كيف تدعم شبكة علاقاتك المهنية بأشخاص من ثقافات مختلفة؟

3 دقيقة
علاقاتك
shutterstock.com/Peshkova

تخيل الموقف الآتي: في أثناء حضورك فعالية للتعارف، ترى في الجهة المقابلة من الغرفة شخصاً يشغل منصباً مرموقاً في شركة تهتم بالعمل فيها، فتتوجه إليه وتنظر في عينيه وتقول له: "مرحباً، لاحظت أنك من شركة آي بي إم. أنا مهتم جداً بالشركة وأود أن أطلعك على خلفيتي المهنية".

طرحتُ هذا السيناريو مؤخراً على مجموعة من المهنيين في الولايات المتحدة المولودين في دولة أجنبية، ثم سألتهم عما إذا كانوا يعتقدون، وفقاً للقواعد الثقافية الأميركية، أن أسلوب هذا الشخص:

(أ) مباشر أكثر من اللازم.
(ب) غير مباشر بما يكفي.
(ج) مباشر بدرجة مناسبة.

طرحت السؤال نفسه أيضاً على مجموعة من المهنيين المولودين في الولايات المتحدة، وكشفت الإجابات من المجموعتين فروقاً كبيرة ومهمة.

اختار المهنيون المولودون في الولايات المتحدة جميعهم الإجابة (ج)، أي رأوا أن أسلوب هذا الشخص كان مباشراً بدرجة مناسبة وأنه وسيلة معقولة لبدء محادثة تعارفية في الولايات المتحدة.

من ناحية أخرى، رأى المهنيون المولودون في دول أخرى الموقف من زاوية مختلفة تماماً؛ فقد وافق عدد قليل ممن عاشوا وعملوا في الولايات المتحدة فترة طويلة على ما قاله الأميركيون، ولكن غالبيتهم العظمى لم توافق على هذه الإجابة، واختاروا الإجابة (أ)، أي رأوا أن السلوك كان مباشراً وحازماً أكثر من اللازم بالنسبة لفعالية تعارف على الطريقة الأميركية.

ثم طرحت سؤالاً إضافياً:

تخيل أنك ترى شخصاً آخر بعد بضع دقائق في الجهة المقابلة من الغرفة، يشغل منصباً مرموقاً في شركة تهتم بالعمل فيها، فتتوجه إليه وتقول له بتردد:

"مرحباً، معك (الاسم). يسعدني ويشرفني أن ألقاك. هل تسمح لي بتعريفك بنفسي؟".

طلبت من المشاركين في الندوة مجدداً تقييم ملاءمة هذا الأسلوب وفقاً للقواعد الثقافية الأميركية، وسألتهم على وجه الخصوص عما إذا كان الأسلوب:

(أ) مهذباً بدرجة مناسبة: عند التحدث إلى شخص في فعالية تعارف بالولايات المتحدة، من المهم أن تعامله باحترام شديد، خاصة إذا كان أكبر منك سناً أو أعلى منك منصباً.

(ب) مهذباً أكثر من اللازم: حتى إذا كنت تتحدث إلى شخص أكبر منك سناً أو أعلى منك منصباً، فمن المهم ألا تبالغ في إظهار التهذيب والاحترام؛ لأن هذا يجعلك تبدو وكأنك تفتقر إلى الثقة في النفس والاحترافية.

اختار المهنيون المولودون في الولايات المتحدة كلهم الإجابة (ب)، في حين اختارت مجموعة كبيرة من المهنيين المولودين في دول أخرى، وكثير منهم من الهند، الإجابة (أ)، أي رأوا أن الأسلوب كان مهذباً بدرجة مناسبة للموقف.

تمثّل القدرة على بناء العلاقات، أي تطوير علاقات مهنية وشخصية مع مجموعة متنوعة من الناس، مهارة بالغة الأهمية لأي قائد أعمال عالمي. المشكلة الوحيدة هنا هي أن بناء علاقات على مستوى العالم قد يكون بالغ الصعوبة عند تباين قواعد التعارف بدرجة كبيرة في ثقافات مختلفة. والحقيقة أن هذه التحديات الثقافية قد تكون شديدة جداً لدرجة أن الكثير من القادة العالميين الشباب المحتملين المولودين في دول غير الولايات المتحدة ممن أعرفهم يتعمدون تجنب فرص بناء العلاقات في الولايات المتحدة، على الرغم من أهمية هذه الفرص في تطوير مسيراتهم المهنية.

تأمّل كلمات رافي (غيرتُ الاسم حفاظاً على السرية)، وهو مستشار إدارة هندي، يصف تجربته في المشاركة في فعالية تعارف بالولايات المتحدة:

"أشعر بأنني أرتكب خطيئة؛ لأنني أحاول التظاهر بشخصية أخرى غير شخصيتي الحقيقية ويبدو سلوكي مصطنعاً ومزيفاً. على سبيل المثال، في أثناء محاولتي التعارف مع الآخرين، أحاول أن أروج لنفسي وأتفاخر بقدراتي أمام شخص غريب. يبدو لي هذا سلوكاً غريباً وأنانياً جداً ويجعلني أشعر وكأنني أحتال لتحقيق أهدافي بأي ثمن".

ما الذي يمكن فعله إذاً؟ كيف يكتسب المهنيون العالميون الناشئون، مثل رافي، هذه المهارة القيادية العالمية الحاسمة؟

من خلال العمل مع القادة العالميين الشباب، مثل رافي، على مدار الأعوام العشرة الماضية، اكتشفت 3 أدوات رئيسية للنجاح في تعلم طرق تكييف السلوك عبر الثقافات المختلفة عند التعارف أو في أي موقف آخر يستدعي تعديل سلوكك الثقافي لتكون فعالاً في بيئة جديدة.

راقب المحيطين بك:

راقب سلوك الآخرين بعناية في مواقف التعارف، وانتبه إلى السلوكيات الفعالة وغير الفعالة في هذا السياق. وكيّف نهجك بناءً على ما تلاحظه لتطوير أسلوب يبدو أصيلاً ومتوافقاً مع شخصيتك الحقيقية وفعالاً أيضاً في السياق الجديد.

افهم الأساس المنطقي للثقافة الجديدة:

تعلّم الأساس المنطقي لهذا السلوك الجديد من منظور الثقافة الجديدة. على سبيل المثال، لماذا تعتبر "الأحاديث الجانبية" جزءاً مهماً من التعارف في الولايات المتحدة؟ لماذا يعتبر التحدث عن نفسك ومؤهلاتك بإيجابية سلوكاً لائقاً من وجهة النظر الأميركية؟ حين تفهم أُسس الثقافة الجديدة ستشعر براحة أكبر تجاه مواءمة سلوكك الشخصي معها.

أخيراً، تدرب:

تدرب عدة مرات، ويُفضَّل أن يكون ذلك في بيئات تحاكي الضغوط والتوترات التي تصاحب المواقف الحقيقية. تشرَّب السلوك بعمق حتى تتعود عليه ويصبح تلقائياً وعفوياً.

استخدم هذه الأدوات وستتمكن من إتقان مهارات التعارف بأسرع ما يمكن. والميزة الإضافية هنا هي أنك ستتعلم أيضاً طريقة يمكنك تطبيقها على أي موقف قيادي آخر تواجهه في ثقافة مختلفة، ما قد يكون أعظم ما تعلمته على الإطلاق.

بالإضافة إلى أفضل الممارسات هذه، سأتحدث لاحقاً في مقال آخر عن الطرق التي تساعد المهنيين المولودين في أميركا على تحسين مهاراتهم في بناء العلاقات في دول أخرى.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي