ملخص: ما الذي ينبغي لك فعله إذا كان أعضاء فريقك يستقيلون أو لا يؤدون أداءً جيداً أو يبدون منفصلين عن العمل؟ بدلاً من عقد اجتماعات ومراجعة التقدم الذي أحرزوه في تحقيق الأهداف وإخبارهم أن عليهم بذل المزيد من الجهد، كن بستانياً! وهذا يعني تحمُّل مسؤولية تلبية احتياجات فِرقك البدنية والعاطفية والبيئية، والبحث عن السبب الجذري للمشكلات الأساسية.
- خذ زمام المبادرة: لن يتمكن كل عضو في فريقك من توضيح ما يحتاج إليه بالضبط ليكون مبدعاً ومندمجاً في العمل ويشعر بالتحدي. إذ لا يدرك معظمنا أننا لا نلبي احتياجاتنا إلا عندما يلفت شخص آخر انتباهنا إليها. ومن الأفضل أن تكون قدوة من خلال إظهار ضعفك في أثناء هذه المناقشات.
- استكشف احتياجات أعضاء فريقك: إن أفعالنا مدفوعة بتلبية بعض الاحتياجات التي عادة ما تكون مزيجاً فريداً من احتياجاتنا البدنية والعاطفية والبيئية، ويعتمد إلى حد كبير على تفضيلاتنا الفردية. اسأل أعضاء فريقك عما إذا كانوا يعتنون بأنفسهم. هل يمارسون اليقظة الذهنية؟ ما هو شعورهم حيال العمل مع الفريق؟ ما هو شعورهم حيال مكتبهم أو مكان عملهم؟
- اتخذ إجراءات: بناءً على ما ستسمعه من أعضاء فريقك، يمكنك أن تطلب من القيادة العليا تخصيص غرفة للتأمل أو لأخذ قيلولة في المقر أو دفع مقابل عضويات في صالة ألعاب رياضية أو توفير جلسات تدريب مهني أو إجراء محادثات حول الصحة النفسية. ولكن تذكر أن جميع استثماراتك النبيلة في البرامج والمزايا الجديدة من أجل دعم احتياجات الموظفين ستضيع هباءً إذا لم يكن لديهم الوقت للاستفادة منها. ضع توقعات واضحة حول ساعات العمل، وابحث عن تدفقات العمل التي تسبب ضغوطاً وإلحاحاً دون داعٍ.
تخيل أنك بستاني ووجدت ذات صباح أن أحد نباتاتك في حالة سيئة، فقد تحول لون الأوراق إلى الأصفر وذبلت وتجعدت وأصبحت السيقان هشة. فكيف ستتصرف؟ من المنطقي أن تحاول اكتشاف سبب وصول النبات إلى هذه الحالة حتى تتمكن من إنقاذه. ألم تسقه بما يكفي؟ أم أنك سقيته أكثر مما ينبغي؟ ألم تسمّد التربة بشكل صحيح؟ هل وضعته في الشمس لفترة طويلة؟ أم أنك لم تضعه تحت ضوء الشمس لفترة كافية؟
عندما يرى البستانيون أن هناك نباتاً لا ينمو جيداً، فإنهم لا يعقدون اجتماعاً للنبات ويراجعون أهداف نموه ويخبرونه أنه يحتاج إلى مزيد من التركيز أو بذل المزيد من الجهد. بل يستحوذ عليهم الفضول ويتحملون مسؤولية منح النبات المزيد مما يحتاج إليه: تربة جديدة وإضاءة مثالية وكمية مناسبة من الماء والتغذية. كمدير لفريق، أنت البستاني! إذا كان أعضاء فريقك يستقيلون أو لا يؤدون أداءً جيداً أو يبدون منفصلين عن العمل، فهذه إشارة لك للقيام بدور البستاني والبحث عن السبب الجذري للمشكلات الأساسية.
خلال عملنا كمدربين تنفيذيين في شركات ناشئة سريعة النمو مثل دورداش (DoorDash) وماستر كلاس (MasterClass) وعلامات تجارية راسخة مثل آبل وجيكو (Geico)، وجدنا أن القادة الذين يتصرفون مثل البستانيين ويتحملون مسؤولية تلبية الاحتياجات البدنية والعاطفية والبيئية لفرقهم غالباً ما تكون معدلاتهم ذات الصلة باستبقاء الموظفين واندماجهم في العمل ونتائجهم المالية أفضل من نظرائهم. ببساطة، هؤلاء المدراء يقودون بعطف.
سنوضح لك فيما يلي كيف يمكنك أن تصبح مثلهم.
خذ زمام المبادرة
أولاً، لن يتمكن كل عضو في فريقك من توضيح ما يحتاج إليه بالضبط ليكون مبدعاً ومندمجاً في العمل ويشعر بالتحدي. إذ لا يدرك معظمنا أننا لا نلبي احتياجاتنا إلا عندما يلفت شخص آخر انتباهنا إليها. ضع في اعتبارك أيضاً أنه إذا لم تلبَّ احتياجات الموظف بطريقة ما، فقد لا يشعر بالأمان حيال التصريح عن ذلك إذا كان لا يشعر بالأمان النفسي في بيئة العمل.
بصفتك مديراً، تقع على عاتقك مسؤولية بدء هذه المحادثات الصعبة وتشجيع الموظفين على التحدث عن وضعهم. ومن الأفضل أن تكون قدوة من خلال إظهار ضعفك في أثناء هذه المناقشات.
حاول بدء المحادثة بقول شيء مثل: "مرحباً [الاسم]، أشكرك على قبول دعوتي للدردشة. عند عودتي إلى المكتب بعد كل هذا الغياب، كنت أواجه صعوبة في إبقاء تركيزي على العمل بالكامل خلال ساعات العمل، لذلك اعتقدت أنه من الأفضل الاطمئنان على أحوالك لمعرفة ما كنت تشعر به مؤخراً. فهل تشعر أن لديك كل ما تحتاج إليه لتكون مبدعاً ومندمجاً في العمل؟".
استكشف احتياجات أعضاء فريقك
بمجرد أن يمنحك عضو فريقك إجابة أولية (والتي قد تكون بسيطة مثل "نعم" أو "ربما")، قم بدور البستاني وتعمق في تفاصيل ما يحتاج إليه حقاً.
عندما يفكر الأشخاص في احتياجاتهم، يعود معظمهم إلى "هرم ماسلو للاحتياجات" من ثلاثينيات القرن العشرين. وتنص هذه النظرية على أن هناك 5 احتياجات أساسية تقود أفعالنا ودوافعنا. ويجب أن نلبي احتياجاتنا الأساسية أولاً (مثل الطعام والماء والصحة والرفاهية) قبل الانتقال إلى الاحتياجات الأكثر تعقيداً مثل احترام الذات والشعور بالتقدير والقيمة الشخصية. لكن أظهر الكثير من البحوث التي أُجريت مؤخراً أن الأشخاص لديهم احتياجات أكثر تنوعاً من تلك المستويات الخمسة. في الواقع، عادة ما يكون المزيج الدقيق لاحتياجات كل منا مزيجاً فريداً من الاحتياجات البدنية والعاطفية والبيئية، ويعتمد إلى حد كبير على تفضيلاتنا الفردية.
فيما يلي بعض الأسئلة التي يمكنك طرحها حول كل من تلك الاحتياجات لمعرفة المزيد حول ما يعانيه أعضاء فريقك.
الاحتياجات البدنية
- هل تخصص وقتاً للاعتناء بنفسك؟
- هل تتناول طعاماً صحياً وتحصل على قسط كافٍ من النوم؟
- هل تمارس التمارين الرياضية بانتظام؟ هل تمارس اليقظة الذهنية؟
قد يبدو أن هذه الأسئلة تستقصي عن أمور لا تعنيك، ولكن إذا كانت الصحة البدنية ضرورية لأداء العمل على النحو الأمثل في المكتب (وهي كذلك بالفعل)، فهذه الأمور تعنيك تماماً. علاوة على ذلك، فإن بدء حوار حول هذه الاحتياجات البدنية الأساسية في المكتب يمكن أن يساعد الموظفين بالفعل على الشعور أن احتياجاتهم العاطفية تلبى أيضاً.
الاحتياجات العاطفية
- ما هو شعورك حيال العمل مع الفريق؟
- متى كانت آخر مرة شعرت فيها أن إسهاماتك حظيت بالتقدير؟
- هل تشعر بالأمان حيال الاعتراض على شيء ما أو التشكيك فيه؟
غالباً ما نفكر في الاحتياجات العاطفية في سياق العلاقات الرومانسية أو الأسرية، لكنها على القدر نفسه من الأهمية في مكان العمل. فنحن عادة ما نقضي مع زملائنا في العمل وقتاً أطول مما نقضيه مع شركاء حياتنا أو أفراد عائلتنا. لدى الأشخاص مستويات مختلفة من الاحتياجات المتعلقة بالانتماء والشعور بالتقدير والأمان النفسي. عندما يتلقى الموظفون الامتنان من مدرائهم، يكونون أكثر إنجازاً. كما يرتبط الشعور الكبير بالانتماء في العمل بانخفاض مخاطر دوران الموظفين بنسبة 50%، ويمكن أن يؤدي الشعور بالأمان النفسي إلى زيادة قدرة أعضاء الفريق على الإبداع.
مهمتك هي اكتشاف التفضيلات المحددة لكل عضو من أعضاء فريقك في كل فئة من هذه الفئات. فمعاملة كل عضو كفرد ذي احتياجات فريدة سيساعدهم على الشعور بالأمان والشمول. يفضل بعض الموظفين العمل بمفردهم من المنزل، بينما يتوق آخرون للعودة إلى المكتب. المهم هو وضع سياسات تقع ضمن نطاق سيطرتك بحيث تحقق التوازن بين احتياجات الفرد واحتياجات المجموعة. فالبستاني الماهر لا يُفرط في سقي الحديقة بأكملها لتنمو نبتة واحدة.
الاحتياجات البيئية
- ما هو شعورك حيال مكتبك أو مكان عملك؟
- هل تتقبل فكرة عدم وجود مكتب مخصص لك بعد الآن؟
- هل تعجبك المرافق المتوفرة لدينا؟
للبيئات المادية التي نعمل فيها أهمية أكبر مما تعتقد. فقد أظهرت مجموعة من الدراسات أن العوامل البيئية، مثل إمكانية الوصول إلى المساحات الخضراء وضوء الشمس والهواء النقي والنواحي الجمالية والقرب من زملاء العمل، جميعها تؤثر بشكل كبير على قدرتنا على الإبداع والإنجاز. إذا سبق لك العمل في حجرة صغيرة تحت مصابيح فلوريسنت دون رؤية العالم الخارجي، فأنت تعرف بالضبط ما نتحدث عنه.
بصفتك مديراً، قد لا يكون لديك الكثير لتقوله حول الاستثمار في مساحات عمل جميلة وذات إضاءة جيدة أو شراء أثاث مكاتب منزلية جميل ومبهج لأعضاء فريقك. لكن منحهم حرية التحرك حول المكتب أو العمل في حيز بجوار نافذة أو العمل من مقهى مريح في فترة الظهيرة يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً.
اتخذ إجراءات حاسمة
إجراء المحادثة شيء، واتخاذ إجراء بناءً عليها هو شيء آخر. فيما يلي 3 طرق يمكنك من خلالها اتخاذ إجراءات حاسمة لتلبية احتياجات فريقك.
ادعم فريقك
بناءً على ما ستسمعه من أعضاء فريقك، يمكنك أن تطلب من القيادة العليا تخصيص غرفة للتأمل أو لأخذ قيلولة في المقر (لدى جوجل هذا النوع من الغرف!) أو دفع مقابل عضويات في صالة ألعاب رياضية أو توفير جلسات تدريب مهني أو إجراء محادثات حول الصحة النفسية. وحتى إذا لم تكن هناك ميزانية لتوفير كل ما طلبته، فاحرص على أن يعرف الموظفون أنك اتخذت إجراءً. إذا لاحظ الموظفون أنك تهتم بهم وتدافع عن احتياجاتهم، فسيشعرون بالتقدير.
وفِّر وقتاً للاستفادة من المزايا
ستضيع جميع استثماراتك النبيلة في البرامج والمزايا الجديدة من أجل دعم احتياجات الموظفين هباءً إذا لم يكن لديهم الوقت للاستفادة منها. إذ إن الاجتماعات المتتالية أو المواعيد النهائية غير الواقعية أو إرسال رسائل نصية أو رسائل عبر البريد الإلكتروني في جميع الأوقات تسهم جميعها في شعور الموظفين أنه ليس لديهم متسع من الوقت حتى لتناول الطعام، فما بالك بممارسة التأمل أو التمارين الرياضية أو إجراء محادثات حول كيفية تلبية احتياجاتهم العاطفية.
ننصح جميع عملائنا بوضع توقعات واضحة حول ساعات العمل، والبحث عن تدفقات العمل التي تسبب ضغوطاً وإلحاحاً دون داعٍ. يغلق بعض العملاء تطبيق "سلاك" بعد الثامنة مساءً، بينما يخصص آخرون أياماً كل أسبوع لا يستخدمون فيها التطبيق وتكون خالية من الاجتماعات لتوفير المزيد من الوقت للعمل دون انقطاع. مثل البستاني الماهر، يجب أن تكون مبدعاً وأن تجرب لمعرفة ما يصلح لك ولفريقك. تجعل بعض الشركات جميع اجتماعاتها لمدة 25 دقيقة، بدلاً من 30 دقيقة كما هو متعارف عليه، لمنح الموظفين القليل من الوقت للحاق بالاجتماع التالي وإعادة التجمع بين الاجتماعات. ويعقد مدراء آخرون جميع اجتماعاتهم الفردية من خلال التحدث في أثناء المشي لكي يتسنى لهم ولمرؤوسيهم قضاء بعض الوقت في الخارج خلال اليوم.
كان المدراء يقودون بلا عطف لفترة طويلة للغاية، فقد كانوا يركزون على الإنتاجية مهما كان الثمن، ولكنهم بدؤوا يدركون الآن عواقب تجاهل احتياجات موظفيهم المتنوعة. لقد ولت الأيام التي كان من المفترض أن يتجاهل فيها أعضاء الفِرق احتياجاتهم الشخصية وأن يركزوا على ما تريده الشركة فقط. والمدراء الذين يعاملون موظفيهم مثل الزهور التي لديها احتياجات مختلفة لتزهر، من المرجح أن يجنوا حصاداً وفيراً يتمثل في فِرق مندمجة للغاية في العمل ونتائج مالية استثنائية العام تلو عام.