لماذا أصبحنا نرى نساء أكثر في الإعلانات؟

2 دقائق

تطمح شركات الخدمات المالية في الوصول إلى أكبر عدد من النساء؛ هذا ما استنتجته شخصياً من البيانات التي قدمتها باميلا غروسمان (Pamela Grossman)، من "غيتي إميدجيز" (Getty Images) خلال مؤتمر الأفلام والموسيقى "ساوث باي ساوثويست" (SXSW) الذي أقيم هذا العام. ووفقاً للبيانات التي جمعتها "غيتي إميدجيز"، تشتري الشركات المالية اليوم صوراً للنساء، لاستخدامها في الإعلانات، أكثر بنسبة 20% من صور الرجال مقارنة بما كانت عليه قبل 5 سنوات. وفي الوقت نفسه، تراجعت النسبة المئوية للرجال الذين يظهرون في إعلاناتهم.

تحاول مؤسسات الخدمات المالية أن تُظهر النساء اليوم على أنهن يتمتعن بالكفاءة والثقة بالنفس، وهي غالباً ما تعرض مستشارات جذابات في أواسط عمرهن يتحدثن إلى رجل وزوجته، بحيث تظهر الزوجة أيضاً بشكل مشابه لهذه المستشارة فهي ترتدي ثياباً أنيقة وتبدي اهتماماً واضحاً بما يُقال. أما إيما فايرستون (Emma Firestone)، التي درست تصورات الجمهور واستجابته تجاه الصور والكلمات المستعملة في وسائل الإعلام والترفيه من منظور إدراكي فتقول في هذا الصدد: "من المنطقي بالنسبة للمعلنين عرض النساء على أنهن زبائن قويات ومتعلمات، فهذا الأمر يشكل عنصر جذب للنساء اللواتي يرين صورة جذابة لذاتهن معكوسة في هذه الإعلانات، وكذلك الأمر بالنسبة للرجال، الذين تعجبهم فكرة وجود نساء ذكيات، يتمتعن بالأمان المالي، كشريكات لهم في الحياة".

الرجال اليوم، أكثر ارتياحاً مما كانوا عليه قبل عقود إزاء فكرة مشاركة زوجاتهم لهم بالكامل في اتخاذ القرارات المالية، وفي الوقت ذاته، فإن صور مستشارات ماليات داعمات تغذي الصور النمطية المريحة للنساء كزوجات يقفن إلى جانب أزواجهن. كما أن ذلك يضفي مسحة إنسانية ربما على صناعة يعتبرها المستهلكون محيرة وحتى مخيفة إلى حد ما.

غير أن هناك ما يشبه عنكبوت الباب المسحور في هذه الصورة. فتنامي الصور الأنثوية القوية في إعلانات القطاع المالي يتزامن مع بعض التقديم السلبي جداً للرجال في هذا القطاع على أنهم المتداولين الماليين الذين تحركهم الهرمونات الذكرية ونفسية المقامر، والذين قاموا بإسقاطنا في الهاوية المالية عام 2008. وكما قالت كريستين لاغارد (Christine Laga)، رئيسة "صندوق النقد الدولي" (International Monetary Fund)، عبارتها الشهيرة يوماً، بين المزاح والجد: "لو أن البنك الذي أفلس في وقت الأزمة المالية كان يدعى ليمان سيسترز بدلاً من ليمان بروزرز (أي الأخوات ليمان عوضاً عن الإخوة ليمان)، فإن اقتصادات العالم لم تكن لتعاني من التبعات الكارثية ذاتها". وقد كان هناك تغطية واسعة للأبحاث التي أشارت إلى أنه لو كانت الشركات المالية تضم عدداً أقل من الرجال، فإنها كانت ستجازف مجازفة أقل.

لكن الأمر ليس كله عبارة عن صور تعرض، حيث إن أعداداً أكبر من النساء يتولين أدوارهن كربات للأسرة. وقد تطرقت غروسمان إلى عدد من العوامل الديموغرافية التي تدعم هذا التوجه: فثلث النساء العاملات يتقاضين أجوراً تفوق ما يتقاضاه أزواجهن، و40% من الأسر التي فيها أطفال تحت سن الثامنة عشر عاماً تترأسها نساء، بينما تشكل الطالبات ما نسبته 57% من طلاب المرحلة الجامعية الأولى في الولايات المتحدة الأميركية. كما أن عدداً أكبر من النساء يتولين مسؤولية إضافية عن تخطيط التقاعد، ومردّ ذلك جزئياً إلى الأحداث التي عصفت بالأسواق وبخطط التقاعد.

وبطبيعة الحال، لا يكفي لشركات الخدمات المالية أن تعرض النساء في إعلاناتها؛ إذ إن الخطوة التالية التي يجب على هذه الشركات اتخاذها هي جذب النساء بفعالية أكبر من خلال منتجات وخدمات مصممة وفقاً لاحتياجاتهن ورغباتهن، بما في ذلك تقديم شرح للمخاطر يخص النساء تحديداً، ويكون مختلفاً عن الشرح المقدم للمخاطر الخاصة بالرجال. وعلى الرغم من أن الرجال أكثر اهتماماً بتجميع الثروات، وفقاً لدراسة واسعة النطاق أجرتها "مؤسسة بي سي جي" (BCG)، فإن النساء يركزن على الأمان المالي طويل المدى لهن ولعائلاتهن.

من المؤكد أن النساء يثمّن عالياً فكرة إصغاء مستشاراتهن المالية إليهن، واحترامهن لهن، كما أنهن يعتبرن الثقة من الأولويات الأساسية. وصحيح أيضاً أن عرض المزيد من صور النساء في الإعلانات هو خطوة تسويقية ذكية لتحسين المبيعات، إلا أن تقديم الخدمات الجيدة لهذا النوع من الزبونات هو المفتاح الأساسي لبناء تلك الشركة على المدى البعيد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي