ملخص: الشعور بالذنب هو شعور منتشر ولكنه غير بنّاء وينتاب الكثير منا. وإذا لم تتحكم فيه، فقد يتسبب في إهدار طاقتك الثمينة. ولذلك، واجهه باستخدام شفرة مورس هذه: SOS؛ التي ترمز إلى الحروف الأولى من النفس (self) والآخرين (others) والنظام (system).
- النفس: اعتنِ بنفسك قبل مساعدة الآخرين. إذ لا يمكنك أن تكون عوناً لأي شخص (سواء كان مديرك أو صديقك أو شريك حياتك أو أحد والديك، وما إلى ذلك) إذا كنت منهاراً. تعلَّم أن ترتب أولوياتك. وإذا اخترت مساراً، فلا تشكك في قرارك.
- الآخرون: قد يؤثر هوسك بالكمال على الآخرين أيضاً. على سبيل المثال، إذا كنت تضغط باستمرار على نفسك لتقديم أفضل أداء، فقد يشعر أعضاء فريقك بالذنب لعدم قدرتهم على تحقيق معاييرك نفسها.
- النظام: يجب تعليم الجميع منذ الصغر كيفية الاسترخاء وعدم القيام بأي شيء من حين لآخر، دون الشعور بالذنب. لا تدع نظامك التعليمي أو الثقافي أو الأسري يدفعك إلى الشعور بالذنب لعدم استغلال كل دقيقة من كل يوم في القيام بشيء مثمر.
نشعر بالذنب لأننا لم نؤلف هذه المقالة في وقت سابق، والآن بعد إجراء البحوث وما علمناه عن الشعور بالذنب وكم هو غير بنّاء، نشعر بالذنب بشكل مضاعف لأننا شعرنا بالذنب في البداية (هذا ما نشير إليها باسم "ما وراء الشعور بالذنب" (meta-guilt)).
نأسف لأننا أضعنا وقتك بهذه الجملة الأخيرة. نعلم أنك شخص مشغول ولا يهتم كثيراً بالإشفاق على ذاته. ولكن يجب أن نعترف، الآن بعد أن اعتذرنا، أننا نشعر أيضاً بالذنب قليلاً لأننا اعتذرنا. تُظهر جميع البحوث أن القادة الناجحين، على سبيل المثال، يجب أن يتحلوا بالقوة والشجاعة والثقة باختياراتهم، وليس انتقاد الذات وتقديم الاعتذارات.
هل يمكنك أن تتخيل ما سيحدث إذا عشنا حياتنا هكذا؟ أو ربما ليس عليك ذلك.
الشعور بالذنب، مهما كان طفيفاً، هو شعور منتشر ينتاب الكثير منا يومياً. يجادل البعض بأن الهوس بالكمال هو أساس الشعور بالذنب، ولكن حتى أولئك الذين أبعد ما يكونون عن الهوس بالكمال ليسوا محصنين ضد الشعور بالذنب. ويجادل آخرون بأن الشعور بالذنب هو مضيعة كبيرة للوقت، لكن يجب ألا ننبذه كلياً لعدم رضانا عن جزء منه.
يمكن أن يكون الشعور بالذنب علامة على وجود بوصلة أخلاقية وظيفية. على سبيل المثال، إذا وصفت زميلك في لحظة غضب، بأنه شخص بلا مبادئ ووضعت له الملح في مشروبه المفضل، فربما يكون الشعور بالذنب هو الشعور المناسب تماماً في هذا الموقف، ونأمل أن يمنعك من القيام بخدع مماثلة في المستقبل.
في الحالة المذكورة أعلاه، "الجريمة" واضحة ولا يمكن إنكارها، على الرغم من أن الشعور بالذنب عادة ما يكون أخطر بكثير. عندما نكون في العمل، نشعر بالذنب لعدم وجودنا مع أطفالنا (أو حتى حيواناتنا الأليفة). وعندما نكون في المنزل، نشعر بالذنب لعدم غسل ملابسنا منذ أسبوع أو لعدم وجودنا في العمل. وفي عطلات نهاية الأسبوع، نشعر بالذنب لعدم الاتصال بأصدقائنا أو لقضاء الوقت مع أصدقائنا بدلاً من أمهاتنا. وخلال فرض الحظر الشامل بسبب كوفيد-19، شعرنا بالذنب لعدم تعلم 3 لغات جديدة، ولأننا بدلاً من ذلك قضينا الوقت على الأريكة في مشاهدة مسلسلاتنا التلفزيونية المفضلة، وهو ما لم يكن ممتعاً حتى؛ نظراً إلى الأصوات المزعجة في رؤوسنا التي تُذكّرنا بأننا يجب أن نتعلم لغة الماندرين.
الفكرة هي أننا نشعر أنه يجب علينا القيام بشيء ما، دائماً، خاصة الأشياء التي تُظهر أننا نحرز تقدماً. وعندما لا نفعل ذلك، نشعر بالذنب. نقارن أنفسنا بقصص نجاح الآخرين باستمرار. ونعتقد أن نجاحاتنا وإخفاقاتنا ناتجة بالكامل عما فعلناه، أو ما لم نفعله. وبالتالي فإن السبب في عدم نجاحنا هو بالتأكيد أننا لا نبذل جهداً كافياً في العمل (أو أننا لا نزال جالسين على أريكتنا نشاهد مسلسلاتنا المفضلة).
الشعور بالضغط للتفوق في العمل مستمر، لكننا نتوقع أيضاً المزيد والمزيد من أنفسنا على جبهات أخرى: حياتنا الاجتماعية وحياتنا العائلية وصحتنا ومظهرنا، كل شيء.
لن يمنعك الشعور بالذنب بالضرورة من القيام بالأشياء، ولكنه قد يهدر طاقتك الثمينة. إذ يمكن أن يُضعف تقديرنا لذاتنا ببطء، ما يزيد من صعوبة السعي إلى تحقيق الأهداف أو المضي قدماً بعد التعرض لانتكاسات. وإذا لم تسيطر عليه، فقد يؤدي إلى الشعور بمجموعة من الأعراض الجسدية تشمل القلق والأرق. فالشعور بالذنب الذي ينتابك لأنك لست موظفاً مثالياً أو صديقاً مثالياً أو أي شيء مثالي هو شعور يفرضه المجتمع جزئياً، ولكن الجزء الآخر منه هو أنه شعور تفرضه على نفسك بشكل واضح جداً. ونظراً إلى أنك في معظم الحالات تكون الحَكَم على نفسك، فيمكنك أيضاً أن تطلق سراحك معلناً أن: المدعى عليه غير مذنب يا سيادة القاضي!
بصفتنا 4 نساء قويات لديهن مسارات مهنية مثيرة للاهتمام (إحدانا رئيسة تنفيذية والأخرى مسؤولة مصرفية بارزة)، عانينا الشعور بالذنب لسنوات عديدة، وندرك تماماً أنه كان يستنزف طاقتنا. دائماً ما يكون تحديد المشكلة أسهل من حلها. وما ساعدنا هو وضع شفرة مورس الخاصة بنا للاستغاثة (أو في هذه الحالة، للتغلب على القلق والتوتر): SOS؛ التي ترمز إلى الحروف الأولى من النفس (self) والآخرين (others) والنظام (system).
وقد ساعدتنا شفرتنا على وضع الطرق التي يمكننا من خلالها حل المشكلة على 3 مستويات مختلفة: ما الذي يمكنني فعله (النفس)، وما الذي يمكن (للآخرين) فعله، وما الذي يمكن (للمجتمع) فعله. وننصحك ببدء استخدامها أيضاً.
النفس
ساعد نفسك لتتمكن من مساعدة الآخرين: غالباً ما يكون الشعور بالذنب ناتجاً عن شعور بضعف الأداء. وعندما تشعر بالتوتر، من المرجح أن تقع فريسة لمثل هذه الأفكار المدمرة للذات. ولذلك قد تكون الخطوة الأولى للتغلب على الشعور بالذنب هي الاعتناء بنفسك بشكل أكبر. إذ لا يمكنك أن تكون عوناً لأي شخص (سواء كان مديرك أو صديقك أو شريك حياتك أو أحد والديك، وما إلى ذلك) إذا كنت منهاراً. احصل على قسط كافٍ من النوم، ولا تسهر حتى وقت متأخر لأن الفترة من منتصف الليل حتى الثانية صباحاً هي الفترة الوحيدة التي ينام فيها كل مَن يريد شيئاً منك ويمكنك أخيراً أن تحظى ببعض الوقت لنفسك. أوجِد تلك اللحظات خلال اليوم، مهما كانت قصيرة.
إذا خصصت لها وقتاً في جدول مواعيدك، فستعتاد على ذلك في وقت قصير. يُظهر الكثير من البحوث (والمنطق أيضاً) أن الأشخاص الأكثر سعادة يكونون أكثر إنجازاً وشركاء أفضل ويحظون بزيجات أفضل، وبالتالي أقل ميلاً إلى الشعور بالذنب.
رتِّب أولوياتك: جميع أولوياتك المتضاربة هي بالطبع جزء أساسي من شعورك بالذنب. عندما تتخذ قراراً بشأن المسار المقبل، لا تشكك في اختيارك. احترم الشخص الذي اتخذ هذا القرار (أي نفسك). وعندما تتخذ القرار، ادعم ما اخترته "نفسياً". في العمل، على سبيل المثال، ضع قائمة بمهماتك الحالية، وارسمها على شبكة مكونة من الأهمية (المحور الأفقي) والضرورة المُلحة (المحور الرأسي). قدِّر الوقت الذي تقضيه في كل مهمة من مهماتك، إذا كان بإمكانك ذلك (والتكنولوجيا تساعد كثيراً في القيام بذلك). إذا وجدت أن هناك مهمات ليست مهمة ولا عاجلة ولكنها تستغرق وقتاً طويلاً، فانظر إذا ما كان بإمكانك تفويضها أو القيام بها بكفاءة أكبر أو ببساطة التوقف عن القيام بها.
اطلب المساعدة. غالباً ما نتردد في طلب المساعدة لأننا نشعر أن ذلك قد يقوض سلطتنا أو يقلل من مكانتنا أو ببساطة لأننا نخشى أن يُرفَض طلبنا. تُظهر البحوث أنك عندما تطلب من الأشخاص القيام بأشياء من أجلك، فإنك في الواقع تزيد من إعجابهم بك. (ونرى أن ذلك يحقق النفع للجميع!). فتقليل الأعمال الملقاة على عاتقك سيساعدك على الوفاء بالتزاماتك والاهتمام بأولوياتك، وسيحد من الأصوات المزعجة المسببة للشعور بالذنب.
الآخرون
لا تكن انتقادياً: قد يؤثر هوسك بالكمال على الآخرين أيضاً. فالضغط المستمر على نفسك لتقديم أفضل أداء قد يتسبب في شعور زملائك في الفريق بالذنب لعدم قدرتهم على الارتقاء إلى مستوى معاييرك. إذا كنت محبَطاً بسبب أداء شخص آخر في العمل، فذكّر نفسك بأنك لا تعرف ما يحدث في حياته الخاصة في الوقت الحالي. وهناك ميزة أخرى: عندما تقلل من انتقادك للآخرين بسبب "أوجه قصورهم" المتصورة، فإن ذلك قد يساعدهم على أن يكونوا أكثر لطفاً مع أنفسهم، ما سيحد من شعورهم بالذنب.
النظام
أعد تصميم ما نُعلّمه ونتعلمه: يجب أن تتوقف منظوماتنا التعليمية والثقافية والعائلية عن تعليم "الأولاد أن يكونوا شجعاناً والفتيات أن يكنّ مثاليات". إذ يجب تعليم الجميع منذ صغرهم كيفية الاسترخاء وعدم القيام بأي شيء بين الحين والآخر (أمر صادم!) والاستمتاع بلحظة من السكون دون الشعور بالذنب. لذلك، إذا لم تتعلم طريقة إعداد الخبز في أثناء الجائحة، فلا بأس بذلك. وإذا لم ترد على جميع الرسائل في صندوق الوارد اليوم، فيمكنك الرد عليها غداً. وإذا نسيت طلب البقالة الأسبوع الماضي، فاطلبها اليوم! توقف عن الشعور بالذنب لعدم استغلال كل دقيقة من كل يوم في القيام بشيء مثمر. فهذا غير ممكن، وغير صحي أيضاً.
يمكن تعلُّم كيفية تقليل الشعور بالذنب (على الرغم من أنه قد يأخذ وقتاً) وجعل ذلك جزءاً من حياتنا اليومية. وكلما بدأنا مبكراً، زادت فرصنا في جعل الأجيال القادمة أكثر توازناً منا.