ما هي خريطة المهام وكيف تُساعدك في توزيع العمل وتحسين إنتاجية فريقك؟

4 دقيقة
خريطة المهام
shutterstock.com/NicoElNino

إذا لاحظت أن فريق العمل يعاني تفاوتاً في الأداء وأن روح العمل الجماعي دون المستوى المطلوب، فقد حان الوقت لإعادة تقييم مدى توزيع المهام على موظفيك بطريقة مثالية.

يمكن أن تتطور مهارات الموظفين واهتماماتهم بالإضافة إلى أهداف الفريق بمرور الوقت، لذلك، يمكن حدوث تباين وعدم توافق بين مهارات الموظفين ومتطلبات المهام الموكلة إليهم دون أن تلاحظ ذلك. بالنسبة للشخص الذي عُيّن لإجراء مهام التحليل لكن بمرور الوقت تطورت مهاراته ليصبح محفزاً فعالاً يستمتع بالعمل مع المجموعات، فهل لا يزال متسمّراً أمام شاشة الكمبيوتر ويعمل على إنجاز التحليلات؟ هل تشعر الموظفة التي عُيّنت في منصب المدربة بالإحباط بسبب عدم توافر الفرصة المناسبة لتوظيف مهاراتها وموهبتها الممتازة في الكتابة؟

توصلتُ إلى طريقة فعالة للإجابة عن مثل هذه الأسئلة، وهي إنشاء خريطة المهام.

خريطة المهام هي أداة مرئية تسمح بتحديد الجوانب التي تفتقر إلى المهارات اللازمة ومعرفة المهارات المتكررة داخل الفريق. يمكن أن تساعدك خريطة المهام على تكليف المهام بما يتناسب مع قدرات كل شخص واهتماماته. اكتشفتُ أن خرائط المهام تؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتعزيز رضا الموظفين من خلال إجراء تعديلات بسيطة على مسؤولياتهم. لاحظتُ أيضاً أنها تؤدي إلى تغييرات كبيرة بعد أن يدرك القادة أنهم لا يمتلكون الموظفين المناسبين لأداء المهام المطلوبة.

لاحظت هيام، وهي رئيسة قسم الموارد البشرية في مؤسسة تضم أكثر من 20 ألف موظف، عدم اتساق أداء أعضاء فريقها القيادي؛ إذ أظهر أعضاء الفريق تفوقاً في بعض جوانب مهامهم، في حين واجهوا صعوبات في جوانب أخرى. تزايدت شكاوى العملاء، ولاحظت هيام تراجعاً في مستوى التعاون وتصاعداً في حدة المنافسة.

كان أول إجراء نفّذته هو تقييم مهارات أعضاء فريق القيادة من خلال النظر إلى إنجازاتهم السابقة ونتائج تقييمات الأداء بطريقة 360 درجة. بعد ذلك، سجلت قائمة تتضمن قدراتهم الأساسية والثانوية والفرعية على سبورة بيضاء. سمح لها ذلك برؤية المهارات المتكررة بين أعضاء الفريق والفجوات التي نشأت مع مرور الوقت. على سبيل المثال، تمتع 4 مدراء بمهارات قوية في التحليل، في المقابل تميّز مدير واحد فقط بمهارات إدارة المشاريع المتقدمة. على الرغم من مسؤولية الفريق عن تعليم آلاف الموظفين سنوياً، فإن شخصين فقط كانا يمتلكان موهبة التدريب والتدريس.

بعد ذلك، أعدّت هيام قائمة بأقسام إدارة الموارد البشرية والمهام المطلوبة لكل قسم. بدأت برسم خطوط ملونة ترمز إلى مواهب أعضاء الفريق وتربطها بالمهام التي تتوافق مع تلك المواهب. كانت النتيجة تشبه كومة من الأعواد المتشابكة؛ إذ أصبح الأمر فوضوياً للغاية لدرجة أنها لم تتمكن من إكمال التمرين.

لاحظت هيام على الفور أن مهارات بعض المدراء لم تكن متوافقة جيداً مع مسؤولياتهم الحالية. على سبيل المثال، اتضح أن مهارات كل من خليل وكمال تتناسب على نحو أفضل مع المنصب الذي يشغله الآخر. على الرغم من تمتع كليهما بخبرة بوصفهما خبراء غير متخصصين في مجال الموارد البشرية، فإن مواهب خليل الأساسية في الكتابة والاهتمام بالتفاصيل كانت مثالية تماماً لعمل كمال في إدارة المزايا وتقييم ممارسات الأجور. في الوقت نفسه، كان كمال المدير الوحيد الذي يتمتع بمهارات تحفيزية قوية وتوجّه أكبر نحو خدمة العملاء.

كان من الواضح جداً ضرورة إجراء تغيير في المسؤوليات. وافق كمال بسهولة على تبديل منصبه مع خليل بسبب شخصيته المنفتحة، لأن إدارة الموظفين تتناسب مع نقاط قوته ومهاراته وكان يجد في ذلك متعة أكبر من مهام إدارة العقود. كان التعامل مع الموظفين والعملاء أمراً مرهقاً بالنسبة لخليل، الذي وجد الرضا الحقيقي في إجراء التحليلات التفصيلية وإدارة العقود.

كشفت خريطة المهام، حتى في صورتها الأولية وغير المكتملة، عن حالات اختلال أخرى في توزيع المهام التي لم تكن قابلة للحل بسهولة، لذلك عقدت هيام اجتماعاً لفريقها استمر يوماً كاملاً لإعادة توزيع أعباء العمل والمهام. بدلاً من اتخاذ قرار إجراء التغييرات بمفردها، سمحت للجميع بالمشاركة في النقاش لإبداء آرائهم، وهي خطوة ذكية؛ إذ أدت المناقشة إلى فهم شامل وأفضل لمهارات الموظفين واهتماماتهم وأسهمت في تعزيز الولاء وحسن النوايا،

وأدى الاجتماع إلى عدد من التغييرات. على سبيل المثال، أدرك الفريق أن عبء العمل المتزايد في قسم الموارد البشرية يتطلب إنشاء منصبين للتعامل مع الخدمات اللوجستية وإدارة البرامج. سيؤدي تعيين هؤلاء الموظفين الجدد، إلى تخفيف الأعباء عن المدراء وتركيزهم على الاستفادة من خبراتهم على نحو أفضل.

بعد تلك الجلسة المهمة والحاسمة، قدّمت هيام التدريبات والأدوات اللازمة لتمكين أعضاء الفريق من النجاح في أدوارهم. واصل فريق القيادة الاجتماع بانتظام للتأكد من حصول الأعضاء جميعهم على فرص كافية للاستفادة الكاملة من مواهبهم وتولي المشاريع التي يستمتعون بتنفيذها. (تبادل أعضاء الفريق أيضاً مسؤولية اختيار نشاط ترفيهي لهذه الاجتماعات التي تجري بصورة ربع سنوية؛ إذ انتهى آخر اجتماع لهم بإجراء مسابقة في لعبة البلياردو).

تواصلتُ مع هيام بعد مرور عام، وأفادت بتحسن الأداء وزيادة الرضا الوظيفي لدى معظم المدراء. غادر أحد الأشخاص الشركة، ما أتاح لها الفرصة لسد الفجوة في مهارات خدمة العملاء التي حُددت في التمرين الأولي لتخطيط المهام. أنشأت هيام خريطة مهام ثانية لتوضيح التغييرات. لم تعمل هيام على تحسين توزيع موظفيها بطريقة أفضل فحسب، بل حدد الفريق أيضاً أوجه التعاون وتضافر الجهود بين الأقسام وأنشأ فرصاً لتعزيز العمل المشترك بين المدراء. بعد ذلك، أخبرها العديد من رؤساء الأقسام، وهم عملاؤها الرئيسيون، بأنهم لاحظوا تحسناً في مستوى الخدمة التي يقدمها فريقها.

كانت الخطوة الأهم التي اتخذتها هيام هي التركيز على توزيع المهام والموظفين بطريقة فعالة. لقد عرفت مدى الضرر اليومي الذي يحدث عندما لا تتوافق قدرات الموظفين ومهاراتهم مع مسؤولياتهم. أدركت هيام أن الموظفين يكونون أكثر سعادة وإنتاجية إذا أتيحت لهم فرص منتظمة لاستخدام مهاراتهم ومتابعة اهتماماتهم.

يمكن أن يسهم منح الموظفين بعض السيطرة على حياتهم العملية والتحكم بطريقة إنجاز مهامهم في تحسين الإنتاجية وتعزيز الروح المعنوية. إن ضمان التوافق الجيد بين المهارات والمهام يخلق بيئة تشجع على الشغف والحماس والإنتاجية والمتعة في العمل، ما يؤدي إلى تحقيق أداء مرتفع ومستدام وانخفاض معدل دوران الموظفين.

 

   

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .