بحث جديد يطرح ثلاث استراتيجيات
"الإدارة التفصيلية" هي مفهوم مذموم في أماكن العمل اليوم. فالمدراء الذين يتدخلون مراراً وزيادة عن اللزوم في أنشطة مرؤوسيهم يكتسبون سمعة سيئة. كما أن معظم المؤسسات التي تتبنى طرقاً تقدمية في التفكير أصبحت تقدّر الاستقلال الذاتي لموظفيها أكثر من تقديرها للإشراف المباشر على عملهم. وتُظهرُ الأبحاث أن الموظفين يُبدون ردود أفعال عاطفية سلبية قوية تجاه المساعدة غير الضرورية أو غير المطلوبة، وهي يمكن أن تؤدي إلى تدهور العلاقات الشخصية. وحتى الجنرال في الجيش الأميركي جورج باتون، وهو القائد في واحدة من أكثر مجموعات القيادة والسيطرة تقليدية في العالم، فَهِمَ خطر الإدارة التفصيلية حيث نُقِلَ عنه قوله الشهير: "لا تخبر الناس أبداً كيف يفعلون الأشياء. بل قل لهم ما هو المطلوب، وسوف يفاجئونك بمدى براعتهم".
وفي المقابل، لا يجب على المدراء ترك الحبل على الغارب بالكامل، ولاسيما عندما لا يكون المرؤوسون حاضرين في موقع عمل واحد، كما هو الحال بالنسبة للكثيرين خلال جائحة "كوفيد-19" العالمية. فالموظفون الذين ينجزون عملاً معقداً يحتاجون غالباً إلى أكثر من مجرد نصيحة أو تشجيع سطحيين. بل هم بحاجة إلى مساعدة تأتي في الوقت الصحيح وتكون مناسبة للمسائل التي بين أيديهم في الوقت ذاته – وتقديمها يمكن أن ينطوي على تحديات دون فرص لحصول لقاءات عفوية وغير مدروسة في المكاتب الفعلية. وتشير الأبحاث الموسعة إلى أن المساعدة الغامرة في المؤسسة ترتبط بتقديم أداء أفضل بالمقارنة مع ترك الموظفين يعملون كما يحلو لهم. وعليه، كيف بوسعك أن تقدم إلى مرؤوسيك المساعدة التي يحتاجون إليها دون أن تقوّض إحساسهم بالكفاءة والاستقلال؟
كنا على مدار السنوات العشر الماضية ندرس كيف يقدّم القادة يد العون بفاعلية دون أن يُنظر إليهم على أنهم يمارسون الإدارة التفصيلية. وقد راقبنا موظفين داخل شركات متنوعة وتحدثنا إليهم، وشملت القائمة شركة استشارات بارزة متخصصة بالاستراتيجيات (سنطلق عليها اسم "شركة الاستشارات العامة") حيث قابلنا فيها شركاء سمّتهم الإدارة العليا بوصفهم قادة عمليين استثنائيين. وفي شركة استشارية معنية بتصميم وتشتهر بثقافتها القائمة على المساعدة (واخترنا لها اسماً حركياً هو "شركة الضياء للتصميم")، أجرينا دراسة كيفية (نوعية) واسعة النطاق باستعمال المذكرات اليومية والمقابلات الأسبوعية المعقة مع من يقدمون المساعدة ومن يتلقونها. وأجرينا تجربتين سلوكيتين في مختبر، حيث استكشفنا كيف تجاوبت 124 مجموعة مع تداخلات مختلفة في أزمنة محددة عندما طُلِب منها اتخاذ قرارات بخصوص افتتاح مطعم خيالي.
أثمرت هذه المشاريع مجتمعة عن استنتاجات مهمة تتعلق بكيفية تحسين المدراء للطريقة التي يساعدون بها موظفيهم. بادئ ذي بدء، موظفوك بحاجة إلى أن يعرفوا أنك مستعد لتقديم المساعدة – ويجب أن يرتاحوا إلى طلبها. فضلاً عن ذلك، أنت بحاجة إلى أن يكون لديك فهم أساسي لعملهم والتحديات المحيطة به، إضافة إلى امتلاكك للوقت والطاقة اللذين تستطيع تقديمهما. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف ومتى يجب أن تشمّر عن ساعديك لتنخرط في عمل الموظفين؟ كشفنا النقاب عن ثلاث استراتيجيات أساسية تساعد على ممارسة الإدارة العملية دون الانزلاق نحو الإدارة التفصيلية: (1) حدد توقيت مساعدتك في اللحظة المناسبة بحيث تأتي عندما يكونون جاهزين لها، (2) أوضح أن دورك يتمثل في أن تكون شخصاً مساعداً، (3) حدد إيقاع مساعدتك – من حيث كثافتها ووتيرة تكرارها – بحسب احتياجات الموظفين.
الموظفون أكثر استعداداً للترحيب بالمساعدة عندما يكونون منخرطين في مهمة أو مشروع وواجهوا تحدياتها مباشرة.
حدد توقيت مساعدتك بحكمة
عندما تنخرط في عمل يؤديه موظفوك، فإن التوقيت مهم، لكنه ليس مهماً بالطريقة التي قد تتوقعها. تقول الحكمة الشائعة إن الحيلولة دون وقوع المشاكل المحتملة هي الاستراتيجية الأفضل، وهي تُختصرُ بمقولة "درهم وقاية خير من قنطار علاج" التي كان يرددها بنجامين فرانكلين. بيد أننا وجدنا أن القادة الذين يُنظرُ إليهم على أنهم أبرع من يقدّم يد العون لا يحاولون استباق كل مشكلة أو يسارعون إلى التدخل كلما لاحت مشكلة محتملة أمامهم. بل هم يراقبون ويصغون حتى يقتنعوا أن مرؤوسيهم يرون الحاجة إلى المساعدة وهم جاهزون للإصغاء إلى ما يقال لهم. وهم يفهمون أن الموظفين أكثر استعداداً للترحيب بالمساعدة عندما يكونون منخرطين في مهمة أو مشروع وواجهوا تحدياتها مباشرة.
ثمّة أمثلة إيضاحية كثيرة من "شركة الضياء للتصميم" التي أمضينا فيها عامين لدراسة سلوك تقديم المساعدة لدى القادة. في إحدى الحالات، تفقّد مدير فريقاً يعاني من نقص في اليد العاملة واكتشف ما اعتبرها مشاكل جوهرية في نطاق المشروع. ولكنه عوضاً عن أن يتدخل مباشرة ويقدّم المساعدة أو النصيحة، أخبر مديرة المشروع فاتن ببساطة أنه جاهز إن دعت الحاجة (جميع الأسماء الواردة في هذه المقالة هي أسماء وهمية). يقول المدير: "عرضت على فاتن المساعدة لكنها احتاجت إلى وقت طويل لتعرف كيف تستفيد مني". وفي نهاية المطاف، طلبت منه أن يدلي بدلوه في عدد من المسائل المهمة.
أما في "شركة الاستشارات العامة"، فإن الأشخاص المعروفين على أنهم من أعظم من يقدّم المساعدة كانوا حذرين بطريقة مشابهة في تحديد توقيت مساعدتهم. وقد وصفت إحدى الشريكات في الشركة واسمها ناديا مقاربتها التي اتبعتها عندما كان بعض موظفيها يعانون في إنجاز عملهم. أخبرتنا عما حصل معها حتى قبل أن تلتقي بهم قائلة: "شعرتُ أن الفريق يسير في المسار الخاطئ. لكنني عندما دخلت إلى الغرفة أصغيت. وقد اقتصرت أسئلتي على أسئلة الاستيضاح لأضمن أنني أفهم ما كانوا يقولونه. ثمة سببان دفعاني إلى فعل ذلك. السبب الأول هو أن هؤلاء الأشخاص أذكياء وأنا احترمهم بما يكفي – بما في ذلك أحدث الموظفين عهداً في الشركة – لأعلم أن العمل الذي ينجزونه قيّم جداً... ثانياً، كنت أعتقد أنهم سيكونون أكثر استعداداً لإعادة النظر في أفكارهم إذا ما أتيحت لهم الفرصة ليشرحوا أولاً ماذا كانوا يفعلون". وبحلول نهاية الاجتماع، بدا الفريق جاهزاً لكي تقدّم له ناديا بعض الاقتراحات، لذلك بادرت إلى تقديمها.
أكد بحثنا التجريبي – الذي درسنا بموجبه 124 مجموعة تتخذ قرارات ريادية – على أهمية تقديم يد العون في الوقت المناسب. وقد وجدنا أنه عندما كانت النصيحة تُعطى في سياق عمل الفريق، بعد أن تكون المشاكل قد ظهرت إلى السطح وليس قبل ذلك، فإن أعضاء الفريق كانوا يفهمونها ويثمّنونها أكثر. قادهم ذلك إلى الاستفادة من المساعدة فعلياً، وتحسين عملياتهم، والتشارك بمعلومات أكثر، واتخاذ قرارات موضوعية أفضل من قرارات المجموعات الأخرى التي تلقّت تعليمات إضافية في بداية نقاشاتها.
تتفاوت الأسباب التي تدفع الموظفين إلى الترحيب بالمساعدة من حالة إلى أخرى. لكننا ننصح المدراء بعدم المبادرة إلى إعطاء آرائهم دون السماح أولاً لمن يُشرفون عليهم بالتعرّف على المهمة والتعبير عن رأيهم بشأنها. في العديد من الحالات، قد يكون العلاج المطروح في التوقيت المناسب أفضل من درهم الوقاية ذاك.
وضّح أن دورك يتمثل في المساعدة
حتى لو كان التوقيت مناسباً، فإن التدخل يمكن أن يخرج عن المسار المرسوم له عندما لا يكون سبب انخراطك في الموضوع واضحاً. يؤدي المدراء الكثير من الأدوار المختلفة، وتشمل قائمة مسؤولياتهم تقويم أداء الموظفين، وتقديم المكافآت لهم، وإيقاع العقوبات بهم. ويمكن لديناميكية السلطة هذه أن تقف حجر عثرة في طريق تقديم المساعدة الفاعلة. فعندما يتدخل المدراء، فإن انخراطهم هذا قد يعني ضمناً أن الموظفين يرتكبون خطأ جسيماً. وهذا هو السبب الذي يجعل الموظفين غالباً يُخفون المشاكل أو يقللون من شأنها، ويفشلون في طلب الإرشاد والنصح. وقد يقود ذلك إلى عدم تجاوبهم مع المساعدة، أو اتخاذ موقف دفاعي، أو الشعور بالهبوط في المعنويات، وهي أمور تعيق الإبداع والأداء. لذلك، وكما أخبرَنا أحد القادة في "شركة الضياء للتصميم" فإن المدراء يجب أن يكونوا حذرين "كي لا يتدخلوا ويتسببوا بالكثير من القلق، ما يضع الموظفين في حالة أسوأ بحيث يصبح لسان حالهم "ها قد جاء المدير، وهو مستاء جداً مما نفعله"".
بما أن طلب المساعدة وتلقيها يمكن أن يجعلا الموظفين يشعرون بضعف كبير، فإن المدراء بحاجة إلى توضيح أدوارهم عند التدخل في عمل الموظفين. فهُم يجب عليهم أن يشرحوا أنهم جاهزون للمساعدة، وألا يطلقوا الأحكام أو يتولوا أداء المهمة بأنفسهم. وهم بحاجة إلى تعزيز ما تسميه آمي إدموندسون، الأستاذة الجامعية في كلية هارفارد للأعمال، الأمان النفسي – وهي البيئة التي تشجّع على مواجهة المخاطر مع الآخرين.
كانت أهمية تأطير الموضوع بهذا الشكل واضحة في حالة "شركة الضياء للتصميم". فقد وجدنا أن القادة الذين يُصنّفون على أنهم مفيدون يتجشمون عناء إقناع المرؤوسين أنهم كانوا يتدخلون لسبب واحد فقط ألا وهو دعم موظفيهم. لنأخذ مثلاً ما حصل عندما واجه فريق أوكِلَ إليه واحد من أكبر مشاريع الشركة مشكلة جرّاء عدد من المشاكل الشخصية التي عانى منها أعضاؤه. فقد بعث قائد المشروع واسمه عامر برسالة إلكترونية إلى أحد الشركاء الأساسيين في "شركة الضياء" واسمه غالب طالباً منه النصح. كان غالب هو صلة الوصل الأساسية بين الشركة والعميل، لكن عامر لم يكن يعرفه إلا معرفة سطحية وفوجئ به عندما تطوع أن يطير من شيكاغو إلى نيويورك للمساعدة. الكثير من الناس كانوا سيُحجمون عن قبول هذا العرض، خشية أن يفقد كبار المدراء الثقة بهم. لكن غالب كان حذراً في التأكيد على أنه لن يحل مكان عامر بوصفه الشخص المسؤول وقال له: "لست موجوداً هنا لأغيّر المشروع. بل أنا هنا لمساعدتك ومد يد العون إليك".
في معرِض بحثنا بأكمله، وجدنا أنه عندما أوضح المدراء نواياهم، كما فعل غالب، فإن الموظفين كانوا أكثر صراحة في الحديث عن المشاكل التي واجهتهم وأكثر استعداداً لقبول المساعدة والعمل بروحية التعاون لحلها. لا تفترض أن الموظفين القلقين بشأن مراجعات الأداء والراتب يستطيعون استقراء نواياك بدقة. فبغضّ النظر عن مدى كونك مديراً داعماً، فإنهم لن ينسوا أن جزءاً من وظيفتك يتطلب منك مراقبتهم وتقويمهم. لذلك عندما تبدأ بإقحام نفسك بقوة في عملهم، طمئنهم إلى أنك تفعل ذلك بصفتك مستشاراً، وليس شخصاً معنياً بالتقويم. قل لهم بصراحة ما الذي تحاول إنجازه عبر تدخلك.
حدد إيقاع انخراطك بحيث يتوافق مع احتياجات الموظفين
إذا ما أراد القادة تقديم مساعدة مفيدة إلى الموظفين، فإنهم يجب أن يأخذوا وقتهم لكي يشكّلوا تصوراً كاملاً عن مشاكل موظفيهم، ولاسيما عندما تكون القضايا شائكة. إذا كان العمل معقداً، وإبداعياً، ومتطلباً من الناحية المعرفية، فإنك يجب أن تنخرط بعمق في معالجة المسألة. بيد أن ذلك يعني أكثر من مجرد الاكتفاء بتقديم المساعدة وتوفير المضمون الصحيح. بل هو يعني أيضا تخصيص الوقت والاهتمام بطريقة تناسب المتلقين. نحن نطلق على ذلك اسم "إيقاع الانخراط"، وهو سيتباين اعتماداً على ما إذا كان الموظفون بحاجة إلى إرشاد مكثف على المدى القصير أم إلى إزالة العوائق من طريقهم على مدار فترة زمنية مطوّلة.
الإرشاد المركّز مطلوب عندما يواجه الموظفون عوائق لا يمكن التغلب عليها من خلال الآراء التقويمية السريعة أو بضع ساعات من الملاحظات. في مثل هذه السيناريوهات، يتعاون القادة عن كثب مع المرؤوسين في جلسات طويلة مرتبة بطريقة مكثفة على مدار بضعة أيام. قد يبدو ذلك وكأنه بمثابة تعريف للإدارة التفصيلية. في الحقيقة، نُظِرَ إلى المدراء الذين ساعدوا بهذه الطريقة دون أن يضمنوا استعداد موظفيهم لتلقي المساعدة ودون توضيحهم لأدوارهم على أنهم قد استولوا على المهمة. وقد شعر الموظفون أن هناك من يقوّض دورهم، ما أدى إلى هبوط في المعنويات وتراجع في الأداء نتيجة لذلك. أما عندما بدأ المدراء في المقابل بالاستراتيجيات الأخرى التي وصفناها، فإن هذا النوع من المساعدة العميقة والكثيفة زمنياً استقبلُ على أحسن ما يُرام.
على سبيل المثال، نجحت هناء، وهي مديرة أولى في "شركة الضياء للتصميم" في توجيه فريق بعد أن انتقلت من مرحلة البحث في المشروع إلى مرحلة التصميم.
رغم أنها كانت قد حضرت جلسة عصف ذهني في وقت سابق، إلا أنها كفّت يدها عن أنشطة الفريق حتى جاءها قائد الفريق طالباً المساعدة. فتجاوبت معه لكنها أمضت اليوم الأول في الإصغاء وطرح الأسئلة من أجل تكوين فهم أفضل وضمان جاهزية الفريق للإصغاء إلى آرائها. وفي اليومين الثاني والثالث، اقترحت إطاراً لمساعدة الجميع على تحديد استنتاجاتهم الأساسية والتصريح بها، والتعبير عن الأفكار، والمضي قدماً. لم يُنظر إلى انخراطها المكثف على مدار فترة زمنية قصيرة بوصفه تهديداً أو تعليقاً على أداء الفريق؛ بل على العكس من ذلك كان لهذه الخطوة دور مهم في التخفيف من حجم الضغط إلى حد كبير. وعلاوة على ما سبق، فقد مثّل ذلك نقطة تحوّل في مسار المشروع. فالعمل الذي أنجز على مدار هذه الأيام الثلاثة أصبح أساساً للعرض المقدّم إلى العميل وقاد إلى الفوز بعدة عقود لمشاريع إضافية معه.
في الشكل الثاني من المساعدة، والمتمثل في إزالة العوائق من الطريق، يقدّم القادة المساعدة خلال فترات زمنية متقطعة أقصر طولاً عندما يواجه الموظفون مشاكل متواصلة. فعلى سبيل المثال، إذا كان فريقك يفتقر إلى العدد الكافي من الموظفين، فإنك قد تزوره كل بضعة أيام لنصف ساعة تقريباً للمساعدة في أي احتياجات قد تكون لديه – سواء تعلّق الأمر بالمشاركة في محادثة مهمة مع العميل، أو ببساطة لطلب طعام الغداء من الخارج أثناء جلسة عمل طويلة.
يظل المدراء الذين يبرعون في إزالة العوائق من دروب موظفيهم على دراية كافية بتفاصيل المشروع لكي يفهموا الاحتياجات الناشئة لكنهم نادراً ما يتعمقون ليصلوا إلى العمل الأساسي. وإنما يبحثون عن طرق أصغر لتخفيف الضغط عن مرؤوسيهم. وهذه هي الطريقة التي اتبعتها كندة الشريكة في "الشركة العامة للاستشارات" لمساعدة أعضاء فريق كانوا مشغولين جداً في تلبية متطلبات العميل إلى حد أنه لم يكن لديهم الوقت الكافي لإطلاعها على آخر المستجدات. وقد وجدت طرقاً للتخفيف من الضغط عنهم، عبر إجراءات سريعة وقصيرة ومتفرقة مثل الحديث إلى الأفراد بخصوص ما يشغل بالهم، وكيفية إنجاز المهام الموجودة على الروزنامة المشتركة للفريق، وتلبية المتطلبات اللوجستية للعميل.
لا يجب على القادة الذين يجرّبون هذه المقاربة التقليل من أهمية متابعة التطورات الحاصلة في العمل والاطلاع عليها أولاً بأول. فمن يفشلون في ذلك لن يقدموا إلا نقداً سطحياً أو نصائح غامضة عندما يتدخلون، وقد حظي هذا النوع من التفاعلات بسخرية المصممين في "شركة الضياء" ولاسيما في حالة المدراء الذين لا ينتبهون إلى المشروع إلا عند اقتراب المهلة النهائية ثم يبدؤون بتوجيه الانتقادات. لذلك من الأفضل أن تظل مطلعاً على مجريات الأمور وكل ما يخص القضايا التي يواجهها موظفوك لكي ترمي بثقلك عندما ترى عوائق بمقدورك إبعادها عن الطريق.
يشير بحثنا إلى أن القادة قادرون على مساعدة موظفيهم بطرق عملية ومفيدة – دون أن توجه إليهم تهمة ممارسة الإدارة التفصيلية – إذا ما انتبهوا بإمعان إلى التوقيت، وحددوا دورهم الخاص بتقديم المساعدة صراحة، وكفلوا وجود تطابق بين مساعدتهم واحتياجات المتلقين. تحظى هذه المبادئ الإرشادية بأهمية خاصة عندما يكون الموظفون متباعدين مكانياً، كما كان حال الكثيرين خلال الجائحة المستمرة. وعندما لا يكون العاملون موجودين في موقع واحد، فإن المدراء إما سيكونون أميل إلى التدقيق بوتيرة متكررة زيادة عن اللزوم ومقاطعة سير عمل زملائهم أو سيختفون من الصورة بالكامل ويتركون موظفيهم يسرحون ويمرحون. يمكن للأشخاص العاملين من المنزل أو من أي موقع منفصل أن يشعروا بسهولة بالعزلة أو الإرباك أو أن هناك من تخلى عنهم. وبالتالي فإن اتباع المدير لمقاربة تقوم على التدخل المباشر هو أمر أساسي للغاية؛ فهذا الأمر لا يحسّن أداء الموظفين فحسب، وإنما يجعلهم يشعرون بالدعم والاتصال بالآخرين.
بيد أن تدخّلك في عمل فريقك مع تجاهل أي من مبادئنا الإرشادية يمكن أن يفرّغ مساعدتك من فاعليتها، لا بل قد يجعلها مضرّة – ما قد يجعلها أسوأ من عدم تحريك أي ساكن. يمكن لتقديم النصح بطريقة استباقية أن يمنع الموظفين من تلمّس قيمتها. وفشلك في تأطير دورك يمكن أن يسمح للمرؤوسين أن يشعروا بالتهديد والتقويض. واستعمالك للإيقاع الخاطئ – ولاسيما عدم تخصيصك للوقت الكافي لتكون مرشداً فاعلاً أو مزيلاً ناجحاً للعقبات من الطريق – يمكن أن يقود إلى آراء تقويمية سطحية أو بعيدة عن الهدف المنشود، أو إلى أن يُنظر إليه على أنه نوع من الاقتحام، ما يؤدي إلى الامتعاض والسخرية عوضاً عن الامتنان. بيد أن بمقدورك وبسهولة تجنّب فخاخ الإدارة التفصيلية هذه. اتبع هذه الاستراتيجيات الثلاث التي حددناها وستصبح مديراً يدعم موظفيه حقيقة عندما يكونون بأمسّ الحاجة إليه.