"لا تصدق كلّ ما تسمعه"، هذه نصيحة رائعة، خصوصاً في عصر يعجّ بالأخبار الزائفة والحقائق البديلة. وينطبق الأمر كذلك على المدراء الذين يعتمدون عادة على تحليلات المشاعر الاجتماعية لمعرفة ما يعتقده المستهلكون بشأن منتجاتهم.
تحليل المشاعر الاجتماعية هو عملية تحليل بواسطة الخوارزميات لما يوجد على مواقع التواصل الاجتماعي من منشورات وتعليقات وسلوكيات وتصنيفها إلى مشاعر إيجابية وسلبية ومحايدة. تستعين شركات كثيرة بهذا التحليل من أجل فهم كيف يشعر زبائنها تجاه منتجاتها.
مؤخراً، أجرينا تحليلاً مكثفاً للمشاعر الاجتماعية برفقة فريق باحثين من برنامج جامعة بوسطن للأبحاث الإعلامية الحديثة كجزء من البحث الذي أجريناه الربيع الماضي بشأن مؤشر تجربة العلامات التجارية. حيث سألنا 4,000 زبون في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن إجراءاتهم وتعاملاتهم مع مجموعة كبيرة من العلامات التجارية على مدى ستة أشهر. وتم تقييم هذه الخبرات والتجارب ضمن ما يزيد عن عشرة أبعاد، وجمعنا النتائج في مقياس من 1 إلى 100 نقطة لقياس تجربة التعامل مع العلامة التجارية.
قيّم المؤشر قرابة 100 علامة تجارية مختلفة بشأن مدى إيمان المستهلكين أنها تفي بما تعد به ومدى تميزها عن منافسيها ودرجة رغبة المستهلك بالتوصية بها لأصدقائه وبقائه وفياً لها. بصورة إجمالية، حازت أفضل 10 علامات تجارية على نسبة 200% من صافي نقاط الترويج مقارنة بالعلامات التجارية في أدنى مراتب التصنيف، وكان احتمال بقاء زبائنها أوفياء لها أكثر بنسبة 25%.
ولإتمام بحثنا، سجلنا مجموعة من الطلاب الخريجين في برنامج جامعة بوسطن للأبحاث الإعلامية الحديثة من أجل إجراء تحليل المشاعر الاجتماعية بشأن العلامات التجارية، وكنا واثقين أنّ العلامات التجارية ذات النتائج المرتفعة ستحققق مستويات مرتفعة من المشاعر الإيجابية بينما ستحقق العلامات التجارية ذات النتائج المتدنية مستويات مرتفعة من المشاعر السلبية.
ولكننا كنا على خطأ.
يبدو أن هناك رابط تنبؤ ضئيل جداً بين ظاهر شعور الناس بشأن علامة تجارية على الإنترنت والتقييم الحقيقي الذي يعطيه المستهلكون الذين يختبرون هذه العلامة التجارية.
نحن ننظر إلى تحليل المشاعر الاجتماعية كقيمة على اعتباره جزءاً من خطة جمع معلومات عن المستهلك لدى العلامة التجارية. ولكن لدينا بعض النصائح لمن يستخدمونه أو على وشك البدء بهذه الرحلة:
ليكن لديك رد فعل ولكن لا تبالغ فيه. ليس بالضرورة أن يكون الأشخاص الذين ينشرون منشورات على المواقع الاجتماعية عن العلامات التجارية (أو أي شيء آخر في الواقع) ممثلين عن قاعدة الزبائن بأكملها. إذ غالباً ما يكون مستخدمو المواقع الاجتماعية شباباً يافعين ونسبة الإناث فيهم أكبر من نسبتهن في مجمل مستخدمي الإنترنت عموماً. وتشير الدراسات الجديدة عن السلوك الاجتماعي أنّ الأشخاص الذين ينشرون منشورات على المواقع الاجتماعية يتخذون مواقع أكثر تطرفاً، إذ تكون المشاعر القوية هي أكبر دوافعهم، سواء كانت إيجابية أم سلبية.
أشارت دراسة جديدة أجرتها مخابر إنغيجمنت (Engagement Labs) في مجلة أبحاث الإعلانات إلى عدم ارتباط المحادثات على الإنترنت بشأن العلامات التجارية بصورة وثيقة بالمحادثات خارج الإنترنت (التي يتم قياسها عن طريق دراسة توك تراك TalkTrack التتبعية التي يجرونها).
أشار رئيس فريق البحث في مقابلة أجريت معه إلى أن قرار شركة ديكس سبورتنغ جودز (Dick’s Sporting Goods) بإيقاف بيع بنادق الهجوم والمطالبة ألا يقل عمر جميع مشتري الأسلحة عن 21 قابلته ردود أفعال ذات مشاعر سلبية أكثر على الإنترنت ومشاعر إيجابية خارجها.
ومؤخراً، أجرت مجلة فوربس تحليلاً في العمق بشأن ردود الأفعال الاجتماعية على قرار شركة نايكي بمشاركة اللاعب كولين كابرنيك في حملة إعلاناتها. ووجد التحليل ارتفاعاً ملحوظاً في المشاعر السلبية على الإنترنت في الساعات التي تلت إطلاق الإعلان الأول. ولكن بعد مرور يومين تحولت المشاعر إلى إيجابية.
لذلك، وفي حين أنه من الضروري لصالح علامتك التجارية أن تتخذ إجراءات فورية حيال منشورات سلبية محددة بشأن خدمة الزبائن ومعالجة مشاكل محددة يعاني منها الزبائن، إلا أننا لا ننصحك باتخاذ إجراءات فورية بشأن الارتفاع في المشاعر في يوم معين وبالأخص إن كانت رد فعل على شيء جديد، كحملة إعلانات مثلاً. لأنك إذا قمت بذلك ستجازف بإجراء تصحيحات أكبر أو أقل مما ينبغي لمشاكل غير موجودة أساساً.
تعمق في التفاصيل. ما الذي تقوله تحليلات المشاعر تحديداً وكيف يعرّف البرنامح الذي تستخدمه المشاعر؟ بحسب خبرتنا، ستعطيك البرامج على اختلافها، سواء كانت نت بيز (NetBase) أو براندمونيتور (Brandmonitor) أو هوتسويت (Hootsuite)، نتائج شديدة التباين لنفس العلامة التجارية على مدى الفترة الزمنية ذاتها. فكل منصة تعرّف المشاعر بطريقة مختلفة عن الأخرى وتسجل كلمات وجملاً بطرقها الخاصة. وعلى الرغم من التطور الكبير في الذكاء الاصطناعي وخوارزميات المشاعر، تواجه جميع المنصات باستمرار مشاكل في التعرف على السخرية والتهكم والمزاح والمبالغة وتصنيفها بصورة صحيحة.
مثلاً، يقول منشور تهكمي: "منتج رئع، أليس كذلك؟" وهو يضم صورة لهاتف خليوي معطوب. غالباً ما يتم تصنيفه على أنه إيجابي.
وبالنتيجة، من الضروري أن تستخدم برنامجك لمعرفة الأمور المناسبة. ومرة ثانية، مثال شركة نايكي تعليمي هنا. بدلاً من مجرد النظر إلى الشعور العام، راقبت الشركة التغريدات التي احتوت على أي جملة تعبر عن الرغبة بالشراء، سواء كانت إيجابية (سأشتري) أو سلبية (لن أشتري أبداً) ووجدت أن الإيجابية منها تفوقت بالعدد على السلبية بنسبة 5 إلى 1. وبدا أن أرقام المبيعات تدعم هذه النتيجة مع تصريح وكالة طمسون رويترز بارتفاع كمية البضائع المباعة بالكامل بنسبة 61% في متاجر نايكي بعد إطلاق حملة الإعلانات بعشرة أيام مقارنة بالأيام العشرة التي سبقت إطلاق الإعلانات.
إذن، التفاصيل مهمة. ابحث عن زيادة الحجم والمشاعر حول وسمات محددة (هاشتاغ) كي تتمكن من فهم ما يجري.
قارن بما (ومن) تعرفه. إن الهدف من تحليل المشاعر هو منحك نظرة توجيهية سريعة بشأن ما يقال على الإنترنت عن علامتك التجارية. ونحن نعتقد أنه من الضروري استخدام طرق أخرى لتتبع شعور المستهلكين تجاه علامتك التجارية، سواء كانت سجل متابعة أو استبيانات متابعة أو تحليلات لجداول خدمة الزبائن. ومن الأفضل دائماً أن تكون لديك مجموعة طرق توصلك إلى فهم شامل لصوت زبائنك.
كما أنه من الأفضل أيضاً امتلاك نوع من المحتوى الثقافي أثناء فترة قياس المشاعر. يمكن أن تكون المشاعر على الإنترنت مدفوعة بأفعال سلبية لعلامة تجارية محددة، كأن يقوم بنك تجزئة كبير بإنشاء ادخارات غير قانونية ومراقبة الحسابات دون رضا الزبائن مثلاً، أو يمكن أن تتأثر بمحادثات أوسع في الثقافة التي لا علاقة لها بعلامة تجارية معينة. مثلاً، في الوقت الذي أجرينا فيه استبياننا في الولايات المتحدة والممكلة المتحدة، كان قادة التقنيات الاستهلاكية يحققون الرضا بشأن ممارسات الخصوصية في البلدين، وأثر ذلك على المحادثات على الإنترنت بشأن فئة العلامات التجارية هذه بأكملها.
لذلك، وفي حين أن هناك كميات هائلة من النقاشات الدائرة بشأن الأخبار الزائفة ودور الروبوتات والحسابات المزيفة في الأخبار السياسية، وجدنا أن هناك مساراً حذراً بصورة متساوية فيما يخص العلامات التجارية.
أيها المستمع إلى الشعور الاجتماعي: عليك توخي الحذر.