ملخص: أجبرت الجائحة قادة المستشفيات حول العالم على اعتماد ممارسات جديدة في أثناء كفاحهم لمواجهة الأزمة. في هذه المقالة، يُقدم اثنان من كبار قادة المستشفيات الميدانية للطوارئ في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وهما مستشفى "إن آتش إس نايتنغيل" ومستشفى "بوسطن هوب" (Boston Hope)، مجموعة دروس قيادية لمواجهة جائحة كورونا تعلموها خلال قيادة طواقمهم الطبية في أثناء الأزمة. وهذه الدروس ستساعد المستشفيات على تقديم رعاية أفضل في أثناء جائحة كورونا التي ما زالت مستمرة وبعد زوالها أيضاً.
في عام 2020 كشفت جائحة "كوفيد-19" بوضوح شديد عن أوجه القصور الأساسية في تقديم الرعاية الصحية حول العالم، بما في ذلك الفوارق العِرقية المتأصلة وهشاشة سلاسل التوريد وتعرُّض الطواقم للخطر ومدى عمق حالة القلق وعدم اليقين بشأن كل ما يتعلق بالمرض الجديد ونُظمنا. كما أنها أطلقت أيضاً ابتكارات تتعلق بتقديم الرعاية الصحية وأحدثت تغييرات مؤقتة في الطريقة التي ندير بها مؤسساتنا. وقد عزا الكثيرون استجابتهم الناجحة لجائحة "كوفيد-19" إلى التسلسلات الهرمية المستقرة وسهولة الوصول إلى كبار القادة والتركيز الشديد على الأمور المهمة حقاً وسرعة صناعة القرارات وإجراء التجارب على وجه السرعة وتحمُّل الفشل في المراحل الأولية ومبادرة الموظفين الأقل خبرة لتولي زمام القيادة من تلقاء أنفسهم. وكما لاحظ أحد الأكاديميين، "في الأزمات الصغيرة تنتقل السلطة إلى المركز" ولكن في الأزمات الكبيرة "تنتقل إلى الأطراف".
وبمجرد انحسار الموجة الأولى من الأزمة، عاد الموظفون إلى روتينهم المعتاد وأُعيد اعتماد نماذج الإدارة والحوكمة التقليدية. وحلت الأهداف المتعلقة بالإنتاجية مكان الأهداف الملزمة الواضحة ذات الصلة بإنقاذ الأرواح وحماية الموظفين. والوضع الذي كان قائماً من قبل أعاد فرض نفسه. ومجدداً أصبحت الخطط الجديدة تشق طريقها عبر البيروقراطية التي تتصف بها عمليات الموافقة متعددة الطبقات. وعلى الرغم من تطور الجائحة ووصولها إلى مرحلة صعبة، لا تزال هناك حالة من القلق وعدم اليقين وأيضاً حاجة إلى الابتكار. وفي الوقت نفسه، نواجه حالياً مشكلات جديدة كرعاية المرضى الذين ما زالوا يعانون من بعض الأعراض بعد إصابتهم بمرض "كوفيد-19" (ما يُعرف بـ "كوفيد طويل الأمد") ومواجهة تراكم المرضى الذين لم تتم معالجتهم والحفاظ على بيئة خالية من مرض "كوفيد-19".
بدلاً من العودة إلى أسلوب القيادة والإدارة القديم، ينبغي لنا الاستمرار في تشجيع نوع القيادة الابتكارية الذي تميز بالاستجابة السريعة. ولكن كيف يمكننا الحفاظ على الطاقة والحماس لحل المشكلات بشكل منتظم وسريع من خلال التعاون بين أعضاء الفريق عندما كان العديد من الموظفين يشعرون أنهم يقدمون أفضل ما لديهم، مع تسخيرهم للعمل على حل المشكلات الجديدة التي تواجهها النُظم الصحية في الوقت الحالي؟ والأهم من ذلك، كيف يمكن لكبار القادة إطلاق العنان للقدرات الإبداعية للموظفين ودعم التعلم السريع، وفي الوقت نفسه ضمان الجودة والسلامة التي نتوقعها؟
السلوكيات العشرة للقيادة في مواجهة جائحة كورونا
لقد كنا من كبار القادة في مستشفيين ميدانيين للطوارئ تم تأسيسهما في مراكز مؤتمرات في بداية الذروة الأولى للجائحة، وهما: مستشفى "إن آتش إس نايتنغيل" في لندن الذي عالج المرضى باستخدام أجهزة التنفس الصناعي، ومستشفى "بوسطن هوب" الذي عالج مرضى تعرضوا لإصابة حادة وغير جاهزين بعد لمغادرة المستشفى ولكنهم لم يعودوا بحاجة إلى الخدمات التي تقدمها المستشفيات الكبرى. وخلال هذه الفترة لاحظنا السلوكيات العشرة التالية التي انتهجها كبار القادة وساعدت على تمكين القادة في مختلف المهن وتشجيعهم ودعمهم لمواجهة حالات عدم اليقين. ونعتقد أنها قابلة للتطبيق بشكل مستمر في أوساط الرعاية، وأنه لا ينبغي نبذها وإهمالها للعودة إلى النُهج القديمة التقليدية.
1- اعترف بحالة عدم اليقين علناً
في كلا المستشفيين، اعترف كبار القادة علناً بحالة عدم اليقين العامة وأنها تنتابهم هم شخصياً. في أثناء تأسيس مستشفى "بوسطن هوب"، عندما طرح الممرضون على المديرة الطبية المشاركة للمستشفى أسئلة أساسية تتعلق بالموارد التي ينبغي تخزينها أو تتعلق بكيفية ضم أفراد جدد للطاقم، اعترفت ببساطة أنها لا تعرف الإجابة لأنها لم تفعل ذلك من قبل.
عندما يطلب القائد المساعدة فهذا لا يقلل من مكانته، بل سيزداد احترام مرؤوسيه له. وهذه الشفافية تزيل الضغط عن الموظفين الذين قد يعتقدون أنهم يجب أن يكونوا على عِلم بما يلزم فعله، وتبرر استثمار الوقت والموارد الثمينة خلال رحلة البحث عن إجابات، فغالباً ما يكون هناك نقص في الموارد في أوقات الأزمات، وتتيح للآخرين التصريح بعدم معرفتهم بكل شيء بثقة.
2- ركّز جهود البحث
بالطبع الاعتراف بعدم اليقين ببساطة دون الالتزام بالمعرفة والتعلم ليس له جدوى. فعندما تكون الموارد محدودة، ينبغي أن يكون حل المشكلات فعالاً وسيحتاج كبار القادة إلى تركيز جهود البحث على أوجه عدم اليقين الأكثر إلحاحاً. ولكن بتوضيح الأولويات، سيتمكن كبار القادة من تحديد ما هو مهم وما يمكن جدولته على قائمة الانتظار، وعدم التركيز على المشتتات البسيطة، وتخصيص الطاقة والموارد لحل المشكلات الملحة.
في مستشفى "إن آتش إس نايتنغيل"، كان الاجتماع الإداري الكبير الذي يضم تخصصات متعددة ويُعقد في وقت متأخر يومياً يبدأ بمناقشة هذين السؤالين "ما الذي تعلمناه اليوم؟" و"ما الذي ما زلنا لا نعرفه؟" ثم يتم الانتقال إلى وضع أهداف التعلم لليوم التالي. وعلى النقيض من ذلك، أدت المشكلات الصغيرة في العديد من المستشفيات في الماضي إلى صرف الانتباه والموارد عن القليل من المشكلات الكبيرة لأن التنافس للتفوق على الغير كان من الأمور الضرورية لدى الأطباء والمعلمين والباحثين والمدراء والجهات التنظيمية لدرجة أن الهدف النهائي المتمثل في تقديم رعاية أفضل للمرضى يصبح غير واضح أحياناً.
3- فوِّض الصلاحيات
كشفت الأزمة في كلا المستشفيين عن قدرات العاملين المبتدئين الذين انتهزوا الفرصة والرخصة الممنوحة لهم لمعالجة المشكلات الصعبة التي خلقتها الحاجة الملحة. فقد كان كبار القادة يهتمون بالخبرة وليس الأقدمية، وتم تفويض الصلاحيات ذات الصلة بحل بعض جوانب المشكلات لمَن لديه أفضل خبرة فيها بغض النظر عن مركزه في المؤسسة. وكان العاملون في الخطوط الأمامية مسؤولين عن وضع روتين رعاية جديد للمرضى.
هناك قدرات في المؤسسات أكبر مما يعرفه كبار القادة أو يعترفون به في الغالب. ومع ذلك عند تفويض الصلاحيات من المهم في الوقت ذاته غرس شعور قوي بالمسؤولية من خلال توضيح التوقعات، وذلك بتحديد الأهداف وتعريف العمليات المقبولة. على سبيل المثال، لم يتم منح العاملين المبتدئين الذين كُلفوا بمهام حديثاً في المستشفيات الميدانية سلطات تامة. فقد كانت هناك حدود واضحة تقيد سلطاتهم التقديرية وجدول زمني للإبلاغ عن التقدم المحرز، عملاً بمبدأ "ثق ولكن دقق وتحقق أيضاً".
4- لا تؤخر اتخاذ القرارات الصعبة (وغير المحببة)
تُعد الفِرق المستقلة التي تتمتع بسلطات واسعة والتي تتعامل مع المشكلات المهمة بكل طاقة وحماس بمثابة تعبير مجازي شائع في مجال الإدارة. ولكن الواقع هو أن الأوتوقراطية ضرورية أحياناً. لذلك يتعين على القادة بالتأكيد خلق بيئة عمل شاملة، حيث تتمتع الفِرق بصلاحيات واسعة ويتم تشجيع الاختلاف في الرأي والتحدي والأفكار الجنونية والمناقشات المفعمة بالحيوية. ولكن يجب عليهم أيضاً إغلاق مسارات البحث والتحقيق غير المثمرة بسرعة لتوفير الموارد للمسارات الواعدة بشكل أكبر.
5- قلل مراحل تقديم التقييمات والتعليقات
تُعد عمليات صناعة القرار متعددة الطبقات والغموض حول مَن يمتلك السلطة النهائية في اتخاذ القرار من الأمور الشائعة في العديد من المستشفيات. حتى عندما تكون الإجابة "لا"، قد يستغرق إصدارها وقتاً طويلاً بشكل لا يُحتمل. وغالباً ما تكون نتيجة اجتماع ما هي عقد اجتماع آخر، وغالباً ما تسفر عملية المراجعة والتدقيق عن إجراء جولة أخرى من العد والإحصاء.
على النقيض من ذلك، ركز كلا المستشفيين الميدانيين على إجراء تقييم للتقدم المحرز بشكل متكرر من خلال مراجعة البيانات وعقد اجتماعات للفِرق متعددة التخصصات. وقد ساعدت لقاءات الفريق المنتظمة وتقارير رؤساء الخدمة واجتماعات صناعة القرار على فحص العوائق التي تعترض سبيل الحلول المقترحة ومدى فاعلية تلك الحلول. وتم استكمال هذه الأشياء بجولة في الأخبار اليومية ركزت على البيانات الأساسية والمواضيع الهادفة، وساعدت على أن يظل الجميع منتبهين للأولويات. وأيضاً شدد كلا المستشفيين الميدانيين على الاقتصاد في البيانات (أي قياس ما يهم فقط) وعمليات صناعة القرار الواضحة، وتحديد الصلاحيات اللازمة للتصديق على القرارات بوضوح.
6- اجعل الرجوع عن القرارات أمراً مشروعاً
هناك عنصر مكمل ضروري لعملية صناعة القرار بشكل سريع يتمثل في تسهيل تغيير القرارات. غالباً ما كان الموظفون يعربون خلال الأزمة عن قلق مشروع إزاء اتخاذ القرارات المهمة بسرعة كبيرة. (يتوخى الأطباء الحذر الطبيعي عند دراسة العلاجات الجديدة، ونتيجة لذلك يفضلون الحصول على مزيد من البيانات والقيام بمزيد من النقاشات وإجراء مزيد من الدراسة. وعادة ما يكون ذلك منطبقاً أيضاً على الترتيبات التنظيمية الجديدة لتوفير هذه العلاجات). للتعامل مع هذا الحذر، أكد القادة في كل من مستشفى "بوسطن هوب" ومستشفى "إن آتش إس نايتنغيل" على أن القرارات المتخذة مبدئية؛ ما يعني أنها ستُراجع غداً، بل وربما في وقت لاحق من اليوم. وفي مستشفى "إن آتش إس نايتنغيل"، ساعدت هذه المراجعة اليومية للقرارات التي نجحت وسارت بشكل جيد وتلك التي لم تكن كذلك، إلى جانب الرجوع عن بعض القرارات أحياناً، على تعزيز فكرة أن التجارب المصممة جيداً التي تفشل هي مصدر رئيسي للتعلم.
7- ضع توقعات
الحرية في حل المشكلات من خلال "التجربة ثم رؤية ما سيحدث" لها ثمن. إذ إن حرية التجربة مقيدة بإطار تم وضعه على أساس وضوح الأهداف والعملية العلمية وتوقعات الأداء الفردي. وكما أشار غاري بيسانو في هذه المقالة المنشورة في هارفارد بزنس ريفيو، التسامح إزاء الفشل ليس مماثلاً للتسامح إزاء انعدام الكفاءة أو العلم الزائف. في الواقع، التسامح إزاء الفشل يفترض الكفاءة الفردية والمنهجية الصارمة. لذلك يتعين على كبار القادة وضع التوقعات من خلال التمييز بين الفشل المثمر الذي يؤدي إلى التعلم والفشل غير المثمر الذي لا يتيح استخلاص أي دروس نظراً إلى سوء الممارسات العلمية. وهؤلاء الذين ليسوا على مستوى المسؤولية يجب إما تدريبهم في وقت مبكر وبشكل متكرر وإما استبعادهم من تحمُّل هذه المسؤولية (ولكن ليس من المؤسسة).
8- أشرِك المرضى وعائلاتهم
في أوج الاستجابة للأزمة، من السهل التركيز بشكل كبير على حل العديد من المشكلات الفنية. ولكن في مجال الرعاية الصحية، فإن مبرر وجودنا هو حل المشكلات مع المرضى ولأجلهم، ولذلك في معظم نُظم تقديم الرعاية الصحية يساهم المرضى وعائلاتهم بشكل أساسي ومهم في تقليل حالة عدم اليقين وحل المشكلات. إذ إن وجهات نظرهم ورؤاهم تؤدي إلى إيجاد حلول كان سيتعذر التوصل إليها لولا تلك الرؤى ووجهات النظر.
في أفضل المستشفيات يكون التواصل مع المرضى وعائلاتهم أكثر من مجرد روتين اعتيادي أو من باب فعل الصواب؛ إذ يتم التعامل معهم على أنهم أعضاء في الفريق. حتى في مستشفى "إن آتش إس نايتنغيل" حيثما يصل المرضى فاقدين للوعي ويظلون كذلك لفترة طويلة من إقامتهم (على عكس ما يحدث في مستشفى "بوسطن هوب") تعاون فريق الرعاية الرحيمة مع الأقارب لتغيير أنماط الرعاية بصورة ملموسة. وقد تم تكليف هذا الفريق، المكون من أطباء ورجال دين، بضمان حصول المرضى الموضوعين على جهاز التنفس الصناعي على معاملة كريمة في جميع الأوقات وأن تلبي هذه الرعاية احتياجات عائلات المرضى وتفضيلاتهم. كما وجد الفريق طرقاً لإحضار الأقارب إلى غرفة المريض قرب وفاته مع ارتدائهم معدات الحماية الشخصية الكاملة، وإن لم يكن ذلك ممكناً يتم إجراء مكالمة فيديو عبر جهاز لوحي مع أقارب المريض وأحبائه.
9- اعتنِ بموظفيك
يتحمل العاملون في الخطوط الأمامية العبء الأكبر للوباء؛ فهم يخاطرون بحياتهم لرعاية المرضى بشكل أكبر مما يحدث في الأوقات العادية ويعانون من عواقب ذلك. كنا نعتبر لفترة طويلة للغاية أن الكفاءة المهنية للموظفين والتزامهم في العمل من المسلمات، وحتى قبل هذه الأزمة الشديدة أشارت الأدلة إلى زيادة معدل الاحتراق الوظيفي. ولذلك أصبح تقليل عبء معالجة المرضى والبقاء على مقربة من أسرّتهم وضمان السلامة البدنية والعقلية والروحية للعاملين من الأولويات الملحة لدى كبار القادة. في مستشفى "إن آتش إس نايتنغيل" تُجرى مقابلات مع جميع أفراد الطاقم بعد خروجهم من المنطقة الخطرة بعد انتهاء دوامهم ويتم تقديم إرشاد نفسي فوري لهم مع إمكانية حصولهم على دعم نفسي في وقت لاحق. ويقدم فريق الرعاية الرحيمة، المكون من أعضاء من ديانات متعددة، دعماً معنوياً لأفراد الطاقم أيضاً.
10- كن حاضراً على الدوام
وأخيراً، تتوقف جميع سلوكيات القادة التي لاحظناها ووجدنا أنها مرتبطة بإدارة استجابة متسقة لحالة عدم اليقين الناجمة عن الجائحة على سلوك رئيسي واحد يجب أن ينتهجه القائد: وهو أن يكون حاضراً على الدوام. إذ إن رؤية كبار القادة ووجودهم في الجوار على الدوام أمر أساسي ويسبق كل ما سبق ذكره.
تصميم كلا المستشفيين في مساحات محددة نسبياً في مراكز المؤتمرات جعل من السهل على القادة أن يكونوا حاضرين وظاهرين على الدوام. ولكن في بيئات أخرى يتطلب ذلك جهداً مدروساً ومتعمداً؛ فلا يكفي أن يقول القائد: "بابي مفتوح دائماً". ولذلك يجب أن يعمل كبار القادة على زيادة ظهورهم وحضورهم وتسهيل الوصول إليهم في مناطق العمل، كما يجب أن يكونوا متاحين لتدريب الموظفين الذين فوضوا لهم الصلاحيات. فقد ترك كبار القادة في مستشفى "إن آتش إس نايتنغيل" مكاتبهم وعملوا في الغرفة الرئيسية للفريق حيثما يمكن مقاطعتهم بسهولة، ما يعني عدم وجود مساعد شخصي ولا مسافة مادية يمكن أن تحد من فرص الوصول إليهم.
لم تنتهِ جائحة "كوفيد-19" بعد، ونقاط الضعف التي طال أمدها في النُظم الصحية والتي كشفت عنها الجائحة لا تزال موجودة. وقد بات واضحاً أننا لن نعود إلى أساليب العمل المعتادة. فقد مضى العالم قدماً ومن غير المرجح الإطاحة بالهياكل والنُهج الجديدة، حتى في مستقبل تمت فيه السيطرة على هذه الجائحة. والأهم من ذلك أن حالة القلق وعدم اليقين وعدم الاستقرار وأوجه الضعف في النُظم لا تزال قائمة، وستستمر مشكلات جديدة وغير متوقعة في الظهور. ولكن نهج القيادة الذي أوضحناه أعلاه، والذي تم صقله في خضم أكثر الأيام صعوبة في مستشفيين ميدانيين، سيظل قابلاً للتطبيق.
على الرغم من أن القادة يتعرضون لضغط مستمر لإدارة الرعاية الصحية بوصفها عملية إنتاج روتينية في بيئة مستقرة، فإن حالة القلق وعدم اليقين والحاجة إلى المعرفة والتعلم ستكون موجودة على الدوام. ويمكن القول إن نُهج القيادة والإدارة التقليدية التي استعاض عنها قادة المستشفيات الميدانية لم تكن أبداً مناسبة لاعتماد أفضل الممارسات في الابتكار والتعلم بصورة يعوّل عليها وللتكيف من الظروف بطريقة دينامية.
كما حدث في كلا المستشفيين، لم تكن القيادة في ظل حالة من القلق وعدم اليقين بسبب جائحة كورونا تعتمد على وضع الخطط وإعطاء الأوامر بقدر ما كانت تركز على الأهداف وإفساح الطريق أمام الآخرين من خلال تهيئة الظروف التي تمكّنهم من التحرر من قيود عدم المعرفة. ولذلك بدلاً من العودة إلى أساليب القيادة التقليدية، يجب أن تصبح هذه السلوكيات جزءاً ثابتاً من مجموعة أدوات كل قائد من كبار القادة في مختلف البيئات في الظروف العادية.