العادة هي سبيل بناء الرابط العاطفي مع المنتج

4 دقائق
حوار مع يورغن فيغ كنودستورب، الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة شركات "ليغو". أجراه ديفيد تشامبيون، أحد كبار المحرريين في "هارفارد بزنس ريفيو".

هارفارد بزنس ريفيو: هل تعتقد أن ولاء الناس لشركة "ليغو" هو من قبيل العادة؟

كنودستورب: أعتقد أن الأمر أكبر من مجرد عادة. عندما أصبحت الرئيس التنفيذي، قبل 13 عاماً، كانت مجموعة "ليغو" تمرّ بأزمة، وكتب الناس رسائل لي يقولون: "نرجوكم ألا ترحلوا. إن العالم سيكون مكاناً أفقر من دون ليغو". عندما يبني العملاء رابطاً عاطفياً مع علامتك التجارية، فإنهم سيجاهدون للحصول عليها، وهذا يعني في رأيي أنهم يتخذون خياراً واعياً. فالناس لا يصطفون لأيام من أجل الحصول على "آيفون 7" لمجرد أنه خيار تلقائي.

بالطبع ليست كل المنتجات أهلاً تخلق علاقة عاطفية مع المستهلك. إن لشركات الطيران والفنادق برامج ولاء تستغلها لإرغامنا على أن نكون موالين لها؛ لأننا لا نستشعر وجود رابط عاطفي كفيل بأن يدفعنا لاختيارها. فمن الصعب أن نرى كثيراً من الناس يربطون شخصيتهم بفندق "هوليداي إن" مثلاً. وإذا كنت تسوِّق منتجاً عملياً، مثل مسحوق "تايد"، فأنت بحاجة ماسة إلى مناشدة العقل اللاواعي، لأن مسألة اختيار المنظف الذي تشتريه عادة ما تحدث من دون وعي.

لكن منتجاً مثل منتجاتنا، التي تُعنى باللعب والأطفال والتعلّم، يمكن أن يكون أكثر من مجرد خيار آمن أو سهل. من الممكن أن يكون تعبيراً واعياً عن القيم أو الهوية. بالطبع لن يخطر هذا في بال الأطفال – فهم يريدون اللعب فقط – لكن من الممكن أن يفكروا بذلك عندما يكبرون ويحفزون أطفالهم. إن من الأيسر كثيراً أن تُقنع الآباء أنفسهم الذين نمَت عندهم عادات "ليغو" حينما كانوا أطفالاً، وهو أحد الأسباب التي تفرض علينا العمل بجدية أكبر في الأسواق الناشئة، فنحن نخاطب في الغالب الجيل الأول من المستخدمين.

هل للعادة دورٌ في هذا الرابط العاطفي؟

أجل، بكل تأكيد. إن العادة هي كيف نبني الرابط. فالناس يبنون العادات من خلال فعل الأشياء نفسها مراراً وتكراراً. لكن العادات تتحول إلى قيم في نهاية المطاف. فمثلاً، إذا علّمنا أطفالنا أن ينظفوا أسنانهم كل ليلة قبل النوم، فإن الأمر يبدو في البداية مجرد عمل نجبرهم عليه. ثم مع مرور الوقت يشعرون بعدم ارتياح عند الذهاب إلى الفراش دون تنظيف أسنانهم. وفي النهاية يتولد لديهم إحساس يقول إن تنظيف أسنانك هو الشيء الصحيح الذي ينبغي أن تفعله. إن استطعت تحويل علامتك التجارية إلى قيمة - كجزء من هوية الإنسان – فسيكون لديك ميزة تنافسية قوية حقاً. لكن ذلك كله يبدأ بأن تحول علامتك التجارية إلى عادة.

وكيف ينجح ذلك في مجموعة "ليغو"؟

أنت بحاجة إلى أن تقدم للناس بعض الأعمال الروتينية البسيطة التي يمكنهم ممارستها ليعتادوا على البناء بالقطع البلاستيكية. وعندما تصبح الأشياء التي يبنونها أكثر تعقيداً، يبدؤون في خلق عاداتهم وأساليبهم الخاصة. لكنهم سيكونون على استعداد لتغيير تلك الأعمال الروتينية إن أراهم أحد طريقة أسهل وأكثر إتقاناً لإنجازها. لذا، فإن هناك المئات من معارض "ليغو" التي تنظّم كل عام في جميع أنحاء العالم، والتي تعرض طرقاً جديدة لاستخدام العناصر الموجودة، والتي لم نفكر فيها نحن، كشركة، سابقاً. تصفَّح "يوتيوب"، وسترى بنفسك الأشياء المدهشة التي يبنيها الناس. أنا أجلس هنا مثلاً ومعي شكل مكوّن من 20 قطعة تقريباً، وبمقدوري، أنا أو أي شخص آخر، استخدام العشرين قطعة نفسها لابتكار ملايين من البنايات المختلفة. إن البناء حاجة أساسية حقاً - فكلنا نريد أن نصنع أشياء تكون خاصة بنا - ونحن نقدم منصةً لذلك الغرض.

وما الذي يتعين عليك فعله لتبدأ عملية التعوّد؟

إن الأمر كله يتعلق بالحفاظ على أن تكون الأساسيات بسيطة ويسهل التعوّد عليها. أخبرَني أحد علماء الأعصاب مؤخراً أن أدمغتنا لديها ما يعادل 20 ميجابايت من ذاكرة الوصول العشوائي –أي ما يكفي لمعالجة أربع صور فقط على الهاتف الذكي. وتزداد الأمور سوءاً كلما كبر سنك: يشير البحث الذي أجرته وكالة "ناسا" مؤخراً إلى أن الناس عندما يصلون إلى سن الخامسة والعشرين، يبقى لديهم 5% تقريباً فقط من القدرة على التفكير الإبداعي التي كانوا يتمتعون بها وهم في سن الخامسة. وهذا يعني أنه من السهل أن تتراكم الأعباء على أدمغتهم.

دعني أوضح لك كيف نتدبر هذا الأمر. لدينا خط إنتاج يسمى "مبتكِر ليغو 3 في 1" – وهو عبارة عن طواقم تركيبات يقدم كل طاقم منها تعليمات لبناء ثلاثة نماذج باستخدام طاقم واحد لا غير. في الواقع، يمكنك بطاقم واحد فقط بناء نماذج أكثر من ذلك بكثير. ولقد كنا قبل 12 عاماً نعرض على المستخدم 12 اقتراحاً. لكن التنوع الزائد عن الحد يُطفئ جذوة الحماس عند الناس. ولذلك فقد قمنا بتبسيطها إلى ثلاثة طواقم فقط. وعليك أيضاً أن تجعل الأعمال الاعتيادية ممتعة، لأن اللعب هو السبيل ليتعلم الأطفال ويعتادوا على الأعمال الجديدة.

إن التجديد – أي أن تطلق الضربة الرائعة القادمة - مهم في مجال ألعاب الأطفال. لكن العادة مبنية على أن تكون خصائص المنتج متوقعة مسبقاً. فكيف توازن بين الأمرين؟

أنت محقّ تماماً في أن التجديد مهم للأطفال، وهذا هو السبب في أن 60% من طواقم "ليغو" التي نعرضها في الأسواق في أي سنة من السنين تكون مبتكَرة. لكن هذا ليس بديلاً للأُلفة، لأن نظام "ليغو" للألعاب هو عبارة عن منصة - وربما هو اللعبة الوحيدة في العالم التي توفر منصة للعب. فكل طاقم جديد لا يجلب معه فقط 12 أو ما يقرب من النماذج الجديدة الممكنة، بل بوسعك أيضاً أن تضمّه إلى ما لديك بالفعل من طواقم، ليرتفع إجمالي البنايات التي يمكن تركيبها إلى عدد كبير جداً. وهذا له أثر تراكمي رائع. ذلك أن الطفل إذا كان لديه بالفعل طاقمٌ من لعبة "ليغو"، فإن الحصول على منتج "ليغو" آخر سيكون أثمن من مجرد الشراء بهدف زيادة عدد اللُّعَب؛ حيث إنه سيوسع منصة ألعابه أضعافاً مضاعفة. وهو أمر مُعدٍ أيضاً: فكلما زاد عدد الأطفال الذين تتولد عندهم عادات "ليغو"، رغب أطفال آخرون في تجريبها هم كذلك، ويمكنهم المزج بين تشكيلات "ليغو" مع أصدقائهم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي