الدروس التي يمكن أن يتعلمها الموظفون الأصغر سناً من الموظفين الأكبر سناً والعكس

5 دقائق

كيف يمكنك التعلم من الموظفين الأكبر سناً تحديداً؟ يتسق التدريب والتوجيه بين الشرائح العمرية المختلفة والمنطق. لا شك أن هناك الكثير من الدروس المستفادة التي يمكن أن يتعلمها كل جيل من الأجيال الأخرى. إننا نتخيل عادة أن الشباب يمكنهم مساعدة الكبار على فهم التكنولوجيا بينما يمكن أن يفيد الكبار الشباب بحكمتهم الواسعة ونظرتهم الثاقبة.

ولكن، هل هناك المزيد من الأفكار المتعمقة المتعلقة بالتعليم ما بين الأجيال تتجاوز تلك الملاحظات الشائعة؟ ماذا يمكن أن يتعلم الشباب تحديداً من الكبار والكبار من الشباب؟

لفهم هذه القضية، صممنا اختباراً تشخيصياً وعرضناه على موقعنا الإلكتروني وشجعنا الناس من جميع الأعمار ومن شتى أرجاء العالم على مشاركتنا تجاربهم المهنية والحياتية. وأنهى أكثر من 10 آلاف شخص الاختبار. كان سؤالنا لهؤلاء الناس كالتالي: في هذه المرحلة من حياتهم، أكانوا بصدد بناء أم صيانة أم استنفاد أصولهم الملموسة وغير الملموسة؟ وتتضمن الأصول الملموسة المدخرات المالية بينما تشمل الأصول غير الملموسة ثلاثة جوانب مهمة: الإنتاجية (المهارات القيمة والأنداد الداعمون والسمعة الطيبة)، والحيوية (الصحة السليمة وإدارة الضغوط الناجمة عن العمل والحياة والعلاقات المجددة لطاقة الحياة) والقدرة التحويلية (معرفة الذات والاستثمار في العديد من شبكات الأصدقاء والزملاء الممتدة). إن بناء الأصول الملموسة وغير الملموسة على نحو فعال ضروري جداً لخلق حياة عملية مديدة ومثمرة.

ورغم أننا اكتشفنا أن الناس على اختلاف أعمارهم متشابهون على نحو مدهش، فقد وجدنا عدداً من الجوانب المذهلة التي توجد فيها فروق مهمة. وأوجه الاختلاف والشبه على حد سواء تحسن من احتمالية التوجيه والتدريب ثنائي الاتجاه بين الأجيال.

التعلم من الموظفين الأكبر سناً

1. كيفية التحكم في العمل

عموماً، اكتشفنا أن الذين تجاوزوا الأربعين عاماً يعتقدون أن لديهم سيطرة أكثر على عملهم ممن هم دون الأربعين. مما لا شك فيه، أنه بالنسبة للكثيرين في العقد الرابع من عمرهم، يمكن أن تكون ضغوط العمل مضنية؛ فمنهم من لديه أطفال صغار يرعاهم، وأرباب عمل عليه أن يبهرهم، وعملاء عليه أن يخدمهم. وفي مواجهة كل هذه المتطلبات، يقول هؤلاء إن سيطرتهم على الطريقة التي يعملون بها محدودة، وكذا على الساعات التي يعملون خلالها وقدرتهم على ابتكار طرق جديدة للعمل. ويضع هذا الموقف ضغوطاً على أسرهم وحيويتهم. وليس من عجب أنهم يصرحون بأنهم أكثر إرهاقاً واستنزافاً من الموظفين الأكبر سناً.

يمكنك التعلم من الموظفين الأكبر سناً كيفية ممارسة شيء من السيطرة على عملهم. فقد أدركوا ما يتعين عليهم إحالته للآخرين من عمل لتنفيذه ومتى يتعين عليهم ذلك، ومتى يتحتم عليهم مقاومة المتطلبات المرهقة للآخرين، ومتى يمكنهم قبولها. لقد تعلموا أن بعض القيود التي ظنوا أنها ثابتة يمكن إعادة صياغتها بالتفكير على نحو أكثر ابتكاراً وإبداعاً بشأن كيفية أدائهم لمهام عملهم والحدود التي يعتبرونها مُحددة لإطار تلك المهام.

إن هذه الأفكار المتعمقة المُصقلة على مر السنين يمكن أن تكون عظيمة النفع للموظفين الأصغر سناً الذين يجاهدون من أجل فهم كيفية إحكام السيطرة على حياتهم المهنية. والعمل عن كثب أكثر في سياق علاقة تدريب وتوجيه سيعرف الموظفين الأكبر سناً بالمتطلبات التي يواجهها زملاؤهم الأصغر سناً.

2. كيف تكون حاذقاً مالياً

إن تعلم كيفية بناء أصول ملموسة والحفاظ عليها ضروري لعيش حياة مديدة ومثمرة. وتوضح تقديراتنا لمعدل المدخرات ووضع خطط المعاش التقاعدي ذلك. على سبيل المثال، إذا طال عمرك حتى أتممت 85 عاماً (وهو تقدير متحفظ في رأينا) وتود أن تتقاعد اعتماداً على 50% من دخلك، ففي ظل معدل مدخرات سنوي يبلغ 18% يمكنك التخطيط للتقاعد عند سن 65؛ وفي ظل معدل مدخرات سنوي مقداره 8%، سيصل سن تقاعدك إلى 75 سنة. من الضروري أن تكون لديك دراية كافية لفهم تلك الخيارات والتبعات. ومع ذلك، فقد اكتشفنا عموماً أن الأصغر سناً أقل ارتياحاً لمستوى إلمامهم بالشؤون المالية. فالمعرفة المالية بمرور الوقت تزداد. في العينة التي أجريناها، كانت درجة الإلمام بالشؤون المالية أعلى لدى الذين بلغوا من العمر ستين عاماً فأكثر. وعليه فمن المنطق أن يشارك الكبار الصغار أفكارهم المتعمقة عن الشؤون المالية.

كيف يمكن أن يبدو ذلك؟ للكفاءة المالية عنصران أساسيان: المعرفة المالية وفهم الشؤون المالية الشخصية والوكالة والسيطرة الماليتان في سياق السلوك اليومي، ولا سيما فيما يتعلق بضبط النفس وتقدير الذات مستقبلاً. وكلاهما مهم. لننظر إلى معدلات المدخرات على سبيل المثال. تثبت الدراسات أن أغلب المتقاعدين تمنوا لو أنهم ادخروا أموالاً أكثر غير أنهم لم يتحلوا خلال حياتهم العملية بضبط النفس الكافي للادخار بدلاً من الإنفاق. ويستطيع الموظفون الأكبر سناً مساعدة الأصغر سناً على تقدير أنفسهم مستقبلاً - ونعني بذلك مساعدتهم على استيعاب أن القرارات التي يتخذونها في الوقت الحاضر سيكون لها تداعيات على مستقبلهم. وبينما تطول الحياة والمشوار المهني، ستزداد القدرة على فهم المرء لمستقبله ودعمه له باستمرار.

ما يمكن أن يتعلمه الكبار من الصغار

1. كيفية بناء شبكات علاقات متنوعة

عندما ننظر إلى الحياوات المثمرة المديدة، يتضح لنا أنه عندما يتعلق الأمر بالأصول غير الملموسة، فإن بناء العلاقات وشبكات المعارف ضروري في أي مرحلة. يعزز رأس المال الاجتماعي الكامن في شبكات العلاقات هذه اكتساب مهارات جديدة عبر التوجيه والإرشاد، ويمكن أن يخلق تنوعاً للعلاقات يُعد ضرورياً جداً للتغير والتحول الشخصيين.

لقد اكتشفنا أن الذين تجاوزا الخمسين من عمرهم عموماً يحافظون على شبكة علاقاتهم ويفشلون في بناء شبكات علاقات جديدة. ونتيجة لذلك، ستصبح شبكات علاقاتهم متجانسة وثابتة على نحو متزايد — فتبدو ناضجة ومتراخية أكثر من اللازم. وهذا التجانس لن يفيدهم إن أرادوا أو كانوا بحاجة إلى التغير والتحول.

ومن الطبيعي عندما يبدأ الناس مشوارهم المهني أن يتواصلوا مع الآخرين بغية لقاء أناس جدد، وبناء شبكات علاقات متنوعة، والبحث بهمة ونشاط عن مدربين وراعين لهم. لماذا إذاً لا نشجع الشباب على تدريب كبار السن على كيفية بناء شبكات علاقات متنوعة وصيانتها؟

بينما تتوسع الحياة الشخصية والحياة العملية، سيخضع الجميع إلى تغيرات وتحولات عِدة. والتحلي بالمهارات والأصول التحويلية التي تدعم هذا التغير يبدو أنها عنصر أقوى لدى الشباب. ولكن، بينما يطول العمر بالناس أكثر، فإنهم بحاجة إلى استعراض هذه المهارة طوال حياتهم. تجدد الشباب –ونعني فن الكِبَر مع الحفاظ على الشباب والحيوية– مهم جداً ويفتح ذلك بطبيعة الحال الباب على طريق للتوجيه العكسي للشباب على يد الكبار.

2. كيفية بناء سمعة طيبة

من اللافت أننا وجدنا أن الذين طُلب إليهم إسداء النصح أكثر من غيرهم هم الذين بلغوا العقد الخامس من أعمارهم. وصرح الذين تجاوزا الخمسين من العمر أن عدداً أقل من الناس لجؤوا إليهم التماساً للنصح والإرشاد. ما السر وراء ذلك؟ يرجع ذلك نوعاً ما إلى أنهم لا يخطرون الآخرين بما يمكنهم إفادتهم به، أو لعلهم ليسوا أنفسهم على دراية بالمهارات والمعرفة والحكمة التي تراكمت لديهم على مر السنين. وهم لا يبنون سمعتهم عن عمد وقصد نوعاً ما. فلماذا إذاً لا نحث العاملين الأصغر سناً على تدريب العاملين الأكبر سناً على ما يتطلبه الأمر لبناء سمعة طيبة واستقطاب الآخرين إليهم لتدريبهم وتوجيههم؟

ويبدو كل ذلك منطقياً في عالم لا تتحقق فيه السمعة الطيبة عبر السيرة الذاتية أو الكيانات المهنية التقليدية وحسب، بل من خلال نَظْم محتوى وسائل الإعلام الاجتماعي. يستطيع الموظفون الأصغر سناً، في هذا المجال وفي كيفية التواصل مع شبكات أكثر تنوعاً، تقديم النصح والإرشاد وطرح الأفكار المتعمقة.

وبينما تتمدد الحياوات العملية، ستعمل فئات عمرية مختلفة بشكل لصيق أكثر من ذي قبل. وخلق فرص للتدريب ما بين الأجيال المختلفة يمكن أن يكون وسيلة رائعة لحث الناس على فهم بعضهم بعضاً بعمق أكبر وربما أيضاً بتعاطف أكبر.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي