5 خطوات لتصبح أفكارك الكبيرة واقعاً

4 دقيقة
shutterstock.com/Monster Ztudio

أسست إحدى الأمهات في كاليفورنيا وتدعى كانديس لايتنر في عام 1980 جمعية أمهات ضد القيادة تحت تأثير الكحول (MADD) وذلك بعد أن فقدت ابنتها ذات الـ 13 ربيعاً إثر حادث أليم بسبب سائق مخمور، وسعت لايتنر من تأسيس هذه الجمعية إلى محاربة ظاهرة القيادة تحت تأثير الكحول عبر تثقيف الناس والدعوة إلى إصدار قوانين جديدة ضد هذه الظاهرة. وفي غضون سنوات قليلة من تشكيل الجمعية، كان لكل من كانديس لايتنر وجمعية أمهات ضد القيادة تحت تأثير الكحول دور محوري في تمرير قانون فيدرالي يُلزم جميع الولايات برفع الحد الأدنى للسن المسموح له بتعاطي المشروبات الروحية إلى 21 عاماً.

بعد أن انضمت باربرا مينتو إلى شركة ماكنزي، حيث كانت أول مستشارة تتولى هذا المنصب في الشركة، اكتشفت أن العديد من المستشارين الإداريين يواجهون صعوبة في نقل المعلومات بفعالية. لذلك ابتكرت مينتو مبدأ هرم مينتو (Minto Pyramid Principle) لمساعدة زملائها في تنظيم كتاباتهم بفعالية أكبر، وبعد حصولها على الدعم داخل ماكنزي، قدمت هذه الطريقة لشركات استشارية أخرى. منذ ذلك الحين، أصبح مبدأ هرم مينتو مستخدماً على نطاق واسع في قطاع الاستشارات.

في البداية، كانت لايتنر ومينتو تحملان رؤى محددة، وتمكنتا بمرور الوقت من إحداث تأثير إيجابي كبير في مجالات شغفهما. في مقالنا المنشور في هارفارد بزنس ريفيو عام 2008 بعنوان “صياغة الاستراتيجية في عالم مضطرب دائماً”، ناقشنا تسخير بعض الشركات قوة منظومة الأعمال لتشكيل قطاعات أو أسواق بأكملها. كما اتضح، يمكن للأفراد تطبيق العديد من الدروس من صياغة الاستراتيجيات عند محاولة تحويل أفكارهم العظيمة (سواء كان ذلك من أجل الصالح الاجتماعي أو تحقيق مكاسب مهنية) إلى حقيقة واقعة.

1. إنشاء رؤية مقنعة وجذابة

لحشد المؤيدين، من المفيد تقديم رؤية مقنعة لما يمكن أن يبدو عليه المستقبل، ربما يأتي المثال الأشهر لوجهة النظر المؤثرة من خطاب مارتن لوثر كينغ عام 1963 “لدي حلم”. في 17 دقيقة فقط، رسم القس المعمداني الذي اكتسب سمعة بصفته قائداً للحقوق المدنية صورة مشرقة لعالم خالٍ من التمييز العنصري ألهمت مناصريه وحفزت الكثيرين على العمل (وحتى المخاطرة بحياتهم) من أجل المساعدة على جعل هذا العالم حقيقة واقعة.

حتى لو كانت طريقتك في تقديم فكرتك لا تجذب الانتباه، فالرؤية المقنعة في غاية الأهمية عند محاولة إطلاق مشروع تجاري جديد. عندما أطلق مارك بينيوف موقع سيلزفورس دوت كوم (Salesforce.com) عام 1999، لم يستخدم الخطابات لترويج شركته الجديدة، بل للتبشير برؤيته عن المستقبل وحشد المؤيدين، ومن خلال دفع الناس إلى الإيمان بقطاع مختلف جذرياً، تمكن من تحفيز جمهوره على الاستثمار في تحويل رؤيته إلى حقيقة.

2. احرص على المنفعة المتبادلة

عند تحديد رؤية مؤثرة، من المهم توضيح أن الظروف التي تحاول تحقيقها ستعود بالفائدة على الكثيرين وليس على نفسك فقط. كلما وضحت هذه الفوائد أكثر وحددت المستفيدين منها بدقة أكبر، زاد احتمال تحفيزهم على دعم جهودك ومساعدتك في جعل رؤيتك المؤثرة حقيقة واقعة. على سبيل المثال، إذا كنت تحاول إقناع الشركات بتبنّي تقنيات أو ممارسات جديدة، فمن المفيد وصف تأثيرها في مختلف الموظفين. تمكن أحد المسؤولين التنفيذيين من حشد دعم موظفي الصيانة القدامى الذين كانوا متشككين إلى حد كبير في البرمجيات الاجتماعية عندما أوضح لهم كيف يمكن لهذه التكنولوجيا الجديدة أن تقضي على مشكلة كبيرة في وظائفهم اليومية. وبدلاً من التحدث في العموميات، رسم المسؤول التنفيذي صورة محددة ومقنعة لمجموعة معينة من الموظفين موضحاً دور التكنولوجيا الجديدة في مساعدتهم على التعامل مع مشكلة معينة.

3. هل أنت جاد؟ أثبت ذلك

أولاً وقبل كل شيء، اتخذ بعض الإجراءات التي تظهر قناعتك التامة برؤيتك. كسب مارتن لوثر كينغ تأييد الكثير من الناس ليس بسبب تأثير خطاباته فقط، بل لأنه كان على استعداد لتقديم تضحيات شخصية كبيرة في سبيل تعزيز رؤيته أيضاً. لا تُبنى المصداقية على التضحية فقط، إذ يمكنك أيضاً تعزيزها من خلال إقناع بعض الشخصيات المؤثرة أو القوية بدعم رؤيتك،

ومن المفارقات أنه يمكنك أيضاً حشد الدعم من خلال إظهار الضعف. ناقشنا من قبل في كتاباتنا التأثير الإيجابي لإظهار الضعف، سواء في السياقات الشخصية أو المهنية. بصفتك قائداً، يمكن أن يكون إظهار ضعفك بسيطاً مثل الاعتراف بأنك لا تملك الحلول جميعها؛ وجدت دراسة أجرتها جوجل عام 2011 أن الخبرة الفنية العميقة كانت المعيار الأقل أهمية من بين 8 معايير ضرورية لتكون مديراً عظيماً. بدلاً من التركيز على صورتك الذاتية، يجب عليك طرح أسئلة تحفز الآخرين على التفكير وتقديم إسهاماتهم. في نهاية المطاف، إذا كنت تمتلك كل الحلول، فما الفرصة المتاحة للآخرين لتقديم إسهاماتهم وإحداث أثر ذي قيمة؟

4. أنشئ منصة لدعم رؤيتك

إذا كانت رؤيتك مقنعة بما فيه الكفاية، فمن المحتمل أن يرغب العديد من الأشخاص في المساعدة على تحويلها إلى حقيقة، وعادةً يؤدي وجود منصة مركزية تدعم رؤيتك إلى إزالة الاحتكاك بين المؤيدين المحتملين، ما يساعد على توسيع قاعدة الدعم وتشجيع المشاركة. ومفتاح إنشاء منصة ناجحة هو إنشاء طرق تتيح للناس التواصل والعمل معاً ودعم بعضهم لبعض. بالنسبة لمارتن لوثر كينغ، أصبحت الكنائس المنتشرة في جميع أنحاء جنوب الولايات المتحدة منصات رئيسية لتنظيم الناس ودعم قضيته؛ في بيئة العمل، يمكن أن تكون المنصة الداعمة لرؤيتك شيئاً بسيطاً مثل طاولة غداء مشتركة.

نظراً لانتشار المجتمعات عبر الإنترنت على نطاق واسع، فالروابط التي نشكلها افتراضياً غالباً ما تكون قوية مثل التي نشكلها شخصياً في الواقع. على سبيل المثال، تمثل نقابات وورلد أوف ووركرافت (World of Warcraft) مجموعات ملتزمة جداً عبر الإنترنت تعمل معاً لحل المشكلات المعقدة. يمكن أن يساعد إنشاء مكان تجمع افتراضي مَن يرغبون في تقديم إسهاماتهم ولكنهم غير قادرين على الالتقاء شخصياً في وقت ومكان محددين، ويوفر وسيلة لإبقاء الأفراد منخرطين ومسهمين في الفترات الفاصلة بين الاجتماعات المنعقدة في الفضاء الفعلي. على غرار المنصات التي تستعين بها الشركات لصياغة استراتيجياتها، يكمن السر في أن تتبع نهجاً إبداعياً لتقليل الحواجز التي تحول دون التفاعل والمشاركة، وتسريع مكافآت المشاركة وتعزيزها.

5. احشد قاعدة دعم كبيرة

قالت مارغريت ميد ذات مرة: “لا تشك أبداً في قدرة مجموعة صغيرة من المواطنين المفكرين والملتزمين على تغيير العالم، وقد أثبت التاريخ ذلك بالفعل”. في حين أن ذلك يصحّ بالتأكيد في المراحل الأولى من تشكيل الرؤية (على سبيل المثال، بدأت جمعية أمهات ضد القيادة تحت تأثير الكحول بمجموعة صغيرة من الأمهات)، يمكن لقاعدة الدعم الكبيرة أن تضفي المصداقية على قضية ما. مع ظهور البرمجيات الاجتماعية، أصبح نقل رسالتك إلى جمهور واسع النطاق أسهل وأعلى فعالية من ذي قبل. قد يكون انتماء الأشخاص الذين يمكن الوصول إليهم من خلال البرمجيات الاجتماعية إلى الحركة ضعيفاً، لكن يمكن أن يساعد دعمهم على جذب الاهتمام إلى قضيتك وربما يساعد على ربطك بمؤيدين متحمسين آخرين يشاركونك رؤيتك.

نعيش في عالم بات للأفراد فيه قدرة أكبر على تشكيل البيئة التي يعيشون فيها، ولا يقتصر مفهوم التشكيل على المؤسسات الكبيرة فقط. في الواقع، في العديد من استراتيجيات التشكيل الناجحة التي درسناها، كان من ينفذها أشخاص لا يمتلكون سوى موارد محدودة ويعملون على هامش السوق أو القطاع. إذا كنا نسعى إلى تشكيل مكان عملنا أو مجتمعنا، فستوقع التغييرات الصغيرة الذكية أثراً كبيراً، وقد تؤدي إلى تغييرات كبيرة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .