من المعروف أن أندرو غروف أو "أندي" هو صانع الشركات الريادية وأحد مؤسسي شركة "إنتل". أنا بلا جدال أطول قامة من أندي غروف بنحو 30 سم، لكن كلما كنت أقف أمامه أشعر أنه العملاق وليس أنا. هناك 4 جوانب سوف أفتقدها في هذا العملاق.
دروس من الريادي أندي غروف
أولاً: لم يفترض قط أنه وزملاءه يملكون الحل لأي مشكلة. وكانوا دائماً يتناقشون في كل شيء. كان يعلم بالطبع أنه يتعين عليهم اتخاذ قرارات، لكنه كان ينظر إلى كل قرار باعتباره علامة طريق تبين مدى التقدم الذي يحرزونه على مدار النقاش الدائر حول كيفية تحقيق التطور.
كان مولعاً بإيجاد سبل جديدة للتفكير في العمل. حين أصبحت صناعة المُعالِجات الدقيقة في شركة "إنتل" مهددة بسبب البدائل الأقل تكلفة، طلب نصيحتي بشأن ما يمكنه فعله. لكن بدلاً من أن أخبره بكيفية التعامل مع هذه الأزمة، قدمت له ما كان يحتاجه حقاً: شرحت له ولفريقه نظرية الزعزعة كي يستطيعوا التنبؤ بالأزمة أو الفرصة التالية التي يصادفونها في طريقهم. أدرك "أندي" أنه ما كان بوسعه الوقوف مكتوف اليدين. ويبدو أنه بعد مضي يوم على اتخاذ "أندي" وزملائه قراراً، عادوا للنقاش مرة أخرى. لهذا كانت شركة "إنتل" في عهد أندي غروف دائمة التطور، فقد كانوا يحاولون دائماً تطوير كل شيء (ولسوف أفتقد هذا).
ثانياً: سأفتقد تواضع أندي غروف، فقد كان يتمتع بدرجة عالية من الاعتزاز بالنفس، وكان يثق بقدراته، إلا أن هذه الثقة كانت بمثابة وسيلة ساعدته على أن يتعلم أموراً مهمة من كل شخص يقابله - حتى مني أنا "كلايتون كريستنسن". عزز أندي مواطن القوة لدى الأشخاص الذين تعامل معهم عن طريق ترسيخ ثقتهم بأنفسهم، فقد اعترف بفضلي في أمور لا أستحق الثناء عليها وساعدني في أن أثق بقدرتي على تقديم إسهامات جليلة.
ثالثاً: سأفتقد نظرة أندي غروف للطريقة التي يسير بها العالم. فمثلما كان قادراً على شرح طريقة اندفاع الإلكترونات عبر ممرات المعالجات الدقيقة، كان بوسعه أيضاً أن يصف كيف تسير الحوافز والقرارات والأسعار والمناقشات والتخمينات والأولويات والتأخيرات وتوزيع النفقات العامة في مؤسسة معقدة مثل "إنتل". لقد كان رئيساً تنفيذياً مؤثراً لأنه كان يفهم طريقة سير المؤسسات واستطاع توظيف هذه المعرفة عملياً.
وأخيراً، سوف أفتقد أندي غروف المعلم. فعلى مدار مشواره المهني الطويل في شركة "إنتل" وفي كلية "ستانفورد" للأعمال، نقل خلاصة حكمته العميقة بسخاء غير معهود، ليمسّ حياة أجيال عديدة من المدراء والقادة.