5 دروس ملهمة لرواد الأعمال في قطاع السيارات (محسن بن هاني البحراني نموذجاً)

يتميّز رواد الأعمال الناجحين بقدرتهم على اختراق الأسواق من خلال المرونة والابتكار، لا سّيما في قطاع استثنائي سريع النمو، وذي تنافسية عالية، ومتطلبات متزايدة لتلبية احتياجات السوق المتغيرة، وتطبيق أحدث التكنولوجيات مثل قطاع صناعة السيارات، الذي يُعد واحداً من القطاعات الأكثر تنافسية ونمواً، ويُنظر إليه باعتباره ركيزة أساسية للاقتصاد المستدام.

استطاع رائد الأعمال العماني، محسن بن هاني البحراني، حفر اسم لامع في هذا القطاع في وقت قصير للغاية، إذ لم يكتفِ بالحفاظ على إرث جده (محسن حيدر درويش )، مؤسس شركة محسن حيدر درويش العريقة، وإنما استطاع جلب أحدث التكنولوجيات إليها، وزيادة نموها، والتوسع فيها ليخترق المزيد من الأسواق المرتبطة بالصناعة.

التحق محسن البحراني بشركة جده بعد تدريب صيفي درس خلاله إدارة الأعمال في جامعة برونيل وكلية كينغز في لندن، وتقدم بثبات ليشغل مناصب أعلى تدريجياً حتى وصل إلى منصب قسم رئيس السيارات بالشركة، ومن بعدها بدأ رحلة ريادية جديدة في 2020 بصفته رئيساً تنفيذياً لأقسام السيارات ومعدات البناء والطاقة المتجددة (ACERE) في الشركة.

وعلى الرغم من امتلاكه زمام الأمور في وقت صعب للغاية، أثناء جائحة كوفيد-19، استطاع ترسيخ اسم الشركة في السوق، واختراق أسواق جديدة أيضاً، ما دفعه ليصبح أصغر رئيس تنفيذي لمجموعة مدرجة في قائمة أقوى 100 شركة عائلية عربية في عام 2021 من قِبل فوربس الشرق الأوسط، وإدراجه أيضاً في مجموعة 2022 ضمن قائمة فوربس 30 تحت 30 (30 Under 30).

اتبع محسن البحراني نهجاً فعالاً مكّنه من لعب دور محوري في قطاع السيارات في عمان، عبر عدة استراتيجيات ملهمة، راسماً طريقاً يمكن الاسترشاد به للنجاح في هذا القطاع، وإليكم أبرزها:

1. تكوين فريق مع كبار اللاعبين

تمكّن البحراني من الحفاظ على إرث شركته العائلية عبر ترسيخ العلاقات وكسب ثقة العلامات التجارية الكبرى الموجودة، إلى جانب جلب المزيد من العلامات إلى محفظة الشركة، فيقول البحراني: "تستند علاقتنا مع العلامات التجارية العالمية إلى سياسات طويلة الأجل وثقة واحترام متبادلين".

لقد كان البحراني على دراية باحتياجات عملائه، وساند نجاحهم، وهو، وفقاً له، مفتاح النمو للمجموعة، فعزز مبيعات العلامات التجارية الشريكة بنسب فاقت التوقعات، فعلى سبيل المثال، قفزت إم جي موتورز (MG Motors) في السلطنة إلى المركز الثالث من حيث حجم المبيعات المحلية في 2021 بعدما كانت في المركز الخامس عشر في عام 2019. وحازت الشركة جائزة جراند بري (Grand Prix) ذات تصنيف 5 نجوم لتحقيق نسبة مبيعات عالية من العلامة التجارية نفسها.

اتبع البحراني استراتيجية تسويقية فعالة لتحقيق هذه القفزة، إذ أنشأ 13 منشأة مبيعات جديدة، ووسَّع خدمات ما بعد البيع من 3 منشآت في 2019 إلى 11 منشأة في 2022، ليحصل على شهادة تقدير من سايك موتور (SAIC Motor)، المتخصصة في تصنيع السيارات، للمبيعات المتميزة فيما يتعلق بـ إم جي موتورز.

واستطاع البحراني مؤخراً ضم أشهر العلامات التجارية للشركة مثل لاند روفر (Land Rover)، وجاغوار (Jaguar)، وهونشي (Hongqi)، وجيتور (Jetour) ومكلارين (McLaren)، و إم جي (MG) ومجموعة من علامات ستيلانتس (Stellantis) مثل (جيب، ورام، ودوج، وألفا روميو)، فباتت من أكبر الكيانات التي تضم علامات تجارية في الشرق الأوسط، وبالمثل، نجح البحراني في تحقيق الريادة في سوق المركبات التجارية مع أشوك ليلاند (Ashok Leyland) من خلال الاستحواذ على أكثر من 50% من حصة السوق في قطاع الحافلات التجارية المتوسطة والثقيلة.

2. رؤية غير محدودة

نظر البحراني إلى القطاع باعتباره قطاعاً واسعاً يشمل العديد من المجالات التي يمكنه التوسع فيها، وليس تعزيز رقم المبيعات فقط، إذ وضع في اعتباره قطع الغيار، والإكسسوارات، والصيانة، والعناية بالسيارات، وخدمات التأجير.

فجلب العلامات التجارية المتخصصة في منتجات المركبات مثل شركة إيه بي بي (ABB) للشواحن، وفارتا (Varta) للبطاريات، وأكس سي أم جي (XCMG) لتصنيع الآلات الثقيلة، ووير (Weir) للمعدات الثقيلة، واستحدث مبادرة "أوتو إكسبرت" (AutoExpert) التي تقدم منتجات متميزة للطرق الوعرة من شركة أيرونمان فور باي فور (Ironman 4×4) ومنتجات العناية بالسيارات من شركة أوتوجليم (Autoglym)، إضافة إلى تقديم خدمات فحص السيارات وإصلاحها.

كما أنشأ مؤخراً قسم تأجير السيارات الذي يقدم خدمة تأجير خالية من المتاعب لمجموعة واسعة من المركبات من السيارات الصغيرة إلى السيارات الفاخرة.

3. اختراق أسواق جديدة

حرص رائد الأعمال العماني (محسن البحراني) على تنويع الأعمال الحالية والدخول في قطاعات جديدة، مثل قطاع الرعاية الصحية، إذ عقد شراكات مع العلامات التجارية العالمية الرائدة في القطاع الطبي، فأطلقت مجموعته قسم هوسبي كير (HospiCare)، وعقدت شراكات مع كومين (Comen) بشأن أجهزة طوارئ العناية المركزة، وسيكونيت (Schrack Seconet) بشأن أنظمة اتصالات الرعاية الصحية، وفوجي فيلم سونوسايت (Fujifilm SonoSite) بشأن أجهزة التصوير بالموجات فوق الصوتية، وسبارك ميديتيك (Spark Meditech) بشأن المعدات الجراحية، وإنسايترا ميديكال (Insightra Medical) وغيرها لجلب أفضل المعدات الطبية إلى مؤسسات الرعاية الصحية في عمان.

واخترق البحراني قطاع الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، وهو الأول من نوعه في السلطنة، إذ تعاون مع شركة إيه بي بي (ABB) الرائدة في مجال التكنولوجيا التي تركز على الصناعات الرقمية، لتوريد شواحن المركبات الكهربائية العالية الطاقة (EV) التي ستُركب في جميع أنحاء عمان.

واستثمر أيضاً في أجنا لينس (Ajna Lens)، وهي شركة برمجيات مقرها مومباي، إلى جانب إدارته لأكاديمية محسن حيدر درويش للعلوم التقنية، التي تركز على توفير الفرص والمساحة والنطاق للشباب العماني لتطوير قدراته وخبراته الفنية.

4. مواءمة الأهداف التجارية مع أهداف العمل العامة

وضعت شركة محسن حيدر درويش منذ نحو نصف قرن التنمية الوطنية ضمن أولوياتها، وقد قرر البحراني السير على نهج جده عبر حرصه على التنميتين الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، إذ كانت الشركة من رواد التعمين، معلنة التزامها بهدف التعمين الذي حددته وزارة العمل بنسبة 65% من 32% في 2019، فيقول البحراني: "في العام الماضي وحده، وظفت الشركة 107 موظف عماني في الشركة".

ويدرك محسن جيداً أن ممارسات الأعمال المستدامة باتت حاجة مُلحة مع تهديد تغير المناخ، لذلك، يسعى إلى أن تكون شركته لاعباً حيوياً في قيادة القطاع الخاص نحو تنفيذ حلول الطاقة المستدامة، إذ أنشأ قسماً خاصاً بالطاقة المتجددة. فيقول: "ما من شك في أن التنقل الإلكتروني ينمو في جميع أنحاء العالم، وهدفي أن أكون من بين الرواد الذين يقدمون أفضل الحلول الخضراء والمستدامة في عمان".

وتُصر شركة محسن حيدر درويش على أن يكون لها دور في كافة الأحداث والأزمات التي تمر على السلطنة لمساعدة المجتمع العماني، فعلى سبيل المثال، في أثناء جائحة كوفيد-19، ساعد البحراني المجتمع من خلال توفير حافلات أشوك ليلاند التي حوِّلت إلى وحدات اختبار متنقلة للوصول بسرعة إلى الناس خاصة في المناطق الداخلية لإجراء الاختبار والحد من انتشار الوباء.

5. الاستفادة من المِحن وتحويلها إلى فرص

تولى البحراني إدارة مجموعة السيارات ومعدات البناء والطاقة المتجددة في بداية جائحة كوفيد-19، وحالات الإغلاق التي صاحبتها، وتعطل سلاسل التوريد، وانخفاض الطلب، وعلى الرغم من ذلك، حقق أرقاماً قياسية في المبيعات وأقام شراكات مع المزيد من العلامات التجارية، من خلال اعتماد المزيد من المرونة والابتكار، فأطلق مبادرات التجارة الإلكترونية لجاكوار ولاند روفر وإم جي موتورز، فبات بإمكان المستهلكين شراء سيارة ببساطة عن طريق 3 خطوات، ما حافظ على علاقة مستمرة مع الشركاء الحاليين وقتها، ووسّع قاعدة العملاء.

فأُدرج اسمه ضمن قائمة "100 رئيس تنفيذي الأكثر تأثيراً في سلطنة عمان" من قِبل مجلة الأعمال الشهيرة عمان إيكونوميك ريفيو (Oman Economic Review) في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وحصل أيضاً على جائزة "رائد الأعمال الناشئة للعام" في حفل جوائز عالم الاقتصاد والأعمال (AIWA) 2020.

يقول البحراني: "في أثناء توليَّ مسؤولياتي الجديدة، كان الوباء في ذروته وألقى بتحديات متنوعة، وكان عليّ البحث عن فرص لتنويع الأعمال وتنميتها، وخلال هذا الوقت، انتهزنا فرصنا ووسعنا عمليات المبيعات، ولم نترك أي فرصة، حتى لو كانت صغيرة، لأننا كنا نعتقد أن الفرص الصغيرة ستؤدي في النهاية إلى نجاحات أكبر ".

اتسمت إدارة البحراني بالمرونة التي مكّنته من تطبيق هذه الاستراتيجيات، فيوضح: "في مواجهة التحديات، أبدي القدرة على التكيف والمرونة، إذ يمكن أن تكون إدارة النمو وقابلية التوسع أمراً معقداً، لكنني نجحت في تجاوز هذه العقبات من خلال توسيع نطاق العمليات، وضمان الكفاءة التشغيلية والتكيف مع ديناميكيات السوق المتغيرة". فحصل على جائزة الإنجاز المتميز في "جوائز الرئيس التنفيذي للشرق الأوسط 2021" من مجلة (CEO Today Magazine)، ومؤخراً حصل على "المستوى الماسي للجائزة الاحترافية 2021" من قِبل مجلس هارفارد بزنس (Harvard Business Council).

استطاع البحراني وضع معايير جديدة بين منظمات الأعمال في عمان ملهماً جيل الشباب عموماً للسعي وتحقيق هدفه ورواد الأعمال في قطاع السيارات خصوصاً، ليرسم نهجاً يضمن النجاح لكل من يسير وفقاً له.