3 خطوات عملية للحفاظ على هدوئك خلال المحادثات المحمومة

5 دقيقة
الحفاظ على الهدوء
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

من الصعب على أي موظف الحفاظ على هدوئه وتفاعله الإيجابي في المواقف المثيرة للتوتر، مثل الاجتماعات أو المفاوضات المهمة أو المحادثات الصعبة. ومررنا جميعاً بهذا الشعور؛ فقد تقول كلمات تندم عليها لاحقاً، أو تتمسك بفكرة ما محاولاً إثبات صوابها دون مراعاة الصورة الشاملة للموقف. أو لعلك تصرفت على نحو أفقدك ثقة زميلك أو عميلك أو مورّدك أو ربما زوجتك أو أولادك؛ قد تتمنى في مثل تلك المواقف لو يعود بك الزمن لتحظى بفرصة أخرى للتصرف بأسلوب مختلف. كيف تجعل المحادثات المحمومة بنّاءة إذاً؟

راقب نقطة التحوّل

تعرّف على الدلائل التي تشير إلى تحوّل نقاش صحي وبنّاء إلى نقاش حساس وخطر، فأنت وحدك تعرف ما يحدث داخلك وما يدل على أنك وصلت إلى مستوى عال من التوتر؛ وفقاً لمؤلفة دليل هارفارد بزنس ريفيو لإدارة النزاع في العمل (HBR Guide to Managing Conflict at Work)، إيمي غالو، فإن أفضل مؤشر على ذلك “هو رد فعلك الجسدي الذي يظهر عند شعورك بالتهديد، إذ يزداد معدل ضربات قلبك وتحمرّ وجنتاك ويصبح تنفسك سريعاً”. لكن زيادة التوتر بحسب غالو “تعطّل قشرة الجبهة الأمامية العقلانية في الدماغ، ما يصعّب على الإنسان الحفاظ على هدوئه والتفكير بوضوح”.

يقود النائب الأول لرئيس نجاح العملاء في شركة أوباور (Opower)، ريك جونيجا، فريقاً مؤلفاً من 145 موظفاً يتولون مهمة تقديم البرمجيات والخدمات للعملاء الدوليين. يقول جونيجا: “عندما يحدث خطأ ما، يتوقع العملاء منا حل المشكلة بسرعة، لكن ذلك ليس سهلاً، والحفاظ على الهدوء ضروري في هذه الحالات”. يشجع جونيجا أفراد فريقه على مراقبة ردود فعلهم ورد فعل الشخص الآخر على حد سواء؛ فقد يكون سلوك الشخص الآخر إشارة إلى تحوّل المحادثة إلى مسار سلبي، مثل أن يغيّر وضعيته أو يعقد ذراعيه أو يبدأ طرح أسئلة بأسلوب عدواني. لكن بدلاً من أن تُبدي رد فعل سريعاً، حافظ على هدوء أعصابك. وتؤكد غالو ذلك قائلة: “ظاهرة العدوى العاطفية حقيقية، فبمجرد أن يشعر شخص ما بالغضب أو التوتر ينتقل سلوكه إلى الشخص الآخر بسهولة وسرعان ما يتصاعد النزاع بينهما”.

بتصير: ركز على شيء مادي ملموس لكي تحافظ على هدوئك وتفكر بوضوح

بما أن رد الفعل يؤثر بقوة على الحالة الجسدية، فمن الضروري بالتالي التركيز على الجسد للحفاظ على الهدوء. تقول غالو: “تتمثّل الخطوة الأولى في التنفس. تنفّس بعمق بضع مرات لتركز على جسدك ولا تبدي رد فعل فورياً”. استخدم تقنية التنفس 4-7-8 لتحصل على نتائج سريعة، أي أن تأخذ شهيقاً مدة 4 ثوان، ثم تحبس أنفاسك مدة 7 ثوان، ثم تُطلق الزفير مدة 8 ثوان. يصف الدكتور والطبيب والمؤلف للعديد من الكتب في الطب التكاملي والصحة، أندرو ويل، تقنية التنفس هذه بأنها “مهدئ طبيعي للجهاز العصبي يتيح للإنسان التحكم برد فعله في المواقف المثيرة للتوتر”. يمكنك مشاهدة عرض يقدمه الدكتور ويل حول كيفية تطبيق تمرين التنفس، إضافة إلى فوائده الصحية الأخرى هنا.

وإضافة إلى التنفس، المس العناصر من حولك ولاحظ الإحساس بها. تقول غالو: “ضع يديك على الطاولة واستشعر قدميك على الأرض، وراقب موضع ساقيك على الكرسي، فالسر يكمن في تجنّب التفكير في الموقف”. يمكنك أيضاً التركيز على التفاصيل الخارجية المحيطة، مثل اللوحات الفنية على الجدران أو حجم الغرفة لتقليل إحساسك بالضيق في حال بدأت تتوتر أو تتخذ موقفاً دفاعياً.

يسهّل توجيه الانتباه إلى الجسد والمحيط الملموس رؤية الأمور من منظور مختلف. ذكّر نفسك بأن الاجتماع لا يهدف إلى تحديد الطرف المخطئ والطرف المحق، أو الشخص الأذكى في الغرفة؛ بل يهدف إلى ضبط الميزانية أو تحديد سعر عادل أو مشاركة رسالة صعبة باحترام أو البحث عن حلول مشتركة. لا تأخذ الأمور على محمل شخصي. تقول غالو: “افصل نفسك عن الوضع الحالي وفكّر فيه من منظور شخص مراقب. وصِف الأحداث لنفسك كما لو أنك تشاهد مباراة بيسبول، كي تتمكن من تقييم الوضع بدقة”. يؤكد جونيجا هذه النقطة قائلاً: “يكمن السر في النظر إلى الأمور من منظورها الصحيح. بالنسبة لي شخصياً، فأنا أستعدّ كل يوم لمواجهة المشكلات أو إجراء محادثة صعبة، فعملي هو مساعدة الآخرين على التوصل إلى أفضل الحلول للتحديات التي يواجهونها”.

أبدِ التعاطف وابنِ جسوراً للتواصل

عندما تتبنّى وجهة نظر موضوعية، يمكنك إبداء تعاطفك مع الطرف الآخر في أثناء الحوار. ينصح جونيجا فريقه دائماً قائلاً: “اسمحوا للشخص الآخر بالإفصاح عن مشاعره. واحرصوا على أن تصغوا إليه بإمعان إلى أن ينفّس عن كامل مكنوناته”. وتؤكد غالو هذه النقطة قائلة: “ما أراه في النزاعات هو أنه ما أن يبدأ شخص ما الإفصاح عن مشاعره يتدخّل الطرف الآخر ويقاطعه؛ لكن السر يكمن في السيطرة على حاجتك إلى إثبات رأيك والتركيز على الاستماع الفعال”.

التعاطف ليس التوصل إلى اتفاق، ولا هو استسلام أو خضوع أو قبول للمعاملة السيئة من الطرف الآخر؛ لا بد أن تدرك أن الإفصاح عن المشاعر يخفف حدتها، وعندما تتيح للشخص الآخر الإفصاح عن مشاعره فستحظى بفرصة لمعرفة الحقائق والافتراضات والقيود الأخرى المهمة، وكل هذه المعلومات تُسهم في ردم الفجوة بينكما. فيما يلي بعض الأمثلة التوضيحية عن الطرق المستخدمة للتوصل إلى حلول بنّاءة في المواقف المثيرة للتوتر:

  • إظهار الاهتمام: الحفاظ على الهدوء لا يعني الخضوع أو الاستسلام. في الواقع، يحتاج الشخص الآخر إلى معرفة أنك تتفهم إحساسه بالضرورة الملحة أو مخاوفه، سواء من خلال كلماتك أو لغة جسدك، لذلك احرص على استخدام لغة جسدك لتظهر للشخص الآخر أنك مهتم. وبدلاً من اعتبار مخاوفه انتقاداً لك حاول التوصل معه إلى حلول للتغلب على التحديات التي يواجهها، يمكنك أن تقول: “أشعر مثلك بالإحباط جراء المشكلة التي حدثت هنا وأشعر بالضرورة الملحة لمعالجتها. واستناداً إلى الحقائق المتاحة لدينا الآن، اقترحُ طريقة تساعدنا على التوصل إلى حل يتيح لنا المضي قدماً بسرعة”.
  • الاعتراف بالخطأ: إذا أدركت بعد سماع وجهة نظر الشخص الآخر أنك أخطأت بالفعل، فتحمل مسؤولية خطئك وكن صريحاً بدلاً من أن تدافع عن نفسك. يمكنك أن تقول: “أدين لك باعتذار عن انقطاع التواصل. أدركت استناداً إلى ما شاركته معي من معلومات مدى الارتباك الذي سببته لك ولفريقك. لنتحدث الآن عن سُبل تجاوز المشكلة الحالية والجوانب التي يمكن تحسينها للمستقبل”.
  • التماس مزيد من المعلومات: عندما يشارك الشخص الآخر معك معلومات لم تكن على دراية بها سابقاً، فأبدِ انفتاحك لمعرفة المزيد؛ كأن تقول: “لم أكن أدرك هذه المعلومة وأرغب في التعمق بالأمر أكثر”. أو: “لنجعل هذا الحوار بنّاءً قدر الإمكان، دعنا نجمع مزيداً من المعلومات ونلتقي مجدداً عند الساعة العاشرة من صباح يوم غد”.
  • توضيح أسباب القرارات: اعتبر هذه الخطوة فرصة لتعزيز الشفافية. يقول جونيجا: “أحد أكبر الأخطاء التي يقع فيها الناس هو تجنّب التحلي بالشفافية خوفاً من الكشف عن تفاصيل العمل الدقيقة. ولعلّ إحدى أهم الطرق لاستعادة الثقة هي الاستعداد لإظهار مواطن الضعف الإنساني؛ ومن المفيد أيضاً توضيح حقيقة أن القرار كان مستنداً إلى حقائق. كأن تقول: “أتفهم مخاوفك الآن بشأن القرار المتّخذ. اسمح لي أن أشارك معك مزيداً من المعلومات حول السياق والقيود والأسباب التي دفعتنا إلى اتخاذه.
  • التواصل باحترام حتى في الخلاف: لن نتوصل إلى اتفاق مع زملائنا دائماً، ومع ذلك، يجب التعبير عن الاختلاف باحترام. عبّر عن التزامك بالعلاقة وأكّد قيمة الشخص الآخر. يمكنك أن تقول: “أثمن رأيك عالياً دائماً، لكن بعد التفكير فيما قلته لا أشعر بالارتياح لاتخاذ هذه الخطوة، وهنا يكمن اختلاف الرأي بيننا”.

إذا احتدم النقاش وتفوهت بكلمات ندمت عليها أو تمسّكت بفكرة معينة دون أن تأخذ الصورة الشاملة في الاعتبار، فماذا تفعل؟ الجانب المشرق هو أنه حتى بعد انتهاء النقاش، ما يزال بإمكانك أخذ نفس عميق والنظر إلى الموقف من منظور شامل وإبداء التعاطف وبناء جسور للتواصل؛ تواصل مع الشخص الآخر وتحمّل مسؤولية خروج المشكلة عن السيطرة خلافاً لما توقعت، واعتذر مباشرة عن فقدانك السيطرة على أعصابك وأكد التزامك بالعلاقة مجدداً. وعلى الرغم من استحالة تغيير ما حدث في الماضي، نمتلك دائماً القدرة على اتخاذ قرار جديد بالتواصل مع الآخرين وتأكيد التزامنا بتطوير علاقة بناءة في الفرصة الثانية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .