ما الدور الذي يؤديه المسؤول التنفيذي لبناء فريق عمل متماسك؟

4 دقيقة
الفريق الإداري القوي
pixabay.com/Regenwolke0
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يدرك القادة فوائد فريق العمل المتماسك، لكنهم يستخدمون أدوات مختلفة جداً لبنائه. هذه الاختلافات في الفكر والنهج هي التي تميز بين الذين يترقون إلى المستوى التنفيذي وينجحون فيه والذين يبقون في صفوف الإدارة الوسطى.

عندما تسأل القادة عن طريقة بناء فريق إداري قوي، تكشف لك إجاباتهم عن هذه الاختلافات، إذ يصف العديد من المدراء بفخر مبادرات بناء الفريق التي اتخذوها لبث روح التعاون بين الموظفين ورفع الروح المعنوية. ويتحدث آخرون عن عقد اجتماعات للفريق لتوضيح المهام والمسؤوليات داخل الفريق أو للموظفين الذين يرسلونهم إلى برامج التدريب. لا أريد أن يُساء فهم كلامي في هذه النقطة، فجميعها خطوات مفيدة ويتخذها المسؤولون التنفيذيون الناجحون على نحو دوري. ولكن الموهبة هي الأهم بالنسبة للمسؤولين التنفيذيين الرفيعي المستوى، لذلك يخصص كبار القادة الجزء الأكبر من وقتهم لتحديد الموظفين الأقوياء واستقطابهم ليشكلوا مجتمعين فريقاً إدارياً قوياً، كما يعملون وفقاً لخطة -حتى وإن لم يفصحوا عنها- لتعزيز الفريق عاماً بعد عام.

يعزز هؤلاء المسؤولون التنفيذيون قوة الفريق على غرار طريقة المدربين الرياضيين المحترفين، فهم يريدون أن يكسب فريقهم هذا العام؛ أي أن يحقق أهدافه وغاياته السنوية، لكنهم يريدون أيضاً تطوير مواهب الفريق لتكون أفضل في العام المقبل والعام الذي يليه للمنافسة والفوز على أعلى المستويات. يبني هؤلاء المسؤولون التنفيذيون جهودهم لتعزيز قوة الفريق استناداً إلى الإجابة عن سؤالين أساسيين:

  1. أين يجب أن أركز وقتي وجهدي؟ ما القضايا والأولويات التي يمكنني عبرها تحقيق أكبر قيمة مضافة للأعمال؟
  2. ما المهارات والخبرات التي أحتاج إليها في الفريق ليحقق أهدافه والتي تمكّنني من أداء الدور الذي أضيف عبره قيمة؟

ينظر هؤلاء المسؤولون التنفيذيون إلى فرقهم بنظرة عملية ويرونها امتداداً لهم، ويستخدمونها لتوسيع نطاق الأنشطة المهمة على المستوى التنفيذي، مثل وضع الاستراتيجية، وإدارة العلاقات مع العملاء وأصحاب المصلحة الخارجيين الآخرين، والتأثير على الأقران لتأييد المبادرات الجديدة، وتحديد الابتكار الرئيسي القادم وقيادته لتحسين الأداء بدرجة كبيرة.

بالإضافة إلى تبنّي هذه الطريقة في التفكير، يتخذ هؤلاء القادة عدة خطوات لبناء فريقهم وتطويره باستمرار، فهم لا ينتظرون تعيين موظفين جدد، بل يبحثون عن المواهب داخل المؤسسة وخارجها لإضافتها إلى الفريق عندما يحين الوقت المناسب. على سبيل المثال، يطمح الرئيس التنفيذي للشؤون المالية في قسم ضخم في شركة متعددة الجنسيات، تيم شيهان، إلى أن يصبح رئيساً تنفيذياً للشؤون المالية في إحدى الشركات الكبرى المدرجة في قائمة فورتشن 100 في المستقبل. (الأسماء الواردة في هذه المقالة وهمية، وذلك للحفاظ على الخصوصية).

اتخذ تيم خطوات لتنمية ما يطلق عليه “فريق شيهان” على مدار عدة سنوات. يحرص تيم في اجتماعات مدراء الشؤون المالية في الشركة على قضاء بعض الوقت مع الموظفين من المستوى الأدنى لتأسيس علاقات شخصية، وينشط في عدد من المجموعات المالية الخارجية ويخصص الوقت لحضور مؤتمراتها للبحث عن المواهب المالية والتعرف عليها خارج الشركة. وقد عمل على ترقية عدد من المدراء الماليين خارج مؤسسته وحقق نجاحاً كبيراً في تعيين موظفين موهوبين مكانهم من داخل الشركة وخارجها.

يتسم المسؤولون التنفيذيون من أمثال تيم بالحكمة عند تقديم الملاحظات وعند اختيار الموظفين الذين يدربونهم. على الرغم من أنهم يقدمون ملاحظات مباشرة وبنّاءة لأصحاب الأداء المتوسط ويتدخلون لمساعدة الموظفين على معالجة مشكلات الأداء، يخصصون تدريباً عالي المستوى لأصحاب الأداء المتفوق على عكس المدراء الآخرين الذين يخصصون وقتاً طويلاً لمساعدة أصحاب الأداء المتواضع على النجاح، وغالباً بحسن نية. لا يسمح المسؤولون التنفيذيون الناجحون بتفاقم مشكلة الأداء عند الموظف بل يساعدونه على التحسن أو الانتقال إلى منصب أكثر ملاءمة له داخل الشركة أو الانتقال إلى مؤسسة أخرى يكون العمل فيها أكثر ملاءمة له إذا لزم الأمر.

لنأخذ على سبيل المثال تجربة آن بيركلي عندما عُينت نائبة لرئيس التسويق في قسم رئيسي في شركة منتجات استهلاكية كبيرة. كانت آن خبيرة تسويق ذات خبرة عالية وسرعان ما قيّمت فريقها الجديد ووضعت مجموعة من الأولويات لتنمية أعمالها، وكان من بينها تعزيز ابتكار منتجات جديدة. كان مدير تطوير المنتجات في الفريق الذي أصبح تحت قيادتها يدعى توم شيلتون، وهو موظف قديم محبوب داخل الشركة. وعلى الرغم من أن توم لم يتدرب على التسويق بالطريقة التقليدية، كانت لديه خبرة في إدارة المبيعات وإدارة العلامات التجارية القائمة. وسرعان ما أدركت آن أن أداء توم وفريقه سيكون عاملاً رئيسياً في نجاح استراتيجيتها.

بعد فترة وجيزة من تولي آن منصب نائبة رئيس التسويق، طلبت من توم إجراء مراجعة رسمية لأداء فريق تطوير المنتجات الجديدة وطلبت منه تقديم أفكاره حول طرق تعزيز ابتكار المنتجات. وعندما اجتمع الاثنان لمراجعة خطته، شعر كلاهما بخيبة أمل في النتائج لأن الأفكار التي طرحها توم كانت قديمة ومن غير المرجح أن تؤدي إلى نمو منتج جديد. بدأت آن في تلك المرحلة اتخاذ خطوات للعثور على منصب جديد لتوم داخل الشركة يتماشى بدرجة أكبر مع خبرته السابقة. ومن المثير للدهشة أن زملاء آن لم يقبلوا بانضمام توم إلى فرقهم على الرغم من أنهم أعربوا عن احترامهم الكبير ومودتهم له. كانت الملاحظات العامة من الفرق الأخرى أن توم لم يعمل على تطوير مهاراته في ظل تزايد الضغوط التنافسية المحيطة بالشركة على الرغم من أنه أحد أعمدتها.

غادر توم الشركة بعد 6 أشهر من تولي آن منصب نائب رئيس قسم التسويق وحل محله موظف جديد قاد إطلاق العديد من المنتجات التي حققت نجاحات غير مسبوقة. كانت نهاية القصة سعيدة بالنسبة للجميع إذ أعاد توم تقييم حياته المهنية وانتقل إلى وظيفة جديدة في الإدارة المالية وحقق نجاحاً باهراً. لا يوجد مسؤول تنفيذي يحبذ التعامل مع موقف توم، لكن أمثال آن بيركلي يدركون أهمية كل منصب أو دور مهم في الفريق ويدركون التأثير الإيجابي الذي يمكن أن يحدثه الأعضاء الجدد في تحفيز الفريق ورفع مستوى أدائه.

يدعم هؤلاء القادة برامج التدريب التقليدية، لكنهم يعتمدون على تكليف نجومهم المستقبليين بمهام جديدة تحتاج إلى جهد أكبر لتطوير مهاراتهم، ويصممون مناقشاتهم المهنية مع أصحاب الأداء العالي لكي يفهموا أهدافهم المهنية والخبرات التي يتطلعون إلى الحصول عليها.

يتيح لهم ذلك إعداد مهام وظيفية جديدة من شأنها تحفيز الموظف وبناء مهارات ورؤى جديدة لهم في العمل. إنهم مستعدون للسماح لنجومهم الصاعدة بالانتقال إلى وظائف جديدة داخل المؤسسة، مدركين أن ذلك يخلق فرصاً لاستقطاب مواهب جديدة ويظهر قدراتهم على تطوير المواهب. وبمرور الوقت، يكتسب هؤلاء المسؤولون التنفيذيون سمعة طيبة باعتبارهم القادة الذين يرغب الشباب الصاعدون في أن يربطوا حياتهم المهنية بهم. وهو مكسب للشركة أيضاً، فإذا لم تعمل الشركات على تنمية قوتها الإدارية باستمرار، فستتخلف عن الركب في عالم تتنامى فيه المنافسة باستمرار.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .