كيف تحمي غاية شركتك من الضياع في زحمة المهام اليومية؟

6 دقيقة
حماية غاية الشركة
ماريانا تيرلتسكا/غيتي إميدجيز

في السنوات العشر الماضية، تبنّت المؤسسات الأبحاث التي أثبتت أن الغاية الواضحة تحفز الموظفين على المشاركة والابتكار، وتحسين الأداء العام في نهاية المطاف.

غالباً ما تتضمن إعلانات الوظائف إشارات حول وجود غاية ومعنى فيها، مع عبارات جذابة تحث الموظفين المحتملين على اتخاذ إجراء مثل "شارك في قضية أكبر من ذاتك الفردية" و"انضم إلينا لتغيير العالم". مع ذلك، تتضمن معظم الوظائف مهام يمكن أن تكون رتيبة أو حتى مملة. وعندما يضطر الموظفون إلى أداء مهام مثل إجراء المكالمات الباردة وملء الجداول الزمنية أو مساعدة مدرائهم في مهام بسيطة مثل تدوير مستند بي دي إف، قد يصعب عليهم الحفاظ على شعورهم بالارتباط بغاية أكبر.

بناءً على تجربتنا، أحد أسباب حرمان معظم المؤسسات من الفوائد العاطفية والاقتصادية الكاملة للغاية هو عدم قدرة الموظفين على الربط بين غاية الشركة المعلنة وأدوارهم الفردية.

لا ينشأ هذا الانفصال العاطفي عن عدم صحة غاية المؤسسة أو عدم إيمان القادة بها، ففي الواقع يصعب الحفاظ على الشعور بالارتباط بغاية أسمى في خضم العمليات الروتينية اليومية، وهو تحدٍّ مماثل للتحدي الذي نواجهه في تربية أبنائنا وعمل التدريس. وحتى أقوى الغايات الملهمة يمكن أن تغيب في خضم المهام اليومية اللامنتهية، وهذه نتيجة طبيعية غير مقصودة.

لحسن الحظ، يمكن حل هذه المشكلة، إذا أنشأ القادة والموظفون رابطاً واضحاً بين دور كل فرد وغاية المؤسسة، فسيفهم الجميع أدوارهم في الصورة الكبرى.

من خلال عملنا على تفعيل الغاية مع أكثر من 150 شركة، صممنا 3 استراتيجيات لمساعدة الموظفين في الحفاظ على ارتباطهم بالغاية الأسمى للشركة:

وضّح تأثير التموج لعمل الموظفين.

يمكن أن يغيب التأثير الهادف لعمل الفرد وسط سيل المهام والاتصالات الأخرى. على سبيل المثال، في وظائف الدعم غالباً ما تنتقل نتائج عملك من إدارة إلى أخرى، لتغيب في النهاية عن مجال رؤيتك ولا يعود بمقدورك ملاحظة التأثير النهائي لعملك. يمكن أن يساعد توضيح تأثير التموج لعمل الموظفين؛ أي تأثير جهودهم في الآخرين، على الحفاظ على حافزهم لأداء مهام أقل إلهاماً.

شجّع موظفيك على التفكير في المهام التي يؤدونها بانتظام. ربما تتضمن مهامهم إحاطة الآخرين بموضوعات محددة أو تحليل البيانات أو إدارة الاتصالات التي تجذب عملاء جدداً. ساعد الموظفين على النظر إلى ما هو أبعد من مهامهم المباشرة والتفكير في أسئلة مثل: ما نتائج عملي؟ ومن يتأثر به؟ ماذا يتيح لهم أن يفعلوا؟ ماذا سيحدث لو توقفت فجأة عن العمل؟

على سبيل المثال، تعاونا مع الفريق التنفيذي لشركة تكنولوجيا معلومات لبلورة غايتهم النبيلة: "مساعدة الشركات الصغيرة على تحقيق نجاح أكبر". كان دور الموظفين الذين يتفاعلون مباشرة مع العملاء في تحقيق هذه الغاية واضحاً، لكن موظفي الخطوط الخلفية، مثل الذين يعملون على تجميع حزم التمويل وإنشاء جداول المواعيد للمستشارين الميدانيين، كانوا بحاجة إلى من يساعدهم على فهم أدوارهم في تحقيق غاية الشركة.

تعاونا مع القادة لمساعدتهم على توضيح تأثير التموج لدور كل فرد في فرقهم بفعالية أكبر. على سبيل المثال، مكّن فريق التمويل أصحاب الأعمال الصغيرة من حل مشكلاتهم المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات بسرعة دون الاضطرار إلى استنفاد احتياطاتهم النقدية المحدودة غالباً. وبالمثل، حرص فريق الجدولة على ضمان قدرة الشركة على مساعدة أكبر عدد ممكن من الشركات الصغيرة بأكثر الطرق كفاءة. أصبحت هذه المهام الرتيبة أكثر جاذبية عندما فهم أعضاء الفريق التأثير الكبير الذي أحدثه عملهم في الشركات الصغيرة.

إذا كنت تواجه صعوبة في فهم تأثير التموج الذي يحدثه عملك، ففكر فيمن يستفيد من عملك واسأل نفسك: ماذا سيحدث بعد ذلك؟ وبعد ذلك؟ على الرغم من أن هذا النمط من التفكير قد يبدو غريباً بعض الشيء في البداية، لكن ستدرك على الأرجح أن مهامك اليومية مرتبطة بتأثير أكبر.

أعِد تأطير مقاييس النجاح.

أحد الأسباب التي قد تجعل غاية الشركة تبدو مجردة هو أنها ليست ملموسة مثل مقاييس الأداء التي يعتمد عليها العديد من المؤسسات. على سبيل المثال، أهداف المبيعات وأهداف النمو والمواعيد النهائية واضحة وسهلة الفهم، وغالباً ما تهيمن هذه المقاييس الكمية على المناقشات اليومية داخل المؤسسة. من غير المرجح أن يتغير هذا الجانب، ولكننا ندرك أن الأهداف المالية وحدها ليست كافية لتحفيز الموظفين.

في هذا الصدد، تسمح إعادة التأطير بتقديم البيانات الكمية بطريقة تؤكد تأثيرها أو أهميتها، وهذا الأسلوب أكثر عاطفية وجاذبية ويمكن تنفيذه بسرعة.

في الاجتماع السنوي لشركة خدمات مالية، ساعدنا القادة على تأطير مقاييس الأداء بطريقة تؤكد أهميتها. كانت الغاية النبيلة للمؤسسة: "نعمل على تعزيز الرخاء"، فساعدت صياغة مقاييس الأداء بما يتماشى مع هذه الغاية القادة على ربط كل دور بالغاية الكبرى للمؤسسة.

إليك بعض الأمثلة عن كيفية إعادة تأطير الشركة المالية لمقاييسها التقليدية:

  • بالنسبة لفريق المبيعات: بدلاً من التركيز على "عدد الحسابات المضافة"، ركزت الشركة على "عدد الأشخاص الذين نساعدهم على تحسين أوضاعهم المالية".
  • بالنسبة لفريق المخاطر: بدلاً من التركيز على "عدد وثائق التأمين التي أصدرتها الشركة"، ركزت الشركة على "عدد العائلات والمؤسسات التي تمكنت الشركة من حمايتها".
  • بالنسبة لفريق العمليات: بدلاً من تسليط الضوء على "المواقع الجديدة المفتوحة"، عرضت الشركة صوراً "للمجتمعات التي نسعد بخدمتها".

قد تبدو هذه التغييرات اللغوية البسيطة مجرد تلاعب بالألفاظ، لكننا نلاحظ بانتظام أن إعادة صياغة البيانات بطريقة تظهر تأثيرها في الأشخاص يعزز الانخراط العاطفي.

في تعاوننا مع سلسلة فنادق كبيرة، دربنا القادة على تطبيق مفهوم إعادة التأطير هذا في اجتماعات الفريق. تخيل أنك تعمل في قسم خدمات الغرف في أحد المنتجعات؛ أيّ من رسائل القيادة هذه ستلهمك أكثر؟

  • الرسالة الأولى: نحتاج إلى تحسين توافر الغرف لتسجيل الوصول المبكر، الذي يبلغ حالياً 50% فقط.
  • الرسالة الثانية: كلما زاد عدد الغرف المتوافرة لدينا لتسجيل الوصول المبكر، زاد عدد العائلات التي يمكن أن تبدأ إجازتها بسعادة. لن يكونوا مضطرين إلى التعامل مع الأطفال الصعبي المراس في الردهة أو إضاعة الوقت في الانتظار، إذ يمكنهم تفريغ أمتعتهم والذهاب إلى الشاطئ على الفور. في الوقت الحالي، نصف الضيوف فقط قادر على الاستمتاع بهذه التجربة المبهجة، في حين يبقى النصف الآخر في الانتظار، ربما لساعات طويلة. كيف يمكننا تحسين موثوقية تسجيل الوصول المبكر؟

عندما بدأ القادة تسليط الضوء على فوائد تسجيل الوصول المبكر بالنسبة للأشخاص (مثل مساعدة العائلات بدلاً من مجرد تسريع عملية تنظيف الغرف)، تحسنت مشاركة الفريق على الفور. وسرعان ما أدى هذا التحول في المنظور إلى حلول جديدة ومبتكرة. مع اهتمام فريق التدبير الفندقي بمساعدة العائلات، أدرك أن فجوة التواصل بين موظفي مكتب الاستقبال ومشرفي التدبير الفندقي كانت تسبب التأخير، فعدلوا نظام تواصلهم لتلقي الإخطارات في وقت أبكر، ما مكنهم من إعداد المزيد من الغرف لتسجيل الوصول المبكر واستيعاب المزيد من الضيوف بسرعة. نتيجة لذلك، تحسن مقياس الأداء، وشعر كل عضو في الفريق بمزيد من التحفيز.

قد لا يكون مجرد الطلب من الموظفين "يجب تحسين هذا المقياس" مثمراً مع الفرق التي تبذل قصارى جهدها بالفعل، لكن عرض المقاييس بطريقة تظهر تأثيرها يحث على التفكير على نحو أعمق ويساعد الفريق في السعي لتحقيق ما يتجاوز مجرد تحسينات طفيفة.

احتفِ بالتأثير الخارجي لإجراءاتك.

تعكس الجوانب التي نختار الاحتفال بها، سواء كنا أفراداً أو فرقاً أو مؤسسات، ما نقدّره أو نعتبره مهماً بالنسبة لنا. لهذه اللحظات الاحتفالية تأثير كبير في تصوراتنا ومعتقداتنا حول وظائفنا، وبالتالي فالفريق يفهم ما يقدره القادة عند النظر إلى ما يختارون الاحتفال به.

في العديد من المؤسسات، تتمحور الاحتفالات حول إنجازات الفريق أو الأفراد داخل المؤسسة، وفي حين تضفي هذه الاحتفالات الداخلية شعوراً بالبهجة فتأثيرها لا يدوم طويلاً، لكن يمكنك جعل الاحتفالات هادفة أكثر وأن تخلق شعوراً بالهدف المشترك من خلال ربط الإنجازات الداخلية بالتأثيرات التي تُحدثها خارج المؤسسة.

أجرينا مؤخراً محادثة مع الرئيس التنفيذي للإيرادات في إحدى الشركات حول فعالية بدء المبيعات المرتقبة، كان الرئيس التنفيذي للإيرادات قلقاً من أن أسلوبه التقليدي المتمثل في الاحتفاء بالنتائج المهمة ومكافأة أصحاب الأداء الأفضل لن يكون ذا معنى مع فريق يعمل بأكمله عن بعد، ويقول إن العلاقة بين أعضاء الفريق قوية، لكنه كان يدرك أيضاً أنهم بحاجة أيضاً إلى معنى لعملهم يتجاوز مجرد تحقيق نتائج جيدة لهذا العام.

لمعالجة هذه المشكلة، عملنا على توسيع نطاق الاحتفال ليسلط الضوء على مدى تأثير نجاحاتهم على الأشخاص خارج المؤسسة، على سبيل المثال، مكّن الحل التكنولوجي الذي قدمه الفريق ملايين الأشخاص من تطوير مهارات جديدة؛ عزز الاحتفاء بالتأثير الخارجي الإيجابي في الناس شعوراً مشتركاً بالهدف بين أعضاء الفريق.

في غياب رؤية واضحة للتأثيرات الخارجية يمكن أن يتحول الاحتفال بالإنجازات داخل المؤسسة سريعاً إلى حلقة متكررة من العبارات الاصطلاحية الفارغة، بدلاً من ذلك يمكنك ربط الإنجازات الداخلية بأهميتها بالنسبة للناس خارج المؤسسة. خذ بعين الاعتبار الفرق بين السيناريوهين التاليين:

  • الاحتفال بالتأثير الداخلي: "لقد خفضنا زمن إكمال المهمة من 8.1 أيام إلى 4.7 أيام في المتوسط".
  • الاحتفال بالتأثير الخارجي: "أصبحنا الآن قادرين على إيصال المنتجات إلى عملائنا بسرعة أكبر، ما يقلل وقت انتظارهم إلى النصف تقريباً".

من يستفيد من عملك؟ من الذي تحسنت حياته أو أعماله بفضل جهودك؟ (ولنكن واضحين، نادراً ما تكون مساعدة مجموعة غير محددة من المساهمين على زيادة ثروتهم حافزاً للموظفين).

من الجدير بالذكر أيضاً أنه حتى خلال فترات الركود حيث لا يكون هناك سوى القليل من الإنجازات المالية للاحتفال بها، لا يزال بإمكان الفريق أن يحتفي بالتأثير الإيجابي الذي أحدثه في حياة الناس، وذلك يخلق طاقة عاطفية إيجابية ويمكن أن يشكّل حافزاً قوياً للفريق كي يسعى لتحقيق نجاح أكبر في عمله المؤثر.

لكل مهمة ودور وفريق داخل المؤسسة دور حاسم في تحقيق غايتها النبيلة، ولكن دون بذل جهد واعٍ لربط عملنا بهذه الغاية، يمكن أن تصبح مهامنا معزولة وتفقد ارتباطها في النهاية بمعناها الحقيقي.

من خلال توضيح تأثير التموج لعملك وإعادة تأطير المقاييس في سياق ذي معنى والاحتفاء بالتأثيرات الإيجابية لعملك خارج المؤسسة، يمكنك مساعدة فريقك ونفسك أيضاً على الشعور بارتباط أقوى بغاية المؤسسة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي