خمس طرق أساسية لتغيير دور المدير

4 دقائق
تغيير دور المدير

"لنبدأ بطرد جميع المدراء"، هذا ما قاله غاري هامل قبل حوالي سبع سنوات في هارفارد بزنس ريفيو أثناء حديثه عن تغيير دور المدير. "فكّر في الساعات التي لا تُحصى التي يكرسها قادة الفرق ورؤساء الأقسام ونواب الرؤساء للإشراف على عمل الآخرين".

واليوم، نعتقد أن المشكلة التي تعاني منها معظم الشركات ليست ببساطة أن الإدارة غير فعالة، بل إن دور "المدير" والمغزى منه لا يواكبان التطور المطلوب.

منذ ما يقرب من 100 عام، ارتبطت الإدارة بالوظائف الخمس الأساسية التي حددها خبير الإدارة هنري فايول وهي: التخطيط والتنظيم والتوظيف والتوجيه والتحكّم.

كيفية تغيير دور المدير

وأصبحت هذه هي الأبعاد المفترضة للمدير، ولكنها تتعلق بمتابعة هدف ثابت في مشهد مستقر. فإذا حذفنا استقرار المشهد من المعادلة، لاحتاج المرء إلى البدء في التفكير في مدى سلاسة الهدف. هذا ما يحدث اليوم، ويجب على المدراء الابتعاد عن الحدود الودّية لهذه المهام الخمس. لمساعدة المؤسسات على مواجهة تحديات عالم اليوم، يجب على المدراء الانتقال:

من التوجيه إلى الإرشاد:

عندما تقوم الروبوتات بفضل الذكاء الاصطناعي بمزيد من المهام مثل إتمام الإنشاءات أو مساعدة المحاسبين القانونيين بكفاءة أكبر في إعداد الفواتير، لن تعود هناك حاجة إلى مشرف يوجه مَن يتولون مثل هذه الأعمال. يحدث هذا اليوم بالفعل في العديد من القطاعات، حيث تحل الروبوتات محل العمال وخصوصاً في الأعمال اليدوية التي لا تتطلب تفكيراً، وفي الأعمال التي تعتمد على التكرار أكثر مما تتطلب إبداعاً.

ما سيكون مطلوباً من المدراء هو التفكير بالمستقبل بشكل مختلف من أجل تحديد شكل الأثر الذي سيحدثه الذكاء الاصطناعي في قطاعهم. وهذا يعني قضاء المزيد من الوقت في استكشاف الآثار المترتبة على الذكاء الاصطناعي ومساعدة الآخرين على توسيع حدودهم المعرفية والتعلم من خلال التجريب لتطوير ممارسات جديدة.

مؤخراً، قال جاك ما، المؤسس المشارك في مجموعة علي بابا (Alibaba Group) في الصين: "يجب أن يكون كل ما نعلّمه مختلفاً عن الآلات. إذا لم نغير الطريقة التي نعلّم بها، فسنواجه مشكلات بعد 30 عاماً". يتحدث "ما" عن التعليم بمعناه الأوسع، لكن ما يقصده هو أمر محدد. فالتعلّم وليس المعرفة هو ما سيعد الشركات للعمل في المستقبل؛ ويجب أن يكون المدير هو البطل المحوري في مسألة التعلّم.

من التقييد إلى التوسع:

يتبع عدد كبير جداً من المدراء نهج الإدارة التفصيلية، فلا يفوّضون الآخرين في مهامهم ولا يتركون لمرؤوسيهم فرصة اتخاذ القرار ويراقبون عمل الآخرين بلا داع. يحدّ هذا الاتجاه من قدرة الموظفين على تطوير تفكيرهم واتخاذ قراراتهم في حين أنّ هذا تحديداً ما يلزم لمساعدة الشركات في الحفاظ على قدرتها التنافسية.

يحتاج المدراء اليوم إلى تشجيع كل فرد على التفكير في أفضل الحلول. وهذا يعني تشجيع الناس على التعرف على كل المنافسين، القدامى منهم والجدد، والتفكير في الطرق التي تتطور بها السوق.

من الحصري إلى الشمولي:

يعتقد الكثير من المدراء أنهم أذكياء بما يكفي لاتخاذ جميع القرارات دون مساعدة من أحد. ويعتبرون أنّ حدود المسؤولية تنتهي عند باب مكاتبهم. ومع ذلك، بينت تجربتنا أنه في مواجهة المواقف الجديدة يشكل أفضل المدراء دوائر قيادية أو مجموعات تضم مدراء من مختلف أقسام الشركة لتكوين فهم أفضل للمشكلات وإيجاد الحلول لها.

يحتاج المدراء إلى الإحاطة بمجموعة متنوعة من أساليب التفكير تضاهي التحديات التي يواجهونها. والتفكير الإبداعي الحقيقي يستمد شرارته من التجريب في إطار من المرح، حيث يتبادل خلاله عدد كبير من الناس وجهات نظرهم وينقلون تجاربهم إلى الآخرين، ويتخيلون نماذج مستقبلية مختلفة للعمل.

من التكرار إلى الابتكار:

غالباً ما يشجّع المدراء على توقع ما ستؤول إليه الأمور، فهم يريدون أن تكون الأمور محددة والأنظمة مطبّقة وقياسات الأداء الحالية عالية. وبهذه الطريقة، يمكن أن تكون العملية مبررة بالكامل، أي تجري بالطريقة نفسها سنة بعد أخرى. تكمن المشكلة في هذا الأسلوب في أنه يؤدي بالمدراء إلى التركيز فقط على ما يعرفونه وعلى إدامة الوضع الراهن على حساب ما هو ممكن.

تحتاج المؤسسات إلى أن يفكر المدراء بشكل أكثر بكثير في مسألة الابتكار والبعد عن الوضع الراهن، وذلك ليس فقط من أجل مواجهة التحديات. لقد كان إدريس موتي المدير التنفيذي لشركة أيديا كوتشير (Idea Couture Inc) خير من عبّر عن الأمر بقوله: "عندما تكون الشركة آخذة في التوسع ويبدأ مدير بالقول: إنّ شركتنا في أحسن حال، أو عندما تصبح شركة ما موضوع غلاف إحدى المجلات الوطنية، فهذا هو الوقت المناسب للبدء بالتفكير. عندما تعاني الشركات من ضغوط مصيرية هائلة وترى الأمور تتداعى، ليس من الصعب إيجاد أسباب مقنعة للتغيير. يجب على الشركات أن تتعلم أنّ نجاحاتها لا ينبغي أن تصرفها عن الابتكار. وأفضل وقت للابتكار هو طوال الوقت".

من حل المشكلات إلى التحدي:

ليس حل المشكلات في أي وقت بديلاً عن تنمية الأعمال. لقد أخبرنا العديد من المدراء أنّ مهمتهم الأولى تقوم على "إخماد الحرائق"، أي حل المشكلات التي تنشأ بشكل طبيعي من تسيير عمل الشركة. لا نعتقد أنّ هذا الأمر يجب أن يكون المهمة الوحيدة للمدير اليوم. وبدلاً من ذلك، يتطلب الدور إيجاد طرق أفضل لتشغيل الشركة، مثلاً من خلال تحدي الناس لاكتشاف طرق جديدة وأفضل للنمو وإعادة تصور طرق أفضل لإنجاز ما تم من قبل. وهذا يتطلب ممارسة المزيد من التفكير لفهم التحديات التي يجب خوضها وكيف يميل المرء إلى التفكير في هذه التحديات والرد عليها.

من صاحب عمل إلى رائد أعمال:

يؤول عدد كبير من الوظائف في نهاية الأمر إلى محاولة إرضاء المدير. فالتركيز على العملاء والمنافسين والابتكارات واتجاهات السوق والأداء التنظيمي تتحول بسهولة إلى ما يريد المدير إنجازه اليوم، وكيف يريده أن يُنجز. لقد خبر كل من عمل لدى "مدير" هذا الشعور على الأرجح.

يجب إعادة صياغة وظيفة المدير بشكل مستمر بحيث يتحول من صاحب عمل إلى رائد أعمال. فالتفكير مثل رائد الأعمال هي طريقة يمكن أن تساعدنا في رؤية أشياء نتغاضى عنها وفعل أشياء نتجنبها عادة. كما أنّ التفكير مثل رائد الأعمال يعني ببساطة توسيع مجال إدراكك وزيادة نطاق تحركك، وكلاهما مهم لإيجاد منافذ جديدة للتطوير. وهذا من شأنه أن يجعل الشركات أكثر قدرة على مواجهة المستقبل، فتكون أكثر حيوية وانتباهاً ومراوغة، عدا عن انفتاحها على التجديد الدائم الذي يجلبه ذلك.

نريد أن يعود المدراء بشراً حقيقيين من جديد وأن يكونوا محبين للتعلم وتعليم الآخرين، وأن يبتكرون ويحرروا الآخرين ويشركونهم في عملية التفكير الخلاق ويتنافسون مع من حولهم من أجل بناء شركة أفضل وعالم أفضل. سيضمن ذلك قيام الشركات بأكثر من مجرد تحديث الطرق القديمة لعمل الأشياء باستخدام التكنولوجيا الحديثة، وإيجاد طرق للقيام بأشياء جديدة تماماً وهم ماضون نحو المستقبل من أجل تغيير دور المدير.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي