوافرة حولك واجعلها رصيد عضويتك.
7- ابقَ في إطار الحلول.
يمكن أن يكون الجمع بين العمل ومسؤوليات الأمومة أو الأبوة أمراً ضاغطاً؛ لذا يكون لدى الأمهات والآباء ميل طبيعي للتواصل بشأن تبادل ملاحظاتهم حول التحديات والآلام التي يجدونها مثل الإرهاق، وصعوبات مدارس الأبناء، وقوائم المهام الطويلة، ونقص المرونة، ومن ثمّ يشعرون بالراحة عند مناقشتها معاً. ولكن باعتبارك زعيم الشبكة، فإن مهمتك هي مساعدة الناس في التقدم إلى الأمام، أي مساعدتهم في العثور على طرق للتعامل مع هذه التحديات، وإدارة ما يواجهونه بفاعلية، والشعور بمزيد من القدرة والإيجابية أثناء القيام بذلك. بمعنى آخر، مهمتك هي الحفاظ على بقاء فعاليات الشبكة، والحوار، والأعضاء، داخل "إطار الحلول". يأتي هذا عند تركيز المجموعات النقاشية، سواء المباشرة أو تلك الدائرة عبر الإنترنت، حول المناهج البديلة، والتطورات التكنولوجية، والحلول. ابدأ سلسلة بريدية خاصة بالشبكة على البريد الإلكتروني يكون محورها "أفضل نصيحة لموسم العودة إلى المدرسة" أو نظّم مناقشة جماعية حول "الطرق الفعالة للتحدث مع رئيسك في العمل عن المرونة". ستكشف حينئذٍ نصائح محددة وقابلة للتنفيذ تساعد زملاءك من الأمهات والآباء العاملين في العثور على طرق جديدة للتعامل مع التحديات المشتركة.
8- استخدم الشبكة للمساعدة في تضخيم الموارد والفوائد الأخرى.
قد تكون مهمة الموارد البشرية تقديم وإدارة عرض مزايا مؤسستك مثل إجازة الوالدين، وبرامج المرونة، وخطط رعاية صحة الأسرة، وما شابه ذلك، إلا أن مهمة الشبكة هي المساعدة في الحفاظ على هذه الفوائد في متناول الجميع وأيضاً في الأذهان. اعقد جلسة للعاملين المتوقع أن يصبحوا آباء قريباً واجعلهم يستمعون إلى زملائهم الذين سبقوهم في التجربة وما تنطوي عليه الإجازة لهم. هل أنت محظوظ بما فيه الكفاية لتغطي شركتك تكاليف الرعاية النهارية للأطفال؟ نظّم جولة في المركز الذي تعاقدت معه شركتك واجعل الأمهات والآباء يلتقون بمقدمي الرعاية هناك، وساعدهم في إعداد أوراق الالتحاق، وأطلعهم على عملية التراجع وإجراءاتها. تقول ليندسي بيل، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "بيل فاميلي"، الشركة الرائدة في مجال توفير خدمات الرعاية البديلة للأطفال وتقديم الطوارئ للشركات: "صدِّق أو لا تصدق.. العديد من العائلات التي تتمتع بالفعل بهذه المزايا لا تعرف في الواقع كيفية استخدامها. لمساعدتهم على القيام بذلك، تحتاج المؤسسات إلى العمل عن كثب مع الأمهات والآباء - لتثقيفهم وإعلامهم".
9- نظِّم جميع الفعاليات في "أوقات عمل الأمهات والآباء".
اجعل تجمعات الشبكة قصيرة، ولتكن، إن أمكن، خارج أوقات الأزمة الصباحية والمسائية للأمهات والآباء العاملين. يمكن أن تكون وجبة الغداء الخارجي المشترك أفضل شيء تقدمه. وزِّع دائماً ملاحظات موجزة على الأشخاص الذين تغيبوا عن الفعاليات، أو اضطروا إلى مغادرة الفعالية مبكراً. (تذكر أن الشبكة تدور حول الأمهات والآباء العاملين الذين يساند بعضهم بعضاً!).
تمثل الأمومة والأبوة العاملة تحدياً هائلاً لأولئك الذين يعيشونها بشكل يومي، ولكنها تحدّ كبير للمؤسسات كذلك. يعتبر الناس هم المحرّك للأداء ويحتاجون إلى الشعور بأنهم مسيطرون على الأمور ويلقون الدعم لذلك. لحسن الحظ، مع بعض التخطيط المسبق والنهج الصحيح، يمكنك إنشاء شبكة عمل للأمهات والآباء العاملين تساعدهم في الحصول على ما يريدون.